في الفترة الأخيرة ارتفعت أسعار اللحوم بشكل جنوني دفعت المستهلكين وخاصة من الفقراء أن يهجروا اللحوم ويتجهوا للبدائل الأخرى، في الوقت الذي تتعرض فيه الثروة الحيوانية في مصر إلي أزمة حقيقية أثرت بالسلب علي الأسعار الذي وصلت في بعض الأماكن إلي 80 جنيها لكيلو اللحم البلدي. وعلي الرغم من أن الدولة فتحت باب الاستيراد للحوم من الخارج إلا أن الأسعار مازالت لا تتناسب مع الدخل الحقيقي للمصريين، فضلا عن أن اللحوم المستوردة تقل في الجودة والقيمة الغذائية عن اللحوم البلدية ونحن علي أبواب عيد الاضحي المبارك الذي يزداد فيه الطلب علي الشراء وبالتالي ترتفع الأسعار. وفي هذا التحقيق نستعرض أهم أسباب ارتفاع أسعار اللحوم مع عرض لحلول للخروج من الأزمة. أسعار "البلدي" نار والبديل المستور والطيور في البداية يقول عادل المعداوي موظف: إن أسعار اللحوم غير قابلة للتفاوض عليها مع الجزارين حيث وصل سعر الكيلو إلي 75 جنيها. ولفت إلا أنه لا يستطيع شراء كيلو لحمة إلا مرة واحدة في الشهر معللا ذلك لكونه موظف ومرتبة لا يكاد يكفي الضروريات اللازمة له ولاسرتة وتقول سحر محمد ربة منزل: إن اللحمة البلدية محرمة علينا بسبب ارتفاع سعرها موضحة إلي أنها تعيش هي وأسرتها علي " الفراخ " والبدائل الاخري مثل الأسماك . وأوضحت أن اللحوم المستوردة يصل سعرها إلي 45 جنيها ولكنها غير جيدة تحتاج إلي عملية طهي طويلة. أما محمود سعيد عامل فيقول: عندي من الأولاد خمسة في مراحل التعليم المختلفة ويحتاجون إلي مصروفات يومية فيلجا إلي تربية الطيور في سطح المنزل الذي يقيم في هربا من ارتفاع أسعار اللحوم. وأضاف أن اسرته لا تأكل اللحوم إلا في الأعياد حيث يقوم المضحون بتوزيع لحوم الأضاحي علي الفقراء. وأضاف سعيد أن باقي أيام السنة يعيش علي الفراخ المجمدة أو الطيور مع ارتفاع استعار أعلاف الطيور. الجزارون: عمليات الذبح والتشفية مكلفة وعلي الجانب الأخر يقول احمد رمضان جزار: أن زيادة أسعار اللحوم لا ذنب للجزار فيها معللا الزيادة لارتفاع أسعار اللحوم الحية في الأسواق. وأضاف رمضان أن عمليات الذبح والتشفية والتنظيف تتكلف علي الجزار كثيرا فضلا عن أن التجار يحتكرون الأسواق الأمر الذي يؤدي لرفع الأسعار. أما جميل حافظ جزار فيري: أن تجارة اللحوم في مصر مصابة بالركود بسبب ارتفاع أسعارها وعزوف الكثير من المستهلكين عنها. ولفت إلي أن معظم الجزارين مديونين للتجار الكبار حيث يشترون اللحوم بنظام الأجل ويقوم التاجر بوضع هامش ربح كبير علي كل ذبيحة مما يتسبب في رفع الأسعار. التجار: أسعار الأعلاف ارتفعت ولا يوجد ربح ويؤكد طه عبد الجيد مربي مواشي : أن أسعار الأعلاف قد زادت لأكثر من 50% فضلا عن العلف الأخضر. وأضاف عبد الجيد: أن تربية المواشي لم تعد مربحة كما في السابق بسبب الأمراض والأعلاف موضحا أن الكثير من المربين قد اعرضوا عن تربية المواشي بسبب ارتفاع التكلفة. يقول رجب رياض مربي: إن التاجر والجزار يحصلان علي مكسب المربي والفلاح علي الجاهز. وطالب رياض الدولة بدعم المربيين بشتى الطرق والوسائل منها توفير أعلاف بأسعار تتناسب مع الوضع الحالي مع توفير رعاية بيطرية مناسبة. ونوه أن العديد من رؤؤس الماشية قد نفقت هذا الصيف بسبب" الحمى القلاعية والعقد الجلدي". ويقول سلامة سيد تاجر مواشي: إن ارتفاع الأسعار لا يظهر أثرة كثيرا إلا في المواسم والأعياد لافتا إلي إننا علي أبواب عيد الاضحي المبارك ويلجا بعض الجزارين إلي شراء كميات كبيرة من اللحوم الحية وتخزينها ويتسببوا في تعطيش السوق الأمر الذي يدفع الأسعار إلي الصعود . ويعلل إبراهيم عبد اللطيف تاجر مواشي ارتفاع أسعار اللحوم لانخفاض أعداد رؤؤس الماشية الأمر الذي ذاد من عملية الطلب لقلة المعروض. وأضاف أن عملية النقل والرعاية تتكلف كثيرا علي التاجر مشيرا إلي أن الجزار هو الرابح الوحيد في تجارة اللحوم. ويري محمد وهبة رئيس شعبة القصابين بالاتحاد العام للغرف التجارية: إن الثروة الحيوانية في مصر في خطر بسبب الأمراض التي انتشرت مؤخرا وأدت إلي نفوق الكثير من رؤؤس الماشية . في اوقت الذي عجزت فيه الطب البيطري عن ملاحقة الأمراض والقضاء عليها وطالب وهبة المسئولين في الحكومة بإعادة إحياء مشروع البتلو وعدم ذبح الإناث وتوفير الرعاية البيطرية للمواشي الأمر الذي سوف يساعد علي توازن الأسعار الخبراء: الحل في تمويل مشروعات اللحوم والمزارع ومن جانبه يري الدكتور رضا عيسي الخبير الاقتصادي: أن منظومة الثروة الحيوانية في مصر بها خلل كبير، مشددا علي الطريقة العشوائية التي تداريها المنظومة. ولفت أن الكميات المستوردة من اللحوم الحية من الخارج تؤثر بالسلب علي الثروة الحيوانية في مصر. وطالب الدولة بالتوسع في المشروعات الزراعية والخدمية مع تسهيل تمويل مشروعات اللحوم والمزارع لدعم الثروة الحيوانية في مصر. ويذكر أن الحكومة قد أعلنت في تصريحات سابقة عن التعاقد علي شحنات لحوم من السودان وغيرها من الدول الإفريقية فضلا عن اللحوم البرازيلية لسد العجز في قطاع اللحوم ومحاولة لكبح جماح الأسعار استعداد لاستقبال عيد الاضحي المبارك ويبقى التساؤل، إلى متى نظل نعتمد في احتياجاتنا من المواد الغذائية علي الاستيراد من الخارج في الوقت الذي كانت تصنف فيه مصر علي أنها دولة زراعية تصدر إلي العالم ؟، ولماذا لا تتبني الدولة المصرية مشروعا قوميا لإحياء الثروة الحيوانية والحفاظ عليها من الضياع ولكبح جماح أسعار اللحوم ؟.