وزير التعليم: بذل كافة الجهود لدعم التمكين الحقيقي للأشخاص ذوي الإعاقة    مصطفى مدبولي: نعمل على دفع المشروعات الصناعية وإزالة أى تحديات تواجهها    مدبولي: مصر ستكون مركزا إقليميا لتصنيع الأجهزة المنزلية الفترة المقبلة    بعد الانخفاضات الأخيرة.. أسعار السيارات 2024 في مصر    طلاب بجامعة شيكاغو يقتحمون كلية العلوم السياسية احتجاجا على علاقتها بإسرائيل    سائقو الشاحنات في أوكرانيا ينظمون احتجاجا ضخما اعتراضا على قانون التعبئة الجديد    خبير يوضح أسباب الانقسامات التي تضرب مجلس الحرب الإسرائيلي (فيديو)    مباشر الدوري الألماني - فرانكفورت (0)-(0) لايبزيج.. بداية المباراة    الكل متفائل.. توقعات الجماهير لمباراة الأهلي و الترجي التونسي.. فيديو    بسبب خلافات سابقة.. المؤبد لشخصين لإتهامهم بقتل سيدة في القليوبية    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    مصرع طفلة دهستها سيارة "لودر" في المرج    في اليوم العالمي للمتاحف.. كل ما تود معرفته عن المتحف المصري الكبير    الصحة العالمية تحذر من الملح: يسبب ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب    «الحرية المصري»: مصر لن تتخلى عن مسئولياتها تجاه الشعب الفلسطيني    مسؤولو التطوير المؤسسي بهيئة المجتمعات العمرانية يزورون مدينة العلمين الجديدة    8 تعليمات مهمة من «النقل» لقائدي القطارات على خطوط السكة الحديد    تحرك عاجل من كاف قبل ساعات من مباراة الأهلي والترجي بسبب «الجزائري».. عاجل    مصر تنافس على لقب بطولة CIB العالم للإسكواش ب3 لاعبين في المباراة النهائية    خريطة إذاعة مباراة الأهلي والترجي.. المعلقين والاستوديو التحليلي    بعد الخلافات العديدة.. إشبيلية يعلن تجديد عقد نافاس    البيئة: 550 مليون يورو استثمارات تمت وجارية بمجال التوافق البيئي في الصناعة    بينهم أبو تريكة.. قبول طعن 121 متهمًا على إدراجهم بقوائم الإرهاب    السفيرة سها جندي تترأس أول اجتماعات اللجنة العليا للهجرة    تعرف على تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي.. في العناية المركزة    ليلة سقوط اللصوص.. القبض على 9 متهمين بارتكاب جرائم سرقات بالقاهرة    عاشور: دعم مستمر من القيادة السياسية لبنك المعرفة المصري    ثورة غضب عربية على الاحتلال الإسرائيلي بسبب عادل إمام    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    خبير علاقات دولية: إسرائيل تنشر الشائعات عن مصر لتهدئة الرأي العام في تل أبيب    الرعاية الصحية: نمتلك 11 معهدًا فنيًا للتمريض في محافظات المرحلة الأولى بالتأمين الشامل    «المصل واللقاح»: متحور كورونا الجديد سريع الانتشار ويجب اتباع الإجراءات الاحترازية    الكشف على 1645 مواطنا في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» ببني سويف    حزب الله: استهدفنا تجمعا ‏لجنود الاحتلال في محيط ثكنة برانيت بالأسلحة الصاروخية    الأحجار نقلت من أسوان للجيزة.. اكتشاف مفاجأة عن طريقة بناء الأهرامات    أستاذ الطب الوقائي: الإسهال يقتل 1.5 مليون شخص بالعالم سنويا    «الري»: بحث تعزيز التعاون بين مصر وبيرو في مجال المياه    جوري بكر تتصدر «جوجل» بعد طلاقها: «استحملت اللي مفيش جبل يستحمله».. ما السبب؟    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    طلاب الإعدادية الأزهرية يؤدون امتحاني اللغة العربية والهندسة بالمنيا دون شكاوى    محافظ المنيا: استقبال القمح مستمر.. وتوريد 238 ألف طن ل"التموين"    "النواب" يناقش تعديل اتفاقية "الأعمال الزراعية" غدا الأحد    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    أبرزهم رامي جمال وعمرو عبدالعزيز..نجوم الفن يدعمون الفنان جلال الزكي بعد أزمته الأخيرة    موعد مباراة بوروسيا دورتموند أمام دارمشتات في الدوري الألماني والقنوات الناقلة    نهائي أبطال إفريقيا.. 3 لاعبين "ملوك الأسيست "في الأهلي والترجي "تعرف عليهم"    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    25 صورة ترصد.. النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    مسئولو التطوير المؤسسي ب"المجتمعات العمرانية" يزورون مدينة العلمين الجديدة (صور)    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    الفصائل الفلسطينية تعلن قتل 15 جنديا إسرائيليا فى حى التنور برفح جنوبى غزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    المستشار الأمني للرئيس بايدن يزور السعودية وإسرائيل لإجراء محادثات    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثروت عكاشة في مذكراته : ناصر لم يقبل استقالتي .. والسادات أراد استراحة بالأهرامات (2-2)
نشر في محيط يوم 02 - 04 - 2012

حين وجد عبدالناصر أن صديقه ثروت عكاشة يريد الاستقالة، فكر مليا وقال له : نظامنا لا يسمح باستقالة وزير ولكني أريدك في إدارة البنك الأهلي . وبعد برهة قال له : أنا مقبل على مهام قومية جسيمة ، فلابد أن يصبح لدينا خلال عشر سنوات اتحاد للجمهوريات العربية على غرار اتحاد الجمهوريات السوفيتية ، وتكون لكل دولة بداخله تمثيلها السياسي . وسأعترف لك أنني تورطت في التوغل الكبير في حرب اليمن، وخاصة أنها استنفدت قوانا وأزهقت أرواحا كثيرة ، وهو ما جعل قواتنا تلتقي وهي في حالة إنهاك بقوات العدو الإسرائيلي المدعومة من أمريكا .
ويمضي الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة ونائب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في مذكراته ليستعرض ملامح مصر بعد ثورة يوليو ، وعلاقته بناصر ومن بعده السادات الذي اتهمه بمعاداة التوجه الناصري وتبني سياسة التنازلات للغرب !
استقالة ثروت عكاشة
منذ تعيينه وزيرا للثقافة 1958 وقد انكب الدكتور ثروت عكاشة على مشروعات كبرى مثل إنقاذ آثار النوبة وإنشاء أكاديمية الفنون وقصور الثقافة وغيرها، وقد أنشأ عكاشة عام 1960 مؤسسة التأليف والنشر ، واستطاع دمج كافة شركات النشر بالوزارة في واحدة أسماها "دار الكاتب العربي" وذلك عام 1966 ، وترأسها محمود أمين العالم ثم المؤرخ عبدالعظيم أنيس ، ثم أسند لسعد الدين وهبة إدارة الشركة الرئيسية للتوزيع ، بينما عهد للدكتورة سهير القلماوي بمؤسسة التأليف والنشر.
وسارت الأمور رغم تعثر ميزانية الدولة، لكن أكثر ما كان ينغص عمله حقا هو تقديم وزارة الإعلام لنشاط ثقافي هابط المستوى ومع ذلك يحظى برعاية الرئيس عبدالناصر، باعتبار أن الكتاب يقرأه النخبة أما التليفزيون فيدخل كل بيت ، كان ذلك في عهد الوزير عبدالقادر حاتم، وهو تدخل بالشأن الثقافي لم يرض به عكاشة واضطره للإستقالة، خاصة وأن تلك الأنشطة التي يقدمها التليفزيون كانت أبواقا لتبرير أفعال نظام الثورة ، بلا أي نقد لها .
وفي هذا التوقيت شاهد ثروت عكاشة أن مخزون دار الكتب من الكتب غير المباعة فاق الستة ملايين، ولاحظ ركود السلاسل الثقافية ، ولاحظ أيضا الاتكال على سياسة الكم لا الكيف، فكان هناك مشروع "كتاب كل ست ساعات" وكأن ذلك صار هدفا في حد ذاته ، كما شهد عام 1963 توقف دار الكتب عن نشر التراث تماما.
وفي الفترة التي استقال فيها ثروت عكاشة من وزارة الثقافة وحتى عاد إليها مجددا ، أي ما بين عامي 62 – 66 ، كان ينفق الكثير من وقته لإعداد موسوعة "العين تسمع والأذن ترى" ، كما اهتم كثيرا بالمسرح والموسيقى والترجمة لأعمال الرواد كجبران خليل وغيره .
مشروعات مصر الكبرى
بعام 1966 ، كان عكاشة قد عاد وزيرا للثقافة، فقرر تصفية سلاسل الثقافة الرديئة ، وظهرت سلاسل جديدة منها "اعرف عدوك" و"أعلام الفكر" وسلاسل ترجمة الفكر والأدب العالمي للبالغين والأطفال ، كما دعم توجه نشر أمهات الكتب ككتاب الأغاني أو النجوم الزاهرة وتفسير القرطبي للقرآن الكريم ، واستكمال موسوعات "تاريخ الحضارة المصرية" وتاريخ البشرية ومشروع القاموس الإنجليزي العربي ، وظهرت كتب قيمة من نوعية "القاهرة في ألف عام" بأربع لغات و"كنائس مصر" ، وعنيت المؤسسة بالترجمة لأمهات الكتب مثل "اضمحلال الإمبراطورية الرومانية وسقوطها" لإدوارد جيبون و"العقل والثورة" لهيجل و"القياصرة قادمون" لأموري ده رينكور. وقد عني عكاشة بثقافة الطفل وحشد المصورين والمسرحيين والموسيقيين والمؤلفين لخدمتهم عبر مكتب يتبعه شخصيا وكانت كتب الطفل ومجلاته تصدر لتخاطب الطفل العربي بوجه عام بلغة عربية فصيحة محببة . حتى إنه حاول تقديم نموذج شبيه بمدينة ديزني لاند الأمريكية على أرض مصر .
ثم وافق عكاشة على مقترح الفنان عبدالسلام الشريف بإقامة معرض دولي للكتب في مصر، وأقيم بالفعل عام 1969، وبعد نجاح التجربة صارت تتكرر بانتظام حتى أصبح معرض القاهرة علامة ثقافية هامة ، وبعدها تم تدشين اتحاد الناشرين العرب .
وأراد وزير الثقافة ثروت عكاشة أن يتيح درجة من حرية التعبير السياسي بالمسرح، وأتاح مسرحيات ك "المسامير" لسعد الدين وهبة أو "الفتى مهران" لعبدالرحمن الشرقاوي التي تهاجم حرب اليمن ومسرحية "ثورة الزنج" لمعين بسيسو . كما قدمت كلاسيكيات المسرح العالمي كملحمة "أجامنون" لإيسخاليوس بترجمة لويس عوض ومسرحيات ساخرة راقية مثل "فلان الفلاني" لأنيس منصور . وشهدت تلك الفترة تأسيس دار الأوبرا الجديدة ومقر الكونسرفتوار.
ثم في عام 1968 أسس عكاشة لفرقة الموسيقى العربية لحماية التراث النادر في هذا المجال، وكان أول مايسترو يترأسها الفنان عبدالحليم نويرة . كما سعى عكاشة لإصلاح حال مؤسسة السينما التي كانت تتكبد خسائر فادحة بشركاتها الست كل عام ، وكان نجيب محفوظ رئيس مؤسسة السينما وتم تأسيس المركز القومي للأفلام التسجيلية والكارتون والتجريبية ، والذي ظهر عنه فيلم المومياء لشادي عبدالسلام بإخراج إيطالي.
ثم شهدت نهاية الستينات الاحتفال بألفية القاهرة، وتدشين متحف الفن الإسلامي الفريد، وتم تأسيس مؤسسة لإدارة المعاهد الفنية المسرحية والموسيقية بجودة عالية كما نشأت أكاديمية الفنون وكان أول من ترأسها الدكتور مصطفى سويف . وجرت اتفاقات مع فرنسا لترميم البيوت الأثرية والمعابد والمساجد ، ولربط السياحة بالآثار تم تدشين صندوق تمويل مشروعات الآثار والمتاحف، وظهرت متاحف جديدة كالنوبة والحضارة ، وبالاتفاق مع الدول الغربية الصديقة تم ترميم معبد الكرنك بمشاركة فرنسية ومعبد الدير البحري بمشاركة بولندية وغيرهما . وكان عكاشة يرغب في تحويل المتاحف لمؤسسات ثقافية وتعليمية للجمهور واستقدم لها الخبراء الأجانب , كما استمر مشروع إنقاذ آثار النوبة .
ثم طرأت لعكاشة فكرة متحف لمستنسخات اللوحات العالمية المصورة ، كما أقيم في تلك الفترة متحف للفن الحديث بالدقي ثم قصر للفنون وذلك بشراء جزء من أرض مبنى متحف محمود خليل وزوجته بالجيزة، ولكن عبدالناصر كان قد لقي ربه بعدها، وعمد الرئيس السادات لوقف العمل بالمتحف والقصر وإخلائهما وتحويلهما لثكنة عسكرية! وقد تم إعادة افتتاح المتحف عام 1995 . كما أقيمت في تلك الفترة متحف النسجيات ومعهد النقد الفني ومعهد إعداد الرواد الثقافيين .
كما يذكر عكاشة أن عبدالناصر أعانه على مشروع قصور الثقافة في المحافظات لتكون بؤر تنوير حقيقية.
ويعتبر عكاشة أن اعتماده على عدد من المثقفين الماركسيين والشيوعيين لشغل المناصب الثقافية الكبرى لم يكن بإملاء من عبدالناصرولكن كان عن قناعة منه بأدائهم ووطنيتهم ، ومن أمثالهم محمود أمين العالم وعبدالعظيم أنيس ، وعلى الجانب الآخر كان هناك جيشا من الليبراليين مثل الأساتذة نجيب محفوظ وسهير القلماوي وعبدالعزيز الأهواني وعبدالحميد السحار وعبدالمنعم الصاوي وصلاح عبدالصبور .
صراع مع السادات
رحل جمال عبدالناصر ، ووجد ثروت عكاشة نفسه في مأزق وبالكاد ارتضى أن يكون لأشهر قليلة نائبا أيضا للرئيس السادات كما كان لناصر، لكنه شعر بتغير كلي في التوجه ، وبعبارة صريحة كتبها، فقد كان السادات يقود توجه تشويه الحقبة الناصرية بأكملها . وكانت هناك أشياء بنفس ثروت عكاشة من أنور السادات ، بينها أن السادات كان يريد بناء استراحة له في عهد عبدالناصر بقطعة أرض ملاصقة للأهرامات، رغم علمه بكونها منطقة أثرية، وهو ما رفضه عكاشة بالطبع باعتباره وزير الثقافة آنذاك .
واتهم عكاشة السادات بعد رغبة الأخير في إلغاء وزارة الثقافة ودمجها بمؤسسات وزارة الإعلام، وهو يقول أنه بعد أن ثبت له كذب ادعاءات نظام السادات بإتاحة الديمقراطية وعدم المساس بحريات المواطنين ، اعتذر عن منصب مساعد رئيس الجمهورية ، وخاصة أن ذلك تزامن مع محاولة تلفيق تهمة التخابر مع السفير محمد عبدالغفار ، وكذلك إلغاء موسوعة "العين ترى" الفنية التي كان قد تعاقد على نشرها لدى دار المعارف .
لكن ذلك لا يمنع امتداح ثروت عكاشة لقرار السادات بخوض حرب أكتوبر 1973 ، وقد كان أيضا بين المدافعين في البداية عن معاهدة كامب ديفيد عام 1977 لكن وبعد نشر الصحف لتفاصيلها والتنازلات التي ستبذلها مصر لإسرائيل في مقابل ذلك السلام أصبح معارضا لها .
.. تطرق عكاشة بمذكراته لحقبة مبارك إجمالا، وقال عن جوائز الدولة المصرية في عصر فاروق حسني، أنها كما وصفها إحسان عبدالقدوس صارت كبقشيش يمنح لجرسونات الدولة، وأصبح الأدباء الذين يحترمون أنفسهم يعتذرون عن قبولها، وقد تقاعس المجلس الأعلى للثقافة عن منحها له أكثر من مرة رغم ترشيح اسمه من قبل جهات كثيرة، ولم يمنح إياها سوى عام 1988 . وبعد عضويته بلجان المجلس الأعلى للثقافة ، عاد عكاشة ليعتذر عنها عام 1998
.. حاز الدكتور ثروت عكاشة عن إنجازاته الثقافية أوسمة رفيعة مثل وسامي جوقة الشرف الفرنسي والفنون والآداب ، وجائزة الدولة التقديرية مرتين .

اقرأ أيضا
عبدالناصر يعترف : نظامنا العسكري ديكتاتوري .. ومراكز القوى تفسد كل شيء (1-2)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.