بصدور توك توك أول مجلة كوميكس مصرية للكبار تأتي الفرصة لاستعراض تاريخ هذا الفن الذي بدأ عربيا في مصر من خلال مجلات الأطفال المصرية الأولي التي رحبت بابداعات كبار الفنانين المصريين وعلي رأسهم بيكار من القصص المصورة للاطفال التي بدأت أولا بفن الكتاب رسوم متفرقة تصف أحداثا في القصة المكتوبة وتطورت لتصبح قصصا مصورة مكتملة تشارك فيها الخطوط والرسم في الحكي واستكمال الحدوتة. كانت البداية بمجلة سندباد التي كان يرسمها كاملة الفنان الراحل بيكار صاحب فكرتها ورأس تحريرها محمد سعيد العريان. كان بيكار يهدف إلي تقديم محتوي عربي ينقل القيم المصرية والعربية إلي الأطفال كبديل عن المجلات الاجنبية التي بدأت تجد طريقها للسوق المصرية في أربعينيات القرن الماضي, إلا أن مجلة سندباد لم تنجح وحدها في تغيير المعادلة فأتت سلسلة كتب المكتبة الخضراء وسواها ولكنها كانت تعتمد جميعها علي فن الكتاب السابق ذكره. التغير الحقيقي جاء مع مجلة سمير التي صدر أول اعدادها في ابريل عام1956 برئاسة تحرير السيدة نادية نشأت, سعت هذه المجلة إلي تقديم فن الكوميكس بشروطه المتعارف عليها للأطفال حيث لم تعد الرسوم تصف أو تصور الشخصيات أو جوانب من الاحداث بل امتدت وظيفتها لتصبح هي المتن الرئيسي الذي يتم من خلاله الحكي وذلك من خلال شخصيات الطفل سمير وشقيقته سميرة, ورغم ان مبتكر شخصيات المجلة الرئيسية هو الفنان الفرنسي برني الذي تم التعاقد معه لانتاج اعداد العامين الأولين من المجلة, الا أن المجلة مع الوقت استطاعت ان تخرج اجيالا جديدة من الرسامين المصريين الذين استطاعوا فرض بصمتهم علي محتواها خلال سنوات قلائل جعلها تتحول بعد ست سنوات فقط من اصدارها إلي أكثر المجلات العربية المقدمة للأطفال انتشارا مستفيدة من المد القومي الذي سهل توزيعها واستقدام المساهمات لها من مختلف الدول العربية آنذاك. لكن فن الكوميكس ظل رغم ذلك جنينا ولم يتطور كثيرا فاعتمدت المجلة في أغلب صفحاتها علي رسوم بسيطة ولجأت في متصف الستينيات إلي تمصير بعض القصص الاجنبية المصورة كقصص شخصيات ديزني التي ظهرت بعد عامين من بدء صدور سمير قبل ان تستقل هذه الشخصيات بمجلة ميكي الصادرة عن ذات الدار. المحاولات الحقيقية لفن القصة المصورة ولدت علي يد الفنان الكبير الراحل محيي الدين اللباد وهو المنظر الوحيد لفن الكوميكس في مصر حتي ان القضاء حاول الاستعانة بشهادته كخبير في قضية رواية مترو. قدم محيي الدين اللباد سلسلة نظر وكشكول الرسام وعدة أعمال تحوي محاولات جادة وناجحة في الحكي بالصورة, كما قدم الفنان الكبير الراحل بهجت عثمان محاولة مهمة لم تجد من يؤصل لها في تاريخ هذا الفن في كتابه الدكتاتورية للمبتدئين, فرغم ان هذا الكتاب لايحوي قصة مكتملة تم تصوريها الا انه يحمل نواة قصصية تتصل بوحدة الشخصية البطل بهجاتوس رئيس بهجاتيا العظمي والمكان القصر الرئاسي لبهجاتوس ويتناول يوم القائد المفدي منذ استيقاظه وحتي نومه وانعكاس ذلك علي شئون الرعية. هذه المحاولة التي لم تحظ بما تستحقه من تقدير تعد واحدة من أهم التجارب في صناعة الكوميكس المصري, ولكن تبقي رواية مترو المصادرة لمجدي الشافعي هي أول عمل مكتمل الاركان يطابق قواعد فن الكوميكس. صدرت مترو عام2006 عن دار ملامح الوليدة وقتها وسرعان ماصودرت بدعوي خدش الحياء العام بوجود عدة كادرات تصور امرأة شبه عارية الا ان أصواتا عديدة لفتت إلي غضب أحد الشخصيات السياسية الشهيرة من رسم شخصية تقترب من ملامحه في الرواية كان هو السبب الحقيقي للمصادرة. وقبل سنوات خمس صدرت بلبنان مطبوعة السمندل التي أصدرت اعدادا متفرقة لتكون أول مجلة كوميكس عربية, لكنها لم تسمتر في الصدور بانتظام. وتأتي توك توك التي يعتزم صانعوها اصدارها كل ثلاثة أشهر لتكون أول مجلة كوميكس مصرية للكبار لتخط صفحة جديدة في سجل هذا الفن في مصر والعالم العربي.