بعد مبابي.. كيلور نافاس يعلن رحيله عن باريس سان جيرمان    "الشيبي والتحكيم".. مصراوي يكشف تفاصيل مذكرة احتجاج الأهلي لاتحاد الكرة    تحالف رجال أعمال معروفين.. إسلام بحيري يكشف مصدر تمويل "تكوين"    محمد منير يشعل أجواء حفل زفاف ابنة مصطفى كامل بأغنية «عروسة النيل»    خلال تدشين كنيسة الرحاب.. البابا تواضروس يكرم هشام طلعت مصطفى    غدا.. معرض المشروعات الهندسية بكلية الهندسة الإلكترونية بمنوف    إعلام الأزهر تعرض تجربتها خلال القمة العالمية للقيادات الشبابية    الأرصاد: أمطار ورياح مثيرة للرمال غدًا    بسبب قيام الجار باعمال هدم.. انهيار عقار مكون من 3 طوابق في المنيا    متحدث الوزراء يكشف الموعد المتوقع بدء تشغيل أول خطوط مصانع إنتاج السيارات    ماكرون: يجب على أوروبا أن تكون مستعدة لردع روسيا    "الصحفيين" ترفض قرار "الأوقاف" بمنع تصوير الجنازات.. وتؤكد: مخالف للدستور    «الخيانة وفقد الشغف».. 5 أسباب لفشل الحب على طريقة بسمة وتامر في البدايات (تقرير)    رئيس جامعة طنطا يهنىء عميد كلية الطب لاختياره طبيبا مثاليا من نقابة الأطباء    أسامة كمال: نتنياهو فقد شعبيته في إسرائيل    وفد من وزارة البيئة والبنك الدولي يزور محطات الرصد اللحظي لجودة الهواء    كيف يعالج خبراء البنك الدولي الانبعاثات بتغيير أساليب الإنتاج الزراعي والغذائي    وزير النقل: تشغيل التاكسى الكهربائى الأربعاء المقبل بالعاصمة الإدارية    3 مصريين يتأهلون لدور ال16 ببطولة العالم للاسكواش بالقاهرة    إعلام إسرائيلي: أهالى 600 جندي يعارضون استكمال عملية رفح الفلسطينية    هدى الإتربى عن مسلسلها مع حنان مطاوع: انتهينا من تصوير أغلب المشاهد    نشطاء يحاولون تشويه لوحة "الحرية تقود الشعب" ل يوجين ديلاكروا    وزارة الأوقاف تقرر منع تصوير الجنازات داخل وخارج المساجد    فلسطين: القمة العربية ستدعو لتمويل خطة الاستجابة للتصدى للتداعيات على غزة    "صحة أسوان" تنظم قافلة طبية مجانية بقريتى العتمور ودابود    آفة طلابنا "النسيان".. 10 أخطاء يرتكبونها تقلل تركيزهم.. وأسباب نسيان المعلومات فى ليلة الامتحان.. ونصائح فعالة تخلى المعلومة تثبت فى دماغهم.. وقائمة يقدمها الأطباء بأكلات ومشروبات للتذكر والتخلص من التشتت    وزير الشباب: إنشاء حمام سباحة وملعب كرة قدم بمدينة الألعاب الرياضية بجامعة سوهاج    سر الأهلي.. هل ينهي الزمالك خطيئة جوميز مع جروس؟    تيسيرًا على الوافدين.. «الإسكندرية الأزهرية» تستحدث نظام الاستمارة الإلكترونية للطلاب    رمضان عبد المعز: لن يهلك مع الدعاء أحد والله لا يتخلى عن عباده    أوكرانيا تحبط هجمات روسية جديدة على الحدود في منطقة خاركيف    الرقابة الإدارية تستقبل وفد مفتشية الحكومة الفيتنامية    وكيل صحة الشرقية يتفقد مستشفى العزازي للصحة النفسية وعلاج الإدمان    وزير الرياضة يطمئن على لاعبة المشروع القومي بعد إجرائها عملية جراحية    سلوفينيا: ممتنون لمصر لمساعدة مواطنينا في غزة على العودة    كنيسة يسوع الملك الأسقفية بالرأس السوداء تحتفل بتخرج متدربين حرفيين جدد    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة محملة بطيخ بقنا    عمرو الورداني للأزواج: "قول كلام حلو لزوجتك زى اللى بتقوله برة"    إحالة أوراق طالب هتك عرض طفلة للمفتي    رئيس"المهندسين" بالإسكندرية يشارك في افتتاح الملتقى الهندسي للأعمال والوظائف لعام 2024    نقيب الأطباء يشكر السيسي لرعايته حفل يوم الطبيب: وجه بتحسين أحوال الأطباء عدة مرات    إلغاء جميع قرارات تعيين مساعدين لرئيس حزب الوفد    آخرها هجوم على الاونروا بالقدس.. حرب الاحتلال على منظمات الإغاثة بفلسطين    السعودية تطور نظام التبريد بالحرم المكي والنبوي لتصل ل6 آلاف طن تبريد    «الأرصاد» تكشف حقيقة وصول عاصفة بورسعيد الرملية إلى سماء القاهرة    جامعة القاهرة تستضيف وزير الأوقاف لمناقشة رسالة ماجستير حول دور الوقف في القدس    بعد ثبوت هلال ذي القعدة.. موعد بداية أطول إجازة للموظفين بمناسبة عيد الأضحى    العثور على جثة سيدة مجهولة مفصولة الرأس بمحطة الفشن ببني سويف    قروض للشباب والموظفين وأصحاب المعاشات بدون فوائد.. اعرف التفاصيل    للتوفير في الميزانية، أرخص وجبتين يمكنك تحضيرهم للغداء    منها المهددة بالانقراض.. تفاصيل اليوم العالمي للطيور المهاجرة للبيئة    مباشر مباراة المنصورة وسبورتنج لحسم الترقي إلى الدوري الممتاز    المشاركة ضرورية.. النني يحلم بتجنب سيناريو صلاح مع تشيلسي للتتويج بالبريميرليج    ما حكمُ من مات غنيًّا ولم يؤدِّ فريضةَ الحج؟ الإفتاء تُجيب    المفتي يحسم الجدل بشأن حكم إيداع الأموال في البنوك    وسائل إعلام فلسطينية: إطلاق وابل من القنابل الضوئية في أجواء منطقتي خربة العدس وحي النصر شمالي رفح    حادثة عصام صاصا على الدائري: تفاصيل الحادث والتطورات القانونية وظهوره الأخير في حفل بدبي    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللغة من القبطية إلي العربية
