تصدر خلال أيام أول مجلة مصورة (كوميكس) مصرية للكبار تحت اسم «الكارتونة»، وتضم نتاج ورشة عمل مجموعة من الرسامين الشباب والكتاب. وارتبط فن (الكوميكس) فى العالم العربى بالأطفال، منذ صدرت أولى مجلات القصص المصورة –سمير- عن دار الهلال المصرية فى عام 1956. وعلى الرغم من أن هذا الفن خرج من طور مخاطبة الأطفال على مستوى العالم منذ عقود، إلا أن الروايات المصورة فى العالم العربى – سواء المترجمة أو العربية - لم تنضج مع جمهورها من محبى الروايات المصورة. فظلت عدة دوريات تصدر عن المؤسسات الصحفية الكبرى تخص الأطفال وحدهم مثل سمير، وماجد، وباسم، والعربى الصغير، ومجلة علاء الدين، بالإضافة لنظيرتها المترجمة عن سلاسل «والت ديزنى» و«سوبر مان». غير أن تيارا من مصممى الكوميكس قرر التمرد على القالب الطفولى للكوميكس، وبدأ هذه الموجة الفنان مجدى الشافعى، صاحب أول رواية مصورة للكبار «مترو»، والمشرف على تجربة «الكارتونة». قال الشافعى: «بدأت الفكرة بمحاولة استخدام الكوميكس كوسيلة جديدة للتعبير، وقد اجتذبت الفكرة مجموعة من الكتاب والرسامين الذين يخوضون التجربة للمرة الأولى». وأكد الشافعى أن ورشتهم ابتعدت عن الخطاب الذى تبنته المؤسسات الكبرى طوال أعوام، واصفاً هذا الخطاب أنه «بعيد» عن الواقع ولا يمس المواطن المصرى فى شىء». وأوضح: «صارت مجلات الكوميكس الصادرة عن المؤسسات الكبرى تعانى من فقر الخطاب، فالأفكار التى روجت لها على مدى فترة طويلة لم تعد قادرة على منافسة الرسوم القادمة من الخارج عبر الانترنت». بالطبع لم تسلم باكورة القصص المصورة للكبار من الجدل، فحضور الصورة تبعه مطالبة مبدعيها بحسم موقفهم من عدة قضايا قد تتناولها الكتابات الابداعية الأخرى دون اثارة للجدل وعلى رأسها الجنس. وقد تعرضت «مترو» للشافعى لنفس المشكلة، اذ وجهت لها تهمة خدش الحياء العام فور صدورها، فهل تظل هذه التهمة تطارد الكوميكس فى مصر؟!. هذا ما رد عليه الشافعى قائلا: «لم نتعمد اثارة الجدل، فمن المهم ان يكون المشاركون سعيدين بانتاجهم ويقدموا صورة جيدة لفن الكوميكس لكى لا يتكرر ما حدث مع تجربتى فى (مترو)، فابتعدنا عن الخطاب السياسى الفج أو انتقاد التيار الفكرى المحافظ». لكنه عاد وأكد: «لم تؤثر قصتى مع (مترو) على مجلتنا، ففى النهاية خدمت هذه الضجة بشكل أو بآخر فن الكوميكس، فجعلت الناس تهتم بمعرفته أكثر». وقد سبقت التجربة المصرية مجلة «السمندل» اللبنانية، والتى أصدرت خمسة أعداد بشكل غير دورى، لكن الكاتب أحمد ناجى، الذى شارك فى التجربة المصرية الأولى قال: «لم نكن مشغولين بفكرة الصدور بشكل احترافى، يراعى تقاليد الرسم والجرافيك المتعارف عليها، فالمجلة فى مجملها قائمة على الثقافة الشعبية، بعيدا عن القواعد التى أرستها المؤسسات الاحترافية، وذلك على مستوى الكتابة والرسوم». قد تدعو عفوية التجربة الكثيرين من محبى هذا الفن، الذى تراجع كثيرا فى ظل أفلام الأنيمى والكارتون، إلى الشغف بالتجربة، وقد لا يروقهم أخطاء التجربة الأولى، لكن أحمد ناجى متفائل، وبرر: «هناك بعض الأشياء التى تشير إلى أن الكوميكس، يمكن أن ينتشر بشكل جماهيرى فى مصر، ففى الخمسينيات والستينيات كانت المجلات تباع بسبب قوة الكاريكاتير، والشرائط الكاريكاتيرية». لكن الأزمة فى رأى ناجى تكمن فى تعامل المؤسسات مع هذا الفن، وأوضح: «يعانى الكوميكس مشكلة رهيبة فى التعامل معه، فكثير من الجرائد والمؤسسات الصحفية لا تحترم فنان الكاريكاتير على الرغم من أن بعض هذه الجرائد اعتمدت على الكاريكاتير بشكل أساسى فى بناء شخصيتها». وأضاف: «لا يقف الأمر عند الصحف بل ودور النشر التى تطبع مجلات الأطفال المترجمة، ترفض بشكل قاطع استقبال ابداعات الكتاب المصريين أو رسومهم وتنظر إليها باعتبارها مغامرة». وشارك فى المجلة عدة فنانين بارزين فى مجال الرسوم، مثل «حمدى عامر»، مصمم شخصية بسنت ودياسطى التليفزيونية، والرسام فى مجلة باسم «محمد سعيد توفيق»، ومن الكتاب أحمد ناجى مؤلف رواية «روجرز» وأحمد وائل مؤلف رواية «ليسبو»، ومحمد فتحى، صاحب كتاب «مصر من البلكونة». يعد الكوميكس امتداداً لفن الكاريكاتير فى الجرائد، غير أن الصورة فى الكوميكس أكثر ثراء، وتدور القصة فى أكثر من اطار مصور.