بروز اسم النائب سليمان فرنجية زعيم "تيار المردة" في إطار ما بات يطلق عليه تسوية الرياض، وسوق لها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بترشيح فرنجية رئيسًا للبنان، وتعيد سعد الحريري إلى رئاسة الوزراء في محاولة لكسر الخلافات السائدة بين الأقطاب المسيحية الثلاثة الراغبين بالترشح، وهم أمين الجميل وسمير جعجع وميشال عون، ولم يصدر عنهم أي موقف رسمي يدعم أو يرفض ترشيح فرنجية، ويعتبر الجنرال عون أحد صقور قوى الثامن من مارس والحلفاء التاريخيين لحزب الله. ترشيح الحريري لفرنجية من المفترض أن يفرق بين تجمع 8 أذار ويعمل على تفكيكها، فالحريري كان يعتقد أن موقف العماد ميشال عون من حزب الله براجماتي لحظي، وبنى خطته على أساس أن ورقة التفاهم التي جمعت عون مع حزب الله في عام 2006 كانت جوهرها تقوم على مقايضة بين أمرين؛ الأول أن يوفر الجنرال عون غطاء مسيحيًا لسلاح حزب الله، وهو ما نفذه والتزم به طيلة السنوات الماضية، في مقابل أن يخوضا سويّا معركة وصول الجنرال عون إلى سدة الرئاسة الأولى، وهو ما لم يتحقق حتى الآن، لكنه يعلم تماماً أن عدم تحقق الرئاسة له ليس نابعاً من تقصير حزب الله، وخصوصاً بأن حزب الله لا يملك عصاً سحريا لتحكم بمجريات الأمور التي تحدث في سوريا وتلقي بظلالها بشكل مباشر على سوريا، ومن جهة أخرى يدرك عون أن الحريري مستعد للتحالف مع الشيطان على أن لا يكون ميشال عون رئيساً للبنان. وبعكس غايات الحريري لإيقاع 8 آذار في فخ الانشقاقات، حيث جاءت تصريحات مرشح الرئاسة نفسه سليمان فرنجية تحمل طابع المودة والتعاون لعون، وأكد فرنجية أنه مهما حدث لن يختلف مع حليفه رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، مرشح حزب الله والتيار الوطني الحر للرئاسة، وقال سليمان فرنجية في تغريدة له عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر: أينما كنا لن نختلف مع رئيس تكتل التغيير والإصلاح الجنرال. وبالنسبة لحزب الله مرشحه حتى الآن ميشال عون، أي لم يسم فرنجية و لم يتعهد له بدعمه؛ لأن حزب الله يعتبر أن فكرة ترشيح فرنجية ليست مِنة من الرئيس سعد الحريري بل هي بهدف سياسي واضح للعب بالمشهد السياسي اللبناني وتغيير التحالفات. التطور الأبرز كان في كتلة 14 آذار التي ينتمي لها الحريري، فطرح الأخير فكرة ترشيح سليمان فرنجية أربك جعجع وانسحب، هذا الارتباك أثر على العلاقة الثنائية التحالفية بين رئيس حزب القوات سمير جعجع وزعيم تيار المستقبل سعد الحريري، وتراجع مستوى التنسيق بينهما إلى حدود التنسيق الهاتفي، في حين أكد النائب أنطوان زهرة أحد أقطاب القوات أنه لا ينتظر عقد اجتماع مباشر بين دولة الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع لأن التواصل قائم هاتفيا وبواسطة الموفدين والمستشارين والمعاونين، وأضاف أنه لا تخطيط لاجتماع مباشر بينهما. وفي موقف يكشف مدى استياء القوات من مبادرة الحريري، تحدث زهرة عن الإبداع في التسميات من حكومة ربط نزاع إلى رئيس تسوية. ويبدو أن الحريري لم يتوقع أن ينطلق سمير جعجع من ثوابت 14 آذار لتذكيره بأن التسوية يجب أن يتم التفاهم عليها انطلاقا من مبادئ 14 آذار وليس بتجاهلها أو القفز فوقها، عندها يمكن التفاهم على الشخص القادر على حمل هذه المبادئ كحياد لبنان وسلاح المقاومة وقانون الانتخاب، وملفات أخرى تحمل الطابع السيادي، إلَّا إذا كان الحريري قد قرر الخروج من 14 آذار والانضمام إلى حياد وليد جنبلاط، وما تمسّك سمير جعجع بمبادئ 14 آذار، وإصراره على ديمومتها سوى رسالة للحريري أن القوات اللبنانية متمسكة بهذه الروح وتقترب ممن يقترب منها على هذا الأساس. وذكرت مصادر قيادية بحزب الكتائب حليف سعد الحريري في قوى 8 آذار، أن النائب سامي الجميل وضع النقاط على الحروف في تصريحه في بكركي، وقال: كانت هناك محاولة من البعض لتشويه موقف حزب الكتائب والإيحاء بأن رئيسه سامي الجميل أبلغ الرئيس سعد الحريري الذي اجتمع به في باريس موافقته على ترشيح فرنجية، وهي رسالة واضحة تشير إلى امتعاض حزب الكتائب بقيادة الجميل من مبادرة سعد الحريري الرئاسية. ترشيح رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري، للنائب سليمان فرنجية المقرب من الرئيس السوري بشار الأسد له دلالاته اللبنانية والإقليمية أيضاً، لكن الخطأ الذي وقع فيه الحريري أنه بنى ترشيحه لسليمان فرنجية على افتراضية أن حكم الرئيس الأسد في سورية يقترب من نهايته، لهذا لا مشكلة من ترشيح فرنجية لمنصب الرئاسة اللبنانية، فرضية سيدفع ثمنها غالياً على ما يبدو، خصوصاً أن كلاً من ميشال عون وسليمان فرنجية وجهان لعملة واحدة.