«نحن نسبب ما يبدو أنه يحدث لنا» هذه الجملة قرأتها في أحد أشهر روايات الكاتب الروائي الألماني الفذ توماس مان إذا لم تخني الذاكرة وهي جملة وردت في قصة «لعبة الكرات الزجاجية» ويقصد توماس مان بهذه الجملة أن نعي إلي أي حد نحن لا نعي أفعالنا ونبحث بجهد شديد عن سبب ما نحن نسبب في بحثنا عن سبب وهو ما يمكن أن يقال عنه فلسفيا التضارب الأعظم، يحضرني الآن أن أذكر أن عائلة توماس مان كان أغلبهم عباقرة ولكن بشكل أو بآخر كانت الأحزان شريكة حياتهم الكبري، الأخوان توماس مان وهينرش مان كلاهما من أشهر كتاب القصة في ألمانيا علي طول العصور ولا يمكن مقارنتهما عالميا إلا بأكبر الكتاب في العالم مثل شكسبير أو تولوستوي. ولكن الأخوين جمعتهما صفات مختلفة أكثر من الصفات المشتركة سببت قطيعة طويلة، بل قليلاً من العداء. كان توماس فنانًا يكره السياسة علي الرغم من أنه كان يتعاطاها بشكل غير مباشر بينما كان هينرش سياسيا أيديولوجيا شديد اليسارية يتعاطي الفن والأدب بشكل مباشر أو غير مباشر. حصل توماس علي جائزة نوبل في الأدب لعمله الضخم خصوصا قصة العائلة «بودن بروكس» بينما ذاع صيت هينرش عندما صنعت هوليود فيلمًا عن قصته «الملاك الأزرق» الذي قامت ببطولته عدوة النازية رقم واحد من ممثلات ألمانيا المشهورات عالميا وهي «مارلينا ديترش» صاحبة أجمل ساقين وأشهر ساقين في تاريخ أمريكا التي هاجرت لها عن طريق فرنسا هربا من النازية مع زوجها المخرج الألماني اليهودي، وذلك علي الرغم من أن أباها كان ضابطًا عظيمًا في الجيش الألماني كان هينرش بطلاً من أبطال اليسار السياسي. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية اعتبرته ألمانياالشرقية الشيوعية في هذا الوقت بطلاً من أبطال النضال اليساري، علي عكس هذا كان توماس يكره النازية كرها شديدا ولا يثق في الاشتراكية التي يتساوي الناس فيها بدون تفرقة بين الجاهل والعبقري وإن كانت هناك تفرقة كبيرة بين من هو عضو بارز في الحزب الشيوعي ورجل الشارع الكادح، أي النفاق والفساد المعتاد في أغلب الأنظمة الشمولية، علي الرغم من ذلك لم يكن توماس يطرح حلاً سوي الحل الأدبي والحل الديمقراطي والحل الفني والحل الفلسفي، أي الحل الذي هو لا حل من وجهة نظر العاملين في السياسة الواقعية. ونكمل غدا