نشر في الأهرام المسائي يوم 03 - 08 - 2010

تسمو الدول وتتطور بالعلم والمعلومات الصحيحة‏,‏ ولما رأيت أن جهل معظم المصريين بتاريخهم سوف يؤدي الي مفاهيم خاطئة‏,‏ قد تتفاقم وتتحول إلي سلوك متطرف يعوق التقدم‏,‏ تفرغت أكثر من أربع سنوات لانجاز هذا الكتاب‏.‏
لأن بعض المتصدين للكتابة إلي الناس أو المتحدثين اليهم ينطقون عن جهل أو سوء نية‏,‏ ويخلطون بين العقائد الخالدة وبين الأشخاص الفانين‏,‏ وهدفهم تأخر هذا الشعب العريق‏,‏ ففي تأخره رواج لبضاعتهم الفاسدة‏!‏
والتاريخ ذاكرة الأمة‏.‏ وكانت لمصر امبراطورية فرعونية قوية ثرية‏,‏ ضعفت بفساد الحكام‏,‏ وركونهم الي حياة الدعة والترف‏,‏ حتي تكون الجيش المصري من المرتزقة الأجانب‏,‏ الذين سيطروا علي البلاد بحكم السلاح‏,‏ فتمزقت البلاد إلي دويلات‏,‏ وكشف الأعداء سرها‏,‏ أي عرفوا الطريق الي احتلالها‏,‏ ووقعت مصر تحت استعمار طويل متعاقب لدول أقل منها حضارة‏,‏ من الفرس واليونان والرومان والعرب والفاطميين والأكراد الأيوبيين‏,‏ ثم المماليك فالأتراك العثمانيين وأخيرا الانجليز‏!‏
ومع استمرار المذلة والقمع‏,‏ فقد المصريون احساسهم بالعزة القومية والاستقلالية‏.‏ قاوموا بعض الأحيان بإيجابية‏,‏ ومعظم الأحايين بسلبية‏,‏ من منطق أنهم باقون في بلادهم‏,‏ أما الطغاة فإلي زوال‏!‏
هذا الكتاب بجزء يه خلاصة آلاف الصفحات‏,‏ جميعها من المراجع الأمهات‏,‏ وحصيلة عشرات من الدراسات الحديثة الممتازة لبعض دارسينا الذين رجعوا إلي مصادر ومخطوطات ليست تحت يدي‏.‏ وقد انشأت هذا الكتاب من مقتطفات متتابعة من هذه المراجع النفيسة‏,‏ ولم انتقل منها إلي كتابات المعاصرين إلا لإيضاح ما خفي فهمه علي مؤرخي العصور الوسطي ولم أتدخل أنا إلا في القليل لربط أحداث أو إزالة غموض‏.‏
وجميع معلومات هذا الكتاب مسندة إلي مصادرها الأصلية المذكورة في نهاية كل جزء‏.‏ وقارئ مؤرخي العصور الوسطي يعاني من المغالاة والتعميم‏,‏كأن يقول أحدهم مثلا‏:‏ ثم حاربهم وقضي عليهم جميعا‏,‏ ويكون قصده أن قتل الكثيرين منهم‏!..‏ ويعاني أيضا من اللغة المكتوبة بمفردات فصيحة وتركيبات عامية‏,‏ وقد تركت بعضها للحفاظ علي مذاق روح العصر‏.‏
وبسبب كثرة الألفاظ البائدة والأعجمية‏,‏ وغرابة الأسماء‏,‏ مثل‏:‏ طرنطاي‏,‏ يلبغا‏,‏ أشلون خوند‏,‏ أقجماس‏,‏ صرغتمش‏,‏ طشتمر‏,‏ وهو عينات سهلة‏,‏ اقتصدت في ذكر الشخصيات الهامشية بما لا يخل بالحقيقة التاريخية‏.‏
كما يكابد قارئ هؤلاء المؤرخين العظماء من جنوحهم الي صياغة التاريخ بأسلوب اليوميات‏.‏ فكان المؤرخ يبدأ الحادثة التاريخية المهمة‏,‏ ثم يترك إلي أحداث أخري منها ما هو خطير ومنها ما هو تافه‏,‏ ثم يعود إلي إكمال الحادثة التي بدأ بها‏,‏ بعد عشرات الصفحات أو في المجلد التالي‏!‏
ومن أمثلة المراجع الأساسية‏:‏ كتاب السلوك للمقريزي وهو أربعة أجزاء في اثني عشر مجلدا ضخما‏,‏ وخطط المقريزي في جزءين كبيرين‏,‏ والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي ومكون من ستة عشر جزءا تضمها عشرة مجلدات ضخمة‏,‏ وبدائع الزهور لإبن إياس وهو خمسة أجزاء في ستة مجلدات‏,‏ إلي جانب تاريخ الجبرتي ومراجع أخري عديدة‏.‏
ولا يقل أهمية عنهم العلماء الذين أفنوا حياتهم في تحقيق هذه المراجع وكتابة الهوامش الموضحة للأسماء والمهن والأزياء المنقرضة‏,‏ حتي ان الهوامش تشغل نصف المساحة تقريبا‏,‏ من هؤلاء الأساتذة الدكاترة‏:‏ محمد مصطفي زيادة‏,‏ محمد مصطفي‏,‏ سعيد عبدالفتاح عاشور‏,‏ سيدة اسماعيل كاشف‏,‏ حسن حبشي‏,‏ فهيم محمد شلتوت‏,‏ ابراهيم علي طرخان‏,‏ سعاد ماهر‏,‏ جمال الدين الشيال‏,‏ مصطفي السقا‏,‏ حسن ابراهيم حسن‏,‏ محمد كمال‏,‏ السيد محمد‏,‏ أحمد أمين‏,‏ علي مبارك‏,‏ فيليب حتي‏,‏ عبداللطيف حمزة‏,‏ حكيم أمين عبدالسيد‏,‏ محمد قنديل البقلي‏,‏ السيد محمد العزاوي وآخرون‏.‏ إلي هؤلاء الأفاضل وكثيرين أدين بالفضل‏.‏
والتاريخ في هذا الكتاب للسلاطين والملوك‏,‏ وقبل ذلك لحياة الناس وآثارهم المعمارية والأدبية والفنية وأزيائهم‏,‏ وارتباطهم بالمنطقة المحيطة‏,‏ ثم علاقتهم بأوروبا بعد أن تخلصت من المتاجرين بالدين‏,‏ وجعلت المسيحية للحياة الروحية‏,‏ وشئون الحياة العملية لأهل العلم والإدارة‏,‏ فقفز الغرب من الانحطاط والتخلف إلي ما هو عليه الآن من سيادة علي العالم‏.‏ فسادة الدنيا دائما هم سادة العلوم والابتكارات‏.‏ والمبدع لا يبتكر إلا في مناخ من الحرية الكاملة واحترام الرأي الآخر ويقدس المبادرة الفردية واحترام الملكات الشخصية‏.‏ لماذا انتشرت اللغة العربية في مصر‏,‏ مع أنها لم تنتشر في إيران بلاد الفرس ولا في تركيا؟‏!.‏ هذا هو السؤال‏..‏ لماذا وكيف؟‏!‏
يجب أن نتذكر الظروف التاريخية‏..‏ ونعود إلي ماقبل الميلاد بألف عام‏,‏ عندما تدهورت حال مصر وخبا مجد الفراعين تماما‏,‏ وانقسمت البلاد إلي أقسام متناحرة‏,‏ أو وقعت في أيدي الأجانب‏,‏ إما بأكملها أو متجزئة‏,‏ تنهشها غزوات من الغرب ومن الجنوب‏,‏ ومن الشرق حيث جاء الفرس في احتلالهم الأول‏(525‏ 398‏ ق‏.‏ م‏)‏ ثم الاحتلال الثاني‏(341‏ 330‏ ق‏.‏ م‏)‏ الي أن بدأ العصر اليوناني والبطلمي واستمر حوالي ثلاثة قرون‏(323‏ ق‏.‏ م 32‏ ق‏.‏م‏)‏ والذي حل محله العصر الروماني الوثني ثم المسيحي‏(‏ من‏30‏ ق‏.‏ م إلي‏641‏ م‏.)‏ أي أن الاحتلال اليوناني ثم الروماني استمر حوالي الف عام‏,‏ عشرة قرون‏(‏ تخللتها عودة الفرس الثالثة بين عامي‏616‏ 629‏ م‏)‏
أي أن المصريين القدماء فقدوا حريتهم وهويتهم مايقرب من خمسة عشر قرنا‏,‏ سبقتها حقبة بائسة من التمزق والحروب الاهلية وانعدام الأمن والفوضي والانحطاط‏.‏
ومن المؤكد أن كل هذه الأحوال البائسة والمستمرة قد أضعفت الي حد كبير جدا من إحساس المصريين بقوميتهم‏,‏ علي عكس ماحدث للفرس والترك‏..‏ إذ ان الخلفاء العرب مع أفول الدولة الأموية استعانوا بالمرتزقة الفرس ثم الترك في جيوشهم‏,‏ حتي سيطروا علي الحكم‏.‏ بينما بقي المصريون ماكانوا عليه قبل الفتح العربي‏:‏ محرومين من حمل السلاح والانخراط في الجيوش‏,‏ مهمتهم فقط إما العمل في الزراعة والصناعة ودفع الجزية والخراج‏,‏ والخنوع والخضوع وإما الموت أو الحبس في السجون الكئيبة‏..‏ حدث هذا بشكل مستمر‏,‏ سوي فترات قصيرة نعموا فيها ببعض الحرية‏.‏
طبعا وقطعا‏,‏ ولايمكن أن يتصور أحد أن المصريين تكلموا العربية واعتنقوا الاسلام بمجرد غزو العرب لهم‏.‏ والتسلسل التاريخي يعطينا صورة عن كيفية حدوث هذا التحول‏.‏ تقول الدكتورة سيدة إسماعيل كاشف‏:‏
كان العرب في مصر وغيرها من البلاد التي فتحوها يخيرون أهل البلاد المفتوحة بين ثلاثة أمور‏:‏ الإسلام أو الجزية أو الحرب‏!‏ كذلك لم يكن للإسلام مبشرون أو دعاة مخصوصون يقومون بالدعوة كما كان للديانة المسيحية‏.‏
كسب الود
وحينما فتح العرب مصر أخذوا يتحببون الي الأقباط كي يضمنوا ولاءهم‏,‏ الي أن تستقر أقدامهم في مصر‏..‏
وبعدما استولي عمرو بن العاص علي الاسكندرية‏,‏ أعاد اليها بنيامين بطريارك الأقباط الذي كان قد أضطر الي الاختفاء عند مجيء قيرس‏(‏ المقوقس‏)‏ إلي مصر‏,‏ فعم السرور بين الأقباط‏.‏ لذلك انتصر المسلمون للأقباط الأرثوذكس علي أتباع المذهب الملكاني‏,‏ فاسترد الارثوذكس عددا من الكنائس والأديرة التي كانت في يد الملكانيين‏,‏ وفي ولاية قرة بن شريك علي مصر فرض علي الملكانيين جزية مضاعفة‏..‏
كذلك ترك العرب مقاليد الأمور في يد أهل مصر من الأقباط‏,‏ محتفظين لأنفسهم بالسيادة وتنفيذ أحكام الدين‏,‏ والمعروف أن الأقباط حلوا محل الروم الذين غادروا مصر‏.‏
وكان في الحكومة المركزية في الفسطاط‏(‏ أو حلوان التي اتخذها عبد العزيز بن مروان حاضرة له‏)‏ كاتبان قبطيان‏,‏ واحد لادارة الوجه البحري والاخر لإدارة الوجه القبلي‏,‏ وكان هؤلاء الكتاب أو الرؤساء المسيحيون خاضعين للوالي بطبيعة الحال‏,‏ والظاهر أن رؤساء المالية كانوا قبطا طوال العصر الأموي‏,‏ وفي بداية العصر العباسي كان هناك رئيس للمالية من المسلمين‏..‏ وحتي نهاية ولاية عبد العزيز بن مروان كان والي الصعيد قبطيا‏..‏
غير أن سياسة العرب نحو القبط بدأت تتغير عما كانت عليه في السنين الأولي التي تلت الفتح‏,‏ ووجد قسم كبير من القبط أن من مصلحتهم دخول الاسلام والتعرب هربا من مضايقات اجتماعية وادبية‏,‏ وفرارا من الضرائب المتزايدة عليهم‏,‏ او رغبة في الاحتفاظ بمناصبهم‏.‏
وكانت اللغة اليونانية منتشرة بمصر من ايام البطالمة‏,‏ واثناء حكم الرومان‏,‏ حتي ان الوالي الروماني كان يصدر منشوراته الي المصريين باليونانية‏,‏ وكانت بعض صلوات الكنائس ترتل بها‏,‏ علي حين كان مرتلوها يتكلمون فيما بينهم بالقبطية‏..‏ وقد كتبت القبطية بحروف يونانية‏,‏ وكانت الغلبة لليونانية في المدن حيث كانت تدرس في المدارس‏,‏ أما في الارياف وبلاد الصعيد خاصة فكانت الغلبة للقبطية‏..‏ وفي القرن السادس الميلادي لما ازدادت ثورات المصريين ضد الرومان وضد كل ماهو اجنبي‏,‏ حاربوا اللغة اليونانية في الكنائس واعادوا القبطية مكانها‏.‏ لكن بقيت اليونانية الي ما بعد الفتح الاسلامي في البرديات الرسمية‏.‏
وقد ساعد الفتح الاسلامي أولا علي إحياء اللغة القبطية علي حساب اليونانية‏,‏ فاصبحت الدروس الدينية تقرأ بالقبطية وتشرح بها‏.‏ كذلك نجد أن البلاد والاقاليم التي سميت باسماء يونانية ايام اليونان والرومان‏,‏ اصبحت تعرف باسمائها القبطية‏.‏
وفي مبدأ الفتح حرم عمرو بن العاص علي القبائل الوافدة معه اتخاذ المزارع بامر الخليفة عمر بن الخطاب‏,‏ ليكونوا في حالة تأهب دائمة للقتال‏..‏ ولابد ان عددهم زاد بالتوالد وتتابع الهجرات‏,‏ التي كان من اسبابها حلول القحط في بلاد العرب في بعض الاعوام‏,‏ وكانت مصر والشام ملجأ العرب حين حلوله في الجاهلية‏,‏ وكانوا يسمون هذه الاعوام اعوام الجلاء‏.‏
هجرة ثم تهجير
ولما فتحت مصر وشاع خبر خصبها‏,‏ كانت مقصد كل طامع في الرخاء واليسر‏,‏ يقدم اليها آنسا بمن فيها من بني اعمامه واخواله من الفاتحين‏.‏ كما استلزمت سياسة العصبية القبلية ان يستكثر الوالي حوله من اهل قبيلته حيث يكون‏,‏ ليكونوا ظهره وعونه علي اعدائه من القبائل الاخري‏.‏ وكذلك كان الخلفاء يحرصون علي ان يكون لهم بكل ولاية جمهور من انصارهم ليأمنوا الثورة‏.‏
وبالاضافة الي جيش الفتح ارسل عمر بن الخطاب قبيلة بكي فسكنت حول إخميم ثم تصالحت مع جهينة علي ان يكون لها من الشرق الي عيذاب‏(‏ القصير‏).‏
لكن مع ذلك ظل العرب الي آخر الدولة الاموية قلة الي جانب الامة المصرية أو القبطية‏.‏ وبقي اهل الريف يتكلمون بالقبطية ولايعتنقون الاسلام‏.‏ وإن كانت الفسطاط قد اجتذبت عددا من الاقباط من العاملين بالحكومة‏,‏ لان جميع الاعمال الحكومية كانت في ايدي المحكومين اصحاب اقدم حكومة مركزية في العالم‏,‏ ولان عرب الصحراء لم يكونوا ليعرفوا شيئا عن نظم الحكم اكثر مما عرفوه في نظامهم القبلي‏.‏
والي آخر القرن الأول الهجري‏(‏ اوائل الثامن الميلادي‏)‏ كان الطابع الذي يطبع علي الورق يشمل عبارة‏:‏ الاب والابن والروح القدس بالقبطية‏.‏ ومع ان ذلك استبدل بعد ذلك بما يتفق والدين الاسلامي‏,‏ إلا أن الكتبة ظلوا يرسمون علامة الصليب علي ظهر اوراق الحكومة‏.‏
حتي جاءت ولاية عبدالله بن عبدالملك بن مروان‏(85‏ 90‏ ه‏)‏ فأمر بالدواوين فعربت‏,‏ وبعد ذلك في سنة‏109‏ ه يئس الوالي الوليد بن رفاعة من إدماج عدد يذكر من المصريين الي صفوف المسلمين‏,‏ فلجأ الي استدعاء خمسة الاف من العرب‏,‏ واسكنهم في الوجه البحري بالشرقية والدقهلية‏.‏ وفي الواقع فان مصر لم تصبح إسلامية إلا ببطء شديد‏..‏ واقتصر استيطان العرب علي المدن الكبيرة ردحا طويلا من الزمن‏.‏
وقد وزعت القبائل العربية في انحاء مصر تباعا كما يلي‏:‏ نزل من بني سليم‏(‏ وهم من قيس‏)‏ ثلاثة آلاف سكنوا الحوف الشرقي‏(‏ الشرقية والدقهلية‏).‏ انضم اليهم تباعا عدة الاف اهل بيت‏.‏ وسكن اخرون في وسط الدلتا وفي الاسكندرية‏.‏ وسكنت قريش في الاشمونية‏,‏ ولوتة في معظم بلاد البهنسا‏,‏ ومنهم طوائف بالجيزة والمنوفية‏.‏ وفي الفيوم بنوكلاب‏..‏ ونزلت قبائل في القليوبية وأسوان‏..‏ وكانت هذه القبائل كثيرة التنقل‏,‏ فان اشتركت اكثر من قبيلة في جهة واحدة‏,‏ وقع القتال بينها حتي يكون منها غالب ومغلوب‏.‏
هذا ما ذكره محمود مصطفي‏.‏ بينما ابن إياس يقول ان القرافة سميت باسم طائفة يقال لهم قرافة‏,‏ نزلوا هناك‏.‏
وعن ذلك بايجاز يقول د‏.‏ احمد مختار عمر‏:‏ ان طريق سيناء كان دائما قنطرة مفتوحة لهجرات منذ الفراعنة‏,‏ ومن هذه الهجرات ما كانت تؤخذ فيها موافقة حاكم مصر‏..‏ ومن هجرات ما قبل الاسلام‏:‏
‏1‏ قبائل عرب كهلانية من عرب الجنوب ذات اصل قحطاني‏,‏ استقرت في شمال شرق الدلتا‏.‏
‏2‏ قبيلتا لخم وجذاب‏:‏ استقرتا في الشرقية‏.‏
‏3‏ قبيلة بلي‏:‏ استقرت ما بين القصير وقنا‏.‏
‏4‏ هجرة بطون من خزاعة بسبب جدب بلادهم‏.‏
‏5‏ تحدث هيرودوت عن قبائل عربية شغلت المساحة بين سواحل البحر الاحمر والنيل‏.‏
‏6‏ قبل فتح مصر وفي عهد عمر بن الخطاب هاجرت الي مصر قبائل من غسان ولخم وجذام وعاملة‏,‏ وكانت تدين بالمسيحية‏,‏ واستقرت شمال غربي سيناء
ومع الفتح استقرت في مصر قبائل الغزو‏,‏ ثم لحق بهم أهل القربي‏,‏ وكان كل وال يأتي بأهل عشيرته للتقوي بهم ويستقرون‏...‏ وفي الفترة ما بين سنتي‏133‏ 242‏ ه هاجرت الي مصر واستوطنت‏33‏ قبيلة منها‏:‏
‏1‏ قبيلة لخم التي رحل بعضها مع الفاتحين‏,‏ ثم دخلت قبائل كثيرة منهم في القرنين السابع والثامن وحطت في جهات الاسكندرية‏,‏ وكان منهم أمير حكم مصر عام‏133‏ ه‏(750‏ م‏)‏ وكان تعيين وال من قبيلة معينة أكبر الفرص للمهاجرة‏,‏ فقد كان يرافقه أكثر من عشرين ألف مقاتل‏.‏
‏2‏ قيس عيلان‏:‏ الذين حطوا في مصر عام‏109‏ ه‏(727‏ م‏)‏ بأعداد كبيرة ونزلوا بالحوف الشرقي‏(‏ الشرقية والدقهلية‏).‏ وبعد سنة لحق بهم نحو خمسمائة أسرة أخري‏..‏ وكان توطينهم في هذه المنطقة مقصودا‏,‏ لأن أهلها القبط قاموا بثورتهم الأولي عام‏107‏ ه أي قبل عامين‏..‏ أي أن هذه الهجرة كانت الي موقع آهل بالأقباط‏,‏ علي عكس القبائل الأخري التي لم تختلط بسكان الريف والقري‏.‏
تداخل الألسن‏:‏
ومع ذلك بقي غالب القبط‏(‏ المصريون‏)‏ علي لغتهم الموروثة‏,‏ بدليل أن الخليفة العباسي المأمون عندما جاء بجيوشه التركية سنة‏216‏ ه أي بعد حوالي مائتي سنة من الفتح‏,‏ لقمع ثورة القبط والعرب فيها‏,‏ كان معه مترجم‏,‏ يتضح ذلك مما رواه ابن إياس‏,‏ عندما حكي عن حوار دار بين المأمون وفلاحة قبطية اسمها ماريا‏,‏ كان يدور عن طريق مترجم‏.‏ ولم يبدأ القبط في ترك لغتهم القبطية إلا في أواخر القرن الرابع الهجري وكان أهم العوامل في ذلك نزول القبائل العربية الي الريف المصري واستقرارها بالصعيد والدلتا‏.‏
