نقلا عن :الاخبار 27/8/07 مرة اخري نتساءل: ماذا اصاب منتجات اللحوم والالبان؟ هل سباق الاسعار يهدد اسواقها مع اقتراب شهر رمضان.. وذا كان هذا التهديد قائما فأين دور الجهات المسئولة عن حماية المستهلك من استغلال التجار وسماسرة الازمات؟! .. تعالوا نتناول اليوم مشاكل المربين .. فرحلة 'العجل' حتي يصل إلي السوق رحلة طويلة.. فيها محطات.. وتجارة وسمسرة.. ولتحقيق الربح والتربح تشهد الكثير من المفاوضات والمساومات.. هذه الرحلة تبدأ من المربي.. ثم تاجر الماشية.. ومنه إلي المجزر فتاجر الذبائح الذي يبيعه بدوره إلي الجزار.. كل حلقات التداول ضمن هذه الرحلة 'تأكل من الذبيحة'.. وتكسب وتتكسب منها.. لكن: هل هو مكسب معقول أم مجنون؟ نبدأ بالمربي.. فهو أساس الانتاج.. نقف علي طبيعة انتاجه..ومشاكل التربية.. والظروف التي تحول دون وصول الانتاج منه إلي المستهلك بسعر مناسب الانتاج الحيواني يقوم ويعتمد علي عدة عناصر.. أولها المنتج أو المربي.. وثانيها توافر الامكانيات اللازمة للتربية من اعلاف وطرق رعاية وعلاج بيطري.. ثم عملية التسويق بعد ذلك. كل هذه العناصر مرتبطة ببعضها البعض.. وأي خلل في احدها يؤثر عليها مجتمعة..فأي خلل نجده الآن؟ مشاكل التربية مشاكل تربية الماشية يرصدها المحاسب أحمد نجيب مرب مشيرا الي ان زيادة سعر الاعلاف خلال الفترة الاخيرة تؤدي حاليا إلي زيادة التكلفة.. فاحد انواعها مثلا وهو العلف المركب قفز سعر الطن من 850 جنيها في نفس الفترة من العام الماضي إلي 1600 جنيه هذا الشهر.. كما ان الادوية البيطرية زادت اسعارها هي الاخري بنسبة 30 % وهذه الادوية لايمكن الاستغناء عنها أو حتي ترشيدها.. لان اي اهمال لها يعني السماح للامراض باهدار القطيع. يضاف الي هذا كله ارتفاع اجور العمالة والخدمات الاخري.. صحيح ان هناك بطالة، لكن يجب ان يكون معلوما ان العامل الذي يعمل في مجال تربية الماشية لابد أن يكون محترفا ولديه من الخبرة مايكفل رعاية الماشية.. ونوعية هذا التعامل نادرة.. لذا فأجره مرتفع. سألنا: حلقات التداول كثيرة.. لماذا لاتتعاملون مباشرة مع الجزارين حتي لايقع المستهلك فريسة للوسطاء والمتاجرين؟ لو ان لدينا جهازا للتسويق يمنع هؤلاء من تصعيد السعر ماكنا نري المبالغة الجارية بالاسواق الآن.. لكن من الذي يقوم بتشكيل هذا الجهاز؟ وكيف تتم ادارته؟ وما ضمانات نجاحه؟ الحكومة وحدها هي التي بامكانها القيام بهذه المهمة.. فهي تستورد اللحوم لعرضها بالمجمعات.. ويمكنها بدلا من ذلك دخول مرحلة التسويق بشراء الرؤوس من المربين مباشرة وتجهيزها بمجازر تابعة لها وتوزيعها للجزارين والجمعيات.. بهذا تكون قضت علي حلقات الوسطاء في التداول لخدمة المربي والمستهلك معا. هل تتوقع زيادة اكثر من اسعار اللحوم خلال رمضان؟ المسألة مسألة عرض وطلب.. ومعروف ان الاستهلاك يزيد في شهر رمضان.. وطالما ان الطلب يرتفع والمعروض ثابت فلابد ان تزيد الاسعار.. اللهم إلا إذا تم استيراد لحوم بكميات كافية تحقق التوازن في الاسواق. نصيبي من الذبيحة! رأس الماشية التي تخرج حية من عند المربي تتحول إلي 'ذبيحة'.. هذه الذبيحة يحصل كل فرد من افراد حلقات التداول علي نصيب معلوم منها.. لكن قيمة هذا 'النصيب' تختلف باختلاف حلقات ومحطات التداول. أحمد عبدالجليل تاجر مواشي يؤكد ان نصيبه من رأس الماشية متواضع للغاية..فهو يقوم بتجميع الرؤوس من الفلاحين اسبوعيا.. وفي الاسبوع الواحد يقوم بتوريد شحنة من عشرة رؤوس الي المجزر.. ويحصل علي 50 جنيها عن كل رأس.. ومع حساب 'السبوبة' تجد انني احصل علي 500 جنيه.. لكن باستقطاع مصاريف طريق ونولون سيارة قدرها 150 جنيها فان الربح يكون 350 جنيها. تكسب 350 جنيها اسبوعيا.. اذن ما هو مكسب التاجر اللاحق لك؟ يلتقط خيط الاجابة عبد الشافي عوض تاجر مواشي ليقول: أكيد أكبر بكثير.. لكن الحقيقة التي لايختلف عليها اثنان هي ان الجزار يظل هو اول المستفيدين من الذبيحة هو الاول في قائمة الربح ربح أم ذبح؟! 'الجزار هو أول المستفيدين من الذبيحة' هل هذا صحيح؟ محمد حجاج مرب يجيب موضحا انه يبيع للتاجر بسعر 14 جنيها للكيلو جرام قائم..والعجل الحي زنة 400 كيلو يعطي وزنا صافيا بعد الذبح قدره 180 كيلو جراما.. ولوحسبنا ثمن العجل حيا يضرب 400 كيلو جرام في 14 جنيها نجد انه 5600 جنيه..ونفس العجل مذبوحا زنة 180 كيلو في 40 جنيها وهو متوسط السعر الذي يبيع به الجزار نجد انه يعطي 7200 جنيه.. ويطرح ثمن المذبوح من ثمن الحي نجد الناتج والذي يمثل الربح هو 1600 جنيه.. واذا اضفنا مبلغ الف جنيه تمثل قيمة بيع الجلد والكوارع والكبدة وباقي الملحقات نجد ان مكسب الجزار يزيد عن 2500 جنيه في الرأس الواحد! ومكسبكم انتم كمربين؟ الربح الصافي من العجل الذي يقضي دورة مدتها ستة شهور يتراوح من 500 إلي 700 جنيه.. وهذا الرقم المتواضع لايكون مجزيا الا في حالة المزارع الكبري.. التي تضم آلاف الرؤوس ويكون فيها تعددية انتاجية، مثل التسمين وحلب الالبان فضلا عن بيع روث الماشية كسماد عضوي.. اما المربي الصغير فان قيمة ربحه علي مدار العام تختلف.. وتزيد مشكلته والتي قد تؤدي إلي خروجه من النشاط عند تعرضه لحالات نفوق تنتج عنها خسائر تكون اكبر من احتماله. ويضيف محمد حجاج ان احدي المشاكل التي ادت الي نقص المعروض هي الامراض التي اصابت الثروة الحيوانية.. واهمها الحمي القلاعية والجلد العقدي.. هذه الامراض ادت إلي نفوق رؤوس كثيرة وادت الي حدوث هزة في السوق منذ ثلاثة شهور..ومازالت تداعياتها السلبية مستمرة حتي الان. استيراد الوباء؟ الخطأ الذي وقعنا فيه بالأمس، ندفع ثمنه اليوم.. ونأمل ان تزول اثاره السلبية غدا..فاستيراد اللحوم الحية من الصومال والسودان وغيرها من الدوي خلال العامين الماضيين حمل امراضا وبائية لقطاع الثروة الحيوانية وقد أدت حالات النفوق الي خروج الكثيرين من نشاط التربية، خاصة صغار المربين. هذا ما يؤكده د.حسين الحناوي مرب والذي يضيف ان مشكلة الاعلاف هي أول اسباب معاناة المربين والمستهلكين نظرا لدورها الكبير في رفع تكلفة المنتج وبالتالي زيادة سعر اللحوم، فالذرة الصفراء اصبح سعرها مرهونا بالسوق العالمية.. لان العديد من الدول المتقدمة بدأت تستخرج منها 'الايثانول' الذي يدخل في تصنيع الوقود..وبالنسبة للردة فقد قفز سعر الطن من 700 إلي 1500 جنيه مؤخرا.. لماذا؟ لانها تأتي من القمح.. والقمح المحلي لايكفي والمستورد ارتفعت اسعاره هو الاخر.. وهنا لابد من دعم الدولة لتصنيع علف السيلاج الذي يعتمد علي سيقان الذرة الخضراء..وذلك بتسهيل القروض للمربين لشراء الماكينات اللازمة للتصنيع. ذبح الصغار وحول توقعه لحالة السوق خلال شهر رمضان المبارك يحذر د.الحناوي من انخفاض المعروض وعدم تغطية السوق بالاستيراد واثر ذلك في رفع الاسعار، مشيرا إلي ان الفترة الاخيرة شهدت ذبح الكثير من صغار الماشية وامهاتها بسبب زيادة الطلب الناتج عن الاتجاه الي البديل بعد هجمة انفلونزا الطيور.. كذلك خوف المربين من نفوق القطعان بسبب الحمي القلاعية والجلد العقدي.. اما علي المدي البعيد فهو يطالب بضرورة اعادة مشروع البتلو، ويقترح ان تقوم الحكومة بدعمه من خلال شراء الرؤوس الصغيرة من الفلاحين وتسليمها لمزارع كبار المربين مع منحهم قروضا للتربية. وماذا بعد؟.. الحكومة تشدد علي تأكيدها بأن اللحوم لن تزيد اسعارها في رمضان لانها ستغرق السوق بالمستورد.. وتؤكد انها ستمسك السوق بيد من حديد في مسألة الرقابة وانضباط الاسعار.. فهل يتحقق ذلك.. ننتظر '!'