يعيش لبنان حالة فراغ رئاسى منذ شغور كرسى الرئاسة فى قصر بعلبك مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان فى 25 مايو من العام الماضى. رئيس الجمهورية فى لبنان هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال الوطن. وقد أنشئ المنصب للمرة الأولى أثناء الانتداب الفرنسى على لبنان عام 1926، وعلى الرغم من أنه لا يذكر فى الدستور ديانة من يتولى الرئاسة، فإنه اتفق فى الميثاق الوطنى عام 1943 على أن يكون الرئيس من الطائفة المارونية. وقد توالت جلسات البرلمان التى فشلت فى الانعقاد لانتخاب رئيس للبلاد بسبب عدم اكتمال نصاب الثلثين المطلوب دستوريًا. ويتطلب النصاب القانونى حضور 86 نائبًا يشكلون ثلثى أعضاء البرلمان المكون من 128 نائبًا. وتحمل قوى 14 آذار برئاسة تيار المستقبل مسئولية الفراغ الرئاسى لكل من حزب الله وحليفة ميشال عون بسبب تعطيلهما المتكرر لنصاب اختيار الرئيس داخل مجلس النواب. وفى مبادرة شكلت مفاجأة كبيرة للجميع، رشح سعد الحريرى رئيس الحكومة السابق ورئيس تيار «المستقبل»، سليمان فرنجية النائب والوزير السابق ورئيس تيار المردة الحالى للرئاسة اللبنانية. ومن المعروف أن فرنجية من أقطاب 8 آذار، بينما الحريرى على الجانب الأخر من أقطاب 14 آذار. الترشيح جاء عقب لقاء بين الحريرى وفرنجية فى باريس. هذا الترشيح لقى دعمًا فوريًا من النائب وليد جنبلاط، كما لقى تأييد البطريركية المارونية وهو أمر حاسم فى اختيار رئيس الجمهورية الذى ينتمى للطائفة المارونية فريق 8 آذار سبق له أن رشح ميشال عون لانتخابات الرئاسة، بينما رشح فريق 14 آذار سمير جعجع قائد القوات البنانية، قبل أن يتم سحب ترشيح الأخير بحثًا عن رئيس توافقى لم يتم التوافق بين الطرفين عليه. الحريرى فسر خطوته المفاجئة بأنها من أجل تدعيم الاستقرار وتجنيب لبنان الهزات التى تعصف بالمنطقة. أوساط 14 آذار فوجئت بدورها بمبادرة الحريرى وخاصة لدى حزبى الكتائب والقوات اللبنانية. ميشال عون هو الرافض الأول لترشيح فرنجية، لأن هذا الترشيح يحرمه من الفرصة الأخيرة للترشيح مدعومًا من فريق 8 آذار وبالذات من حزب الله، وحزب الله كان يصنع فرنجية مرشحًا ثانيًا بعد عون، وقد لا يكون للحزب حاليًا أى اعتراض على فرنجية باستثناء أن هذا الترشيح يتسبب بالحرج لتحالف حزب الله مع التيار الوطنى الحر الذى أسسه عون. ترشيح فرنجية حظى باهتمام فرنسا، وكذلك فعل السفير السعودى فى لبنان. كما يحظى ترشيح سليمان فرنجية برضا سوريا وإيران، ولطالما كان الرجل محسوبًا على معسكرهما فى لبنان. مبادرة سعد الحريرى تنتظر الكثير من الإجابات فالحريرى ليس مسئولًا عن الترويج للمبادرة خارج إطار تياره، لأنه إذا تمادى فى الترويج سيقال لن نقبل بفرنجية مرشح الحريرى وفى ذلك إهانة لفرنجية والحريرى ومركز الرئاسة. بينما أكد البطريرك المارونى بشارة الراعى أن بكركى «لا تتبنى أو ترشح أو تقف إلى جانب أى الأقطاب الأربعة»، وشدد على ضرورة أن يتوافق هؤلاء الأقطاب ويتفقوا على مرشح واحد وتسهيل عملية انتخابه لإخراج البلد من الفراغ، مضيفًا أن «أبواب بكركى مفتوحة لعقد لقاء بين الأقطاب الأربعة والإعلان عن اتفاق ينقذ لبنان وينهى حالة الشغور الرئاسى».
