صرحت جماعة المعارضة الرئيسية في المغرب أن الانتخابات البرلمانية أظهرت أن اغلب الناس غير مهتمين بالإصلاحات التي أقرها الملك وتعهدت بالمضي قدما في الاحتجاجات للضغط لإقامة ملكية دستورية ولإنهاء الفساد. ومنحت النتائج النهائية للتصويت الذي جرى يوم الجمعة في إطار حزمة إصلاحات حزب العدالة والتنمية ثاني انتصار للإسلاميين في المنطقة بعد اندلاع انتفاضات الربيع العربي.
ولم يشهد المغرب ثورة كتلك التي شهدتها دول اخرى في المنطقة ولا يزال العاهل المغربي ممسكا بالسلطة ولكن شهدت البلاد احتجاجات استلهمت انتفاضات الربيع العربي رد الملك عليها بحزمة اصلاحات محدودة. وكانت جماعة العدل والاحسان المحظورة داعما رئيسيا للاحتجاجات التي نظمتها حركة 20 فبراير وشملت ايضا نشطاء علمانيين واحزاب يسارية اصغر دعت لمقاطعة الانتخابات.
وقال فتح الله ارسلان الشخصية البارزة في الجماعة أن ربع المغاربة المؤهلين للانتخابات شاركوا فيها مرجحا أن يكون السبب وراء ذلك الفساد وضغوط من مسؤولين حكوميين. وقالت وزارة الداخلية أن نسبة الاقبال بلغت 45.4 % من اجمالي عدد الناخبين المسجلين والذين يصل عددهم الى 13.5 مليون شخص. وتظهر الارقام الرسمية أن عدد المغاربة المؤهلين للتصويت يصل إلى 22 مليونا.
وقال ارسلان أن عدم مشاركة العديد من الناس في الانتخابات لا تعني انهم لا يكترثون بها. وأوضح أن ما وصفها بالاغلبية الصامتة قد تكون سببا للقلق لانه بمجرد انفجارها فإنه يصعب توقع مسار الاحداث بعد ذلك. ومنذ تأسيسها في عام 1987 يعتقد على نطاق واسع أن تكون جماعة العدل والاحسان اكبر واكثر الحركات الاسلامية نشاطا في المغرب. وتنشط بشكل بارز في نشر الاسلام ومساعدة الفقراء ولكنها محظورة من ممارسة النشاط السياسي بسبب لهجتها الخطابية العدائية تجاه الملكية على عكس حزب العدالة والتنمية الذي يؤكد على دعمه لعاهل البلاد.
وقال المعهد الديمقراطي القومي في الولاياتالمتحدة والذي يراقب الانتخابات أن "نقص حماسة الناخبين والدعوة لمقاطعة الانتخابات والعدد الكبير للاصوات الباطلة والملغاة تشير جميعها الى اهتمام المواطن باصلاحات اعمق وأكبر". ومنذ اعتلائه العرش في عام 1999 حظي العاهل المغربي الملك محمد السادس بثناء عالمي لجهوده في انهاء انتهاكات حقوق الإنسان التي كانت شائعة إبان حكم والده الملك الحسن الذي استمر 38 عاما. ولكن الحملة الاصلاحية المبكرة تفتقر للزخم. وعندما تفجرت احتجاجات تستلهم انتفاضات الربيع العربي في فبراير احيا الملك العملية الإصلاحية بإجراء تعديلات دستورية ساهمت في تخفيف حدة الحركة الاحتجاجية.
وقال ارسلان خلال المقابلة انه يمكن فقط القول أن الاصلاحات تمكنت من اضعاف الاحتجاجات اذا توقفت مؤكدا انها لم تتوقف. كما أكد أن جماعته ستواصل الاحتجاجات بمختلف انحاء البلاد. وقال ارسلان أن حزب العدالة والتنمية يستحق الفوز موضحا أن الاسلاميين سيفوزون في اي مكان اخر بالعالم العربي في حال اجراء انتخابات حرة ونزيهة ولكنه اوضح أن العدالة والتنمية ربما لا يكون مختلفا عن الاحزاب التي قادت الحكومات السابقة.
ونبه ارسلان الى أن ما يقوله لا يعني أن الحزب لا يمثل شيئا جيدا بالنسبة للشعب واصفا اعضائه بأنهم اناس مخلصون يحبون بلدهم ولكنهم سيدخلون في ائتلاف مع احزاب اخرى تنفذ سياسات الحاكم. ومضى ارسلان يقول أن الاحزاب تنفذ سياسات الحاكم واوضح أن الشعب رأي كيف سمح لاحزاب قومية واشتراكية بقيادة الحكومة بعد سنوات من وقوفها في صفوف المعارضة.
واضاف أن الاحزاب القومية والاشتراكية لم تتمكن من فعل شيء لان المخزن (النخبة الحاكمة) اما يجد احزابا ستتبع المسار الذي يرغبه او يؤسس احزابا جديدة للقيام بنفس العمل. وقال فتح الله ارسلان أن حزب العدالة والتنمية له مصداقية ووصفه بأنه حزب شقيق لحركته.
وقال في هذا الشأن أن حزب العدالة والتنمية قد يجري بعض التغييرات ولكنه وصفها بأنها ستكون تجميلية وان الوقت لا يناسب الاصلاحات الجزئية داعيا لاجراء اصلاحات حقيقية. واكد ارسلان أن الشعب لا يرغب في قدر بسيط من الديمقراطية. وقال أن من مصلحة القصر اخذ راحة فعلية وان السلطات قد تبعث باشارات مثل إطلاق سراح سجناء او البدء في محاكمة متهمين بالفساد.
واقر ارسلان بان الاحتجاجات في المغرب تفتقر لضغط قوي وعزا ذلك لوجود نظام ملكي قائم منذ قرون وتأييد احزاب رئيسية له ومخاوف من سفك دماء كتلك التي وقعت في ليبيا وسوريا. وقال أن القضية الآن هي هل سيقدر النظام على المضي قدما في اجراء اصلاحات حقيقية.