عرض الكاتب الأفريقي تشينو أتتشبيني كتابه " كان هناك دولة " وهو يحكي عن الأِشياء والأحداث التي تتداعى أمامنا من خلال عمل خلط ما بين مذكرات التاريخ وما عاصره بنفسه من احداث محبطة وذلك عندما أعلنت منطقة بيافرا الشرقية نفسها جمهورية عام 1967 وما تلا ذلك من حرب أهلية هناك . تشينو أتشبيني هو كاتب رواية " الأشياء تتداعى " عام 1958 التي اعتبرت أكثر الكتب التي تحكي عن القرن الأفريقي في الفرن العشرين مبيعا وانتشارا ، حيث حققت مبيعات تجاوزت العشرة مليون نسخة . وهو يعرف نفسه على أنه كاتب نيجيري ، وهو أيضا من الإيبو وهي واحدة من الثلاث قبائل الاشهر في أفريقيا التي تضم ما يقرب من 20 مليون شخص . وكانت الأيبو هي التي قادت التمرد لإقامة الدولة وخرجت من نيجيريا عام 1967 ، ومنها تشكلت جمهورية بيافرا ، ولكن قامت حرب أهلية استمرت ثلاث سنوات راح ضحيتها أكثر من مليوني شخص معظمهم من الأيبو الذين ماتوا جوعا بعد ان فرضت عليهم الحكومة النيجيرية الحصار الغذائي . ولم تكن تعاني فقط من الحصار الغذائي ، وإنما عانت بيافرا أيضا من التوترات العرقية العالقة والتي ظهرت في تقارير جماعة بوكو حرام والجماعات الجهادية العنيفة الانفصالية بالشمال ، وانتشار الإرهاب على الصعيد الوطني . و في كتاب " كان هناك دولة " عرض تاريخ شخصي لبيافرا من خلال معاصرة الكاتب لها والذي يبلغ عمره حاليا 82 عاما . الجزء الأول من الكتاب يتحدث عن اتشيني الذي اعتنق والديه المسيحية وواصل هو تعليمه ليكون عضوا من الجيل الذي لقب بالجيل المحظوظ لاستفادته من نظام المدرسة البريطانية حينها ، ليتخرج ويلتحق بالكلية بتقدير يعتبر الأعلى حينها . التحق بجامعة ايبتان وتعين بها ، ومن هناك بدأ كتابه روايته الأولى التي اشتهر بها " الأِشياء تتداعى " . ويكتب عن مطالبة الأفارقة بالاستقلال والذي حصلوا عليه أخيرا عام 1960 ، ولكن كان الحكم البريطاني قد بذر بذور التوتر العرقي والجغرافي بالفعل في الأراضي الأفريقية . وبحلول عام 1966 حدث انقلاب عسكري ، والذي جعل سكان الأراضي الإسلامية الشمالية يلقون باللوم على قبيلة أيبو ، حيث أن تعليمهم وطموحهم الزائد كان غير متناسب مع دولة جديدة حاصلة للتو على استقلالها . وأدي هذا الانقلاب والحركات الإرهابية إلى ذبح عشرين ألفا من الأيبو من دون تدخل من الحكومة لإنقاذهم مما جعلهم يهربون إلى بيافرا ليكونوا بها جمهوريتهم المستقلة بهم . يبدو من كتابة أتشبيني عن بيافرا ليس تأريخ لفترة أو مكان بعينه ، وأنما إعطاء التجربة الخلود كتجربة نبيلة وليس محاولة متمردين تكوين دولة منفصلين عن نيجيريا ، فقد قاوموا قلة الغذاء واللحوم وغير ذلك من أجل تجربتهم .