كانت الجلسة التي عقدها مجلس الشعب لمناقشة تقريرلجنة تقصي الحقائق في أحداث نجع حمادي التي شكلها المجلس قد بدأت بعرض الدكتور إدوارغالي الذهبي رئيس لجنة حقوق الإنسان لتقرير لجنة تقصي الحقائق. وبينما كانت تتوالي تعقيبات النواب علي تقرير اللجنة،صممت الدكتورة جورجيت قلليني علي أخذ الكلمة وأرسلت ورقة للمنصة تطلب فيها الكلمة، وأثناء حديثها شهدت الجلسة أزمة عنيفة من قبل المنصة والنواب ضد ما أثارته النائبة جورجيت، التي قالت إن التقرير الذي يناقشه المجلس الآن يقول إن "كله تمام" فالكنيسة تمام والأمن كله تمام والمحافظ تمام فأين المشكلة؟ -علي حد قولها- وأضافت: أنا لا أخاف أنني نائبة قبطية فأنا نائبة مصرية وحلفت اليمين لا أن أرعي مصالح وزير أو مسئول؟.. وانفجرت قاعة المجلس بالصياح والاعتراض عندما أقرت جورجيت أن الحادث طائفي وهاجمت محافظ قنا الذي كان يؤكد أن الأمورهادئة. وشن نواب الوطني هجوما علي النائبة لمنعها من الكلام قاده النائب عبدالرحيم الغول. وفي حالة من الغضب والانفعال من جانب المنصة والنواب عقب الدكتور فتحي سرور محذرا جورجيت وقال لها: كل المجلس يدافع عن أهالي نجع حمادي الأقباط والمسلمين ولست وحدك، وأشار بأصبعه إلي نواب المجلس قائلا: هؤلاء جميعا أبطال مثلك.ثم وجه د. سرور عدة أسئلة إلي جورجيت أولها: أليس الحادث فرديا? ?وكان ردها: ليس فرديا لأنه وقع بجوار المطرانية.فسأل د. سرور: أليس اغتصاب قبطي لفتاة مسلمة حادثا فرديا؟ فردت جورجيت بأنه يقع مثل هذا الحادث حوادث أخري يتم فيها اغتصاب مسيحيات وحادث نجع حمادي وقع بجوار المطرانية يعني طائفياً!! فعقب د. فتحي سرور: عندما يقوم مجرم مجنون بحادث فهو يمثل نفسه وبالتالي فهو حادث فردي،إلا أن جورجيت أصرت أن الجريمة طائفية!! فعقب د. سرور قائلا مهما كانت البواعث فالحادث فردي يعبر عن رأي صاحبه وليس عن رأي المجتمع بكامله?. ?كما عقب النائب محمد عامر أمين سر لجنة حقوق الإنسان بأن الحادث وقع علي بعد كيلو متر من المطرانية ولم تثبت تحقيقات النيابة وجود محرض. وهكذا.. فقد تساءلت النائبة جورجيت في صيغة استفهام إنكاري: أين المشكلة؟ وردا علي ذلك نقول إن المشكلة تكمن في أنه لاتوجد مشكلة !!.المشكلة الحقيقية كانت في ذهن هذه النائبة فقط ..كانت تريد انتزاع اعتراف رسمي من مجلس الشعب بأن الحادث وقع لأسباب طائفية. ما معني أن الحادث وقع لأسباب طائفية - وهو ما قالته النائبة-؟ المعني الذي لايوجد غيره -دون تغليف للكلمات- هو أسباب "دينية"!! أي أن المسلمين في مصريقتلون المسيحيين لمجرد الاختلاف في الدين ،تحت سمع وبصر الدولة، أي أن الدولة ضالعة في ذلك!! أي أن الأمر "مش تمام".. لقد عمدت إلي إحراج الدولة وتسبيب مشكلة لها يكون لها صدي علي الصعيد الداخلي والدولي.إنها تدعي بطولة زائفة، كما وصفها بحق الدكتور فتحي سرور. ومن صور الصيد في الماء العكر أيضا مسارعة المجلس القومي لحقوق الإنسان بناء علي تعليمات من رئيسه بتشكيل ما يسمي ب "لجنة تقصي الحقائق" التي انتقلت إلي نجع حمادي للتحقيق وتقصي الحقيقة!! هل ذلك من اختصاص المجلس؟ هل ينوب في ذلك عن أجهزة الدولة الرسمية المنوط بها تقصي الحقائق؟ هل له حق الرقابة علي هذه الأجهزة؟ لقد انتقل علي الفور السيد المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام شخصيا إلي مكان الحادث، وكان هناك فريق من أعضاء النيابة العامة لتقصي الحقائق.. لقد كانت الدولة هناك بكل مؤسساتها وأجهزتها الرسمية "لتقصي الحقائق".... لقد شكل مجلس الشعب لجنة لتقصي الحقائق كما سبق البيان، كل ذلك كان تحت إشراف ومتابعة وتوجيهات السيد رئيس الجمهورية. فإذا كان ذلك ،فما معني الخطوة "العنترية" التي أقدم عليها المجلس القومي لحقوق الإنسان بتشكيل تلك اللجنة؟ هل هي بقصد المنظرة وادعاء البطولة؟؟ لا والله.. إن الأمر أبعد من ذلك.. إنه تشكيك في سلطات الدولة، إنه اتهام لها بعدم الحيدة والموضوعية في وقائع يجري تصويرها علي أنها تطهير عرقي ضد المسيحيين..!! إنه اتهام للدولة بإغفال الحقائق، ومن ثم فإن لجنة تقصي الحقائق التي شكلها ذلك المجلس هي التي سوف "تأتي بالديب من ذيله" وتكشف الحقائق التي تغفلها الدولة!! ماذا يقول العالم الخارجي عندما يسمع أن الدكتور بطرس غالي السكرتير العام السابق للأمم المتحدة، والذي اختارته الدولة لرئاسة المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان قد شكل لجنة "لتقصي الحقائق"، علي غراراللجنة الدولية لتقصي الحقائق في جرائم الحرب التي ارتكبت في غزة خلال الفترة من 28-12- 2008 إلي 18-1-2009، برئاسة القاضي اليهودي الدولي الجنوب إفريقي ريتشارد جولدستون، التي شكلها المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف برئاسة القاضي اليهودي الدولي الجنوب إفريقي ريتشارد جولدستون؟ هل يعلم د. بطرس غالي أنه بذلك يوفر الغطاء القانوني "الدولي" للقوي المصرية المسيحية في الداخل والخارج ومن يؤازرها، التي تسعي بدأب وبهمة عالية لتدويل المشكلة والإستقواء بالخارج، واستعداء دول أجنبية علي مصر ومطالبتها بالتدخل أيا كانت صورته، مستغلة في ذلك العداء التقليدي للإسلام وللمسلمين من جانب الغرب الصليبي؟ لقد ترتب علي ذلك تدخل خارجي بالفعل.... فقد سارعت جهات أجنبية خارجية بالتدخل في الشئون الداخلية في مصر، منها بابا الفاتيكان في عظته يوم الأحد 10 ينايرالماضي، ورئيس المجلس البابوي لوحدة المسيحيين بالفاتيكان الكاردينال فالتر كاسبر، ووزير الخارجية الإيطالية فرانكو فراتيني، والمتحدث باسم وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير، وناطق باسم الحكومة الكندية، وآخر باسم البرلمان الأوروبي، فقد سارعوا إلي الإدلاء بتصريحات رسمية انتقدوا فيها الحكومة المصرية بمناسبة جريمة نجع حمادي، وطالبوا أيضاً بسرعة تقديم الجناة إلي المحاكمة ،وكأن الدولة غائبة وتتنتظر مطالبة من هؤلاء، كما إن كاردينال الفاتيكان بعث رسالة للبابا شنودة في مصر، حث فيها الأقباط في مصر علي أن "يقفوا متحدين ضد الظلم"!! إذن فقد حدث تدخل خارجي بالفعل... ووقع الضرر بمركز مصر السياسي والدبلوماسي.. ماهو التكييف القانوني للأفعال التي أدت إلي ذلك؟ للحديث بقية..