يمكن اعتبار أمس، هو الافتتاح الثاني لمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2010 في دورته ال(42). فثمة افتتاح أوّل، افتراضي، سابق بأشهر، كان بطله "الفيس بوك"، الذي "أكل الجو" وساير الموضة الثقافية الإلكترونية. لم يكن غريبا إذن أن يجسّد هذا العرس الثقافي - كما يجري وصفه إعلاميا - لناشطي الإنترنت والموقع الاجتماعي الأشهر الفرصة التي لا يجب أن تضيع . لكنها لم تكن فرصة بالمعني المعروف، بل عالما لا نهائيا من أيقونات و"لينكات" وصور مثبتة ومتحركة، و"جروبات" الدعاية للكتاب التي حلّت محل "ستاند" وأجنحة دور العرض، ثم السرايات والخيام التي لا ذكر لها علي موقع معرض الكتاب علي الفيس إلا من حيث مدلولاتها الرقمية، للإشارة إلي مكان العرض الخاص بتلك الدار أو غيرها. لكن ستظل الحيرة نفسها تدركنا عبر التجوّل الفضائي للمعرض، لأنها المقابل الموضوعي والمبرر للفوضي المنظمة للمعرض الواقعي بأرض المعارض، ربما لأنه هكذا يجب أن يكون سوق الكتب، أو سوق القراءة والمعرفة.. حلقات نقاش وعروض هنا، وفي نفس التوقيت حفلات توقيع وتجمهر حول كاتب هناك، أوكازيونات وخصومات تصل لنصف السعر في جناح ما، ثم مراجع وقواميس ببضعة جنيهات تفترش الأرض علي هذا الجانب، ولا مانع من لعب أطفال وعرائس متحركة وباعة مثلجات علي الجانب الآخر، أما علي الإنترنت، فانفتحت خيارات أوسع وأكثر وأحدث، لعل أبرزها تقليعة ال"برومات الإعلانية" للكتب، وإعداد أفلام فيديو و"كليبات" لإطلاق الكتاب وتسويقه عبر شرح محتواه وكيفية تصفحه. إلي جانب تقليد الإعلان وعرض أحدث العناوين الذي سنتبعه في هذه المسافة من باب "حب الاستطلاع"، نلتقط ونتوقف عند بعض المظاهر والإيحاءات والأجواء، أعلنت عن نفسها علي صفحة "معرض الكتاب الفيس بوكي"، أغلبها طريف لكنها مهمة لفهم نفسية شباب القرّاء والكتّاب، وجمهور الكتب من جيل ال"هايبر تيكست"! صحوبية البنات للأولاد تتبعنا علي الموقع رسائل للإعلان عن سلسلة "أسطورة المؤسسة" بوصفها مفاجأة معرض هذا العام، و"كتابة من نوع جديد لا تدعها تفوتك"، تتبناها دار نشر المؤسسة العربية الحديثة، وتصدر في عددها الأول رواية "الشخص" لأحمد محيي الدين و"صراع الأوغاد" لمحمد الدسوقي. علي صفحة المعرض لينك "يوميات مني وأحمد في الصحوبية.. آخر البنات المحترمات"، وهي عبارة عن مجموعة من الحلقات اليومية علي الفيس بوك، تكتبها بروح سينمائية رفيف الخميسي، تحكي فيها مشاعر صديقين، شاب وفتاة محجبة، تقول المؤلفة: "إزاي الصحوبية بتاخدك خطوة بخطوة وراها والشيطان بيزينها للناس من غير ما يحسو، حتي الناس المحترمة"، أما دار المصري للنشر والتوزيع، فتعلن عن انطلاقها خلال فعاليات المعرض بوصفها تأسست لإخراج الكتاب الوليد إلي الحياة بأقل مخاطرة وأكثر تألقا. من بين الكتب المعلن عنها كتاب بعنوان "الأشرار لا يصنعون أنفسهم.. شاهد علي أحداث النخيلة"، وعبر الفيس ينقل أحمد عمر صاحب هذا الكتاب للمتصفحين رغبته في إيجاد دار نشر أخري إلي جانب جناح الجمهورية تقبل عرض الكتاب، من أجل زيادة مساحة عرضه، والكتاب وفق تعريف مؤلفه يتناول حقيقة أحداث جزيرة النخيلة . وهناكtag" " لكتاب آخر بعنوان "الهالة النورانية بين العلم والدين" يناقض الإعجاز العلمي للقرآن الذي يتبناه زغلول النجار، وتفند مؤلفته هالة الأشرم بالدليل العلمي والنصوص الشرعية كل أنواع العلاجات المبنية علي فكرة الطاقة الكونية ومنها ما يسمي العلاج باللمسة والهالة النورانية المزعوم أنها تحيط بالجسم البشري، بما يثبت بطلان تلك الأفكار المرتبطة بعقائد وثنية من وجهة نظرها. في مكان آخر نجد كتابا ثالثا يجمع 250 حكمة منتقاة من تراث الشيخ محمد الغزالي تدور حول قيمتي الطموح والإيجابية. قراءات مسمومة أما إصدارات دار "روافد"، فتطرح عناوين كتبها ومنها "شموخ الفلسفة وتهافت الفلاسفة" ورغم إغراء العنوان ودلالته، إلا أن الكتاب علي ما يبدو من تعريف الدار به سيكون "ملغزا" بالنسبة للبعض الأغلب الذي لن يفهم مصطلحات يمتلئ بها من قبيل: "استشكال" أو "الصفة الوثوقية". في جزءين يبحث كتاب آخر عن نفس الدار بعنوان "من قضايا المجتمع السعودي" في خصوصية التعامل مع الرأي والرأي المخالف في هذا المجتمع، ويشرح مؤلفه دكتور راشد المبارك دعاوي نبذ الآخر بحجة أنه ليس من ذوي الاختصاص في موضوع الخلاف. علي "لينك" دار "اكتب" أغلفة بأحجام مختلفة لكتاب بعنوان "قراءات مسمومة" للصحفي علاء لطفي، يتحدث عن القضايا التي لا تسقط بالتقادم، ويتنبأ بحرب خليجية رابعة. بنقرات قليلة متتابعة علي زر " enter" تظهر دار ليلي التي تعلن عن حفلات توقيع كتبها، والتي يمكن أن نرفع عليها شعار المجد للأدب الساخر ومنها: "فقاقيع" الدكتور أحمد خالد توفيق، و"خلطبيطة" عمرو عز الدين، و"جر شكل" حسام مصطفي إبراهيم، "هاستا مانانا" لميشيل حنا، و"الإنسان أصله جوافه" لمحمد هشام عبيه. تعلن سلسلة "عشرينات" عن انطلاقها لأول مرة في معرض الكتاب 2010 وهي تابعة للموقع الشبابي الشهير وتصدر بالتعاون مع دار نهضة مصر، أما من أطرف الكتب، "شحاتة قاهر أفريقيا" لعلاء الدين أبو زيد الذي يستبق الأحداث الرياضية وتوقع فوز مصر ببطولة أفريقيا. ثورة 31 فبراير!! مثل المعرض الواقعي، كان الفيس بوك فرصة لاستقطاب مشاركات عربية في معرض الكتاب، مثل هيئة الأعمال الفكرية بالسودان التي شاركت الصفحة المصرية للمعرض علي الإنترنت. كتب الخيال والفانتازيا والسخرية لها أيضا نصيب، مثل ذلك الكتاب الذي يتخيل ثورة كبيرة تغير كل شيء وتقلب الموازين في الإعلام والناس والمناصب، علي أن تكون الثورة يوم 31 فبراير، وهو يوم غير موجود أساسا في التقويم، كتب محمد شكري عبد النبي مؤلف هذا الكتاب في دعوته الإعلانية: "انتظروه في المعرض وموتوا من الضحك". تضمنت صفحة الجروب الإعلان عن رحلات لرواد المعرض ومحبي القراءة والمطالعة من الإسكندرية إلي القاهرة لزيارة المعرض، أما الإقبال وعدد التعليقات فتشتد علي كتب المستقبليات والغيبيات، ككتاب يسأل: من سيحكم العالم؟! وكيف ستدور الدائرة؟! وأين المستقبل ولمن؟! في محاولة لاستشراف أحداث 2021وكيف ستكون الحالة السياسية للعالم؟! وهل سنظل علي حالنا أم سيأتي مسيح ينقذنا؟! الكتاب هو "شطحات إسلاميكية" لإسلام عصام عن دار الفارابي اللبنانية. قضايا ليست للقراءة موقع المعرض علي الفيس بوك كان أيضا فرصة لفضح الناشرين المتلاعبين، وفتح الحملات لكشف الفساد الثقافي، وأشهر تلك الحملات، مدونة لفضح نصب الناشر محمد شرقاوي صاحب دار "ملامح، وذلك كما جاء في عنوان المدونة معاً ضد النصاب محمد الشرقاوي. انتشرت لينكات لكتب الداعية عمرو خالد، أما الجدير بالانتباه فهي تعليقات جبهتي المهاجمين والمدافعين عنه، أحدهم يسخر من دكتوراه عمرو خالد ويصفها بالفجائية" ويطالب بنشرها، وإحدي أنصاره تدافع: "الله يسامحك د.عمرو واخد الدكتوراه من لندن في التسامح والتعايش مع الغرب". فتح الجروب مجالا لعرض موضوعات لا تتصل بالكتاب أو القراءة، ومنها قضايا التصالح بين المثقفين علي خلفية الخلاف بين سيد حجاب وأحمد فؤاد نجم، والهجوم علي قناة "الحظيرة" يعني الجزيرة كما جاء وصفها علي جروب "المحاكمة الشعبية الإلكترونية لقناة الجزيرة"، أما كرة القدم فيمكن اعتبارها المحور الرئيسي لمعرض الكتاب الافتراضي، مثلما تحل أنفلونزا الخنازير محور المعرض القائم حاليا بمدينة نصر، كما يلفت النظر الإقبال علي كتب التنمية البشرية، ومؤلفات كريم الشاذلي عن دار أجيال الموصوفة بالأكثر مبيعا، وتتناول الحب والحياة الزوجية والجنسية، وغير ذلك عبر سلسلته الشهيرة "إلي حبيبين" بطباعتها الفاخرة. عبر الجروب بإمكانك المشاركة في بحوث وكتب وتعليقات علي لينك جروب "لمن يجرؤ فقط" متخصص في مناقشة الأمور السياسية والدينية والفنية والادبية، وأتاح المعرض الافتراضي أيضا النقاش بشأن قضية الاحتقان الطائفي، أما من الكتب "الخفيفة": "بنات فوق الخمسة وعشرين" الأول لصاحبته أمل عبد الواحد التي استخدمت مثل غيرها العامية في وصف كتابها علي الإنترنت: ". وأخيرًا كتاب "راجل وست ستات" عن العلاقة بين الرجل و المرأة، متخصص في العلاقات الإنسانية بحسب تعريف مؤلفاه حمزة كمال وهاني عز، وليس له علاقة كما يفهم بالسيت كوم الشهير إلا من حيث اقتباس العنوان، أما الكتاب فيجمع بين اقتباسات وتجارب وخبرات شخصية، ودراسات نفسية ميدانية وأساليب تحليل الشخصية.