رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة بسبب سوء الأحوال الجوية وتعطيل العمل غدًا    مكتبة مصر العامة بالأقصر تحتفل بالذكرى ال42 لتحرير سيناء.. صور    وزير الصحة يهنئ إيهاب هيكل ومجلس «أطباء الأسنان» للفوز في انتخابات النقابة    إزالة 27 حالة تعدٍّ على أراضي الدولة ضمن حملات الموجة ال 22 في الشرقية    جامعة القاهرة تناقش دور الملكية الفكرية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة    غدًا.. قطع المياه عن قريتين ببني سويف لاستكمال مشروعات حياة كريمة    محافظ كفرالشيخ: استلام 47 ألف طن بشون وصوامع الأقماح    مصر تستهدف بيع أصول حكومية قيمتها 3.6 مليار دولار بالعام المالي المقبل    «الجارديان» عن مسؤول أممي: العدوان الإسرائيلي على غزة خلف 37 مليون طن من الأنقاض    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان    برقم مثير.. محمد عبد المنعم ومعلول يبصمان على ثنائية تاريخية في الأهلي    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    بيريرا يكشف حقيقة رفع قضية ضد حكم دولي في المحكمة الرياضية    تفاصيل 9 ضوابط استعدادًا لامتحانات الشهادة الإعدادية    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرضًا لمنتجات طلاب المدارس الفنية    طبيب نفسي يوضح الأسباب وراء قضية مقتل طفل شبرا    الإعدام والمؤبد للمتهمين باللجان النوعية في المنوفية    وزيرة التضامن: فخورة بتقديم برنامج سينما المكفوفين بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    الليلة.. أصالة تلتقى جمهورها فى حفل بأبو ظبي    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    رئيس البرلمان العربي يكرم نائب رئيس الوزراء البحريني    محافظة القاهرة تكثف حملات إزالة الإشغالات والتعديات على حرم الطريق    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    التنمية المحلية: تدريب 2034 قيادة علي منظومة التصالح في مخالفات البناء بالمحافظات    كرة اليد، موعد مباراة الزمالك والترجي في نهائي بطولة أفريقيا    مديرية الشباب بالشرقية تنفذ دورات لطرق التعامل مع المصابين    خالد بيبو: لست ناظر مدرسة «غرفة ملابس الأهلي محكومة لوحدها»    «شريف ضد رونالدو».. موعد مباراة الخليج والنصر في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    بعد فتح التصدير.. «بصل سوهاج» يغزو الأسواق العربية والأوروبية    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    رئيس جهاز العاصمة الإدارية يجتمع بممثلي الشركات المنفذة لحي جاردن سيتي الجديدة    تعليم الإسكندرية تستقبل وفد المنظمة الأوروبية للتدريب    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    تحرير 134 محضرا وضبط دقيق بلدي قبل بيعه بالسوق السوداء في المنوفية    قوافل بالمحافظات.. استخراج 6964 بطاقة رقم قومي و17 ألف "مصدر مميكن"    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    هيئة شئون الأسرى الفلسطينيين: الوضع في سجون الاحتلال كارثي ومأساوي    حان وقت الصفقة.. تحرك جديد لعائلات الرهائن الإسرائيليين في تل أبيب    بسبب البث المباشر.. ميار الببلاوي تتصدر التريند    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    خبيرة: يوم رائع لمواليد الأبراج النارية    الليلة.. أحمد سعد يحيي حفلا غنائيا في كندا    وسط اعتقال أكثر من 550.. الاحتجاجات الطلابية المناهضة لإسرائيل بالجامعات الأمريكية ترفض التراجع    بيان عاجل لهيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة ويأثم فاعله    «بيت الزكاة» يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة ضمن حملة إغاثة غزة    متصلة تشكو من زوجها بسبب الكتب الخارجية.. وداعية يرد    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    هل يوجد تعارض بين تناول التطعيم وارتفاع حرارة الجسم للأطفال؟ هيئة الدواء تجيب    الكشف على 165 مواطنًا خلال قافلة طبية بالزعفرانة وعرب عايش برأس غارب    طلب إحاطة يحذر من تزايد معدلات الولادة القيصرية    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هجوم على استمرار أجهزة الدولة في زفة المبايعة للرئيس .. ومطالبة الحزب الوطني بتنظيم انتخابات رئاسية تليق بختام حكم مبارك .. ودعوة لتغيير داخل الإخوان يأتي بأبو الفتوح مرشدا.. ومطالبة حركات الاصلاح بالتواصل مع قوى الاصلاح داخل النظام
نشر في المصريون يوم 21 - 07 - 2005

رسمت صحافة القاهرة اليوم لوحة جميلة ، ربما لم تتكرر منذ فترة طويلة ، حيث عزفت العديد من الأقلام ألحانا وطنية جميلة ، أجمعت ، رغم اختلاف مشاربها ، على ضرورة الاستمرار في مسيرة الإصلاح ، بعض هذه الألحان كان موجها للحكومة ، وطالبها بضرورة التوقف عن زفة المبايعة والتأييد للرئيس مبارك ، باعتبار أن أجهزة الدولة يجب أن تقف على الحياد خلال انتخابات الرئاسة المقبلة ، وأن تعامل الرئيس مبارك على قدم المساواة مع غيره من المرشحين للرئاسة . ألحان أخرى ، خاطبت آذان الحزب الوطني ، وطالبته بتنظيم انتخابات رئاسية تكون مسك الختام لمسيرة الرئيس مبارك في الحكم ، مؤكدة أن مرحلة ال 99 % قد ذهبت بغير رجعة . أحد الألحان كان مخصصا لجماعة الإخوان المسلمين ، حيث شدد البعض على حاجة الجماعة لإصلاحات داخلية كي تستطيع مواكبة تلك المرحلة الفارقة في تاريخ الوطن ، معتبرين أن أسماء مثل عبد المنعم أبو الفتوح أو عصام العريان أكثر صلاحية لمنصب المرشد العام للجماعة باعتبارهما ممثلين لجيل الوسط . أما ، أجمل ألحان اليوم ، فقد عزفتها جريدة " الجمهورية " الحكومية ، حيث بدأت نسائم الإصلاح تتسرب لصفحات الجريدة ، مؤكدة أن الإصلاح ليس صعبا ، حتى لو كان الخراب بحجم ما أحدثه سمير رجب في دار التحرير ، بشرط أن تخلص النوايا . ونتقل إلى التفاصيل حيث المزيد من الرؤى والتعليقات . نبدأ جولتنا اليوم من صحيفة " الأهرام " الحكومية ، مع سلسلة النصائح التي قدمها الكاتب الكبير سلامة أحمد سلامة للحكومة كي تخرج انتخابات الرئاسة المقبلة بصورة تليق بمصر ، حيث اعتبر سلامة انه " بعد فتح الباب أمام الترشيحات لمنصب رئيس الجمهورية‏,‏ وبغض النظر عن كثير من التحفظات التي لابست تعديل المادة‏76‏ وقانون انتخاب الرئيس‏,‏ يظل من الضروري إذا أريد لهذه التجربة أن تحقق قدرا من النجاح‏,‏ أن تضع الحكومة نصب أعينها أنها بصدد إرساء أعراف وتقاليد سياسية جديدة‏..‏ تؤسس لمرحلة غير مسبوقة‏,‏ علي خلاف المراحل السابقة التي عرفت كثيرا من الممارسات غير الديمقراطية في إدارة العملية الانتخابية والتي لم يكن يهمها غير تحقيق الفوز لمرشح واحد أو حزب واحد‏.‏ لقد اهتم البعض بتذكيرنا بالوصايا العشر التي ينبغي أن يتحلى بها من يرغبون في ترشيح أنفسهم‏,‏ وأن يتروى كل من تحدثه نفسه بالأقدام علي هذه الخطوة‏,‏ ويسأل نفسه عما يملكه من مؤهلات وقدرات‏.‏ وقد يكون هذا كلاما جيدا ومخلصا‏,‏ لو أن إفراز مثل هذه القيادات بهذه الشروط قد وجد البيئة السياسية الملائمة طوال نصف قرن ولم يخضع لعقود من جمود الحياة السياسية والحزبية التي تجعل انطباق هذه الشروط والوصايا علي أي مرشح أمرا شبه مستحيل‏.‏ ورأى سلامة " أن النصيحة المخلصة كانت تتطلب في المقابل مجموعة أخري من الوصايا التي يمكن أن تدشن بالفعل مرحلة جديدة من العمل السياسي‏,‏ علي رأسها أن تلتزم الحكومة بأكبر درجة من الحياد والمصداقية‏,‏ بالاستجابة لمطالب القضاة‏,‏ وتمكين المرشحين من الحصول علي فرص متساوية في الدعاية والإعلام‏.‏ ولكن الذي حدث خلال الأيام الماضية أن بعض أجهزة الدولة لم تملك نفسها من انتهاج نفس الأساليب القديمة بممارسات غير محايدة‏.‏ وقد كان من المتصور‏,‏ حتى من باب المحافظة علي درجة من الحياد والمصداقية التي تساوي بين جميع المرشحين‏,‏ أن يطلب رئيس الوزراء من جميع الوزراء والمحافظين والأجهزة الحكومية التزام الحيدة وعدم مناصرة مرشح دون آخر‏..‏ ووضع القواعد التي تلتزم بها أجهزة الإعلام الرسمية مرئية كانت أو مطبوعة فلا نري ممارسات ممجوجة مثل دعوة أئمة المساجد والمشايخ للمبايعة‏,‏ ولا بعض المحافظين يحول امكانات محافظته وميادينها وحوائطها للدعاية لمرشح واحد بعينه‏.‏ ولا لنقيب غير منتخب بأن يحشد العمال كالقطيع وراء مرشح واحد‏.‏ وكان الأجدى بكل هؤلاء أن يطلبوا من مرءوسيهم ومواطنيهم أن يحتكموا لضمائرهم ويختاروا الأصلح بمحض إرادتهم‏.‏ إن التحدي الحقيقي الذي يواجهنا في هذه المرحلة التاريخية‏,‏ هو كيف يستعيد النظام ثقة الشعب في الحياة السياسية وفي العملية الانتخابية‏..‏ ذلك أن غياب الثقة جاء محصلة لممارسات استمرت عبر عقود وعبر انتخابات مطعون في نزاهتها‏,‏ وهو ما قد يعيدنا إلي المربع الأول وكأن المادة‏76‏ مازالت تقوم علي الاستفتاء‏ ".