كان الديوان الدفتر أو مجتمع الصحف والكتاب يكتب فيه أهل الجيش وأهل العطية. وأول ديوان أنشئ في الإسلام هو ديوان الجند، ويطلق عليه أيضا ديوان العطاء، وغايته الحفاظ علي الأموال الفائضة والواردة إلي بيت مال المسلمين، مثل الزكاة والجزية والعشور وغيرها، وتسجيل أسماء الجند لصرف العطايا لهم. وقيل إن أول ديوان وضع في الإسلام هو ديوان الإنشاء. ولما تولي عثمان بن عفان الخلافة، أقر الأوضاع الإدارية السائدة التي وضعها الخليفة عمر بن الخطاب من قبل. وسار الخليفة علي بن أبي طالب علي النمط الإداري السابق لأنه لم ير موجبا لتغييره أو الإضافة عليه، خاصة أنه كان مشغولا بما ساد من مشاكل داخلية في عهده. ويذكر أيضا أن معاوية بن أبي سفيان جعل علي كل قبيلة من قبائل العرب رجلا يدور علي المجالس كل صباح ليسأل عما إذا كان مولود قد ولد فيهم، أو ضيف حل بهم ، فيكتب أسماءهم وأسراتهم ويذهب إلي الديوان ليثبتهم فيه ، بالإضافة إلي أن عبد الملك سيعمل فيما بعد علي تنظيم الدواوين وتطبيقها ليس علي المسلمين فحسب وإنما علي أهل الذمة، حيث أمر بأن يدون كل شخص اسمه واسم والده وأولاده وممتلكاته وذلك في مكان ولادته. الكتابة: كان من أكبر أعوان الخليفة بعد الوزير، هو الكاتب. وقد كان السواد الأعظم من العرب لا يعرف القراءة والكتابة، وكان الخليفة يختار كاتبه من بين الذين يجيدون الخط، وممن يعبرون عن رأيه بأبلغ العبارات وأفصحها، وعرف من الكتاب في صدر الإسلام من الصحابة: عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وزيد بن ثابت ومعاوية بن أبي سفيان. وهؤلاء كتبوا للنبي وعلي عليه السلام القرآن وحرروا الكتب التي أرسلها إلي الملوك والأمراء. ومن كتاب الرسول كذلك: عثمان بن عفان وسعد بن العاص والمغيرة بن شعبة. ولما ولي أبي بكر الخلافة اتخذ عثمان بن عفان كاتبا له، كما اتخذ عمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الأرقم كاتبين له. وفي عهد خلافة عثمان كان مروان بن الحكم من أبرز الكتاب، وصار عبد الله بن الأرقم كاتبا له. وفي عهد خلافة عثمان كان مروان بن الحكم من أبرز الكتاب، وصار عبد الله بن أبي رافع لعلي بن أبي طالب، وهو الذي قال له الخليفة: يا عبد الله! ألق دواتك، وأطل شباه قلمك، وفرج بين السطور وقرمط بين الحروف. ولما انتقلت الخلافة إلي بني أمية، تعدد الكتاب، لتعدد مصالح الدولة. ومن ثم أصبح الكتاب خمسة: كاتب الرسائل، وكاتب الخراج، وكاتب الجند، وكاتب الشرطة، وكاتب القاضي. وأهم هؤلاء في الرتبة: كاتب الرسائل. وكان الخلفاء لا يولون هذا المنصب إلا أقرباءهم وخاصتهم، وظلوا علي ذلك إلي أيام العباسيين. الحجابة: الحاجب موظف كبير يشبه كبير الأمناء أيامنا، وكان يشغل منصبا ساميا في البلاط، ومهنته إدخال الناس علي الخليفة، مراعيا في ذلك مقامهم وأهمية أعمالهم. ولم توجد هذه الوظيفة في عهد الخلفاء الراشدين، لأنهم كانوا يسمحون للناس بالدخول عليهم دون حجاب. ولما انتقل الحكم إلي بني أمية ، اتخذ معاوية بن أبي سفيان ومن جاء بعده من الخلفاء، الحجاب، بعد تآمر الخوارج علي حياة علي ومعاوية وعمرو بن العاص خوفا علي أنفسهم وتلافيا لازدحامهم علي أبوابهم وشغلهم عن النظر في مهام الدولة. ولكنهم كانوا يبيحون الدخول لثلاثة في أي وقت شاء: المؤذن للصلاة، وصاحب البريد، وصاحب الطعام. قال عبد الملك بن مروان لحاجبه: قد وليتك حجابة بابي إلا عن ثلاثة: المؤذن للصلاة فإنه داعي الله، وصاحب البريد فأمر ما جاء به، وصاحب الطعام لئلا يفسد وقال لأخيه عبد العزيز بن مروان واليه علي مصر: انظر حاجبك، فليكن من خير أهلك، فإنه وجهك ولسانك، ولا يقف أحد ببابك إلا أعلمك مكانه لتكون أنت الذي تأذن أو ترده. (للحديث بقية)