رئيس جامعة المنصورة يتفقد أعمال تجديد المدرجات بكلية الحقوق    إهداء درع معلومات الوزراء إلى رئيس جامعة القاهرة    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    5 تعليمات صارمة من وزارة النقل لسائقي القطارات والعاملين بالسكك الحديدية    رئيس الرقابة المالية: الانتهاء من المتطلبات التشريعية لإصدار قانون التأمين الموحد    تجارية القاهرة: مساندة رئيس الوزراء للشباب ورواد الأعمال رسالة واضحة لدعم الاقتصاد القومي    جيش الاحتلال الإسرائيلي: إصابة 44 جنديا وضابطا في معارك غزة    جمال علام يمثل اتحاد الكرة في نهائي الكونفدرالية بين الزمالك ونهضة بركان    فأل حسن.. مَن حَكَم مباراة الأهلي والترجي التونسي في دوري أبطال أفريقيا؟    رئيس الإسماعيلي ل في الجول: أنهينا أزمة النبريص.. ومشاركته أمام بيراميدز بيد إيهاب جلال    التحقيق في اتهام دار مسنين بتعذيب عجوز وإصابته في السلام    مصرع شاب غرقا خلال السباحة فى ترعة بمنطقة البياضية شرق الأقصر    مصطفى قمر يشعل حفل زفاف ابنة سامح يسري.. صور    انتهاء تصوير فيلم «اللعب مع العيال».. والعرض في عيد الأضحى    فرقة قنا القومية تقدم العرض المسرحي المريد ضمن عروض الموسم المسرحي في جنوب الصعيد    طلاب مدرسة التربية الفكرية بالشرقية في زيارة لمتحف تل بسطا    جوائز مهرجان لبنان السينمائي.. فوز فيلم "الفا بات" بجائزة أفضل فيلم روائي    «الإفتاء» توضح حكم حج وعمرة من يساعد غيره في أداء المناسك بالكرسي المتحرك    تعرف على الجهات الطبية المستثناة من قانون المنشآت الصحية    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية مجانا في قرية أبو سيدهم بمركز سمالوط    أسرة طالبة دهس سباق الجرارات بالمنوفية: أبوها "شقيان ومتغرب علشانها"    مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية يوضح أنواع صدقة التطوع    "علشان متبقاش بطيخة قرعة".. عوض تاج الدين يكشف أهمية الفحوصات النفسية قبل الزواج    إعلام إسرائيلي: اغتيال عزمى أبو دقة أحد عناصر حماس خلال عملية عسكرية في غزة    «شعبة المصدرين»: ربط دعم الصادرات بزيادة المكون المحلي يشجع على فتح مصانع جديدة    خالد عباس: إنشاء وإدارة مرافق العاصمة الإدارية عبر شراكات واستثمارات عالمية    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    مصادر أوكرانية: مقتل 4 وإصابة 8 في هجوم جوي روسي على خاركيف    هالة السعيد: 4 مليارات جنيه استثمارات لمحافظة قنا بخطة عام 23/2024    «متحدث الصحة»: 5 نصائح هامة للحماية من مضاعفات موجة الطقس الحار (تفاصيل)    وزيرة الهجرة: مصر أول دولة في العالم تطلق استراتيجية لتمكين المرأة    إيرادات فيلم السرب تتخطى 30 مليون جنيه و«شقو» يقترب من ال71 مليون جنيه    وزارة الإسكان تخطط لإنشاء شركة بالشراكة مع القطاع الخاص لتنشيط الإيجارات    رئيس الأغلبية البرلمانية يعلن موافقته على قانون المنشآت الصحية    10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    مساعدون لبايدن يقللون من تأثير احتجاجات الجامعات على الانتخابات    موعد انعقاد لجنة قيد الصحفيين تحت التمرين    الجوازات والهجرة تواصل تسهيل خدماتها للمواطنين    متى تبدأ العشر الأوائل من ذي الحجة 1445 وما الأعمال المستحبة بها؟    أكبر مدن أمريكا تفتقد إلى الأمان .. 264 ألف قضية و4 آلاف اعتداء جسدى ضد النساء    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    المصرين الأحرار عن غزة: الأطراف المتصارعة جميعها خاسرة ولن يخرج منها فائز في هذه الحرب    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    حجازي يشارك في فعاليات المُنتدى العالمي للتعليم 2024 بلندن    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    سعر السكر اليوم.. الكيلو ب12.60 جنيه في «التموين»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    منها «تناول الفلفل الحار والبطيخ».. نصائح لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    تعليق غريب من مدرب الأهلي السابق بعد التعادل مع الترجي التونسي    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    «خطيرة».. صدمة في الأهلي بسبب إصابة علي معلول قبل الإياب أمام الترجي    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكوميكس.. "الفن التاسع" يتسلل بخفة إلى مصر
نشر في نقطة ضوء يوم 29 - 09 - 2019

"الفن التاسع" هذا هو الجديد الذي طرأ على ساحة الإبداع في مصر حاليا، وبدأ يتلمس طريقه للمحيط الثقافي العربي من خلال انتشار روايات "الكوميكس" المصورة، وهي الروايات التي ألقت حجرا في مياه حركة النشر الراكدة في مصر، ليس على مستوى النشر فقط بل مؤخرا تم إطلاق العدد الثاني من مجلة القصص المصورة «قالك فين»، التي شارك فيها عدد من فنانين الكوميكس مثل فريد ناجي، هديل أبو زيد، محمود رفعت، أحمد عبد المحسن، والكاتب محمد سعيد، ومحمد إسماعيل. هذا النوع من الكتابة أصبح يحظى باهتمام من كتاب بارزين على مستوى العالم كما فعلت مارغريت أتوود مؤخرا حين أصدرت روايتها المصورة " القط الطائر"، واعتبرها النقاد آخر صيحة في كتابة أتوود المعروف عنها تنوعها الأدبي.
الفن التاسع الجديد عربيا اعتمد في كتابته على عدد من الكتاب الشبان القادمين من منطقة الأدب وما يحسب للتجربة ، هو تقديم أسماء جديدة في مجال الكوميكس، وتتبع المواهب الموجودة خارج القاهرة، فحضر فنانون من الإسكندرية والإسماعيلية والشرقية، وهو مؤشر جيد على توسيع رقعة المشتغلين في فن الكوميكس، خاصة أن أغلب ورش الكوميكس وفعالياتها تقتصر حتى الآن على العاصمة المصرية.
العديد من نصوص الكوميكس أو الفن التاسع أتت بالفعل كتجسيدات حكائية بصرية لعدد من الحقوق التي لا يعرفها الناس، بشكل ساخر فوق ما قد تحتمله الساحة في مصر حاليا.
ألوان مبهرجة
الكوميكس في التجارب التي ظهرت ليس مجرد غابة من الألوان، لكنه استغلال عميق لرقعة ألوان محدودة، تظل قادرة على إعادة رسم العالم غير المتسق في ألوانه المبهرجة، فالعالم الموزع على القصص في الكتاب هو بالفعل عالم قاتم، يحتله أشخاص ضائعون: مجانين ومساجين، أشخاص هامشيون مسحوقون.
المثير للملاحظة فى نصوص الكتاب، أنها كلها استبقت بتصديرات لكتاب وفلاسفة وفنانين، كأنها أرادت التأصيل الفكري والفلسفي لعوالمها، وربط القصص التي قد تبدو بسيطة في ظاهرها بمعان أبعد. إنه ولع بالتأصيل عبر الأفكار المجردة، القادمة من عالم اللغة الطبيعية، للعالم التشخيصي المتجسد الذي تعكسه الصورة. من هذه التفصيلة تجلت أحد معالم "الورشة" أو الاشتغال الجماعي على الأفكار، بمحاولة قراءتها أولا ثم تحويلها لحكايات مرسومة. إنه تأصيل آخر ربما لفكرة أن الكوميكس ليس فقط فنا خفيفا هدفه التسلية والإمتاع، لكنه قادر على التفاعل مع عدد من الأسئلة الوجودية المشتبكة بالأسئلة المجتمعية والسياقية المباشرة.
وعلى سبيل المثال تبدو قصة السجن التي كتبها ورسمها "هشام رحمة" في ظاهرها مجرد نص كابوسي لشاب سجين يحلم بالخروج من محبسه، وعندما ينجح يقرر الهرب من مصر على سفينة فيغرق. قصة يعرفها واقعنا الحزين جيدا، لكن النص في الحقيقة تعامل مع النص بعدد من الآليات عمقت أبعاده الفنية.
فالعالم السوداوي الذي نجح رحمة في رسمه اتخذ شكل العبث وبدا معتما، بحيث يقدم السجين ببساطة طلبا للخروج. النص يمنح السجن بعدا فلسفيا، عبر صوت يعلق على المشهد الأول "سهل قوي إنك تتخلق جوه السجن لكن صعب إنك تخرج منه.. زي ما كل حاجة وليها ريس.. كمان السجن ليه ريس.. قاعد فوق.. واحنا تحت ملناش علاقة بالريس اللي فوق". ثمة بعد ميتافيزيقي هنا، يحيل إلى الدنيا كسجن إلى السلطة البوليسية كسلطة إلهية، الفرد سجين الدنيا يبدو متورطا في محاولة يائسة للهرب من إلهه، تنتهي حتما بالموت.
تعريف الجنون
أما في قصة "الأحصنة الطائرة" التي كتبها ميشيل حنا ورسمها أحمد شوقش، يحضر "الجنون" كمعنى بحاجة إلى إعادة تعريف، فالطفل الصغير يظل يصدق تفسير أبيه للسحابات بأنها خيول تتصارع في السماء، ويقضي عمره محاولا رؤيتها مثل أبيه، لكنه يكتشف في لحظة أن أباه كان يراها فعلا لأنه كان مجنونا.
وغير بعيد عن هذا النص، يأتي نص "كوبري سوهاج الجديد"، حيث يتراءى شبح لشخصين يقودان سيارة الشبح، وفق التصدير الذي أسس للنص، والمقتبس من "كريس ووديلرد" هو كائن موجود: "عندما أرى أشباحا تبدو لي حقيقية وصلبة مثلها مثل البشر، فهذه الأشباح ليست ضبابية، الأشباح في نظري مثل البشر العاديين وبنفس ألوانهم، وأحيانا يصعب علي أن أميز بين الإنسان والشبح".
على جانب آخر، حضر تيار أكثر انخراطا في الحياة الواقعية للمصريين، يدلف مباشرة إلى مشكلات كالفقر والبطالة وعلاقات العمل الجائرة، وبحيث جاءت التجربة إجمالا منفتحة على السياقين الكبيرين اللذين يحياهما الفرد، سياق الوجود الداخلي الذي يتوهم العالم، والوجود الخارجي الذي يحول الفرد الواقعي نفسه إلى وهم.
مترو في السجن
المفارقة أن بدايات الفن التاسع الجديد جاءت عندما أصدر الصيدلي المصري الأربعيني مجدي الشافعي روايته المصورة "مترو"، لم يكن يعلم بالتأكيد أنه وضع قدما فى السجن. كان العام 2007، عام "المدونات" التي انتشرت كالنار في الهشيم، منذرة بأفق سياسي غاضب، بدأ في الصعود في مواجهة سلطة شائخة وباطشة.
ونشرت الرواية دار ملامح، لصاحبها المدون محمد شرقاوي، وكانت المدونات أيضا صاحبة الفضل في انتشار رسوم "الشافعي" واكتشافه كمتهم بالفن التاسع. الرواية صدرت في طبعة أنيقة لكنها ما لبثت أن صودرت. الرواية تسرد باختصار حكاية مهندس برمجيات شاب يقرر سرقة بنك، وفي طريقه يقلب تربة الفساد المصرية عبر عدد من أبرز رموزها في السياسة والإعلام التهمة الجاهزة كانت احتواء العمل على لقطات إباحية لعبة بدت ذكية من السلطات، مفادها: لسنا ضد تعريتنا، نحن ضد تعرية النساء.
القضية ما لبثت أن تحولت في هذا الوقت لقضية حريات، وشغلت الرأي العام الثقافي لفترة، وتضامن عدد من رموز الفكر مع "الشافعي". تم تبرئة الرسام والناشر في النهاية لكن الرواية ظلت مصادرة، لم تظهر نسخها بعد ذلك، أغلقت دار النشر نفسها بعد شهور قليلة لتصبح مترو، (أول رواية عربية مصورة كما يؤكد صاحبها)، كتابا سمع به الكثيرون ولم يطالعه إلا أقل القليل.
أما صاحب ضربة البداية في التجربة وهو الشافعي نفسه اختفى لفترة، ظل فيها يمني نفسه بمجلة وشيكة الصدور، لكنها تأخرت كثيرا في الظهور لغياب الممول. فقط بعد اندلاع الثورة بنحو ثلاثة أشهر، ظهرت "الدشمة" كأول مجلة في الدنيا يصدر عددها الثاني دون أن يصدر منها عدد أول، والسبب كما أعلنه صناعها وبينهم "الشافعي" هو أنهم كانوا أعدوا عددها الأول، لكنه لم يصدر بسبب قيام الثورة المصرية في 25 يناير 2011، لكن مع ذلك فتحت تجربة الشافعي الباب لهذا الفن الجديد.
يبدو أن ظهور "الفن التاسع" على المشهد الثقافي العربي ضرورة تأخرت كثيرا، خاصة لو عرفنا أن خلف ظهرنا يوجد تاريخ طويل من "الكوميكس" ظللنا بعيدين عن ملعبه، فمنذ عشرينات القرن العشرين بدأ الانتشار الحقيقي لفن قصص "تان تان" التي صار يجمعها بعد ذلك في ألبومات مصورة حققت نجاجا كبيرا، وكانت فاتحة الطريق لظهور أعمال أخرى على نفس الشاكلة.
خدمة ( وكالة الصحافة العربية )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.