ستساهم التصريحات المفاجئة لنائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام التي تشكل احراجا للنظام السوري في قضية اغتيال رفيق الحريري، في تعجيل التحقيق الدولي واضعاف موقف الموالين لسوريا في لبنان. والواقع ان الحديث الذي اجرته محطة العربية الفضائية مع خدام، القريب من الرئيس الراحل حافظ الاسد الذي حكم سوريا طوال 25 عاما حتي وفاته عام 2000، والحامل الكثير من اسرار النظام السوري، وصف في بيروت بانه "زلزال". ومما قاله خدام ان الرئيس السوري بشار الاسد وجه تهديدات الي رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، لكنه تراجع عنها بعدما ادرك ان "هناك خطأ". وعلق محلل طلب عدم كشف هويته ان "هذا الحديث صب لمصلحة اللبنانيين السياديين الذين يواجهون مناورات دمشق التي تسعي الي عرقلة التحقيق الدولي لعدم اثبات تورطها في الاغتيال". واعتبر ان "انشقاق خدام يشكل ضربة شديدة لنظام بشار الاسد وحلفائه في لبنان الذين كانوا يعدون هجوما مضادا يقضي بشل الحكومة تمهيدا لاسقاطها". وكان الوزراء الشيعة الخمسة الموالون لسوريا والذين يمثلون حزب الله وحركة امل علقوا في 12 ديسمبر مشاركتهم في الحكومة التي يترأسها فؤاد السنيورة المدعوم من الغالبية النيابية التي ترفض استمرار التدخل السوري في الشئون اللبنانية. ويتزعم هذه الغالبية سعد الحريري نجل رفيق الحريري الذي اغتيل في بيروت في فبراير الفائت ابان الوصاية السورية علي لبنان. ويعارض وزراء ما يسمي "الكتلة الشيعية" تشكيل محكمة دولية تظلل لجنة التحقيق الدولية التي كان رئيسها المنتهية ولايته القاضي الالماني ديتليف ميليس خلص في تقريرين مرحليين في اكتوبر وديسمبر الي الاشتباه في تورط مسئولين امنيين سوريين ولبنانيين في عملية الاغتيال. وبدا ان التحقيق الدولي في القضية يتعثر بعد تراجع شاهدين سوريين عن افادتيهما، وفي ضوء الشروط التي فرضتها دمشق علي لجنة التحقيق التي مدد مجلس الامن مهمتها حتي يونيو 2006 وانتقلت رئاستها الي القاضي البلجيكي سيرج براميرتس. وقال النائب والزعيم الدرزي وليد جنبلاط ان "حديث نائب الرئيس السوري السابق يشكل شهادة لمصلحة التحقيق الدولي واللجنة". وبخلاف النظام السوري، اشاد خدام بعمل ديتليف ميليس وقال "ميليس قاض مهني ومعروف وتقريره جيد تجنب تسييس التحقيق رغم ان الجريمة سياسية (...) من سيس التحقيق هم المشتبه بهم". ودعا خدام الي انتظار التحقيق، لافتا الي ان "التحريض علي الحريري مصدره جهات لبنانية (...) من الدائرة المحيطة برئيس الجمهورية" اميل لحود. وكانت دمشق فرضت التمديد للحود ثلاث سنوات في سبتمبر 2004، قبل ان تضطر الي سحب قواتها العسكرية في ابريل 2005 تحت وطأة الضغط الدولي وتحرك الشارع اللبناني. بدوره، لاحظ المعارض المسيحي توفيق الهندي ان تصريحات خدام الذي شارك في رسم السياسة السورية عشرات الاعوام تشكل "اتهاما رسميا يورط رأس النظام" السوري. وصرح الهندي "اضافة الي كونها (التصريحات) تهدد وجود النظام السوري، فانها تضعف المعسكر الموالي لسوريا في لبنان، وعلي رأسه تحالف امل وحزب الله". واكد في هذا السياق ان "التحقيق سيتقدم سريعا لان خدام بمثابة شاهد رئيسي".