فصارت مراسيم الكنيسة تكتب بالقبطية وتشرح بالعربية‏..‏ ومازال الزمن يتقدم والعربية تنتشر حتي كان المثقف المصري في القرن العاشر الميلادي يفتخر بأنه يعرف القبطية‏...‏ وأخيرا كانت القبطية لا تستعمل إلا بالأديرة وعلي ألسنة نصاري الصعيد‏.‏
وبعد اختلاط العنصرين العربي والقبطي تكلم العرب القبطية وصرنا نجد كلمات يتخاطب بها المصريون الأن وهي قبطية الأصل‏:‏ ماجور‏:‏ وعاء عا‏:‏ لحث الحمار علي السير طحطا‏:‏ هيكل الأرض ياما‏:‏ كثيرا بشبش‏:‏ لين وطري بعبع عفريت بك‏:‏ أسقط‏,‏ بك الدمع من عينيه أردب‏:‏ وأصله أرطبة ويبة‏:‏ سدس أردب طياب‏:‏ ريح الشمال مرس‏:‏ ريح الجنوب يم أو يام‏:‏ بحر كاني وماني‏:‏ سمن وعسل تاراللي‏:‏ قليل الفهم أو مخرف سهراية‏:‏ حرارة الشمس أصلها شاهري شأشأ‏:‏ طلع حاتا باتا‏:‏ جلد علي عظم أي لا شيء عندي حتتك بتتك‏:‏ أخذ كل شيء‏,‏ والأصل أكل الجلد والعظم جاي‏:‏ النجدة‏.‏
هدم وتنكيل
هذا عن اللغة‏,‏ وهي مرتبطة بثلاثة عوامل‏:‏ استيطان آلاف العرب‏,‏ تعريب الدواوين والمعاملات الرسمية‏,‏ وانتشار الإسلام وهذا تاريخ ارتبط بالعامل الاقتصادي وبالقمع‏..‏ نقرأ في كتاب مصر في عهد الولاة‏.‏
فالواقع أن العصبية الدينية تغلبت علي العرب بعد الفتح‏,‏ وتغلب عليهم الشعور بالتفوق علي غيرهم من الشعوب‏,‏ بعد أن أنشأوا امبراطوريتهم بحد السيف‏,‏ فرأوا أن يتميزوا عن غيرهم في اللباس والزي والركوب وغير ذلك مما يشعرهم بأنهم السادة وغيرهم دونهم‏,‏ ولذا نراهم يعاملون أهل الذمة معاملة الطبقة الدنيا مهما كانت ثرواتهم أو مراكزهم في الدولة‏,‏ مما حمل الكثير علي الدخول في الدين الاسلامي‏,‏ رغبة في التخلص من تلك المضايقات‏,‏ كما أن العرب رأوا أن ليس عليهم‏(‏ أهل الذمة‏)‏ أن يبنوا كنائس جديدة ويكفيهم أن يبقوا علي ما وجدوه‏,‏ وألا يتدخلوا في شئون أهل الذمة الدينية‏.‏
حتي كانت ولاية عبد الملك بن مروان ففصل عبد الله اشناس القبطي من وظيفته بالدواوين وعين مكانه يربوع الغزاوي المسلم من أهل حمص سنة‏87‏ ه‏..‏ ثم حاول الخليفة عمر بن عبد العزيز‏(99‏ 101‏ه‏)‏ احلال المسلمين محل المسيحيين حتي في الوظائف الصغيرة‏..‏ وأمر الأقباط بالتخلي عن أعمالهم في الدولة ماداموا علي دينهم‏,‏ أما من يرد الاحتفاظ بعمله فليكن علي دين محمد‏.‏ وكذلك استبعد رؤساء الكور‏(‏ البلاد‏)‏ الأقباط وأحل محلهم المسلمين‏,‏ وربما أدي هذا الي اسلام الكثيرين آنذاك كي لا يتركوا وظائفهم‏,‏ مع أن القرار ذاته لا يمكن أن يكون قد استمر كثيرا بعد وفاته لأن الأقباط ظلوا يشغلون كثيرا من المناصب‏,‏ وظل بعض رؤساء الكور والقري يختارون من الأقباط‏...‏
ومن المضايقات التي وقعت للأقباط أن الخليفة يزيد بن عبد الملك أمر سنة‏104‏ ه بكسر الصلبان في كل مكان ومحو الصور والتماثيل التي في الكنائس‏..‏ ولم تنج في هذه الحركة بعض الآثار الفرعونية من الهدم والتخريب‏..‏
وقد أصاب أقباط مصر كثير من الأذي أثناء الفتن التي قامت من أجل النزاع حول الخلافة‏.‏ فعندما أتي الخليفة مروان بن محمد هاربا الي مصر‏(‏ وهو المعروف بالحمار بعد انتصار العباسيين‏)‏ عاث جنوده في البلاد فسادا‏,‏ فقتلوا جماعة من رجال الدين الأقباط ونهبوا أموالهم وسبوا نساءهم‏,‏ كما أحرقوا ديارات عدة وهدموا الكثير من الكنائس‏,‏ واعتدوا علي كثير من الراهبات‏.‏
ولاشك أن التعصب لكل ماهو عربي ومسلم‏,‏ وتعريب الدواوين‏,‏ حمل كثيرا من المسيحيين في عصر الولاة علي اعتناق الدين الاسلامي وتعلم العربية‏.‏
وإلي جانب ماسمته د‏.‏ سيدة اسماعيل كاشف المضايقات يأتي عنصر الاقتصاد‏,‏ أو حسب التعبير المصري لقمة العيش‏:‏
سرعان مانجد أن المصريين عادوا الي ماكانوا فيه تحت حكم الرومان‏,‏ فوقعوا تحت الأعباء الكثيرة التي تطلبتها الخلافة‏,‏ وأصبح المطلوب منهم توفير المال اللازم لبيت المال وللمنتفعين من الولاة والموظفين‏..‏ ولذا كانت الجزية سببا في إسلام الكثيرين‏..‏ وهذا معناه مضاعفة الجزية علي من بقي من الأقباط علي دينه حتي قيل‏:‏ إن الخليفة عمر بن عبد العزيز أرسل الي عامله علي خراج مصر أن يجعل جزية موتي الأقباط علي أحيائهم‏!..‏
والملاحظ أن الأعباء المالية أخذت تزداد تدريجيا علي الأقباط‏,‏ مما دعا الكثيرين الي الاسلام فرارا منها‏,‏ وكلما كثر عدد الأقباط الذين يدخلون الاسلام كثر العبء المالي علي من بقي علي دينه منهم‏...‏
وكذلك بدأ والي مصر عبد العزيز بن مروان سنة فرض الجزية علي الرهبان‏,‏ ففرض دينارا جزية علي كل راهب‏,‏ وأمر ألا يترهب أحد بعد أن أحصاهم‏,‏ وكانت هذه أول جزية أخذت من الرهبان‏,‏ والمعروف ان الرهبنة كانت منتشرة حينذاك‏,‏ ساعد علي انتشارها ماوقع للمصريين من ظلم واضطهاد زمن الرومان والبيزنطيين‏..‏ وقد لجأ كثير من الأقباط الي هذه الأديرة كي يتخلصوا من الضرائب‏..‏ ولعل الولاة حاربوا الرهبنة بسبب ذلك‏..‏ فأخذ بعض الأفراد يهربون الي مناطق مختلفة غير تلك التي كانوا مقيدين فيها بعد أن وجدوا ألا فائدة من الاعتصام في الأديرة‏...‏
وأمر الوالي عبد الله بن عبد الملك بوسم الغرباء علي أيديهم وأرجلهم‏..‏ وفي عهد الوالي الذي تلاه صارت أسرات بأسرها رجالا ونساء وأطفالا تهرب من مكان لعجزها عن دفع الجزية‏.‏
وفي ذلك يقول المقريزي‏:‏ اشتد متولي الخراج علي النصاري وأوقع بهم وأخذ أموالهم‏.‏ ووسم أيدي الرهبان بحلقة حديد‏,‏ فيها اسم الراهب وديره وتاريخه‏,‏ وكل من وجده بغير وسم قطع يده‏..‏ ثم كبس علي الديارات فقبض علي عدة من الرهبان بغير وسم فضرب أعناق بعضهم‏,‏ وضرب باقيهم حتي ماتوا تحت الضرب‏..‏ ثم هدمت الكنائس‏.‏
وبعد ذلك وفي زمن هشام بن عبد الملك تشدد نائبه علي النصاري وزاد في الخراج‏,‏ وأحصي عدد الناس والبهائم‏,‏ وجعل علي كل نصراني وسما صورة أسد‏,‏ وتتبعهم فمن وجده بغير وسم قطع يده‏.‏
وصل الجشع في جمع المال الي فرض الجزية حتي علي من أسلم من المصريين‏,‏ وعندما رفعت عنهم سنة‏127‏ ه اعتنق أربعة وعشرون ألفا الدين الاسلامي‏,‏ بسبب فداحة الجزية والأعباء الملقاة عليهم‏,‏ ومن أمثلة ذلك ماذكره ابن إياس أن أحد ولاة العباسيين حجر علي الملح والأطرون‏,‏ وكانا مباحين للناس‏,‏ وقرر مالا علي الكلأ الذي ترعاه البهائم سماه المراعي‏,‏ وقرر علي مصايد الأسماك مالا سماه المصايد‏.‏ وأحدث من المظالم أشياء كثيرة‏,‏ وقسم أموال مصر مابين خراجي‏(‏ موسمي‏)‏ وهلالي‏(‏ شهري‏).‏ وهذا أول تلاشي أحوال الديار المصرية‏,‏ فلما جري ذلك رحل غالب أهلها من الظلم‏.‏
النهب والغصب
كان الوالي يدفع رشوة مقابل ولايته للخليفة العباسي أو للأتراك المسيطرين علي الحكم‏,‏ فيأتي الي مصر ويبدأ في جمع كل مايمكن جمعه قبل أن يعزل‏,‏ الي جانب هدايا يجمعها من الأهالي ويرسلها مع الخراج‏,‏ يحددها ابن إياس بأنها خيول وبغال وجمال وثياب وطرز وعسل نحل بنهاوي‏,‏ وغير ذلك من الأصناف التي لا توجد إلا بمصر‏.‏ ويضيف ابن تغري بردي وسبب زوال خراج مصر أن الملوك لم تسمح لهم نفوسهم بما كان ينفق في حفر ترعها واتقان جسورها‏,‏ وإزالة الحلفاء وغير ذلك‏.‏
فكان أن ثار القبط ثم العرب المستوطنون‏,‏ يقول المقريزي‏:‏ في سنة‏107‏ ه انتفضت عامة الحوف الشرقي‏(‏ وهم أقباط وعرب‏)‏ فبعث إليهم أمير مصر بأهل الديوان‏(‏ أي الجيش‏)‏ فحاربوهم وقتلوا منهم بشرا كثيرا‏.‏ وذلك أول انتفاض لقبط مصر‏..‏ ثم انتفض أهل الصعيد سنة‏121‏ ه فبعث إليهم أهل الديوان فقتلوا من القبط ناسا كثيرا وظفر بهم‏..‏ ثم خالفت القبط برشيد فبعث إليهم أهل الديوان وهزمهم‏,‏ وقبض عبد الملك بن موسي بن نصير أمير مصر علي البطرك ميخائيل‏,‏ فاعتقله وألزمه بمال‏,‏ فسار بأساقفته في أعمال مصر يسأل أهلها فوجدهم في شدائد‏,‏ فعاد الي عبدالملك ودفع ما حصل عليه‏,‏ فأفرج عنه‏.‏
فنزل به‏(‏ البطرك‏)‏ بعد ذلك بلاء كبير من مروان‏(‏ الحمار‏)‏ الذي بطش به وبالنصاري و أحرق مصر وغلاتها‏,‏ وأسر عدة نساء من المترهبات ببعض الديارات‏,‏ وراود واحدة منهن عن نفسها‏,‏ فاحتالت عليه ودفعته عنها بأن رغبته في دهان معها إذا دهن به الانسان لايعمل فيه السلاح‏,‏ وجعلته يجرب فيها‏,‏ فتمت حيلتها عليه‏,‏ وأخرجت زيتا دهنت به نفسها‏,‏ ثم مدت عنقها‏(‏ ليجرب‏)‏ فضربها بسيفه فأطار رأسها فعلم انها اختارت الموت علي الزنا‏,‏ وظل البطرك والنصاري في الحديد مع مروان الي أن قتل في بوحيد‏,‏ فأفرج عنهم‏..‏
وفي سنة‏132‏ ه خرج رجل من قبط سمنود بجيش‏,‏ وقتل في كثير من أصحابه‏..‏ وخرج قبط رشيد سنة‏150‏ ه وناحية سخا‏,‏ ونابذوا العمال‏(‏ موظفي الخراج‏)‏ وطاردوهم وساروا في جمع الي شبرا سنباط‏,‏ وانضم اليهم أهل اليشرود والأريسية والنجوم‏(‏ أسماء قري‏)‏ فانصرف‏(‏ جيش الوالي‏)‏ الي مصر منهزمين‏..‏ وكذلك سنة‏156‏ ه خرج القبط ببلدة بلهيب فخرج عليهم العسكر وهزمهم‏..‏ واشتد البلاء علي النصاري‏..‏ وهدمت الكنائس المحدثة‏.‏ فلما ولي موسي بن عيسي أذن لهم بإعادة بنائها بمشورة الليث بن سعد وعبدالله بن لهيعة قاضي مصر‏.‏
رغم كثرة الانتفاضات وتكرارها في عدة أماكن‏,‏ واستمرارها حوالي القرن من الزمان‏,‏ كان ينقصها علي مايبدو الشعور القومي‏,‏ وكان دافعها الضرائب الباهظة وانحطاط معاملة الحكام‏,‏ وكانت تنقصها القيادة الواعية‏,‏ ولهذا قضي عليها جميعا‏,‏ بل كان العسكر يجدون فيها فرصة للسلب وسبي النساء‏.‏
وعندما فرضت الضرائب علي القبائل العربية في مصر‏,‏ ثم زادت‏,‏ ثاروا هم أيضا وحدهم أو متحالفين مع القبط‏.‏ ومن مثال ذلك ما حدث سنة‏167‏ ه عندما قدم مصر الوالي الجديد موسي بن مصعب‏,‏ وصادر أموال الوالي السابق له المعزول وأخذ منه ومن عماله ثلثمائة ألف دينار‏..‏ وسكن بمدينة العسكر‏..‏ وأخذ يتشدد علي الناس‏,‏ وزاد علي كل فدان ضعف ما كان أولا‏,‏ وساءت سيرته وارتشي في الأحكام‏,‏ ثم رتب دراهم علي أهل الأسواق وعلي الدواب‏..‏ فثارت قبائل قبس واليمانية‏,‏ ولا قوا أهل مدينة مصر واتفقوا عليه‏,‏ فخرج اليهم في جميع الجيوش‏,‏ فلما التقوا تخلي عنه أهل مدينة مصر‏,‏ وأسلموه فقتل‏.‏
وفي سنة‏186‏ ه كان الوالي منذ تعيينه يتوجه الي بغداد كل عدة شهور بالهدايا الي الخليفة وحاشيته‏,‏ مغتصبا هذه الهدايا من الناس ودام علي ذلك حتي خرج عليه أهل الحوف الشرقي‏,‏ فخرج اليهم في أربعة آلاف من الجند وهزمهم‏,‏ فهربوا وتبع أقفيتهم فقتل منهم خلقا كثيرا‏,‏ وبعث الي مدينة مصر بثمانين رأسا
مذبحة المأمون
قمة الغضب كانت سنة‏214‏ ه عندما جاء وال جديد‏,‏ فتحداه أهل قيس ويمن وحاربوه عند عين شمس‏,‏ وهزموه فتراجع الي الفسطاط‏.‏ ثم أمده الخليفة المأمون بجيش تحت قيادة المعتصم‏,‏ وجاء ووضع السيف في المتمردين وقتل منهم عددا كبيرا‏,‏ فما كان منهم إلا أن اتحدوا مع الأقباط وحشدوا وتجمعوا فكثر عددهم وساروا نحو الفسطاط‏.‏ وخلعوا الطاعة‏,‏ ودحروا أمير مصر فجاءه والي برقة لمساعدته‏,‏ واستمرت الحروب لمدة سنة‏..‏ إلي أن جاء أمير المؤمنين الخليفة المأمون‏,‏ فأوقعت عسكره بأهل الغربية والحوف
وحكم بقتل الرجال وسبي القبط وبيع النساء والأطفال‏,‏ فبيعوا وسبي أكثرهم‏..‏ ومن ذاك أذل الله القبط في جميع أرض مصر
وأقام أمير المؤمنين الخليفة المأمون بمصر ستة وأربعين يوما‏..‏ ودخل عليه من هذه السرحة‏(‏ الجولة‏)‏ أربعة آلاف ألف ألف دينار‏(‏ أربعة آلاف مليون‏)‏ غير الهدايا والتحف‏,‏ فرقها علي عساكره‏(‏ الأتراك‏)‏ لما رجع الي بغداد‏,‏ لكل واحد منهم ملء كف دنانير ذهب
والمأمون هذا كان من المعتزلة‏,‏ وهو سبب محنة خلق القرآن‏,‏ عندما أمر سنة‏217‏ ه أمير مصر بأن يمتحن المشايخ والقضاة في مسألة خلق القرآن وأجاب أغلب علماء الدنيا بخلق القرآن طبقا لرأي المأمون‏,‏ عدا جماعة يسيرة‏,‏ منهم الامام أحمد بن حنبل‏.‏ وعظم البلاء بالعلماء وضربوا وأهينوا وردعوا بالسيف وغيره‏..‏ ونزعت لحية أحد القضاة المعترضين وطيف به في طرقات الفسطاط وهو يضرب بالسوط‏..‏
وبعد موت المأمون جاء المتوكل وكان تافها فأصدر عدة قرارات تافهة بقصد إذلال أهل الذمة فأمرهم بلبس الطيالسة العسلية وشد الزنانير وركوب السروج بالركب الخشب‏(‏ أي الرخيصة‏)‏ وعمل كرتين في مؤخر السرج‏!‏
وعمل رقعتين علي ثياب رجالهم تخالف لون الثوب‏,‏ كل رقعة قدر أربعة أصابع‏.‏ كذلك أمر أن يجعل علي أبواب دورهم شياطين من خشب‏,‏ ونهي أن يستعان بهم في أعمال السلطان‏,‏ ولا يعلمهم مسلم وبتسوية قبورهم بالأرض‏..‏ وهدم كنائسهم المحدثة‏,‏ وأخذ العشر من منازلهم‏,‏ فإن كان الموضع واسعا صير مسجدا‏.‏ وإن كان لا يصلح صير فناء‏.‏
إزاء ما سبق وغيره‏,‏ كان من العجيب أن يظل بعض أهل الذمة متمسكا بدينه‏.‏ يعلق أحمد أمين في كتابه فجر الاسلام عن هذا الاضطهاد بأنه ربما كان نتيجة لسوء العلاقة بين المسلمين والروم وقتها‏..‏ ثم يقول‏:‏ لكن مهما كان الأمر فهي حالة سيئة تدل علي ضيق العقل ومخالفته للنظر الواسع الحكيم الذي أمر به الإسلام‏,‏ ونفذه خلفاء المسلمين الأولون‏,‏ وعلي رأسهم عمر بن الخطاب في حكمة ورفق‏.‏
اللهجة العامية
تكلم المصريون العربية‏..‏ واخترعوا معها لهجة عامية فاللغة كائن حي‏,‏ والكائن الحي من طبيعته النمو والتطور‏,‏ ولذلك تطورت اللغة العربية نتيجة للثقافات المختلفة‏.‏
وعلي هذا‏,‏ فإن أقدم لغة للمصريين تأكد وجودها عام‏3200‏ ق‏.‏م تقريبا وهي الهيروغليفية‏..‏ ثم الهيراطيقية حوالي‏2300‏ ق‏.‏م‏.‏ وكانت تكتب بالمداد‏..‏ ثم الخط الديموطيقي الذي شاع حوالي عام‏700‏ ق‏.‏م ثم ظهرت اللغة القبطية كاشتقاق أخير‏,‏ وكتبت بالأبجدية اليونانية بعد إضافة سبع علامات من الخط المصري القديم‏..‏ وأخيرا العربية‏.‏
والعربية إحدي اللغات السامية‏,‏ وهذه التسمية ليست سوي اصطلاح‏.‏ وفي مقدمة المعجم العربي الأساسي إصدار المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم نقرأ‏.‏
إننا لا نعرف لغة تدعي اللغة السامية‏,‏ ولكن ثمة لغات متقاربة لابد أن تكون فرعت من لغة أصلية واحدة كانت لغة الساميين في عهد ما قبل التاريخ‏..‏ ومن اللغات المتقاربة‏:‏ الفينيقية والكلدانية والأشورية والآرامية‏,‏ وابنتها السريانية‏,‏ والعبرانية والعربية المصرية‏..‏ فكانت هذه اللغات بمثابة لهجات لتلك اللغة القديمة الأم‏,‏ السامية أو العربية الأولي‏.‏
نمت اللغة العربية خلال الزمن‏,‏ بحكم الحاجات المستجدة‏..‏ وبطرق منها‏:‏
‏1‏ الاشتقاق‏.‏ كأن نقول أفلس‏:‏ من الفلس‏,‏ ابحر من البحر‏,‏ هندس من الهندسة‏,‏ وفهرس من الفهرسة‏..‏ وجريا علي هذا المنوال‏:‏ أكسد‏:‏ من الأكسدة‏.‏ مجداف‏:‏ علي وزن مفعال‏.‏ مقود‏:‏ علي وزن مفعل‏.‏
‏2‏ المجاز‏:‏ وهو لفظ يستعمل في غير ما وضع له‏,‏ فاعتمد اللغويون كلمة السيارة‏:‏ وهي في الأصل القافلة‏,‏ الطيارة‏:‏ والطيار في الاصل هو الفرس السريع
‏3‏ النحت‏:‏ هو انتزاع كلمة من كلمتين أو أكثر‏.‏ قديما قيل البسملة‏:‏ بسم الله‏.‏ الحوقلة‏:‏ لا حول ولا قوة إلا بالله‏..‏ وحديثا‏:‏ برمائي‏.‏ أفروآسيوي‏.‏ لاسلكي‏.‏
‏4‏ التعريب‏:‏ أن يلفظ العرب كلمة أجنبية‏.‏ والتعريب قديم‏.‏ وفي الجاهلية أخذ العرب عن الفرس ألفاظا مثل‏:‏ إبريق‏,‏ سندس‏,‏ ديباج‏,‏ نرجس‏.‏ ومن الهندية‏:‏ فلفل‏,‏ قرنفل‏,‏ كافور‏,‏ شطرنج‏..‏ ومن اليونانية‏:‏ فردوس‏,‏ قسطاس‏,‏ ترياق‏..‏ ومن السريانية‏:‏ كنيسة‏,‏ المسيح‏,‏ الكهنوت‏,‏ الناقوس‏,‏ البلاط‏..‏ ومن العبرية‏:‏ التوراة‏,‏ الشيطان‏,‏ جهنم‏..‏ ومن الحبشة‏:‏ النجاشي‏,‏ المنبر‏,‏ التابوت‏..‏ وفي صدر الاسلام اقتبس العرب ألفاظا كثيرة من الفارسية تعد بالمئات مثل‏:‏ كوز‏,‏ بلور‏,‏ عنبر‏,‏ سوسن‏..‏ ومن اليونانية‏:‏ الفلسفة‏,‏ السفسطة‏,‏ الجغرافيا‏..‏ وهكذا
وقد أجاز مجمع اللغة العربية بالقاهرة التعريب مثل‏:‏ الترام‏,‏ السينما‏,‏ الفيلم‏,‏ الالكترون‏...(‏ من مقدمة المعجم العربي الأساسي‏)‏
وفي كتاب الألفاظ الدخيلة في اللغة العربية يرصد مؤلفه طوبيا العنيسي أمثلة عديدة‏.‏ يقول مثلا‏:‏
قال ابن الأثير إن الخمر من الخمار لأنها تخمد العقل أو تستره‏,‏ قلت الخمر لفظة أرامية‏:‏ حمرا من لونها الأحمر
وقال السيوطي‏:‏ أبجد هوز حطي كلم‏:‏ هم ملوك‏.‏ قلت هي الحروف الهجائية التي اخترعها الفينيقيون في القرن ال‏15‏ ق‏.‏م‏.‏ وجمعت بهذه الكلمات تسهيلا لاستظهارها فقط‏(‏ أي حفظها‏)‏
واللغة السريانية‏(‏ في الشام‏)‏ هي الأرامية التي وردت في التوراة‏,‏ وهي ذاتها الكلدانية في العراق‏(‏ بين النهرين‏)..‏ وهي لغة واحدة مع اختلاف في طريقة النطق‏..‏
أصل كلمة برتقال‏:‏ أن البرتغاليون نقلوا هذه الفاكهة من الصين إلي أوروبا سنة‏1547‏ فسمي باسمهم‏.‏
كلمة تبغ مشتقة من اسم جزيرة في المكسيك اسمها تاباجو حيث منشأه‏,‏ فنقل إلي التركية تباكو‏,‏ وعرب طباق
ذلك أن العلاقة بين اللغة والبيئة علاقة مؤثر ومتأثر‏...‏ وهناك صلة قوية بين اللهجات العامية وبين لهجات القبائل العربية التي استوطنت في مكان ما وتفاعلها مع لسان السكان الأصليين‏..‏ مع ملاحظة أن العامية من خواصها سرعة التأقلم وقبولها للجديد من مشتقات الألفاظ‏.‏
فمثلا أهل الشرقية يقلبون اللام الي ميم‏,‏ فيقولون إمبارح‏,‏ وذلك حسب نطق قبيلة حمير الذين إذا أرادوا قول‏:‏ طاب الهواء وصفا الجو‏,‏ نطقوها‏:‏ طاب أمهواء وصفا امجو‏..‏ ومن تميم من يقول الهدي‏:‏ الهدأ‏,‏ وعوام مصر ينطقون لا‏:‏ لأ‏..‏ ومن لغة طيئ قطع اللفظ‏,‏ فيقولون ياأبا الحك‏,‏ ويقصدون ياأبا الحكم‏,‏وكذلك عوام مصر يقولون‏:‏ النهار طل أي طلع‏,‏ والنور ظه أي ظهر‏,‏ وقد تنطق مخففة‏:‏ زه فيقال زهزه النهار‏.‏
وعن كلمات مصرية قديمة مازالت مستعملة حتي الآن‏,‏ بذاتها أو مع بعض التحريف‏,‏ رصد د‏.‏ سيد كريم مايلي‏:‏
أن دبلة الزواج اختراع مصر وكان يطلق عليها حلقة إيزيس المقدسة‏.‏
وأن الكلمات الأولي التي نلقنها للطفل مثل‏:‏ امبو‏,‏ تاتا‏,‏ نونو‏.‏ صغنن‏:‏ جميعها متوارثة‏,‏ كذلك كلمة برجالاتك‏(‏ حلقة ذهب في وداناتك‏)‏
أيضا كلمات مثل‏:‏ فاس‏,‏ شادوف‏,‏ شونة‏,‏ جرن‏,‏ زير‏,‏ مشنة‏,‏ سلة‏,‏ بشكير‏,‏ فوطة‏,‏ بتاو‏,‏ طوبة‏,‏ كعكة‏,‏ لكلكة‏,‏ وغيرها‏..‏
وكلمة عيش بمعني الخبز قديمة‏,‏ معناها‏:‏ الخبز المقدس الذي يقدم للقرابين‏,‏ ومازال المصري يقبل رغيف العيش‏..‏
نداء‏:‏ وحوي ياوحوي الرمضاني‏,‏ كانوا ينادون به استقبالا لكل هلال جديد‏.‏
ياليل ياعين‏:‏ تعبير مصري صميم‏:‏ ليل معناها الفرح‏,‏ أي إفرحي ياعين‏.‏
شأشأ الفجر‏:‏ أصلها فرعوني‏:‏ شاهشا الفجر أي سطع وأضاء‏.‏
الدنيا صهد‏:‏ أصلها فرعوني‏,‏ صهد كلمة فرعونية معناها لهيب‏.‏
أيضا سي بمعني سيد‏,‏ ست‏:‏ سيدة‏,‏ مرت‏:‏ امرأة فول مدمس‏:‏ فور متمس كروم‏:‏ كرم زيتون‏:‏ زنتو رمان‏:‏ رمن تين‏:‏ تون بلح‏:‏ مهات دره‏:‏ درات بصل‏:‏ بصر برسيم‏:‏ برسم كرات‏:‏ كراهت كمون‏:‏ كمين جرجير‏:‏ جرجر طماطم‏:‏ طم طم سمسم‏:‏ سسم ملوخية‏:‏ ملوخي‏:‏ مصرية‏100%.‏
كذلك معظم أسماء المدن والقري متوارثة منذ أيام الفراعنة‏,‏ مثل‏:‏
القاهرة‏:‏ كاهي رع‏(‏ بمعني موطن المعبود رع‏)‏
حلوان‏:‏ حل أون‏(‏ أون العليا‏)‏
طنطا‏:‏ طاننت‏(‏ طريق المعبد‏)‏ وكان الجبرتي يكتبها طندتا
أبوتيج‏:‏ بوتيك‏(‏ مخزن العطارة لاحظ استخدام بوتيك الآن‏)‏
أسوان‏:‏ سون‏(‏ الأسواق وكانت أسوان ملتقي القوافل التجارية‏)‏
سينا‏:‏ سين ان‏(‏ وادي القمر‏)‏
طور سينا‏:‏ تور سين‏(‏ جبل القمر‏)‏
حاشية
من أسماء الشهور القبطية شهر طوبة‏,‏ وبالهيروغليفية‏:‏ طوبيا أي الأعلي أو الأسمي‏,‏ وكان يطلق علي معبود المطر‏,‏ ومن اسمه اشتق اسم مدينة طيبة‏(‏ راجع موسوعة تاريخ الحضارة الفرعونية المجلد الأول ص‏577)‏ حيث أن طوبيا اسم جد كاتب هذه السطور‏)‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.