الكاريكاتير فن المبالغة والنقد والسخرية اللاذعة ، بدأ في الصحف والمجلات .. من نجومه صلاح جاهين وطوغان ورخا وناجي العلي . هذا الفن الراقي الهادف المشتبك إنتقل من صفحات الجرائد إلي الشاشات الفضائية فتحول من فعل إبداعي بناء الي مسخرة ففقد ظله وتأثيرة وخصوصيته كإبداع متطرف بطبيعته وليس مادة للتسلية والإستظراف وإدعاء الكوميديا وخفة الدم . ما نشاهده من برامج يتجاوز عددها المائة برنامج بقنوات عديدة منها موجة كوميدي ونايل كوميدي وبانوراما كوميدي يفوق كل حدود الفوضي والإبتذال فما يتبع من خطط للترفيه والترويح عن المشاهدين يبتعد تماما عن هذه المهمة ولا يعدو كونه نيلا من القيمة الحقيقية للفن والرسالة الإعلامية النبيله التي يفترض أن يقوم بها التليفزيون كعهده في أيام مجده الأول بينما ما يحدث فعليا عكس هذا الدور فالشباب العاطل بالوراثة يتجه مباشرة الي إحدي القنوات الفضائية الخاصة أوالحكومية ويقدم نفسه بوصفه مشخصاتي ومنولوجست وبتاع كله وبمجرد "التظبيط والتربيط "وفي أقل من أسبوع يطل علينا واحد من هؤلاء العاطلين متقمصا شخصية معلق رياضي أو ممثل أو مطرب وسيم ويوجعنا تقليدا وزغزغة ليثبت لنا أنه موهوب ومرشح للنجومية في المجال الفني . المشكلة أن التقليد تطور وأنتقل من خانة "البواخة"الي خانة "الخنوسة" ، حيث بات يطالعنا كل يوم شباب يرتدون ملابس حريمي ويضعون أشكالا وألوانا من المساحيق علي وجوههم ليقدموا لنا فاصلا كوميديا هوأقرب الي السخافة منه الي الكوميديا ،مما يدفع المشاهد لاشعوريا الي ضرب الشاشة الصغيرة بأقرب حذاء بجواره قرفا وأستياءا وأشمئزازا من تلك البدعة التي حولت شبابنا الي نساء ساقطات متخلفات وهذه هي الكارثة والطامة الكبري لقد صمتنا أمام ظاهرة عزب شو وأعتبرناها لونا فكاهيا فبولينا بما هو أحط وأضل سبيلا .."تكنوقراط وضحكني شكرا وأرجوك ما تفتيش" وهلم جرا ..أذكر ما كان يذيعه التليفزيون المصري في زمن إزدهاره وقناتيه الوحيدتين الخامسة والتاسعة من برامج ترفيهية للضبف أحمد وسمير غانم وجورج سيدهم ،المسمون بثلاثي أضواء المسرح ، فهؤلاء كانوا يدخلون البهجة علي الجمهور العريض دونما الخروج قيد أنملة علي الآداب العامة حتي المنولوجات التي كانت تقدمها ثريا حلمي ومحمود شكوكو وأحمد الحداد وبعدهم حمادة سلطان في مرحلة تالية لم يكن يشوبها شائبة لاأخلاقية ولا فنية ، فليس مسموحا بإرتكاب جرائم بإسم الفن كتلك التي ترتكب علي عينك يا تاجر دون خجل أو حياء والحجة الدائمة والمزمنة هي توفير عناصر الجذب لإمكانية الحصول علي إعلانات ، وفي رأيي أن هذه ذريعة وليست حجة لأن الأداء الجيد يفرض النجاح ويؤدي بالضرورة للإنتشار الذي هو سر إستقطاب المعلنين وتوفير السيولة . أما الفوضي فلا تخلق إلا فوضي والنهاية المحتومة هي الخسارة علي كل المستويات.. الأدبية والمالية والفنية ففاقد الشيئ لا يعطيه ومن لا يمتلك حياء لا يمتلك إحساسا ومن ليس لديه إحساس لا يعطي إبداعا وكل إناء ينضح بما فيه !!!