ليس من السهل أن يتورط يس، هو يحسب كل كلمة قبل أن يوثقها، مكتوبة أو منطوقة، وأنا أحاول أن أصيد التناقضات، أنا لا أكتب أحدا ًكما يحب أو أحب، أنا أكتبه كما يحدث، أكتب ما يخبئه، ذلك أن حقيقة إنسان ما، هي، أولا ً، ما يخبئه بتعبير مالرو علي أنني لا أكتب حقيقة من أحاوره، فحقيقته، في عريها الواضح، ليست فيما يقول ليست في الكتابة أو الذاكرة، بل ممددة هناك في الأعصاب وفي الضمير، ثم إنني لا أحكم علي أحد ولا أقيمه، لست شريرا ً إلي هذه الدرجة أنا، فقط، أحاول أن أستفز ضيفي علي الصراحة، دون أن أحرجه، ليست وظيفتي إحراج أحد بل عرضه، ومن ثم أترك القارئ يرتق المسافة بيننا يضع، ويفهم معي، علامة الاستفهام التي تحني رأسها عقب كل سؤال. ملحوظة: يحظي يس بقبول المثقفين والقراء والنظام ومعارضيه، اليسار واليمين والرأي العام وكل ألوان الطيف سأسأله، لاحقاً، عن هذه المعادلة الصعبة، كيف ينجزها كيف يجمع كل هؤلاء، كلهم علي بعضهم، في كيس واحد، أما الآن فأبدأ برأيه في مسألة استقلال الصحافة؟ - (بشيء من التهكم واليقين): يعني إيه استقلال الصحافة.. أن تكون سيدة كلمتها، الاستقلال المادي، أن يديرها العاملون بها إلخ؟ - يسحب نفسا ًطويلا ًقبل أن يقول: ما هي مستقلة، خذ مثلا الصحف التي أنشأها رجال الأعمال من يديرها، هناك مجلس إدارة ورئيس تحرير معين، من الممكن حذفه، رفته أو شيله بدون ضمانات! يري الأستاذ سلامة أحمد سلامة، وأنا معه، أن الصحافة المصرية لم تتغير، طوال القرن العشرين، ربما شهدت مراحل ركود أعقبتها مراحل ازدهار أو العكس زاد عددها أو نقص وتضاعف عدد صفحاتها أو تقلص، وتقدمت تقدما مشهودا ًفي فنون الطباعة والتبويب والإخراج، وخرجت عمالقة من الكتاب والأدباء والصحفيين الذين أثروا الحياة الثقافية والفكرية والسياسية، ولكنها، أبدا ً، لم تكسر حاجز الصد الذي نجحت السلطة في إقامته ودعمه وتعلية أسواره، ولم تتحول إلي مؤسسات مستقلة تعتمد علي نفسها بنفسها، وتنهض بواجبها المهني والتنويري، دون أن تفقد استقلاليتها.. كيف تري أنت المسار؟ - لم أفهم ما المقصود بحائط الصد! حائط الاحتواء، كي لا تخرج الصحافة علي النص بمعني أن الأنظمة، في كل العصور، لا تدعم الكلمة إلا بمقدار ما تخدم مصالحها إنها تقطر الحرية بمقدار! - ودلوقت هل هناك تقطير للحرية جريدة الشروق التي يكتب فيها الأستاذ سلامة، مال النظام ومالها؟ هل يفرض عليها شيئاً، المصري اليوم تنقد النظام كل يوم، أين حائط الصد؟ إذن أنت تري أنه حائط رابع، أو وهمي! - بالطبع، فنحن في مرحلة تاريخية فيها حرية تعبير وحرية تفكير لا حدود لها ما عدا بعض الشوائب، دعاوي الحسبة وغيرها، اقرأ جرائد المعارضة ليس هناك وجود لهذا الحائط. أنت تدافع عن السلطة ! - لا أدافع عن أحد، نحن نقرأ كل يوم صحف المعارضة وما تنشره يؤكد أنه لا قيود علي النقد من أول رئيس الجمهورية لرئيس الوزراء للوزراء، لم يتركوا شيئا ًلم يتعرضوا له، أليس هذا صحيحاً أم إنني أخترع ؟! قل أنت إذن: هل هناك مراحل فارقة مرت بها الصحافة في مصر؟ - طبعا ً، تطورت تطورا ًفارقا ً هناك تطوران كانا فارقين في هذه المسيرة، مدرسة أخبار اليوم ومدرسة الأهرام، لا شك أن مصطفي وعلي أمين أحدثا ثورة في الصحافة المصرية أتذكر عندما صدر العدد الأول من أخبار اليوم، سنة 1945م.. سنة 1944م! - المهم، في هذه السنة هبت علي مصر صحافة جديدة، فيها الخبر هو الأساس ملاحقة الخبر إلخ، كانت صحافة جديدة غير مسبوقة أحدثت ثورة، أصبحت مدرسة لها تلامذتها خلي بالك الأهرام، في عهد هيكل، عمل ثورة، لم يقلد أخبار اليوم ولكن طريقة الأهرام وملحق الأهرام أحدثا ثورة، في الوقت الراهن هناك ثورة الصحافة المستقلة، لا شك هناك تجديد وهناك إبداع لا بد من الاعتراف به. ألا تري أننا نهتم بالجسد علي حساب الرأس، أقصد أن هناك مبالغة في المساحة التي تفردها الصحف للرياضة! - أكثر مما ينبغي، هناك 7 أو 8 صفحات للرياضة، وكلام مكرر وثقيل ومالوش معني علي حساب موضوعات مهمة جدًا، أنا ضد هذا. وكيف ينهض الصحفي بمهمته في مناخ كهذا تنعدم فيه المعلومة والشفافية والصراحة؟ - المعلومات موجودة في كل حتة، صحيح هناك قصور في بعض المعلومات الحكومية، لكن المعلومات موجودة مش عندك الإنترنت! ولديك مصادرك والدليل: أن الصحافة الحزبية والمستقلة والقومية تنشر عن أوضاع سلبية في المجتمع، بناء علي معلومات موثقة يحصلون عليها من مصادر متعددة، أمال التحقيقات التي تتحدث عن تلوث المياه وغيرها من موضوعات، ما دي كلها معلومات من أين أتوا بها؟! هل تري في رئيس التحرير رقيبا ًمن نوع مختلف؟ - لكل صحيفة، في العالم، سياسة تحريرية، رئيس التحرير مش بوسطجي يأتي له الجواب فينشره، سأعطيك مثلا ًمن فرنسا جريدة الفيجارو، كان الفيلسوف وعالم الاجتماع ريمون أرو يكتب فيها عمودا ًشهيرا ً حتي لما جه يتعين، بعد حصوله علي الدكتوراه من السوربون، رئيس قسم علم الاجتماع جورج جرفيتش قال: ده صحفي، ما ينفعناش! ولم يعين أرو في إلا عندما مات جرفيتش، كان دكتاتور المهم أن الفيجارو بيعت لرجل أعمال ظن نفسه كاتبا ًفأراد أن يكتب مقالة، يحدث هذا الخلل أحيانا ً لرجال الأعمال، لكن أرو اعترض، قال له: أنت صاحب المال، لكن ليس معني هذا أن تكتب، واستقال أرو، ال لوموند لها سياسة تحريرية عندما تكون هناك صحيفة تقدمية، هل يمكن لرئيس تحريرها أن ينشر مقالة لكاتب عنصري يدعو لطرد المسلمين من فرنسا، الجريدة ليست كشكول وأي صحيفة محترمة لا بد أن تكون لها سياسة تحريرية، ومن حق رئيس التحرير أن يمنع نشر مقالة يري فيها تهديدا ً للمبادئ التي تنادي بها الجريدة، مش كده ولا إيه، عندنا في مصر جريدة المصري اليوم أحد المشاركين في مجلس إدارتها نجيب ساويرس، ساويرس رجل أعمال مثقف ولديه وجهة نظر، لكن هل من الممكن أن يستكتب ماركسيا ًمثلا ً بأي مناسبة، مرة قال هو ذلك وهذا كلام منطقي، المسألة ليست مفتوحة كده، علي البحري لأ ولكن هذه الصحف المستقلة، هل تخدم القارئ والحقيقة وحدهما هي فعلا ًمستقلة؟ - كلمة مستقلة قد تكون مضللة، لأن الصحافة القومية يمكن أن تكون مستقلة، بمعني أنها تلتمس الموضوعية عندما تكتب، هذا هو الاستقلال. دعنا ننتقل بالصحف إلي نقطة أخري هي انعدام الخصوصية، أو الهوية في نقل الحدث، بمعني أن الاعتماد علي وكالات الأنباء في تغطية الخبر يفقده تباين الزوايا التي قد يُري منها، من المؤكد أن المراسل الإنجليزي، مثلا ً، يختلف عن زميله الفرنسي في رؤية الحدث الواحد والتعليق عليه، الخبر يتلون بلون العين التي تراه! - الأهرام لديه مراسلون في كل مكان حتي في حرب العراق كان هناك مراسل أحداث غزة، كان هناك مراسل في غزة، في باريس، في واشنطن، في كندا، في موسكو، في كل مكان يا عزيزي. أحيانا ًنحمل الصحيفة فوق طاقتها عندما نكلفها بمهمة إصلاح العالم وأحيانا ًتصبح الصحيفة رمزا ًللخفة وعدم الجدية فنقول كلام جرايد؟! - الجرايد في بعض الأحيان تستهين بالقارئ فتنشر إما تصريحات وهمية لا أساس لها أو أشياء علي أنها حقائق وهي غير ذلك، أحيانا ًتنفخ في موضوعات وهي موضوعات تافهة إلخ، من الطبيعي، في هذه الحالة، أن تستخف الناس بما تنشره الصحف وتري فيه كلام جرايد، لكن هناك الآن جدية إلي حد ما، وأصبحت هناك منافسة بين الصحف، لذلك أعتقد أن جرعة الثقة بالصحف قد زادت عما كانت عليه في الماضي. وفي رأيك ما التحديات التي تواجه الصحافة المطبوعة الآن؟ - لكل صحيفة مطبوعة موقع إلكتروني، هذا تقليد جيد لا يعني هذا أنها نفدت من العقبات، هناك الكثير من التحديات تواجهها الصحافة كيف تتابع الأحداث العالمية ليس ذلك فقط، إنما كيف تحلل منطق هذه الأحداث كيف تعطي القارئ مفهوما ًمتكاملا ًعن تطورات النظام الدولي والإقليمي والمحلي، كيف تضع يده علي المستقبل ما الذي سيحدث؟ القدرة علي استشراف المستقبل القدرة علي التوثيق الدقيق للموضوعات، المعالجة العلمية لموضوعات معقدة مثل الاحتباس الحراري إلخ، هذه كلها تحديات تواجه الصحافة، متابعة الجديد في العالم من كتب وروايات وأدب، تتفاوت الصحف في هذه القدرات وتتميز صحيفة عن أخري في قدرتها علي أن تعرض أمام القارئ هذا الجديد هناك جرايد مهتمة بنشر ترجمات لمقالات مهمة جدا ًتنشر في الخارج ده شيء مهم، تعطي القاريء الذي لا يعرف الإنجليزية فرصة لقراءة مقالة عن الأزمة المالية، مثلا ً في أمريكا أمام الصحافة إمكانيات لتقديم أشياء عديدة للقارئ. وهل انتهت المرحلة التي كان الإعلام فيها فوهة للتعبئة والتدجين؟ - كان زمان انتهي هذا العهد خلاص الآن نعيش عصر الحرية. إذن كيف تري وثيقة الإعلام العربي، تحت أي مظلة أو أيديولوجية تقرؤها؟ - أنا لم أقرأ هذه الوثيقة. علي غير عادتك! ماذا تقول؟! موجهة، بالأساس، لحماية من تعتبرهم رموزا ً من النقد، وتكميم الأفواه والفضائيات، وبالمرة وضع المعارضة في قفص، باختصار ترشيد الكلام تكلم في كذا ولا تتكلم في كيت قل ولا تقل. - للأسف لم أتابع. أعود بك إلي الصحافة.. هل هناك تربص بينها وبين الحكومة؟ - لا أعتقد، بدليل هذه الحرية التي تنعم بها الصحف المعارضة. تشير الدولة إلي كثرة ما يصدر من صحف وما يكتب فيها باعتباره دليلا ًعلي الديمقراطية، بينما تحبس الصحفيين باليد الأخري! - قل كم قضية حبس فيها الصحفيون؟! عادل حمودة وإبراهيم عيسي وغيرهما كانوا مهددين بالحبس، لأنهم تكلموا عن صحة الرئيس.. - ده مرفوض، هذه ممارسات مرفوضة، القانون حدد عقوبات للسب والقذف، وأحيانا ًهذه العقوبات تقضي بالحبس ونقابة الصحفيين تعمل علي إلغاء المواد التي تقضي بحبس الصحفي، لكن ذلك يقتضي تعديلا ًفي التشريعات، بحيث تصبح الغرامات ضخمة مثلما يحدث في الخارج، قد يكون هذا رادعا ًأفضل من الحبس وبالتالي ينبغي تنقية القوانين، حتي لا يحبس الصحفي، ولكن ينبغي أن يحاسب وإلا خاضت الصحف في الأعراض وتشويه الناس بغير حق، لا بد أن تحاسب الصحيفة التي تنشر أخبارا ًكاذبة، كي لا تكون هناك فوضي. هناك مهاترات تحدث بين الصحفيين بعضهم البعض علي مسمع ومرأي من النقابة. - أنا ضد المهاترات أنا مع الخلافات لأنها شيء طبيعي، لا بد أن تكون هناك خلافات في حدود آداب الحوار، كلنا مارسنا هذا الاختلاف ولكن بحجج وبمنطق المهاترات، عادة تعكس العجز. والقوانين التي تحكم عملية النشر بين تضييق الخناق علي الكاتب من جهة، والحياة الشخصية التي قد يعريها خبر؟ - أين هي القوانين التي تقيد الحريات، قلت لك لا توجد قيود لكي تحظي بالحرية، لا بد أن تكون هناك مسئولية من يخرج علي القواعد المهنية والقيم الأخلاقية، لا بد أن يحاسب، طريقة الحساب كيف تكون يمكن للنقابة أن تحاسب، القانون يحاسب لا بد أن يكون هناك حساب نتكلم إذن عن سقف للحرية؟ - حرية الإبداع مطلوبة ولكن هناك سقفاً لذلك، فيما أري، كي لا تكون هناك فتنة يدفع حسابها المجتمع بمعني أنه إذا كتب أحد قصة أو رواية فيها مساس بشخصية لها قداستها كالرسول أو المسيح هنا يصبح للحرية سقف ليس من حق الكاتب، بدعوي حرية الإبداع، أن يكتب ما يشاء، هذه المسألة تحتاج لضوابط ذاتية ونظر للسياق من أجل هذا ثرنا علي الرسوم المسيئة للرسول ومعنا حق، ليس من حقك أن تسب أحدا ًباسم حرية الإبداع، وهذه مسألة من الصعب أن تضع لها ضوابط لكن المبدع نفسه عليه أن يلتزم، وبدلا ًمن نشوة النص التي تغريه، عليه أن يعمل حسابا ً للمجتمع، وإلا تحول الإبداع إلي استهتار. مازلت أذكر مقولة ليوسف إدريس أن كل الحرية الممنوحة في العالم العربي لا تكفي لقلم (كاتب) واحد قلت ليس ذلك، ولكنه، كعادته حين لا يتفق معك، يسحب صوته إلي منطقة ممطوطة، منطقة وسط بين الاستنكار والتهكم، إنه يجيد تلوين صوته، بحيث يعبر عن الامتعاض بأكبر قدر من الأدب والدهاء، يس، قلت لنفسي، يعتقد أنه قادر علي فعص السؤال أو تحويله إلي نكتة إذا ما وضعه موضع سخرية حين قلت له: النظام، بهذا القدر من الحرية الذي.. ولم أكن قد أكملت الجملة حين قاطعني مستنكراً: يعني إيه لا يكفي لقلم واحد دي عبارة مالهاش معني هكذا ببساطة! قلت ليس: من حقك أن تتحفظ لكني أري، ويري غيري، أن هذا القدر من الحرية هدفه الدعاية ومرة أخري قاطعني: دعاية.. لمين قلت: لنفسه.. قال: الصحف تمارس الحرية أم لا؟ ما أنا عندي أدلة ميدانية أهو ولما أشرت إلي الهدف، قال، بشكل قاطع،: لا علاقة لي بالنيات المهم ألا تمارس الصحافة المصرية حريتها في التعبير ما رأيك؟! وألح يس في السؤال: ما رأيك؟ قلت أنا هنا لأسأل أو أسكت، وسكوتي لا يعني الموافقة بالضرورة، فالتقط يس الخيط وأكمل: ما يهم هو الممارسة لا علاقة لي بنيات النظام طالما ليست هناك قيود علي الصحافة وهي تنقد كل شيء ما المشكلة؟! وكيف نحمي الجمهور من الإعلانات؟ - يعني إيه؟! يعني زيرو 900 وحلم الثراء السريع والاتكالية التي تكرس لها هذه الإعلانات، ألا يشكل ذلك خطرا ًعلي مجتمع ما زالت مشكلة الأمية مستفحلة فيه؟ - هذه كارثة ثقافية تريد من أصحاب الضمائر وقفة، لكن شركات المحمول بالمرصاد لأي وقفة وهذه مهمة الإعلام والصحافة، رفع الوعي العام هذه الإعلانات تخرب الوعي العام. وسيلة الإعلام ستظل ملكا ًلمن يمولها مع ذلك ألا يمكن أن نري ونسمع وسيلة تنقد من يمولها؟ - من الصعب أن يحدث ذلك هناك سقف يضعه من يملك. وكيف يفلت الإعلام العربي من قبضة الحكومات؟ - مثلما حدث في مصر حرية إصدار الصحف مع وجود الإنترنت لم يعد ممكنا ًلهذه السيطرة أن تستمر. أكثر من 53 ٪ الآن يستخدمون الوسائط الحديثة؟ - أنا أشك في هذا الرقم. هذا رقم مؤكد! - أشك فيه، واضعا ًفي الاعتبار نسبة الأمية هناك نسبة 38 ٪ أمية هل يستخدم هؤلاء الإنترنت؟! هناك الكثير من القنوات والقليل منها هو ما يستحق المشاهدة . - هناك قنوات ممتازة، تتطور بسرعة وتحاول أن تلحق بالعصر هناك برامج وأفلام توثيقية، وأرشيف ومقابلات مهمة بالعكس، هناك مجال للإبداع لا حدود له. لم تفكر في تقديم برنامج، مكتفيا ًبمقعد الضيف، ما الضوابط التي تحكم استجابتك للشاشة؟ - فكرت في تقديم برنامج ثقافي كانت عندي فكرة، ولكن ليس لدي الوقت لتنفيذها. ومتي تقبل التسجيل لوسيلة إعلام أو ترفض؟ - النهارده عندي تسجيل مع حمدي رزق، في القاهرة اليوم، سأقرأ الصحف. ألا تري أن اسمك أكبر من هذه المهمة؟ - المهم مقدم البرنامج، وجدية البرنامج، ووصوله للمشاهدين ثم إنني أقرأ الصحف بطريقة نقدية، أقرؤها بالمنطق الكامن وراء الخبر أنا لا أرصد الأخبار. وما رأيك في لغة الحوار في وسائل الإعلام العربية. - لا يمكنك التعميم، هناك لغة هابطة وبرامج هابطة خذ الاتجاه المعاكس في قناة الجزيرة، ده برنامج هابط وغوغائي الراجل بيجيب ناس يتخانقوا مع بعض ويشتموا بعض، هو يشجعهم علي العراك يقول لأحدهم: بيقول عليك خائن، رد عليه هذه غوغائية وانحطاط ليس إعلاما ً وهناك حوارات راقية. اليوتيوب والنت والفيس بوك إلخ، هذا الإعلام الجديد، هل تري فيه تهديدا ًللصحافة؟ - لا. إذن لم تفقد الكلمة المطبوعة بريقها وتأثيرها؟ - لا، غير صحيح، سيظل للجريدة قراؤها هناك أجهزة قادرة علي تخزين آلاف الكتب، لكن ذلك لم يقطع علاقتنا بالكتاب. وهل أصبح إنسان هذا القرن الجديد إنسانا ًإلكترونيا ًتصوغ وسائل الإعلام سلوكه ويومه؟ - لم تصل المسألة إلي هذه الدرجة. وكيف تري مستقبل الصحيفة في عصر أصبح فيه كل شيء مرهونا ًبضغطة زر؟ - النت قد يوفر لك المعلومة، لكن المعرفة شيء آخر المعلومات ليست معرفة، وبالتالي فالاستخدام الرشيد للإنترنت يقتضي تدريبا ً مسبقا ً، بحيث يكون لديك قدرة علي الفرز، عقل نقدي تتبين به الغث من السمين هناك معلومات مسمومة، هناك معلومات متحيزة معلومات كاذبة، معلومات مضللة إلخ، فكيف تميز بين هذا كله ما لم تملك العقل النقدي وهذا يتعلق بنظام التعليم بدلا ًمن العقل التلقيني، لا بد أن يكون هناك عقل تحليلي. قل لي، بصراحة، ما رأيك في قناة الجزيرة؟ - قناة الجزيرة فيها برامج علي أعلي مستوي مهني لاشك في ذلك، لديهم قناة وثائقية رائعة، ميزة الجزيرة الأساسية هي المهنية في عرض الأخبار وتحليلها وفيها برامج هابطة، وثمة نزعة غير موضوعية لعرض سياسات بعض الدول وهي تستهدف مصر علي وجه الخصوص، لو الجزيرة موضوعية، لماذا لا تخبرنا عما يحدث في قطر؟ قطر فيها أكبر قيادة عسكرية أمريكية؟! لماذا لا تتكلم عن هذا الموضوع ما عدا هذه الانحرافات الإعلامية هي قناة مهنية علي مستوي رفيع طبعا، المذيعات والمذيعين، وقدرتهم علي الحوار. شبكة مراسلين هائلة، وإخراج وعناوين تمت إلي حقل الأدب؟ - شبكة مراسلين، حاجة جبارة الحقيقة بتعمل شغل كويس. أفدت، بشكل أساسي، من: -1 سلامة أحمد سلامة: الصحافة فوق صفيح ساخن، دار العين، 1999 القاهرة. 2- مصطفي المصمودي: النظام الإعلامي الجديد، عالم المعرفة، ع 94 1985 الكويت. 3- الحوار من أجل التنمية: الإعلام والشراكة المجتمعية - أوراق عمل معهد الأهرام الإقليمي، أبريل 2009 القاهرة. 4- هيباتيا - نشرة غير دورية تصدر عن برنامج الرقابة العدد 3 صحافة مصر لا استراحة المحارب ديسمبر 2009. القاهرة. 5- the evolution of American television , by : Erik Barnouw .Oxford University press , 1975 , New York . . أنا مدين لهؤلاء، ولآخرين شركاء في هموم الصحافة والإعلام. الحلقة القادمة الجمعة المقبلة