ألقى فضيلة الشيخ عبدالله بن محمد آل يحيى الغامدي، خطبة التراويح بمسجد خديجة بجدة ، بالمملكة العربية السعودية ، بعنوان " مصيبة الأمة في الخوارج وأحداث غزة والوديعة"، حيث رصد خلال الخطبة ما يحدث في بلاد المسلمين من مجازر وحروب وخراب في كل مكان، وما يحدث أمام العالم ولا أحد يتكلم. حيث وصف هذه الدول العربية بالصماء و العمياء و بكماء ، متسائلا "ماذا جنى المقهور من ندائها؟! وماذا أدرك المظلوم من رجائها؟! والمجرم يصول في ظلها ويحمى بأسنة حرابها ويبارك بغيه وعدوانه في ساحتها، إنها أنظمة وضعت لتحمي حقوق الإنسان، ولكن ليس كل إنسان، وتدافع عن سيادة البلدان، ولكن ليس كل البلدان". وأشار إلى أن كل ما يحدث في غزة الآن ، لن يحقق للعالم سكونا وسلاما، ولن تجلب للعالم أمنا وأمانا، فالعنف يتفجر والأمن يتلاشى، لافتا إلى أن الإسلام سوف ينتصر وسوف يعود إلى قوته ، والأيام دول، وربما صحت الأبدان بالعلل، وإن دماء القتلى وأشلاء الجرحى وآهات الثكلى ستكون الطوفان الذي يغرق الطغيان، وشعلة الجهاد الذي سيحطم الظلم والاستبداد والإذلال والاستعباد، (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون) . وطالب من المسلمين التمسك بالدعاء على الظالمين والكافرين ، فهو خير سلاح المظلوم والملكوم، داعين لإخوانكم المستضعفين والمشردين وأنتم صادقون في الرجا،بأن يرفع عنهم ما حل بهم وأن يعينكم على نصرتهم ولو بالقليل فالقليل عند الله كثير . وإليكم نص الخطبة : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا. أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله-: (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا). أيها المسلمون،إن بلاد الإسلام بلاد محسودة وبالأذى مقصودة،لا تسلم من معاد وحاقد وحاسد. الأمة تمر في هذا الزمان العصيب بأحرج مواقفها وأصعب ظروفها وأشد خطوبها، تتلقى الطعنات الغادرة والهجمات الماكرة من حاسديها ومعاديها. المجازر المفزعة والفظائع المفجعة والجرائم المروعة تصب على إخواننا في فلسطين المباركة وفي العراق الجريح، وفي الشام المكلوم ، واليمن المغدور , تدمير وحصار، وقتل للنساء والصغار، هدمت المساجد على المصلين والبيوت على الآمنين، مجازر بربرية ومذابح جماعية وإبادة وحشية وتشريد واستئصال، صيحات ولوعات وآهات وصرخات، ظلم صارخ وعدوان سافر، تتفطر الأكباد عن وصفه، وتذوب النفوس عن تصويره، يمارس أمام نظر العالم وسمعه ومؤسساته وهيئاته، أنظمة صماء بكماء عمياء، ماذا جنى المقهور من ندائها؟! وماذا أدرك المظلوم من رجائها؟! والمجرم يصول في ظلها ويحمى بأسنة حرابها ويبارك بغيه وعدوانه في ساحتها. إنها أنظمة وضعت لتحمي حقوق الإنسان، ولكن ليس كل إنسان، وتدافع عن سيادة البلدان، ولكن ليس كل البلدان. هذا شعب فلسطين المجاهد عن حقه المدافع عن أرضه تتواصى قوى الظلم والطغيان على منعه من السلاح، حتى لا يجدوا إلا الحجارة يدافع بها عن نفسه، بينما يمد الشعب الصهيوني بأفتك الأسلحة وأخطرها وأعنفها وأضرها، إنها إرادة وقحة ليكون هناك شعب قاتل وشعب مقتول، ليس من حقوقه حق الحياة والبقاء. إن تلك الممارسات لن تحقق للعالم سكونا وسلاما، ولن تجلب للعالم أمنا وأمانا، فالعنف يتفجر والأمن يتلاشى، وطغاة البشر وجبابرته اليوم يقاتلون تشفيا وانتقاما لإرواء غليل حقدهم وإطفاء نار غضبهم، يفنون آلاف البشر، يسحقون القرى، ويمحون المدن، لا ضمير يؤنبهم، ولا قانون يردعهم، ولا عقوبة تمنعهم. أيها المسلمون، ومع هذا كله فابشروا وأملوا فإن الإسلام سيعود إلى قوته ويفيء من غربته وغيبته، والأيام دول، وربما صحت الأبدان بالعلل، وإن دماء القتلى وأشلاء الجرحى وآهات الثكلى ستكون الطوفان الذي يغرق الطغيان، وشعلة الجهاد الذي سيحطم الظلم والاستبداد والإذلال والاستعباد، وإن دوي المدافع وضجيج القصف وعنوان الحقد والعنف سيوقظ أمة طالما دب الوهن في أعماقها وسرى الخوف في عروقها؛ لتكون حمما تحرق البغاة الغاصبين، وإعصارا فيه نار يدمر الطغاة المعتدين، وستحوط بالباغي يد المهلكة، يقوده إلى مصرعه جنونه بقوته، ويعجله إلى حتفه ويدفعه إلى مهلكه غروره وكبره، وسيكون مثلة وعظة وسيجر الظالم أذيال الخيبة مهانا، ويندحر بالهزيمة إلى داره مقهورا مدانا، ولن يظل الظالم قويا إلى الأبد، ولن يظل المظلوم ضعيفا إلى الأبد، (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون) . (ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون) ، يقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: "لن يبرح هذا الدين قائما، يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة" أخرجه مسلم. إن الأمة ستبذل المهج والدماء والأشلاء والشهداء للدفاع عن دينها وعقيدتها والذود عن أرضها وعرضها والذب عن حرماتها ومقدساتها، مستحضرة قول قائدها وإمامها نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: "من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد"، (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون) . أيها المسلمون، الدعاء غاية كل مكلوم وسلاح كل مظلوم وراحة كل مهموم، فاجأروا إلى الله بالشكاية في الأسحار، وألحوا على الله بالدعاء ، وارفعوا أكف الضراعة لله الواحد القهار، ادعوا دعاء الغريق في الدجى، ادعوا لإخوانكم المستضعفين والمشردين وأنتم صادقون في الرجا.بأن يرفع عنهم ما حل بهم وأن يعينكم على نصرتهم ولو بالقليل فالقليل عند الله كثير . بارك الله ليولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم وأستغفر الله من كل ذنب وخطئيه فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .