مثير للجدل، وكثيرون ينظرون إليه بوصفه قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أية لحظة، لكن المواجهة تحولت في الأيام القليلة الماضية إلي اتهامات تلاحقه بسبب "واحد من الناس"، الذي أثار نجاحه النقدي والجماهيري -فيما يبدو- ثائرة واستفزاز البعض فما كان منهم سوي أن فتحوا أبواب جهنم علي مصاريعها في وجهه.. وبقي بلال فضل متشبثاً بقناعاته، قادراً علي إبطال حجج منافسيه.. وهنا الدليل. لماذا استقبل النقاد فيلمك "واحد من الناس" بوصفه أفضل أعمالك علي الرغم من وجود فيلمين آخرين في نفس الموسم هما: "عودة الندلة" و"وش إجرام"؟ - هذه وجهة نظر النقاد لكن هناك في المقابل وجهة نظر أخري يتبناها الشباب في المنتديات الالكترونية تشير إلي إعجاب قطاع كبير منهم بالفيلمين الآخرين، فالواضح - في رأيي- أن أصحاب الوعي الثقافي والسياسي هم الذين انحازوا، بقوة إلي "واحد من الناس"، لكن من غير المعقول أن نضع ألواناً وأنواعاً مختلفة من الأساليب والمدارس السينمائية في سلة واحدة، إذ من المؤكد أن هناك فارقاً ضخماً بين الكوميدي والأكشن وغيرهما. ربما كان الإجماع علي تفوقك في "واحد من الناس" ذريعة لما تردد عن اتهامك بالسطو علي سيناريو كتبه عباس أبوالحسن؟ - ردي الوحيد علي ادعاءات "أبوالحسن" سيكون من خلال اللجنة التي كونتها نقابة السينمائيين، بناء علي طلب "أبوالحسن"، للنظر في العملين، وعلي استعداد تام لقبول كل ما تنتهي إليه من قرارات، حتي لو كان هو الذي اختار أعضاء هذه اللجنة بالاسم، لثقتي في نفسي، ووقتها سيأتي الحساب، لأنني لن أتردد عن مقاضاته للكلمات والأوصاف القاسية التي أطلقها في حقي، والمضحك أنه لم يترك شخصاً دون أن يتهمه بالسطو بداية مني ومروراً بكريم عبدالعزيز ثم المخرج أحمد نادر جلال وانتهاء بمنتجة الفيلم إسعاد يونس، وكأنه يتصور أنني تاجر سلاح أو إرهابي لأنجح في تكوين هذا التنظيم المتهم بالسطو علي سيناريو أبوالحسن!. بصراحة: هل قرأت سيناريو "تحت الحزام" الذي كتبه أبوالحسن؟ وأين التطابق بينكما؟ - عندما أثيرت هذه المشكلة طلبت من السيدة إسعاد يونس قراءته، وفوجئت بالاختلاف الشاسع بينهما، لأن سيناريو "تحت الحزام" يتحدث عن مجموعة من البلطجية مكونة من بعض الجزارين الذين يستغلون أصحاب النفوذ للقيام بأعمال إجرامية وفي ملهي ليلي يلتقون بفتاة تثير إعجابهم، وعقب خروجها وخطيبها يبدأون في مطاردتها لاغتصابها، وأثناء ذلك تصدمها شاحنة وتموت، فيقرر خطيبها الانتقام.. وأترك للجمهور الذي شاهد "واحد من الناس" الحكم علي مدي التشابه بين العملين إلا إذا كانت تيمة الانتقام التي تجمع بينهما ذريعة للاتهام بالسطو، وهي التيمة التي تعد عنصراً مشتركاً بين أفلام كثيرة عالمية ومصرية، وليست حكراً علي عباس أبوالحسن. ولماذا -في رأيك- عمد أبوالحسن إلي اتهامك؟ - دعيني أسألك أولاً: من هو عباس أبوالحسن هذا؟ وما تاريخه الفني؟ لقد ظهر في فيلمين هما: "مافيا" و"عمارة يعقوبيان"، ومات في الاثنين، بمعني أنه لم يعرف، مطلقاً ككاتب سيناريو، بينما كتبت بكل تواضع12 فيلماً، أسست لنفسي خطاً من خلالها، وتركت بصمة خاصة. لكن اتهام الاقتباس كان يطاردك في بعض أعمالك؟ - لقد حدث هذا أيضاً مع كتاب كبار مثل وحيد حامد وأسامة أنور عكاشة، حين اتهم البعض أعمالهما بأنها مقتبسة، بينما الاتهامات التي تلاحقني مجرد أقوال مرسلة تعكس في جانب منها سوء نية، وفي جانب آخر عدم وعي سينمائي، بدليل أن كل ناقد ذكر فيلما بعينه واتهمني بأنني اقتبسته، سواء في "حرامية في كي جي تو" و"صايع بحر" أو "حاحا وتفاحة" فأبطلوا بأنفسهم الاتهام بالاقتباس. ولماذا بدا وكأنك اقتربت فجأة من هموم الشارع المصري ومشاكل الحياة اليومية في "واحد من الناس" بعدما أغرقت نفسك في الجري وراء المهمشين و"سينما الإفيه" في أفلامك السابقة؟ - النقاد وحدهم الذين لم تستهوهم كثيراً طريقة المعالجة التي اخترتها في أفلامي، وامتعضوا لانحيازي للطبقة الشعبية لكن أتصور أن من شاهد فيلم "أبوعلي" لابد أن تيقن أن الخطوة التالية ينبغي أن تكون "واحد من الناس"، فقد مررنا رسائل اجتماعية وإسقاطات سياسية في "أبو علي" في محاولة لجس نبض الجمهور، وعندما تجاوب معها، ونجح الفيلم، اتجهنا لزيادة الجرعة. لكنك متهم بنسج شخصيات تفترض وجودها، في خيالك، وليس لها مثيل علي أرض الواقع؟ - قالوا هذا، وأكثر عندما قدمت "خالتي فرنسا"، وتحديداً شخصية "الشرشوحة"، ولم تنسحب علامات الدهشة إلا عندما جري اعتداء بواسطة عدد منهن علي الصحفيات يوم الاستفتاء علي تعديل الدستور، فوجدوا الواقع الذي طالما أنكروه، وكانت مشكلتي معهم أنهم لا يعرفونه. هل بينك وبين النقاد أزمة، بعدما تحولت إلي كاتب سياسي ساخر؟! - علي الإطلاق، فأنا أحترم آراء النقاد، وإن لم أحب بعضها، وهذا لا يتعارض مع كون بعض الأقلام النقدية تكتب عن أفلامي بالسلب أو الإيجاب لكنني أعيب عليهم عدم التواصل مع المتغيرات الراهنة، فمن غير المعقول أن نطالب بالحرية ونتهاون في تعميمها، فإذا كان من حق الناقد أن يتناول الفيلم بالسلب لكن ليس من حقه أن يعيب علي صندوق التذاكر الذي ينبغي أن يكون أشبه بصندوق الانتخاب المباشر الذي إذا صب في خدمة المبدع، فعليه أن يفرح ويتباهي مثلما يتباهي الصحفي بمقاله أو ارتفاع توزيع الجريدة أو المجلة التي يكتب فيها. أليس السيناريو الذي اعتمد علي "الاسكتشات" هو السبب؟ - أفلامي ليس فيها "اسكتشات" أو مشاهد محشورة، لأنني أجيد توظيف أدواتي كمؤلف وكسيناريست، ولدي من الأفكار التي أحلم بتنفيذها ما يغنيني عن اللجوء إلي هذه الأساليب، وهدفي في كل الأحوال أن أقدم الإضحاك النبيل، لكن المشكلة أن النقاد والصحفيين اعتادوا توجيه اللوم بشكل مستمر، وفي أحايين كثيرة أتصور أنهم يسعدون بفشل هنيدي والسقا وهاني رمزي. مع كل هذه الأفكار الجريئة يحسبك الكثيرون ضمن الطابور المنادي ب "السينما النظيفة"؟ - القضية في كل الأحوال تمس حرية الرأي، فأنا أقدم بالفعل أفكاراً جريئة في الطرح السياسي، وفي المشاهد الساخرة التي تقطر مرارة، لكنني حريص دائماً علي أن تخلو أفلامي من وجود راقصة عارية أو مشهد حسي مبتذل، فنحن نعيش مجتمعاً متناقضاً يتجاوب مع الألفاظ الجريئة، وفي نفس الوقت يكره العري، وأنا جزء من هذا التناقض.