‏ نصائح سلامة ، تحول إلى أمنيات لدى مكرم محمد أحمد في عموده الجديد بصحيفة " الأهرام " ، لكنها كانت هذا المرة موجهة للحزب الوطني الحاكم ، حيث قال مكرم " أتمني علي الحزب الوطني أن يقود الحملة الانتخابية لصالح الرئيس مبارك بصورة محترمة ورشيدة تليق بمكانة الرجل وتاريخه‏,‏ وتتوج علي نحو راق اعتزامه أن تكون فترة الحكم القادمة هي مسك الختام لحكمه‏,‏ وأن يتصدر حملة الحزب وجوه مختلفة يتوافر لها حد معقول من ثقة الناس‏,‏ ويتنحى عن إدارتها من لا يملكون ثقة المجتمع أو تلاحقهم شبهات تتعلق بسوء السمعة أو استغلال النفوذ‏,‏ وفي جميع الأحوال‏,‏ فإن المطلوب من الحزب أن يظهر في حملته قدرته علي أن يعتمد علي ذاته‏,‏ ويستغني بجهده وجهد أنصاره عن جهد الدولة والحكومة‏.‏ وأتمني أن يستخدم الحزب أساليب راقية وجديدة لحشد الناخبين‏,‏ تترفع عن البلطجة‏,‏ وتتعفف عن السباب والشتائم وتخوين الآخرين‏,‏ وان لا يأخذ الحماس البعض إلي حد التشابك بالأيدي‏,‏ أو استخدام العنف‏,‏ أو التهديد باستخدامه ضد من يرون رأيا مختلفا حتى لو عمد هؤلاء إلي الاستفزاز‏,‏ وأن يكون هدف الحملة الأول‏,‏ كسب عقول وقلوب الناخبين‏,‏ وإشعارهم أن هناك فارقا بين أداء الحزب في حملة استفتاء مضمونة النتائج وأدائه في انتخابات حرة تتم فيها المفاضلة بين عدد من المرشحين لهذا المنصب الرفيع وأتمني علي الحزب أن يبذل قصارى جهده كي ترتفع نسبة الحضور في اللجان الانتخابية للمدن والقرى ليس إلي نسبة‏99%‏ في المائة كما تعودنا منذ الستينات وما بعدها ولكن إلي حد الحضور الحقيقي الذي يؤكد انشغال المصريين بقضية انتخاب الرئيس‏,‏ وأن يوجه الحزب حملته إلي المواطن العادي بروح جديدة تستهدف استعادة ثقة الناس وتحترم عقول المصريين‏ . كما أتمني أن يصوغ الحزب لحملته شعارات صحيحة تركز علي المستقبل‏,‏ وتخاطب أشواق المصريين إلي التغيير‏,‏ وتعزز أمالهم في فترة حكم خصبة أساسها الالتزام بقضايا اكتمال الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان قولا وفعلا‏,‏ ومطاردة الفساد في دوائر الحزب والحكومة‏,‏ وتفعيل سيادة القانون وتنفيذ أحكامه‏,‏ وتحقيق المزيد من الاستقلال للقضاء والجامعات والانتقال الفعلي من دولة الفرد إلي دولة المؤسسات‏.‏ ومضى مكرم قائلا " وأتمني أن يكون يوم الانتخاب يوما هادئا غير عصبي‏,‏ يقل فيه الحضور الأمني والشرطي في الشوارع إلي الحد الضروري الذي يحفظ النظام والأمن‏,‏ وتختفي فيه صورة صفوف الأمن المركزي المتراصة علي نحو كثيف بأقنعتهم وهراواتهم ودروعهم الكثيفة‏,‏ وربما يكون من المفيد أن يسأل الحزب نفسه عن جدوى تشجيع عدد من رؤساء الأحزاب المجهولة للترشيح لهذا المنصب المرموق‏,‏وصدي ذلك في الشارع المصري‏,‏ وأثاره المتوقعة علي حملة الرئيس‏,‏ لأن معيار النجاح لحملة الحزب الوطني ليس في الوجود الشكلي لعدد من المنافسين للرئيس مبارك ولكن في إقناع الناخب العادي بضرورة الذهاب إلي الميادين كي يكون الحضور لائقا بانتخاب الرئيس " . إذا كانت الحكومة والحزب الوطني قد وجدا من يقدم لهما النصائح ، فإن القوى المطالبة بالإصلاح لم تعدم هي الأخرى وجود الناصحين ، حيث بلور الدكتور عمرو الشوبكي القوى المطالبة بالإصلاح في ثلاثة تيارات رئيسية : حركة كفاية ، التجمع الوطني للتحول الديمقراطي والتحالف الوطني من أجل الإصلاح والتغيير ، ثم علق قائلا " انتشار هذا القوى واكتسابها لشرعية إعلامية وسياسية كبير مثل ة مرحلة جديدة يمكن تسميتها بمرحلة " الإصلاح هو الحل " والتي مثلت لأول مرة في تاريخ مصر المعاصر حالة توافقية بين أهل اليمين واليسار وبين أعضاء حركة كفاية وبعض قيادات التحالف والتجمع الوطني الذين لم يكن سهلا على بعضهم أن يقبل بوضع مسألة الإصلاح السياسي على سلم أولوياته قبل مواجهة "الامبريالية الأمريكية والصهيونية " وبات هناك إحساس عميق بين النخب السياسية المختلفة بأنه ليس هناك أي إمكانية لمواجهة التحديات الخارجية إلا إذا تم بناء نظام سياسي داخلي ديمقراطي وكفء مؤهل لرفض الاملاءات الخارجية ويمتلك القدرة على التمييز بين الانفتاح على الخارج والاستسلام له عبر كفاءته وقدراته الداخلية . ورغم جرأة شعارات هذه القوى الإصلاحية التي جاءت كصرخة احتجاج على حالة الجمود السياسي في الحكومة والعارضة الحزبية ورغم إنها ألقت بحجز كبير في مياه السياسة الراكدة إلا أنها عجزت عن أن تحرك القوى الحية في الشارع المصري التي بدت متفرجة بامتياز على تحركات قوى الإصلاح الجديدة " . وأضاف الشوبكي " ورغم تأكيد هذه القوى الثلاثة على أنها لا ترغب في تأسيس أحزاب سياسية إلا أنها قدمت نموذجا في العمل السياسي الشعبي مختلفا عن الأحزاب الرسمية ، فقد نشأت جميعها من أسفل وبإرادة شعبية وتناضل من أجل قضية سياسية تستقطب اهتمام جزء كبير من النخبة المصرية ، دون أي تحصل أو تحاول الحصول على رخصة قانونية وهي بذلك تقدم نموذجا مختلفا في العمل السياسي يقضي على ثقافة الرخصة القانونية التي تستلزم وجود " موظفين حزبيين " قادرين على التعامل مع دهاليز لجنة الأحزاب والمحاكم وليس الشارع السياسي والواقع المعاش من أجل الحصول على الرخصة القانونية . ومن المؤكد أن قرار تحويل هذه القوى إلى أحزاب غير وارد الآن ، ولكن وجودها بهذا الشكل ، وبتلك القدرة النسبية على التأثير سيعطي نموذجا جديدا في الحياة السياسية المصرية مختلفا عن نماذج البناء الفوقية والبيروقراطية لكل أحزابنا بما فيها الحزب الحاكم . وسيبقى أن التنسيق المطلق بين القوى الثلاثة أي كفاية والتجمع الوطني والتحالف الوطني ، سيمثل خطوة أولى في انتقال هذه القوى من تيارات احتجاج إلى قوى تساهم غب التغيير ، أما الخطوة الثانية فستتمثل في قدرة هذه القوى على التواصل مع القوى الإصلاحية الحقيقة داخل الدولة من أجل أن تواجه حالة الجمود والفوضى الذي أصاب الحياة العامة ، وتعمل على بناء " تجمع التغيير " الذي سيكون على الأرجح نقطة وسط بين آراء الإصلاحيين داخل الدولة وخارجها " . نتحول إلى صحيفة " الدستور " المستقلة ، لكن نبقى في إطار النقد المغلف بالنصيحة ، وهذه المرة مع جماعة الإخوان المسلمين ، حيث تساءل إبراهيم منصور: ولماذا لا يصبح عبد المنعم أبو الفتوح مرشدا عاما للإخوان ؟ ، ثم مضى قائلا " المواطنين استبشروا خيرا في نزول الإخوان إلى الشارع والتلاحم مع القوى المختلفة في تلك اللحظات الفارقة والتي يطالب فيها أي مواطن غلبان في الشارع بالتغيير .. فنراهم يتراجعون ولديهم حججهم دائما حاضرة ومسموعة ومستندة على " أساطير " دينية !! ، فهم يرون كل التجمعات الأخرى على باطل والكل دونهم في الأفكار والمقصد والعدد ، وقد حاولوا في المرحلة الأخيرة التحالف مع كل القوى السياسية وتأسيس التحالف الوطني .. ولكنهم فشلوا فيه " ولم يبق معهم سوى مجموعة التروتسكيين " ، لأنهم ينظرون بدونية إلى الجميع وبالطبع ما يحدث يتعلق بحرص الجماعة على التمسك بخطاب العموميات والازدواجية في الحركة بين الدعوية التي تقوم على الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة والحركة السياسية بما فيها من مرونة ولعب مع النظام ، فمن الصعب القول إنه يحدد برنامجا واضحا للعمل السياسي ، فهو يخلط بين المقدس والسياسي والديني والاجتماعي والعمل تحت قبة البرلمان وتحت مآذن المساجد " . واعتبر منصور " إن الجماعة الآن في حاجة إلى تغيير من داخلها مثلها مثل مؤسسات الدولة .. بل لعلي أصل إلى أن الجماعة في حاجة إلى تغيير في قياداتها ، فلا بد من تغيير في منيل الروضة مثل لابد من التغيير في مصر الجديدة ، وبذلك نستطيع أن نستفيد من الجماعة بشكل أكثر ايجابية وتحريكا في المجتمع ويمكن اندماجها في الحالة السياسية المصرية ، لإخراجها من حالة الجمود السياسي . ولن يستقيم ذلك إلا بالسماح لجيل الوسط في الجماعة بتقلد أمورها ، ولما لا يصبح الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح مرشدا عاما للجماعة ؟ ، وهو من
الشخصيات الحاضرة في الواقع السياسي الحالي مهنيا ونقابيا وتاريخه نضالي وأبيض معروف للجميع ، وله حضوري جماهيري ، بل أنه من القيادات داخل الجماعة التي لديها رؤية مغايرة في مقامها مع القوى السياسية الأخرى بقبولها والتعاون معها بل والتحالف معها أيضا .. وهو السبب الذي يجعله في خلاف وجدل أحيانا مع الأعضاء الكبار في مكتب الإرشاد بل وتصل الأمور أحيانا إلى تجميد عضويته ، ولماذا لا يصبح أيضا عصام العريان ( فك الله أسره ) هو المرشد ؟! إنني أرى أن أبو الفتوح والعريان يصلحان لأكثر من منصب المرشد مع آخرين كثر من الشخصيات التي تعبر عن ضمير هذه الأمة لكي تحصل على منصب الرئيس " . نعود مرة أخرى إلى صحيفة " المصري اليوم " المستقلة ، حيث شن الشاعر الساخر أحمد فؤاد نجم هجوما لاذعا على رسام الكاريكاتير بصحيفة الأخبار مصطفى حسين ، بسبب الكاريكاتير الذي شبه فيه المعارضة بالكلاب التي تعوي ، وقال نجم " رأيته لأول مرة سنه 1968 ، عندنا في "حوش آدم" يمتطي سيارة أمريكية فخمة وضخمة بينما كان أكبر رأس في البلد يستخدم السيارة الفيات 2300 ، حيث كان هذا النوع من السيارات بكل أحجامه المختلفة هو السائد ، ولست أدري حتى الآن ما الذي "حدفه" علينا في "حوش آدم" ، وعلى رأي مأمون الشناوي " ودارت الأيام ومرن الأيام " ثم بدأ راكب السيارة الامريكاني يظهر في جريدة الأخبار كفنان كاريكاتير متميز ، وقد أثار ظهوره المفاجئ بهذا الحجم الكثير من الجدل بين المثقفين وكنت آنذاك ضد الهجوم عليه ، بل كنت شديد الفرح بصعوده السريع ، انحيازا مني لفن الكاريكاتير المصري الذي حمل لواءه مجموعة من الفنانين الكبار ، وأذكر منهم الآن رجائي ونيس وصلاح الليثي وعبد السميع وبهجت وصلاح جاهين وأخيرا ولبس آخرا حجازي العظيم ، وحتى عندما علمت بأن أفكار كاريكاتير الأخبار يكتبها الساخر العظيم أحمد رجب ، ظللت على موقفي المنحاز تماما لمصطفى حسين وكاريكاتير الأخبار ، التي لم أكن احترم دورها كصحيفة كبري تصدر من مصر وتتحدث بلسان أمريكي مفضوح ، وحين وصفه أحد الأصدقاء بأنه " مجرد مبيض محارة عند أحم رجب " اشتبكت مع هذا الصديق في جدل ساخن " . وأضاف نجم " وبعد انفصال مصطفى حسين عن أحمد رجب ازداد حرصي على متابعته رهانا مني على موهبته ، والحقيقة أنني شاهدت كل ما رسمه مصطفى حسين تقريبا بعد أحم رجب وشاهدته بعين المنحاز ، رغم فكره الطبقي المعادي للناس البسطاء ، والحقيقة أنه خذلني لأنني لم أفهم نصف ما شاهدته ولم أضحك من كل ما شاهدته فانقطعت تماما عن متابعته حتى فعلها هو سقط سقطته المخزية حين رسم الشعب المصري في صورة مجموعة من الكلاب ، كلما بحبح لها النظام الحبل علا نباحها وزاد . ومن حق مصطفى حسين أو غير أن يدافع عن الوضع الذي حوله إلى مليونير على حساب شعب يتضور جوعا وخوفا في أزهي عصور الديمقراطية المهلبية ولكن يا حاج مصطفى الدفاع عن ملايينك شئ والتطاول على الشعب الذي صنعك شئ آخر ، وحتى التطاول له حدود وأنت تجاوزت هذه الحدود حين رسمتنا كلابا ونحن أهلك وعشيرتك ، مع الأسف الشديد ، وحين اقترح البعض أن يرفع عليك دعوى قلت لهم : صدقوني لا هو يستحق هذا الشرف ، وأيدني أحد الأصدقاء قائلا : حتشتكي الخواجة لأبنه ، وعموما المثل الشعبي بيقول دا الكلب ما يعضش في ودن أخوه " . نترك نجم وهجومه الغاضب الساخر ، ونتحول إلى صحيفة " الوفد " المعارضة ، لكن نبقى مع شاعر آخر ، حيث تساءل الشاعر الكبير عبد الرحمن الابنودي غاضبا " هل يمكن لشعب أن يعيش علي الكلمات؟ أن يلتهم اللغو الذي لا تقابله حقائق مادية في الواقع.. فتعجب الناس بالكلمات في المكان المغلق ذي الصدى يخطب فيه المسئول.. المكان المهيب الذي يختلف عن أي مكان يغايره في المدينة.. تلك الأبنية التي اسماها الفيلسوف أو الكاتب الذي غاص في الجزئيات ليخرج منها بقوانين عامة تناطح القوانين الفلسفية المستقرة والمسمي " فرانز فانون ".. اسماها "أبنية الهيبة " ، أبنية تمر من أمامها لتهرب خشية أن تتهم بالنظر إليها، فما بالك لو كنت داخلها وأمام الرئيس ، أمام المسئول الكبير وجها لوجه؟ . كلما كذب صفقت، وكلما كذب بمهارة صفقت بحرارة القول كاذب، والتصفيق كاذب، شفتاه وكفاك. هو يكذب أولاً لان حرارة الأداء مفتعلة إذ انه في كل الأحوال لم يكتب ما يقرؤه عليك، لقد كتبه له شخص آخر ( ..) إذن فكل خطب الرؤساء والملوك لم يكتبوها بل كتبها لهم احد الصحفيين مثلاً، فتخيل أن الصحفي الفلاني في جريدة كذا أو مجلة كذا هو رئيس جمهوريتك!! هو الذي يضع الكلمات في شفاه قائدك ليقرأها عليك ليتحدث عن أحوال شعبك الجائع فيكسوه ثياب الرفاهية والبغددة وكيف أن الحاكم لا يرفع عينه عن ثياب الفقراء خشية أن يري منهم ثوبا واحدا قذرا او ممزقا او مرقعا، بينما تصفق أنت الذي تعرف عمق عوز شعبك وإملاقه وحالة العسر التي يعانيها وشظف العيش الذي يعانيه وانه منذ سنوات لم يشتر ثوبا جديدا ولم يأكل طبخة تقيم أوده، وكيف انه يمر علي البقال والجزار وتجار الأقمشة فلا يتوقف، بل انه لا ينظر أصلا. يقاسي الأمرين: ينهك ويتحايل علي الحياة ليعود بشىء يقوت به أولاده. تلك الخطبة التي كتبها الصحفي المحترف، ويلقيها الحاكم الساذج محاولا إيهام الناس انه صاحب القول، وانه ينتزع الكلمات من قلبه بدمها وحرارة صدقها ومن لوعة أحاسيسه تجاه شعبه الذي يعمل ليل نهار من اجل إسعاده، وان كان "الكبير" لم يتمكن بعد من تحقيق ذلك بسبب سوء تفكير "الفقير" طبعا. فالفقير شره في كل شىء عدا العمل. شره في مأكله وملبسه وزياراته المكلفة، وثمن النومة في العشوائيات، وثمن الرقدة مع امرأته. انه خصب منجب علي الرغم مما يقال عن ضعف خصوبة الرجال بسبب الكيماويات وما يضاف الي المأكل والمشرب، وعلي الرغم من السرطانات والمسرطنات التي يحاط بها، وأمراض الكبد والكلي المتسربة إليه من كل منفذ إلا انه يقاوم ويقاوم لدرجة انه بمقدوره التصفيق للكذابين من أعضاء مجلس الشعب إلي آخر "اللستة" سواء قرأتها مقلوبة أو معدولة. ورأى الابنودي أن " الشعب العامل يقتات الكلمات، في الخطب كلام، في الجريدة كلام، في التليفزيون والراديو كلام كلام كلام، اذا جعت أو عطشت او ذاب ثوبك فكل واشرب والبس كلاما لا صلة له بواقعك، ان اصدق كلمات الخطابة هى التي يخرج فيها الخاطب عن خطابه المكتوب ليرتجل، حتي لو كان الكلام طوبا يدمي، وترابا يعمي، واتهامات وادانات بأننا الذين خربنا الاقتصاد القومي ونخرنا تحت أساسات جدران الدولة، وأننا لا نعطي الحكومات الفرصة لإصلاح الأمر، واننا نلتهم ناتج العمل الجماعي وناتج جهد الدولة في ايام، وحين يسألنا بقرف واضح: "من أين آتي لكم بما تستهلكون؟ ليس بيدي عصا سحرية ". هل في العالم العربي من يخطب أكثر من القذافي؟ هل لما يقوله صلة بالواقع الليبي المعاش؟ هل لو كان الكلام ترجمة للواقع كان الشعب الليبي قبل هذه الانحناءات الحادة في المشوار السياحي اقصد السياسي ؟ يوم عربي ويوم أفريقي، يوم روسي ويوم أمريكاني، يوم مصري ويوم يشرد فيه كل من يعمل في ليبيا؟ لو كان للكلام ثمن إلا يحصل علي اكبر ثروة في تاريخ امتنا ربما تعوض ثروة الشعب الليبي التي بددت في المشوار من ايرلندا لنيكاراجوا، ومن لوكيربي لتشاد؟ كلام، مجرد كلام، وإذا لم تصفق فقد يبلغ عنك القابع إلي جوارك أو الكامن خلفك، أو ربما ابلغ عنك المواطن الغلبان الذي في داخلك. وحين تغادر المكان، وتضرب بيدك اليابسة في جيبك الجاف فلا تجد شيئا وتسير في شوارع تعلو علي شاطئها عمارات ومولات ومحلات و"سوبر ماركت" وتتساءل: "من أين جاء هؤلاء بكل هذا المال الذي صنع كل ذلك؟ ماذا يعمل هؤلاء الأغنياء حتى جمعوا كل تلك الأكداس من المال التي احتاجتها هذه الأبنية لتقوم ومحتوياتها لتنطلق فلا تجد جوابا، وتتساءل وأنت بمفردك: لماذا تجاهل الحاكم في خطبته كل هؤلاء؟ لماذا لا ينتفضن وجهه ولا تتنمر ملامحه إلا حين يأتي ذكر الفقراء واتساع بطونهم وشره استهلاكهم بينما الفقراء لا يأكلون، وما يلقي به هؤلاء الأغنياء يكفي لإعالة فقراء المدن والقرى علي السواء؟ أتري نسيهم وتذكرنا ذلك الصحفي الذي كتب الخطاب للحاكم؟ ولماذا يكون الحكام والرؤساء والملوك سعداء بشوشين حين يلتقون الأجانب وتراهم يضحكون ولا تصدق أنهم نفس الحكام حين يخطبون في شعوبهم بالكلمات التي لم يكتبوها تتلبس وجوههم تكشيرة وتصبح ملامحهم مخيفة كأن الشعوب قتلت آباءهم أو سرقت منهم »قيراطي الطين«. وأي بلد يبني علي أساس من كلمات، لابد أن ينهار، ومن الطبيعي ألا يسمع إلي انهياره من حوصر بالمديح، وشحن بآيات التجميل والتأليه، حتى صار يقول الكلمات فقط ولا يسمع كلمات احد آخر ". نتحول إلى صحيفة " الجمهورية " الحكومية ، والتي باتت ، بصدق ، دليلا حقيقيا على أنه لا شئ عصي على الإصلاح ، حتى لو كان الخراب بحجم ما أحدثه سمير رجب في المؤسسة دار التحرير، ذلك إذا ما خلصت النوايا . صحيفة "الجمهورية" شهدت اليوم حوارا متناغما أرقى ما يكون ، قاده محمد أبو الحديد رئيس مجلس الادارة الجديد ، قائلا " أفضل ما انتهي إليه المجلس الأعلى للصحافة في أول اجتماع له الثلاثاء الماضي بتشكيله الجديد هو ذلك البيان الذي صدر بالإجماع داعياً إلي التزام الصحافة المصرية. قومية وحزبية ومستقلة بميثاق الشرف الصحفي وقيم المهنة الرفيعة خلال تغطيتها لانتخابات رئاسة الجمهورية. والواقع أننا نحتاج إلي هذا الالتزام. ليس فقط في تغطية انتخابات الرئاسة. بل كأساس للممارسة الصحفية في كل وقت. فالالتزام المهني والأخلاقي لا يجب أن يكون "حالة استثنائية". ولا رداء ترتديه الصحافة في مناسبة محددة ثم تخلعه بعدها. فهذا الالتزام هو قاعدة الصحافة وأساسها. وما جري في الصحافة خلال الفترة الأخيرة. وبالذات منذ طرح الرئيس مبارك مبادرته لتعديل المادة 76 من الدستور ليفتح باباً واسعاً للحرية والديمقراطية. تجاوز كل التقاليد والأعراف والقيم المهنية والأخلاقية. سواء فيما يتعلق بتعامل الصحافة مع قضايا الوطن والمواطن. أو حتى فيما يتعلق بتعامل الصحفيين مع بعضهم البعض. وتحولت الصحافة علي يد هذا البعض إلي صحافة منفلتة لا ضابط ولا رابط لها. لتقدم للأجيال الشابة أسوأ نموذج لم يسبق أن وصلت إليه صحيفة أو صحف مصرية من تدني الأسلوب وضلال المعالجة الصحفية.. وكل ذلك باسم الحرية والديمقراطية. وما حدث - وما زال يحدث للأسف في الصحافة المصرية في هذا المجال يدفعني إلي التساؤل: لماذا كلما فتحنا باباً من أبواب التقدم والخير لمصر. كان الأسبق إليه هم أعداء التقدم والخير؟! وأضاف أبو الحديد " حدث هذا في منتصف السبعينيات. عندما أعلنت سياسة الانفتاح الاقتصادي.. فبدلاً من أن تؤدي هذه السياسة كما كان مستهدفاً منها إلي فك القيود التي تعوق انطلاق الاقتصاد المصري نحو الإنتاج. كان دعاة الانفتاح الاستهلاكي