كغيرها من السلع التي ركبت قطار الأسعار ورفضت أن تنزل في أي محطة نسى الكثيرين شكل "اللحوم" بعد نسيان طعمها، نظرا لارتفاع أسعارها المبالغ فيها. وبالرغم من انخفاض الطلب على اللحوم البلدية والمستوردة المجمدة بنسبة تصل إلى 50% بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية فقد ارتفعت أسعارها خلال شهر مارس الماضي بمعدلات وصلت إلى 20% للبلدية و 5% للمستوردة. اللحوم في الأعياد تقول عواطف من منطقة السيدة زينب ربة منزل لا نشتري لحمة إلا في الأعياد فقط لان ميزانية الأسرة لا تستوعب أسعار اللحوم التي وصلت إلي خمسة وسبعون جنيها للكيلو، وتلجأ إلى عفشة اللحوم تشتريها من "المدبح" بربع سعر اللحوم كلحمة الرأس، والفشة و والكرشة والمنبار أو ما يعرف بحلويات اللحوم تشتريها مرة كل شهر حتى يظل أولادها متذكرين طعم اللحوم. فيما قال رجب الهواري موظف أنه مقاطع للجزارين واللحمة بصفة عامة بسبب ارتفاع أسعارها المتواصل، ومحدودية دخله لافتا إلي انه يتقاضي 800 جنيه يدفع منها إيجار400 للشقة التي يسكن بها والباقي عليه أن يعيش بهم طوال الشهر ويعول ثلاثة أولاد في مراحل تعليم مختلفة. المستهلك في خطر وتقول ردينة سعيد محامية انه علي الرغم من ارتفاع أسعار اللحوم إلا أنها لا تستطيع هي وأسرتها الاستغناء عنها، خاصة أن أولادها لا يأكلون لا سمك ولا دواجن، ومجبرة علي شراء لحوم علي الأقل مرتين في الشهر، وطالبت ردينة المسئولين بتوفير السلعة من خلال المجمعات الاستهلاكية التي من شأنها تخفيض الأسعار. ويقول بدوي سيد مدرس إن المستهلك في خطر، والأسعار تتصاعد في ظل غياب الرقابة التموينية علي الأسواق وعجز الحكومة عن توفير بدائل لحل أزمة الأسعار، وان بدائل اللحوم قد ارتفعت هي الأخرى من دواجن او أسماك وكذلك البروتينات النباتية وغيرها، لافتا إلى انه لا يستطيع أي مواطن متوسط الحال أو موظف عادي أن يشتري اللحوم أكثر من مرة في الشهر بسبب الأسعار. الإقبال على المستورد ضعيف يقول عثمان حميدة صاحب محل للحوم المستوردة، إن الإقبال عموما علي اللحوم المستوردة ضعيف بسبب سوء الأحوال الاقتصادية وتدني الأحوال المعيشية. ويصل سعر الكندوز إلى 3800 دولار والهندي إلى 3200 دولار ليباع الكيلو بنحو 33 جنيها بعدما كان يباع في عيد الأضحى الماضي بحوالي 31 جنيها للكيلو، أما البتلو فهناك المشفى، ويصل سعره إلى 51 جنيها للكيلو مقابل 48 جنيها خلال أكتوبر الماضي، والبتلو بالعظم يصل سعره إلى 33 جنيه للكيلو مقابل 30 جنيه في عيد الأضحى الماضي، ويستورد من استراليا ونيوزيلاند. الأسباب الدولار وإحجام المربين السبب علي الجانب الأخر برر الجزارون زيادة أسعار اللحوم بسبب الدولار وتقلباته. يقول رحب عبد الحليم جزار من السيدة زينب إن أسعار السلع المستوردة كلها في ارتفاع بسبب تقلبات أسعار الدولار، والحالة الاقتصادية التي تمر بها مصر هذا بالنسبة للحوم المستوردة فضلا عن زيادة الطلب العالمي على اللحوم في فصل الشتاء، وابتعاد ملايين الأوروبيين عن لحوم الخنازير بعد تفشي الأنفلونزا في الخارج. ويضيف حافظ الحلو جزار، إن اللحوم البلدية قد شهدت أسواقها تدهورا ملحوظا في أعداد الماشية الجاهزة للذبح بعد أن أحجم المربون عن تربيتها، بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف والأدوية والخدمات البيطرية. ولفت إلى أن الفلاح لم يعد يُقبل علي تربية المواشي كما في السابق في الوقت الذي تضاءلت فيه مساحة الأراضي الزراعية. ارتفاع أسعار الأعلاف يوضح رجب جودة احد المربين أن طن العلف وصل إلى 4 آلاف جنيه للطن وكذلك ارتفعت أسعار الأدوية والخدمات البيطرية وارتفعت أسعار إيجارات الأراضي الزراعية وبالتالي ارتفع العلف الأخضر فقيراط البرسيم وصل سعره إلي 100 جنيه للقيراط مما جعل الفلاح لا يقبل على تربية المواشي وهو ما سبب نقص في أعداد الحيوانات. الطب البيطري: الأمراض والأوبئة السبب أكدت د رابعة فراج مسئولة في الطب البيطري، إن "الماشية" تعرضت في الفترة الأخيرة إلي الكثير من الأمراض التي أثرت بشكل كبير علي الثروة الحيوانية في مصر، وأن بعض المستوردين قد جلبوا صفقات من الخارج نقلت العدوى إلي القطعان الأخرى في الوقت الذي يبذل فيه الطب البيطري جهود كثيرة للتحصين والوقاية حفاظا علي الثروة الحيوانية. الحلول إحياء مشروع البتلو يؤكد الحج محمد وهبة رئيس شعبة الجزارين بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن السبب في زيادة أسعار اللحوم هو ذبح الإناث، وعلى مسئولي الثروة الحيوانية في مصر، إحياء مشروع البتلو المعطل من فترة كبيرة، وتفعيل قانون منع ذبح الإناث وأحكام الرقابة البيطرية علي المذابح والسلخانات. توفير المقابل الدولاري الدكتور علاء رضوان رئيس رابطة مستوردي اللحوم والدواجن المجمدة البنك المركزي طالب بإصدار تعليمات إلى البنوك بتوفير المقابل الدولاري لتغطية الاعتمادات المستندية بنسبة 100% وليس 25% كما هو الحال الآن حتى يمكن استيراد المواشي، نظرا لان المستورد يضطر لتدبير 75% من قيمة الصفقة من السوق الموازية للدولار وهو الأمر الذي يصعب على صغار ومتوسطي المستوردين القيام به حيث ترتفع تكلفة شراء الدولار بصورة واضحة في تلك السوق عن أسعار تداوله في البنوك. ويضيف أن المستوردين خفضوا أيضا كميات الاستيراد بنسب تصل إلى 35% بسبب المخاوف من تعرض "محلاتهم" ومخازنهم لأعمال السطو. وأكد أن كبار مستوردي الماشية الحية تحولوا لاستيراد اللحوم المبردة المذبوحة بدلا من الماشية الحية لأنها تتعرض للنفوق أثناء رحلة الشحن. ويبقى التساؤل ماذا يفعل المواطن هل ينسى بالفعل شكل اللحوم بعد أن نسى طعمها، وما هي خطة الحكومة لعودة الأسعار إلي طبيعتها ؟.