"المغرب لم يعرف الربيع العربي لأنه استبقه عبر إقرار إصلاحات قبل بدء الحراك الاحتجاجي في المنطقة العربية" .. هذه الكلمات جاءت على لسان الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند خلال زيارته للعاصمة المغربية أوائل االشهر الحالي ، إلا أن هذا الكلام يبدو انه لم يرضي البعض ومنهم جماعة "العدل والاحسان" التي خرجت مؤخراً لتحذر من كارثة اجتماعية واقتصادية في المغرب من شأنها أن تحدث انفجاراً. فرغم الاصلاحات السياسية التي قام بها العاهل المغربي محمد السادس العام الماضي لقطع الطريق أمام اندلاع ثورة شاملة علي غرار الربيع العربي في مصر وتونس، خرج الالاف من المغاربة للمطالبة بإسقاط حكومة عبد الاله بنكيران لتقاعسها عن مواجهة ألازمات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالمملكة وهو ما حلله البعض علي وصول قطار الربيع العربي الي المغرب بعد تأخر دام اكثر من عامين. وجاءت تصريحات أثارت فتح الله أرسلان نائب الأمين العام والناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة بالمغرب، التي عبر فيها عن مخاوف من حدوث "انفجار اجتماعي غير مؤطر"، لتزيد الموقف تأزماً ولتثير جدلا بين الاوساط المغربية. "كومبارس" ووصف فتح الله ارسلان، الحكومة الحالية التي يقود تحالفها حزب العدالة والتنمية الاسلامي بأنها من دون اختصاصات حقيقية، وقبلت لعب دور "كومبارس"، وعبر عن تخوف جماعته مما سماه "الانفجار غير المؤطر" للمجتمع المغربي، بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تتدهور يوماً بعد يوم. وفي تصريحه لوكالة الانباء الفرنسية قال أرسلان :"إن الحكومة الحالية «مكبلة، ولا تملك حرية وهامش التحرك، وهي من دون اختصاصات حقيقية". وأضاف أن "الذي يحكم عملياً هو الملك والمحيط الملكي أو ما يسمى حكومة الظل، في حين أعضاء الحكومة الحالية هم مجرد موظفي واجهة". وأوضح القيادي في أكبر جماعة إسلامية في المغرب أن "المجتمع المغربي تحول كثيراً في السنوات الماضية، وهناك شباب كثر متعلمون وواعون ويحملون شهادات جامعية، لكن لا عمل ولا منزل ولا مستقبل لهم، وليس لديهم ما يخسرونه، وإن انفجروا فلا أحد يستطيع كبحهم". وأكد أرسلان أن "العدل والاحسان" سبق أن حذرت "العدالة والتنمية" من الوضعية الاقتصادية السيئة التي لا يملكون معها الصلاحيات لاتخاذ القرار المناسب وحل المشكلات. وعن انسحاب الجماعة الإسلامية من حركة 20 فبراير الاحتجاجية، قال أرسلان :"تبين بعد مرور الايام أن القرار كان صائبا لأن الحركة استنزفت أشكالها الاحتجاجية، فكان علينا رفع السقف والدخول في اعتصامات، كما حصل في مصر، مما كان سيؤدي الى المواجهة". والنتيجة كما يضيف "عنف ودماء وضحايا، وهذا ضد مبادئنا الأساسية". فقد كانت جماعة العدل والإحسان، أحد المكونات الرئيسية لحركة 20 فبراير الاحتجاجية التي طالبت مع هبوب رياح "الربيع العربي" بإصلاحات جذرية في السياسة والاقتصاد، وأدت إلى تبني دستور جديد في يوليو 2011، تلته انتخابات فاز بها حزب إسلامي لأول مرة، بعد سنوات طويلة في المعارضة. ذهبت هباء وكانت صحيفة "ذي ناشيونال" الامريكية قد أشارت إلى ان الجهود التي بذلها العاهل المغربي والتي تركزت علي تدعيم السلع الغذائية والوقود في بلد يضم 32 مليون نسمة ، ذهبت هباء بعد اتهام المغاربة للحكومة بالتستر علي شخصيات بيروقراطية من الحكومة السابقة تعمل علي اجهاض اي اصلاحات تعود بالنفع علي المجتمع. ويرى مراقبون للشأن المغربي أن الاوضاع في المغرب وصلت إلى مرحلة "عنق الزجاجة" بعد أن مرت فترة لا يستهان بها حكومة بنكيران ، حيث يرون ان هناك في زيادة في الفساد والاستبداد. فقد أثار قرار الحكومة خفض ميزانية الاستثمار العمومي بأكثر من الثلث انتقادات من جانب المعارضة ووسائل الإعلام، رغم التوضيحات التي قدمها وزيرا المالية والميزانية حول كون "القرار لا يؤثر في الاقتصاد بقدر ما يضبط التوازنات الماكرو- اقتصادية". استبعاد الانفجار من جانبه اعتبر الإعلامي إدريس شحتان فاعتبر أن تصريحات أرسلان لم تأت بجديد من حيث المضمون، معتبرا أن الحديث عن "حكومة الظل وفقدان الاختصاصات الحقيقية" أصبح متجاوزا في ظل دستور 2011، وحمل المسئولية في ذلك إلى الحكومة نفسها التي قال إنها تفتقر إلى الانسجام المطلوب. واستبعد شحتان في تصريح لموقع "الجزيرة نت" مخاوف الجماعة من حدوث "انفجار اجتماعي غير مؤطر"، قائلا إنه رغم أن المغرب يواكب الحراك العربي فإنه "لا يفرط في استقرار البلاد ووحدته إبان الأزمات". كما اعتبر الباحث السياسي بلال التليدي أن مواقف "العدل والاحسان" لا تخرج عن خطها السياسي العام الذي يحاول - بحسب تعبيره - البحث عن مؤشرات لإسناد تموقعها خارج النسق السياسي. وأوضح التليدي في تصريح ل"الجزيرة نت" أنه لم يحدث أي تغيير في الخطاب السياسي للجماعة الذي يلوح من جهة بورقة "الطوفان الاجتماعي"، ومن جهة أخرى بورقة "فشل الفاعل السياسي المشارك في العملية السياسية، دون أن يطرح السؤال على الذات وتقييم رهاناتها السياسية، لا سيما بعد قرار الجماعة الانسحاب من حركة 20 فبراير". ولاحظ بلال التليدي أن البعد الثاني في تصريحات الجماعة، والذي تنسب فيه لحزب العدالة والتنمية الفشل وتعلل ذلك بضعف الاختصاصات وتمركز الصلاحيات كلها في يد الملك، فقد كان هذا الجواب - بحسب قوله - جاهزا حتى قبل أن تتشكل الحكومة، وقبل مرور الوقت لتقييم أداءها السياسي. ومن جهة أخرى انتقد التليدي ما أسماها بمبررات الجماعة لعدم الإقدام على تأسيس حزب سياسي ب"إلقاء المسؤولية على الدولة"، قائلا إن "الشروط الديمقراطية التي تطالب بها الجماعة مسبقا للانخراط في العملية السياسية" تأتي كما في العديد من التجارب الديمقراطية من "عائدات النضال الديمقراطي من داخل المؤسسات". بن كيران يرد وبعد تلك الانتقادات التي طالت الحكومة المغربية قال عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية مساء السبت أمام شبيبة حزبه العدالة والتنمية: "سنتحمل المسئولية كاملة ولن نتراجع عن محاربة المفسدين. واضاف بنكيران :"نحن اخترنا تحمل المسئولية والالتفاف حول الملك، ولن نتراجع عما عاهدنا عليه المغاربة ولن نسمح للمتحكمين في مستقبل المغرب بالأمس ان يعودوا للتحكم من جديد فمجال تحركهم يضيق يوما وهم يقاومون للعودة". وفيما يبدو أن بن كيران أراد أن يرد على جماعة العدل والإحسان الإسلامية . وانتقد ابن كيران وزير المالية السابق الذي اصبح حزبه في المعارضة، بقوله: "كان المغرب يملك في 2007 فائضا في الميزانية، وعندما تحملنا المسؤولية وجدنا عجزا مهولا، ودينا على الدولة يقدر ب600 مليار درهم (54 مليار يورو)، فكيف يتجرؤون ويحملونا وزر ما ارتكبوه". ووصف مشروع أرضية مؤتمر شباب العدالة والتنمية الإسلامي فترة ما بين 2007 و2011 ب"الانقلاب الهادئ على الديمقراطية أفضى الى فبركة حزب الدولة السلطوي الجديد"، في إشارة الى حزب الأصالة والمعاصرة المعارض الذي أسسه فؤاد علي الهمة، صديق دراسة الملك ومستشاره الحالي، قبل ان ينسحب منه مع الحراك الشعبي في المغرب. من جهته، وصف مصطفى باكوري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة السبت حزب العدالة والتنمية ب"الحزب الشمولي الذي يتخذ قرارات انفرادية وإقصائية سواء إزاء باقي مكونات الأغلبية الحكومية أو بمحاولة تهميش الأدوار الدستورية المخولة للمعارضة". واتهم المسئول في الحزب المعارض حكومة ابن كيران ب"السير نحو إجهاض الورش الكبير للإصلاح المؤسساتي والسياسي الذي انطلقت ديناميته منذ إقرار الدستور ومحاولة الاستحواذ على كل الأدوار بما فيها لعب دور الأغلبية والمعارضة". أكبر التنظيمات والعدل والإحسان جماعة إسلامية مغربية ، وهي من أكبر التنظيمات الإسلامية بالمغرب أسسها عبد السلام ياسين، وكان مرشدها العام حتى وفاته سنة 2012، وخلفه محمد عبادي في 24 ديسمبر 2012 بلقب الأمين العام، حيث تقرر الاحتفاظ بلقب المرشد العام لمؤسس الجماعة عبد السلام ياسين. تختلف عن الحركات السلفية ببعدها الصوفي وتتميز عن الطرق الصوفية بنهجها السياسي المعارض.[2] اتخذت منذ نشأتها أسماء متعددة من "أسرة الجماعة" إلى "جمعية الجماعة" ف"الجماعة الخيرية"، لتعرف ابتداء من سنة 1987 باسم العدل والإحسان، وهو شعارها الذي أخذته من الآية القرآنية: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون). ولا ترضى جماعة "العدل والإحسان" بهدف اجتماعي سياسي دون العدل على شريعة الله، ولا ترضى بغاية تتطلع إليها همم المؤمنين والمؤمنات دون الإحسان، فقد أورد بن كثير في تفسيره: "قال الشعبي عن بشير بن نهيك: سمعت ابن مسعود يقول:إن أجمع آية في القرآن في سورة النحل (إن الله يأمر بالعدل والإحسان). العدل والإحسان هما أم القضايا وأبوهما في الدين والدنيا، وفي الدعوة والدولة، في المصير السياسي والمصير الأخروي.