هم الأسبق إلي هذا الباب وإلي الانقضاض علي السياسة الجديدة الوليدة. ليحولوا الانفتاح إلي "سداح مداح" ويسرقوا كعكته من أيدي المواطنين والمنتجين الذين طال انتظارهم لها. وعندما أطلقنا الدعوة إلي زيادة الاستثمار استغلالاً لفوائض أموال البترول التي توفرت مع العاملين المصريين في الخارج.. كان الأسبق إلي الانقضاض علي هذه الدعوة هم أصحاب شركات توظيف الأموال. الذين راحوا يجمعون أموال المصريين. ويحبسونها عن الاستثمار في المشروعات الإنتاجية العملاقة التي يحتاجها الاقتصاد المصري. وحين فتحت البنوك خزائنها للمنتجين الجادين تشجيعا للقطاع الخاص. ودعما لدوره الجديد في التنمية. كان أول من انقض علي هذه الخزائن هم رجال الأعمال المزيفون الذين راحوا يغرفون منها عرق الشعب المصري ومدخراته. وينزحونها إلي خارج مصر. ويجردون الاقتصاد المصري من مئات المليارات من الجنيهات التي كان مأمولا أن تكون دعما لانطلاقه. والأمثلة علي ذلك لا تنتهي.. وآخرها ما حدث ويحدث في الصحافة. وهذا يحتاج إلي وقفة.. وإلي دراسة.. لماذا تتكرر هذه الظاهرة. بنفس الصورة في كل مرة. ولا أريد أن أقدم الآن تفسيرا. لكني أقول إن أحد بل أهم أسباب هذه الظاهرة. أن الجادين عادة لا يتحركون.. أو قل إنهم لا يتحركون بالسرعة الكافية واللازمة التي يتحرك بها غيرهم. ولذلك تخلو الساحة في بداية كل إنجاز للصوص الإنجازات وسارقي الفرح. ومحترفي
الاستفادة السريعة. وربما يكون تأخر حركة الفئات الجادة في المجتمع مرجعه ضعف ثقتها في جدية السياسات والمبادرات. وهذا ينبغي أن ينتهي فورا. لأننا مقبلون علي مرحلة جديدة تبدو فيها جدية الدولة والنظام السياسي واضحة في التغيير " . ونتحول إلى الضلع الثاني في الحوار ، حيث اعتبر محمد علي إبراهيم رئيس تحرير " الجمهورية " أن " الفترات الانتقالية في تاريخ الأمم والحكومات من أصعب وأعقد المراحل الزمنية.. فخلالها يتم المقارنة بين الجديد والقديم.. وفيها ينظر رجال العصر السابق دائماً بعين الريبة والشك للقادمين الجدد.. وبالمقابل يحاول المستجدون أن يكتشفوا الألغام ويقفزوا فوق الحواجز.. لكنهم في النهاية لا ينجحون إلا إذا كان معهم "عصا موسي" وسيف عنترة بن شداد ودرع علي بن أبي طالب.. وهي أشياء لم تعد متوافرة في زماننا. أعود للصحافة وأقول إن الفترات الانتقالية فيها هي من أصعب الفترات. فإذا أرادت القيادات الجديدة تغيير مزايا سابقة وإعطاءها لمن هم أولي بها انتفض القدامي يدافعون عن مزايا ليست من حقهم. ومناصب لم يأخذوها بعرق الجبين أو التمرس الحقيقي. القيادات الجديدة في الصحافة التي تحل محل أساتذة أجلاء مطالبون بأن يحلوا مشاكل ليسوا مسئولين عنها. وإذا لم يحلوها في يوم أو اثنين.. يمتنع زملاؤهم عن التعاون معهم ويضعون سيفاً علي رقابهم مطالبين بحقوق لم تكن لهم فإما يأخذونها وإما الحرب الشعواء وسياسة "لي الذراع". وإذا ما اجتهد القادمون الجدد وحاولوا الحصول علي تصريحات خاصة تدعم صحفهم وليس أشخاصهم تندر الزملاء عليهم وصعروا خدودهم. رغم أن ما نشر من تصريحات خاصة غطي علي أخطاء بعض الصحف والمجلات عندما تخلفت عن تغطية ضرورية لأحداث جسام. وكان الأجدى والأولي أن يتنبه لها الزملاء الصحفيون بدلاً من التعريض برؤسائهم وبالجهد المخلص الذي يبذلونه للنهوض "بتركة" مثقلة ومتثاقلة إلي الأرض. وأوضح إبراهيم " أن كل رئيس مجلس إدارة وكل رئيس تحرير تولي منصبه هذا الشهر. فوجيء بكمية من المطالب والشكاوى التي لم تتحقق طوال الفترات الماضية تنقض عليه من كل حدب وصوب كما لو كان قد فتح علي نفسه "متاهة" جهنم فكل زميل يشده في اتجاه بينما الآخر يشده إلي ناحية أخري. والشد يزداد.. والصوت يعلو وكل يملك حجته في أنه الأحق بحل مشكلته أولاً.. وبعد كل هذا فالقائد الجديد مطالب بأن يعمل كل جهده لتصدر جريدته في موعد محدد وبأفضل صورة ممكنة. إن أهم عيب للصحافة المصرية كما خبرتها علي مدي 33 عاماً هو نفس عيب المجتمع المصري كله. وهو الأنانية.. فالجميع وأنا لا أعفي نفسي ولا أتهم غيري ينظرون إلي كل شيء بمنظور شخصي هو منظور العائد أو الفائدة التي ستعود عليه.. لذلك تراجعت مصر كثيراً في نواح متعددة "ومنها الصحافة" بسبب تغليب الخاص علي العام. ومازال كثيرون سواء كانوا صحفيين أو مهندسين أو أطباء أو حتى موظفين يتعاملون مع مناصبهم علي أنها "غنيمة حرب" لهم أن يفعلوا بها ما شاءوا. إن أفضل دواء لعلاج مشاكل الصحافة. هو ذات العلاج الذي يحتاجه المصريون جميعاً.. وأقصد به أن تتراجع الذاتية والنرجسية ويحل محلها الولاء للصحيفة التي نعمل بها (..) فالأجيال الجديدة تحت وطأة الظروف الاقتصادية نسيت الخبر والتحقيق واهتمت بالإعلان.. وشجعها آخرون علي السير في هذا الطريق الذي يضمن التعيين والدخل المحترم والوجاهة الاجتماعية.. لم يعد أحد يهتم بأن يتعلم الكتابة الصحفية طالما أن هناك قسماً للتصحيح وآخر للمراجعة وديسكاً مركزياً ورؤساء للأقسام " . علي أية حال فإنني أتمني أن أحقق للجميع مطالبهم وطموحاتهم. لكنهم ينسون أنني بشر له طاقة ومقدرة.. إنني أعلم أن الرغبة في التغيير تسيطر علي الناس دون أن يدركوا أن التغيير المفاجيء والصدمات والمذابح من شأنها إحداث فوضي.. والفوضى أخطر أعداء الفترات الانتقالية سواء للصحافة أو للحكومات.. وقانا الله شرها وجنبنا آثارها المدمرة " . أما الضلع الثالث من الحوار ، فقد شكله مقال سعد هجرس ، أحد العائدين الجدد لصحيفة الجمهورية بسبب النفي القسري الذي مارسه سمير رجب بحقهم ، وقال هجرس " هذه المساحة الضيقة التي تحتضن الكلمات التي تطالعها في هذه اللحظة عزيزي القاريء ليست مجرد قصاصة من الورق. وإنما هي بالنسبة لي ولأي كاتب وطن وملاذ لا يقل الحنين إليه عن "نوستالجيا" مسقط الرأس والشوق للجذور واللهفة للمنابع والبيت والكبير.. حيث دفء العائلة وحرارة التواصل وحلاوة الانتماء. وهي كلها مشاعر حميمة حرمتني منها – لسنوات - ظروف لا أحب التوقف أمامها أو اللت والعجن في قسوتها التي لا تقل عن قسوة النفي خارج الوطن وإسقاط الجنسية. لكن كل مرارات تلك السنين تبددت في ثانية واحدة. ومسحتها مكالمة تليفونية من إدارة التحرير الجديدة تقول: عد إلي بيتك. ولم يكن من باب الصدفة أن يتزامن هذا "الاستدعاء" مع انطلاق "حركة تصحيح" لأوضاع الصحافة "القومية" المتدهورة منذ أعوام. ولم يكن من باب الصدفة كذلك أن تكون "الجمهورية" هي صاحبة الصوت الأقوي والأوضح في هذه الحركة التصحيحية الوليدة.. فكان رئيس مجلس إدارة دار التحرير. الزميل محمد أبوالحديد. هو صاحب مبادرة "بيان للناس" التي كشفت النقاب عن حقيقة الأوضاع المالية لهذه المؤسسة دون خداع. ثم مبادرة "استعادة ثقة القاريء" التي اعترفت دون لف أو دوران بأن كثيراً من الناس كانوا ومازالوا ينظرون إلي الصحافة القومية علي أنها صحافة حكومية.. وهم لا يثقون في كثير مما تنشره الصحف القومية من أخبار وموضوعات.. والصحافة مسئولة لأنها حولت صفحاتها إلي نشرات إخبارية لتصريحات المسئولين وتحركاتهم بالقلم والصورة.. وفي الوقت الذي زادت مساحات الحرية تقلصت في الصحف أهم الصفحات التي ترمز للحرية وهي صفحات الرأي ورسائل القراء. ثم كانت مبادرته الأكبر حين فجر عدة قنابل مدوية في اجتماع حركة "صحفيون من أجل التغيير" منها قوله إن الأوضاع القائمة الآن في المؤسسات الصحفية تسمح له ولغيره من القيادات الجديدة بأن تنحرف لو أرادت حيث لا توجد محاسبة علي أي شيء ولا معايير محددة لأي شيء.. كما يمكن لرئيس مجلس إدارة المؤسسة الصحفية خلط العام بالخاص فيما يتعلق بأموال المؤسسة وتشغيل العاملين في قصوره وعزبه الخاصة وأن يغرف لنفسه من أموال المؤسسة ما يشاء دون أن يحاسبه أحد. أليس هذا كلاماً جديداً ويبعث علي الأمل في الإصلاح الحقيقي؟! . ومضى هجرس قائلا " وعلي صعيد آخر نجد رئيس تحرير "الجمهورية" الزميل محمد علي إبراهيم. يستخدم لغة راقية وغير مألوفة من قبل في معظم الصحف القومية في معرض الحديث عن المعارضة حيث يقول بالنص: إنني لا أحبذ إطلاق وصف "الغوغائيين" علي المنتمين للمعارضة ولحركة "كفاية".. فهم متعلمون ومثقفون ومسئولون سابقون ولا يمكن أن يكون قصدهم هو تحويل مصر إلي وضع يسمح بتدخل أجنبي أو وصاية.. لأنهم في النهاية مصريون لا يريدون أن يصبح هذا الوطن العظيم أسيراً تحت زعم حماية الديمقراطية. هذا أسلوب جديد ومناقض لأسلوب "الردح" الذي كان سائداً حتى وقت قريب. إذن.. لم يعد دعاة الإصلاح نغمة نشاز أو طيوراً منبوذة ووحيدة تغرد خارج السرب.. بل أصبحت هناك ركائز المؤسسات القومية. للإصلاح وهذه الركائز مرشحة لأن تتدعم وتتكاثر وتتساند من أجل مقاومة الفساد المستشري والغوغائية المتفاقمة والجهل النشيط والنفاق الرخيص الذي يسمم ضمير الأمة ويخنق مستقبل البلاد ويسد الطريق أمام ثالوث الحق والخير والجمال . ولكنها مرشحة أيضا لأن تتهاوي وتتعرض لانتكاسات إذا لم تتمتع بمساندة الكتاب الشرفاء الذين لم يبيعوا ضمائرهم للشيطان. وبدعم القراء الأذكياء الذين هم أصحاب المصلحة الحقيقية في هذا الوطن وأصحاب الحق في أن يطالعوا صحافة نظيفة. وغير مغشوشة. كل صباح " .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة