التنمية المحلية: تسليم محطة الفرز الأولى للمخلفات الصلبة بنويبع لمحافظة جنوب سيناء بتكلفة 4 ملايين جنيه    تصدير 859 حاوية مكافئة من ميناء دمياط    شكري ووزراء خارجية 4 دول عربية يجتمعون مع بلينكن لبحث مسار وقف الحرب في غزة    عاجل.. توخيل يتحدى ريال مدريد بتصريحات نارية    مفاجأة.. تغريم نجم الأهلي 100 ألف جنيه لهذا السبب    استمرار حبس عاطل لحيازته مخدر البودر في كرداسة    الصين تشارك بتسعِة أجنحة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب ال33    العقاد يدعو لضرورة مشاركة القطاع الخاص فى تقديم الخدمات الطبية ب«التأمين الشامل».. فيديو    عبد الرازق يرفع الجلسة العامة لمجلس الشيوخ    صحتك تهمنا .. حملة توعية ب جامعة عين شمس    وزير النقل يبحث إنشاء مصنعين في برج العرب بالإسكندرية مع ألستوم الفرنسية    تأجيل محاكمة المتهمين في حادث قطار طوخ إلى شهر يونيو للمرافعة    تنظيم ندوة عن أحكام قانون العمل ب مطاحن الأصدقاء في أبنوب    أخبار الفن.. أول ظهور ل أحمد السعدني بعد وفاة والده.. ممثلة لبنانية شهيرة ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان    خالد جلال يعقد اجتماعا لمناقشة خطة الموسم الجديد للبيت الفني للمسرح    دينا الشربيني ضيفة كلمة أخيرة غدًا    النشرة الدينية .. أفضل طريقة لعلاج الكسل عن الصلاة .. "خريجي الأزهر" و"مؤسسة أبو العينين" تكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين    أفضل طريقة لعلاج الكسل عن الصلاة.. سهلة وبسيطة    حصيلة مبدئية.. مق.تل 42 شخصا داخل كينيا في انهيار سد بسبب الأمطار    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل المرحلة الأخيرة    مقترح برلماني بدعم كليات الذكاء الاصطناعي بالجامعات الحكومية -تفاصيل    إيران: وفد كوري شمالي يزور طهران لحضور معرض تجاري    بعد أنباء عن ارتباطها ومصطفى شعبان.. ما لا تعرفه عن هدى الناظر    باركود وتعليمات جديدة.. أسيوط تستعد لامتحانات نهاية العام    وزير التجارة : خطة لزيادة صادرات قطاع الرخام والجرانيت إلى مليار دولار سنوياً    "البحوث الإسلامية" يطلق حملة "فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا" بمناسبة عيد العمال    وزير المالية: نتطلع لقيام بنك ستاندرد تشارترد بجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر    الصين فى طريقها لاستضافة السوبر السعودى    عضو مجلس الزمالك يعلق على إخفاق ألعاب الصالات    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاستمرار في منصبه    أمير الكويت يزور مصر غدًا.. والغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يحتذي به    تجليات الفرح والتراث: مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم 2024 في مصر    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    حكم رادع ضد المتهم بتزوير المستندات الرسمية في الشرابية    المشدد 5 سنوات والعزل من الوظيفة لرئيس حي السلام ومهندس بتهمة تلقي «رشوة»    مقترح برلماني بدعم كليات الذكاء الاصطناعي بالجامعات الحكومية    «للمناسبات والاحتفالات».. طريقة عمل كيكة الكوكيز بالشوكولاتة (فيديو)    عامر حسين: الكأس سيقام بنظامه المعتاد.. ولم يتم قبول فكرة "القرعة الموجهة"    إزالة 22 حالة تعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالشرقية    بث مباشر.. مؤتمر صحفي ل السيسي ورئيس مجلس رئاسة البوسنة والهِرسِك    «القومي لثقافة الطفل» يقيم حفل توزيع جوائز مسابقة رواية اليافعين    «التضامن»: دعم مادي وتوفير فرص عمل لذوي الاحتياجات من ضعاف السمع    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    "سنوضح للرأي العام".. رئيس الزمالك يخرج عن صمته بعد الصعود لنهائي الكونفدرالية    مركز تدريب "الطاقة الذرية" يتسلم شهادة الأيزو ISO 2100: 2018    السيسي عن دعوته لزيارة البوسنة والهرسك: سألبي الدعوة في أقرب وقت    إصابة عامل بطلق ناري في قنا.. وتكثيف أمني لكشف ملابسات الواقعة    عواد: كنت أمر بفترة من التشويش لعدم تحديد مستقبلي.. وأولويتي هي الزمالك    الأنبا بشارة يشارك في صلاة ليلة الاثنين من البصخة المقدسة بكنيسة أم الرحمة الإلهية بمنهري    بالاسماء ..مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    أسوشيتد برس: وفد إسرائيلي يصل إلى مصر قريبا لإجراء مفاوضات مع حماس    إصابة 3 أطفال في حادث انقلاب تروسيكل بأسيوط    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    لهذا السبب.. ريال مدريد يتخلى عن نجم الفريق    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الاثنين 29-4-2024 بالصاغة بعد الانخفاض    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجلس الشعب باطل
نشر في مصر الجديدة يوم 11 - 01 - 2012

‏أن هذا البرلمان الأخطر في تاريخ مصر كونه يشكل ملامح الحياة السياسية والحزبية خلال الفترة القادمة والقبول بالنظام الانتخابي المشترك بين الفردي والقائمة لا يضمن للناخب نائبا يعبر عنه ويعمل علي صالح المجتمع.
الأحزاب التي كابدت ممارسات مهنية والإمعان في إضعافها آن لها الأوان أن يشتد عودها وتقوي سياسيا وتحصل علي فرصتها كاملة في الوصول إلي الناس والانطلاق دون قيد أو شرط
فقد أعلن احد الفقهاء الدستوريين إن النص الحالي يخالف النص الأصلي الذي انبثق منه هذا القانون, حيث نصت المادة62 المناظرة من دستور1971 علي أنه ينظم القانون حق الترشيح لمجلسي الشعب والشورى وفقا لأي نظام انتخابي يحدده, ويجوز إن يأخذ القانون بنظام يجمع بين النظام الفردي ونظام القوائم الحزبية بأي نسبة بينهما يحددها. هذا ما أعلنه الدكتور عفيفي كامل فقيه القانون الدستوري بجامعة الإسكندرية ويفسر الدكتور عفيفي ان المشرع الدستوري في إعلان مارس2011 وفق نصه يجوز أن يأخذ القانون بالنظام الفردي والقوائم الحزبية بأي نسبة بينهما يحددها, وهذا البتر من النص الأصلي أفقد القانون المظلة الدستورية لانتخابات مجلس الشعب رقم38 لسنة1972 المعدل بالمرسوم بقانون120 لسنة2011 الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة في26/9/.2011 ووفقا للنص الحالي يجب إن يكون هناك مساواة بين المستقلين والحزبيين, علي خلاف مافعله المشرع في المرسوم المشار إليه, حيث ميز الحزبيين عن المستقلين, بل اختصهم بثلثي المقاعد, إضافة إلي مشاركتهم المستقلين في الثلث الباقي؟ وهذا يخل بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص الذي تضمن الإعلان الدستوري, مما يهدد هذا القانون بالبطلان لعدم دستوريته.
*** فنود أن نرد علي ما صرحه استأذنا العزيز بعالية بان المجلس العسكري فقد أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعلانا دستوريا بتاريخ‏25 سبتمبر 2011‏،‏ بأن تكون نسبة الانتخاب بالقوائم الحزبية ثلثين‏،‏ ونسبة الثلث للفردي‏، بذلك فقد حصن النظام الانتخابي الذي أجرئ به انتخابات مجلس الشعب والشورى فيما بعد دستوريا حتى لا يتم الطعن علية وفق عدم المساواة بين نظام القوائم والفردي والاعتداء علي حق المستقلين من خلال ترشيح أعضاء الأحزاب في نسبة الفردي والمستقلين
**** في البداية نود أن أقول أن الوضع الحالي في مصر أشبه ب"العبث" و"التخبط"، وأرجع ذلك إلى تولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة حكم البلاد بناءً على تكليف من الرئيس السابق حسني مبارك الذي من المفترض أنه أطاحت به ثورة شعبية. "ما هي شرعية المجلس العسكري ليصدر قوانين ومراسيم للقوانين وإعلانات دستورية دون استفتاء للشعب عليها؟". "لا يعقل أن تُجرى انتخابات لمجلس الشعب أو مجلس الشورى أو حتى الانتخابات الرئاسية دون وجود دستور يحدد آليات لانتخابات صحيحة وتوضح اختصاصات مجلسي الشعب والشورى"، "كيف يولد الابن قبل الأب"، وهي إجراء الانتخابات البرلمانية قبل وضع الدستور الدائم.المهم هذا الكلام سابق للاوانة للأنة انتهي الأمر وأجريت الانتخابات وعلي أبواب وضع الدستور ألان
جاء هذا الموقف في ظل تباين ردود الأفعال حول دستورية الإعلان الدستوري، الذي تم الإعلان عنه من قبل المجلس العسكري دون عرضه على الرأي العام، ونشره في الجريدة الرسمية مباشرة، مما يؤدي إلى بطلانه، ويصبح حجة على الجريدة الرسمية، ووسط مطالب كثيرة على ضرورة إعلانه للرأي العام
إن "الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس العسكري يوم 25 سبتمبر الماضي لم يطرح على القوى السياسية أو للاستفتاء الشعبي، أن المجلس العسكري لا يملك سلطة تقييد إرادة الشعب وإصدار إعلان دستوري جديد يحدد طريقة اختيار أعضاء مجلس الشعب والشورى ، وذلك ذلك بأن النص القانوني المستفتى عليه عام مطلق، ولا يملك أحد القفز على إرادة الشعب دون الرجوع إليه. للان الأصل في الإعلانات الدستورية التي تنشر في الجريدة الرسمية لابد من تحقق الرأي العام عليها حتى لا تكون حجة على الجريدة الرسمية، وفي حالة عدم طرح الإعلان للاستفتاء عليه فإنه يشوبه البطلان، وذلك ما كان يقوم به النظام السابق في عدد من الوقائع والقرارات والقوانين التي كان يريد إخفاءها عن الشعب أو كان يدسها بتاريخ أقدم من تاريخ صدورها"
.للان "الإعلان الدستوري المزمع الصادر في مارس الماضي وتم الاستفتاء على جزء منه، وإن أي إعلان يأتي بعد ذلك الإعلان الذي تم الاستفتاء الشعبي عليه فهو "باطل" لعدم عرضه على الرأي العام".
أن مجلسي الشعب والشورى المقبلين مهددان بالبطلان وصدور أحكام قضائية عن المحكمة الدستورية العليا بحلهما، إن هناك احتمالا قائما بأن ترى المحكمة في انتخاب أعضاء المجلسين بنظام الثلثين للقائمة الحزبية والثلث الفردي غير دستوري.
إن تكون قوية وصلبة تتحدي الأجواء السياسية وتجاري أي تغيير فجائي يطرأ علي المجتمع.
خروج قانون مجلسي الشعب والشورى علي هذا النحو السائد رغم تحفظي الشديد علي نصوصه.. لا يحقق المصلحة العليا للأحزاب كونه يضعها في مواجهة معركة انتخابية قاسية لا تستطيع التصدي لها وكيف يتحقق لها ذلك وهي لا تملك الأدوات والإمكانيات التي تعينها علي تحمل تبعات العملية الانتخابية.
الأحزاب عندما رفضت القانون.. رفضته لأنه لا يحقق مصلحتها في إدارة دفة المعركة الانتخابية وتوجيهها صوب ما تريد. فالقانون علي هذا النحو يعرضها لمتاعب كثيرة في ظل أمن غير مكتمل الأركان.
يحمل تطبيق النظام الفردي في الانتخابات القادمة سوءات كثيرة والتاريخ يشهد أنه رسخ لفساد التجربة الديمقراطية ولم يفرز مناخا طيبا بعمق تحقيق المصلحة عندما طبق في دورات ماضية وجعل العلاقة بين الناخب والنائب علاقة مباشرة قائمة علي المصلحة الشخصية.. فأصبح النواب يسعون لإرضاء الفرد علي حساب الجماعة.. فتاهت المصلحة العامة ولم تجد من يدافع عنها.. مما أضر ببناء المجتمع وتحولت المجالس النيابية إلي مجالس محلية يغيب عنها الهدف القومي رغم كون نواب الشعب في البرلمان ممثلين للأمة بأسرها.
التمسك بإجراء الانتخابات بالنظام الفردي علي هذا النحو أقره القانون لن يقدم شيئا جديدا للمجتمع ولن يساهم في تطوير التجربة الديمقراطية.. في ظل مناخ أصبح الشعب يتوق فيه لحياة حزبية وسياسية مختلفة تفتح أفقا أوسع وأرحب وتفضي علي سوءات النظام السابق.. لن يكون هناك أي أمل إذا مضي ركب الانتخابات نحو العمل بالنظام الثلث الفردي وثلثين قوائم ولابد أن نتوقع برلمانا سيئا لا يملك رؤية مشتركة علي الإصلاح السياسي والديمقراطي في مصر بعد سنوات طغيان كان فيها الحزب الوطني المنحل يعيث في الحياة السياسية فسادا.. بينما توجه المجتمع صوب الإصرار علي الإصلاح وهذا لن يتحقق طالما ظل فساد اختيار نواب الشعب علي ما كان عليه في العهد السابق. أتصور. ينطوي علي بعد اجتماعي لابد من العمل علي تحقيقه. إرادة الناخب ورغبته في برلمان غير مزيف النظام السابق كان يصر علي بقائه لتزوير وتزييف إرادة الناخب والدفع بنواب يحققون أهدافه وسياساته ولابد من الانتصار لإرادة الناخب. ا
لمجتمع يدلف لحياة سياسية جديدة والتشريعات إذا لم تكن محققة وداعمة لرغبة المجتمع فلا داعي لوجودها.. إذا لم يكن البناء سليما في الأساس ويدع للمجتمع الفرصة في وضع دعائم راسخة ونواب البرلمان هم الركيزة الأساسية التي يبني عليها المجتمع الدستور الجديد.. إذا فسدوا فسد الدستور.. النماذج السيئة التي تتسرب لعضوية البرلمان لن ترضي بدستور داعم للحياة السياسية وبالقطع تقف تتصدي له.. مصر تعيش وقت أزمة حقيقة وفي مفترق طرق والدستور هو الذي يحدد قواعد عمل المستقبل كونه استمد شرعيته من السلطة القائمة علي التشريع وفق البيان الدستوري الصادر في 30 مارس2011 وتعديله في 25 سبتمبر 2011 بعد ثورة25 يناير ومكتمل من ناحية المضمون علي اعتبار إقراره للانتخابات ثلثي المقاعد قوائم نسبية مغلقة وثلث بالنظام الفردي. أن الانتخابات بالقائمة تكرس السلطة واتخاذ القرار في يد القيادات الحزبية.. هل من مصلحة أحزاب لا وجود واضح ومنظم لها في الشارع السياسي في هذا التوقيت منح قياداتها كامل الصلاحية في اختيار أعضاء القائمة ووضع ترتيبها, وكما نعلم أن الأسماء التي توضع في المقدمة تزداد فرص اختيارها. إقرار الانتخابات بالقائمة علي النحو الذي تتمسك به الأحزاب يدخلها في دوامة صراع علي السلطة داخلها والأحزاب ليست في حاجة لخلق أسباب جديدة تزيد من حدة الصراع داخلها. رؤساء الأحزاب يريدون احتكار سلطة صناعة القرار داخل أحزابهم.. حتى يشكلوا الخريطة الانتخابية وفق رغباتهم وهذا فيه الخطر. الانحياز لإجراء الانتخابات بنظام القائمة يحرم غير المنتمين إلي الأحزاب من المستقلين المنافسة فيها؟الأحزاب لديها مصلحة شخصية تضعها في اعتبارها ولا تنظر إلي ما دون ذلك. لها حسابات أخري غير تلك التي يعتنقها البعض ونسوا أن هناك مئات في المجتمع لاتريد الانتماء إلي الأحزاب أو التصنيف علي تيار سياسي بعينه.. فقط يبغون خوض غمار المعركة الانتخابية كمستقلين ونظام القائمة بلا شك يحرمهم من ذلك.. لأنه من الصعب اتفاق المستقلين علي قائمة واحدة تجمعهم.. هذه معضلة والواقع لايقبل تطبيقها. الأحزاب لها مآرب أخري من وراء تمسكها بإجراء الانتخابات بالقائمة هي تريد استقطاب المرشحين إليها بقوة القانون وهذا له مخاطر كثيرة من الناحية الدستورية.
إقرار الانتخابات بالقائمة وحدها خطر يهددها ويدخل المجتمع دوامة صراع صعبة في وقت عصيب.
في عام1984 قضت المحكمة الدستورية العليا ببطلان تشكيل مجلس الشعب بالقائمة وحدها وفي عام1990 قضت أيضا بعدم دستوريته في ظل تغليب الانتخاب بالقائمة..
*** فقد أرست المحكمة الدستورية العليا مبادئ حق المساواة في النظام الانتخابي فذهبت حيث إن الوقائع على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق وحيث إن الحكومة دفعت بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى تأسيساً على أن الطعن الدستوري الماثل يرد على المادتين الثالثة فقرة أولى والخامسة مكرراً من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 188 لسنة 1986 فيما نصت عليه من تقسيم الدوائر الانتخابية وتحديد عددها ونطاق كل دائرة ومكوناتها وعدد الأعضاء الممثلين لها والجمع فى كل دائرة انتخابية بين نظام الانتخاب بالقوائم الحزبية ونظام الانتخاب الفردي.
وحيث إن الدستور هو القانون الأساسي الأعلى الذي يرسى القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم ويحدد السلطات العامة ويرسم لها وظائفها ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها ويقرر الحريات والحقوق العامة ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها، ومن ثم فقد تميز الدستور بطبيعة خاصة تضفى عليه صفة السيادة والسمو بحسبانه كفيل الحريات وموئلها وعماد الحياة الدستورية وأساس نظامها، وحق لقواعده أن تستوي على القمة من البناء القانوني للدولة وتتبوأ مقام الصدارة بين قواعد النظام العام باعتبارها أسمى القواعد الآمرة التي يتعين على الدولة التزامها في تشريعها وفى قضائها وفيما تمارسه من سلطات تنفيذية، ودون أي تفرقة أو تمييز- في مجال الالتزام بها – بين السلطات العامة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، ذلك أن هذه السلطات كلها سلطات مؤسسة أنشأها الدستور، تستمد منه وجودها وكيانها وهو المرجع فى تحديد وظائفها، ومن ثم تعتبر جميعها أمام الدستور على درجة سواء، وتقف كل منها مع الأخرى على قدم المساواة، قائمة بوظيفتها الدستورية متعاونة فيما بينها فى الحدود المقررة لذلك، خاضعة لأحكام الدستور الذى له وحده الكلمة العليا وعند أحكامه تنزل السلطات العامة جميعاً والدولة فى ذلك إنما تلتزم أصلاً من أصول الحكم الديمقراطي، هو الخضوع لمبدأ سيادة الدستور، وهو ما حرص الدستور القائم على تقريره بالنص فى المادة 64 منه على أن " سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة " وفى المادة 65 منه على أن " تخضع الدولة للقانون.... " ولا ريب فى أن المقصود بالقانون فى هذا الشأن هو القانون بمعناه الموضوعى الأعم الذى يشمل كل قاعدة عامة مجردة أيا كان مصدرها ويأتى على رأسها وفى الصدارة منها الدستور بوصفه أعلى القوانين وأسماها، وإذ كان خضوع الدولة بجميع سلطاتها لمبدأ سيادة الدستور أصلاً مقرراً وحكماً لازماً لكل نظام ديمقراطى سليم ، فإنه يكون لزاماً على كل سلطة عامة أيا كان شأنها وأيا كانت وظيفتها وطبيعة الاختصاصات المسندة إليها، النزول عند قواعد الدستور ومبادئه والتزام حدوده وقيوده، فإن هى خالفتها أو تجاوزتها شاب عملها عيب مخالفة الدستور، وخضع- متى انصبت المخالفة على قانون أو لائحة – للرقابة القضائية التى عهد بها الدستور إلى المحكمة الدستورية العليا بوصفها الهيئة القضائية العليا التى اختصها دون غيرها بالفصل فى دستورية القوانين واللوائح بغية الحفاظ على أحكام الدستور وصونها وحمايتها من الخروج عليها. وحيث إن الدساتير المصرية المتعاقبة قد حرصت جميعها منذ دستور سنة 1923 على تقرير الحريات والحقوق العامة فى صلبها قصداً من الشارع الدستورى أن يكون النص عليها فى الدستور قيداً على المشرع العادى فيما يسنه من قواعد وأحكام وفى حدود ما أراده الدستور لكل منها من حيث إطلاقها أو جواز تنظيمها تشريعياً فإذا خرج المشرع فيما يقرره من تشريعات على هذا الضمان الدستوري، بأن قيد حرية أو حقاً ورد فى الدستور مطلقاً أو أهدر أو انتقص من أيهما تحت ستار التنظيم الجائز دستورياً، وقع عمله التشريعى مشوباً بعيب مخالفة الدستور. وحيث إن الدستور القائم قد أفرد الباب الثالث منه " للحريات والحقوق والواجبات العامة" وصدر هذا الباب بالنص فى المادة 40 منه على أن " المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة"، فكان الحق فى المساواة أمام القانون هو أول ما نص عليه الدستور فى الباب الخاص بالحريات والحقوق العامة، وجاء فى الصدارة منها باعتبار أن هذا الحق هو أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي، وعلى تقدير أن الغاية التى يستهدفها تتمثل أصلاً فى صون حقوق المواطنين وحرياتهم فى مواجهة صور التمييز التى تنال منها أو تقيد ممارستها، وأضحى هذا المبدأ فى جوهره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التى لا يقتصر تطبيقها على الحريات والحقوق العامة المنصوص عليها فى الدستور، بل ينسحب مجال أعمالها إلى الحقوق التى يقررها القانون العادى ويكون مصدراً لها، ولئن نص الدستور فى المادة 40 منه على حظر التمييز بين المواطنين فى أحوال بينتها وهى التى يقوم التمييز فيها على أساس من الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، إلا أن إيراد الدستور لصور بعينها يكون التمييز محظوراً فيها، مرده إلى أنها الأكثر شيوعاً فى الحياة العملية ولا يدل بالتالى على إنحصاره فيها دون غيرها، إذ لو قيل بأن التمييز المحظور دستورياً لا يقوم إلا فى الأحوال التى بينتها المادة 40 المشار إليها، لكان التمييز فيما عداها غير مناقض الدستور، وهو نظر لايستقيم مع المساواة التي كفلها ويتناقض مع الغاية المقصودة من إرسائها، يؤيد ذلك أن من صور التمييز التى لم تصرح المادة المذكورة بالإشارة إليها ما لا تقل فى أهميتها وخطورة الآثار المترتبة عليها عن تلك التى عنيت بإبرازها كالتمييز بين المواطنين فى مجال الحريات والحقوق العامة التى كفلها الدستور لاعتبار يتعلق بالمولد أو المركز الاجتماعى أو الانتماء الطبقى أو الانحياز لرأى بذاته سياسياً كان هذا الرأى أو غير سياسي، مما يؤكد أن ألوان التمييز على اختلافها التى تتناقض فى محتواها مع مبدأ المساواة وتهدر الأساس الذى يقوم عليه إنما يتحتم إخضاعها جميعاً لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة قضائية لضمان احترام مبدأ المساواة فى جميع مجالات تطبيقه، وبديهى أن المساواة المنصوص عليها فى المادة 40 من الدستور لا تعنى أنها مساواة فعلية يتساوى بها المواطنون فى الحريات والحقوق أيا كانت مراكزهم القانونية، بل هى مساواة قانونية رهينة بشروطها الموضوعية التى ترتد فى أساسها إلى طبيعة الحق الذى يكون محلاً لها وما تقتضيه ممارسته من متطلبات، ذلك أن المشرع يملك بسلطته التقديرية لمقتضيات الصالح العام وضع شروط موضوعية تتحدد بها المراكز القانونية التى يتساوى بها الأفراد أمام القانون، بحيث إذا توافرت هذه الشروط فى طائفة من الأفراد وجب أعمال المساواة بينهم لتماثل مراكزهم القانونية، وأن اختلفت هذه المراكز بأن توافرت فى البعض دون البعض الآخر إنتفى مناط التسوية بينهم. وحيث إن الدستور نص فى المادة 62 منه – التى وردت أيضاً فى الباب الخاص بالحريات والحقوق العامة – على أن " للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأى فى الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون، ومساهمته فى الحياة العامة واجب وطني". مما مفاده أن الحقوق السياسية المنصوص عليها فى هذه المادة- ومن بينها حق الترشيح الذى عنى الدستور بالنص عليه صراحة من حقى الانتخاب وإبداء الرأى فى الاستفتاء- اعتبرها الدستور من الحقوق العامة التى حرص على كفالتها وتمكين المواطنين من ممارستها لضمان إسهامهم فى اختيار قياداتهم وممثليهم فى إدارة دفة الحكم ورعاية مصلحة الجماعة وعلى أساس أن حقى الانتخاب والترشيح خاصة هما حقان متكاملان لا تقوم الحياة النيابية بدون أيهما ولا تتحقق للسيادة الشعبية أبعادها الكاملة إذا هما أفرغا من المضمون الذى يكفل ممارستهما ممارسة جدية وفعالة، ومن ثم كان هذان الحقان لازمين لزوماً حتمياً لإعمال الديمقراطية فى محتواها المقرر دستورياً ولضمان أن تكون المجالس النيابية كاشفة فى حقيقتها عن الإرادة الشعبية ومعبرة تعبيراً صادقا عنها، ولذلك لم يقف الدستور عند مجرد ضمان حق كل مواطن فى ممارسته تلك الحقوق السياسية، وإنما جاوز ذلك إلى اعتبار مساهمته فى الحياة العامة عن طريق ممارسته لها واجباً وطنياً يتعين القيام به فى أكثر مجالات الحياة أهمية لإتصالها بالسيادة الشعبية التى تعتبر قواماً لكل تنظيم يرتكز على إرادة هيئة الناخبين، ولئن كانت المادة 62 من الدستور قد أجازت للمشرع العادى تنظيم الحقوق السياسية الثلاثة بما نصت عليه من أن ممارسة هذه الحقوق تكون " وفقاً لأحكام القانون" فإنه يتعين عليه أن يراعى فى القواعد التى يتولى وضعها تنظيماً لتلك الحقوق ألا تؤدى إلى مصادرتها أو الانتقاض منها وألا تنطوى على التمييز المحظور دستورياً أو تتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص الذى كفلته الدولة لجميع المواطنين ممن تتماثل مراكزهم القانونية وبوجه عام ألا يتعارض التنظيم التشريعى لتلك الحقوق مع أى نص فى الدستور بحيث يأتى التنظيم مطابقاً للدستور فى عموم قواعده وأحكامه. وحيث إن المادة الخامسة من الدستور إذ تنص – بعد تعديلها بتاريخ 22 مايو سنة 1980 – على أن يقوم النظام السياسى فى جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب وذلك فى إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليها فى الدستور...." إنما قصد بهذا التعديل الدستورى العدول عن التنظيم الشعبى الوحيد ممثلاً فى الاتحاد الاشتراكى العربى الذى كان مهيمناً وحده على العمل الوطنى ومسيطراً عليه فى مجالاته المختلفة سيطرة لا تتحقق بها للديمقراطية مفهومها المتجانس مع طبيعتها إلى تعدد الأحزاب ليقوم عليه النظام السياسى فى الدولة، باعتبار أن هذه التعددية الحزبية إنما تستهدف أساساً الإتجاه نحو تعميق الديمقراطية وإرساء دعائمها فى إطار حقى الانتخاب والترشيح اللذين يعتبران مدخلا وقاعدة أساسية لها، ومن ثم كفلهما الدستور للمواطنين كافة الذين تنعقد لهم السيادة الشعبية ويتولون ممارستها على الوجه المبين فى الدستور، وليس أدل على ذلك من أن التعددية الحزبية هى التى تحمل فى أعطافها تنظيماً تتناقض فيه الآراء أو تتوافق، تتعارض أو تتلاقى، ولكن المصلحة القومية تظل إطاراً لها ومعياراً لتقييمها وضابطاً لنشاطها، وهى مصلحة يقوم عليها الشعب فى مجموعه ويفرض من خلالها قياداته السياسية وانتماءاته الوطنية، ولم تكن التعددية الحزبية بالتالى وسيلة انتهجها الدستور لإبدال سيطرة بأخرى، وإنما نظر إليها الدستور باعتبارها طريقاً قويماً للعمل الوطنى من خلال ديمقراطية الحوار التى تتعدد معها الآراء وتتباين على أن يظل الدور الذى تلعبه الأحزاب السياسية مرتبطاً فى النهاية بإرادة هيئة الناخبين فى تجمعاتها المختلفة، وهى إرادة تبلورها عن طريق اختيارها الحر لممثليها فى المجالس النيابية وعن طريق الوزن الذى تعطيه بأصواتها للمتزاحمين على مقاعدها وهو ما حرص الدستور على توكيده والنص عليه فى صريح مواده حين كفل للمواطنين حقى الانتخاب والترشيح وجعلهم سواء فى ممارسة هذين الحقين ولم يجز التمييز بينهم فى أساس مباشرتهما ولا تقرير أفضلية لبعض المواطنين على بعض فى أى شأن يتعلق بهما، وإنما أطلق هذين الحقين للمواطنين – الذين تتوافر فيهم الشروط المقررة لذلك – على اختلاف انتماءاتهم وآرائهم السياسية لضمان أن يظل العمل الوطنى جماعياً لا امتياز فيه لبعض المواطنين على بعض ، ومن خلال هذه الجهود المتضافرة فى بناء العمل الوطنى تعمل الأحزاب السياسية متعاونة مع غير المنتمين إليها فى إرساء دعائمه وبذلك يتحدد المضمون الحق لنص المادة الثالثة من الدستور التى لا تعقد السيادة الشعبية لفئة دون أخرى ولا تفرض سيطرة لجماعة بذاتها على غيرها، وفى هذا الإطار تكمن قيمة التعددية الحزبية باعتبارها توجهاً دستورياً نحو تعميق مفهوم الديمقراطية التى لا تمنح الأحزاب السياسية دوراً فى العمل الوطنى يجاوز حدود الثقة التى توليها هيئة الناخبين لمرشحيها الذين يتنافسون مع غيرهم وفقاً لأسسا موضوعية لا تحدها عقيدة من أى نوع ولا يقيدها شكل من أشكال الانتماء، سياسياً كان أو غير سياسي، وعلى أن تتوافر للمواطنين جميعاً – الذين تتوافر فيهم الشروط المقررة لذلك – الفرص ذاتها التى يؤثرون من خلالها – وبقدر متساو فيما بينهم – فى تشكيل السياسية القومية وتحديد ملامحها النهائية ومما يؤكد ذلك أن المادة الخامسة من الدستور عندما نصت على نظام تعدد الأحزاب، لم تتضمن النص على إلزام المواطنين بالانضمام إلى الأحزاب السياسية أو تقييد مباشرة الحقوق السياسية المنصوص عليها فى المادة 62 من الدستور بضرورة الانتماء الحزبى مما يدل بحكم اللزوم على تقرير حرية المواطن فى الانضمام إلى الأحزاب السياسية أو عدم الانضمام إليها وفى مباشرة حقوقه السياسية المشار إليها من خلال الأحزاب السياسية أو بعيداً عنها ما دام أن النص فى المادة 62 من الدستور على كفالة هذه الحقوق السياسية قد جاء رهيناً
بصفة "المواطنة" فحسب طليقاً من قيد الحزبية، يقطع فى دلالة ذلك أن المادة الخامسة من الدستور عندما نصت على تعدد الأحزاب ليقوم على أساسه النظام السياسى فى الدولة قيدته بأن يكون النظام الحزبى دائراً فى إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري، ولا شك فى أن مبدأى تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون وهما – من المقومات والمبادئ الأساسية المعنية فى هذا الشأن – يوجبان معاملة المرشحين كافة معاملة قانونية واحدة وعلى أساس من تكافؤ الفرص للجميع دون أى تمييز يستند إلى الصفة الحزبية، إذ يعتبر التمييز فى هذه الحالة قائماً على أساس اختلاف الآراء السياسية الأمر المحظور دستورياً، وبالإضافة إلى ما تقدم، فإن قيام النظام الحزبى وقد تقرر بالقانون رقم 40 لسنة 1977 قبل التعديل الدستورى بالنص على تعدد الأحزاب السياسية، فكان لزاماً أن يكون لهذا القانون أساس دستورى فى ظل قيام الاتحاد الاشتراكى العربى وقد أرتكن واضعوا القانون المشار إليه فى ذلك- على ما يبين من مذكرته الإيضاحية وتقرير اللجنة التشريعية عنه – إلى بعض الحريات والحقوق العامة المقررة فى الدستور، ومنها حرية الرأى والعقيدة السياسية وحق الانتخاب وحق الترشيح على اعتبار أن حق تكوين الأحزاب السياسية يعد حقاً دستورياً منبثقاً منها ومترتباً عليها، فلا يصح أن ينقلب النظام الحزبى بعد تقريره قيداً على الحريات والحقوق العامة التى تفرع عنها ومنها حق الترشيح وهو من الحقوق العامة التى تحتمها طبيعة النظام الديمقراطية النيابية ويفرضها ركنها الأساسى الذى يقوم على التسليم بالسيادة للشعب. وحيث إنه من المسلم أن ينبغى عند تفسير نصوص الدستور، النظر إليها باعتبارها وحدة واحدة يكمل بعضها بعضاً، بحيث لا يفسر أى نص منه بمعزل عن نصوصه الأخرى، بل يجب أن يكون تفسيره متسانداً معها بفهم مدلوله فهماً يقيم بها التوافق وينأى بها عن التعارض. وحيث إن الدستور إذ كفل – فى المادة 62 منه – للمواطن حق الترشيح غير مقيد بالانتماء الحزبي، وقرر فى المادة 40 منه المساواة بين المواطنين فى الحقوق العامة، ومنها حق الترشيح، وهو من الحقوق السياسية التى تأتى فى الصدارة من الحقوق العامة لتعلقها بالإرادة الشعبية المعبرة عن سيادة الشعب وحظر التمييز بينهم فيها بسبب اختلاف الآراء السياسية، وأوجب على الدولة فى المادة الثامنة أن تكفل تكافؤ الفرص لجميع المواطنين، فإن مؤدى هذه النصوص مترابطة ومتكاملة، إن المواطنين المستوفين لشروط الترشيح لعضوية مجلس الشعب، يعتبرون بالنسبة إلى حق الترشيح فى مراكز قانونية متماثلة، مما يتعين أن تكون ممارستهم لهذا الحق على قدم المساواة وعلى أساس من الفرص المتكافئة فى الفوز بالعضوية بصرف النظر عن انتماءاتهم الحزبية وعدمها، على أن يكون المرجع فى الفوز بالعضوية للمرشح – مستقلاً كان أو حزبياً، طبقاً لنظام الانتخاب بالقوائم الحزبية أو لنظام الانتخاب الفردى – إلى إرادة هيئة الناخبين صاحبة السيادة الشعبية التى هى مصدر السلطات جميعاً. وحيث إنه وإن كان للمشرع سلطة تقديرية فى اختيار النظام الانتخابى إلا أن سلطته فى هذا الشأن تجد حدها فى عدم الخروج على القيود والضوابط والمبادئ التى نص عليها الدستور وعدم المساس بالحريات والحقوق العامة التى كفلتها نصوصه. وحيث إنه لما كان مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة الثالثة والمادة الخامسة مكرراً – متضامنين – من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 188 لسنة 1986 أن المشرع قد نص على تقسيم الجمهورية إلى ثمان وأربعين دائرة انتخابية وجعل انتخاب أعضاء مجلس الشعب عن طريق الجمع فى كل دائرة انتخابية بين نظام الانتخاب بالقوائم الحزبية ونظام الانتخاب الفردى وإذ حدد لكل دائرة انتخابية عدداً من المقاعد النيابية خص بها مرشحى الأحزاب السياسية عدا مقعداً واحداً خصصه لنظام الانتخاب الفردى وجعله مجالاً للمنافسة الانتخابية بين المرشحين من أعضاء الأحزاب السياسية والمرشحين المستقلين عن هذه الأحزاب، يكون القانون قد خالف الدستور من عدة وجوه إذ خص مرشحى القوائم الحزبية فى كل دائرة انتخابية بعدد من المقاعد النيابية يصل فى بعضها إلى ثلاثة عشر مقعداً بينما حدد لنظام الانتخاب الفردى مقعداً واحداً ولم يجعله حتى مقصوراً على المرشحين المستقلين عن الأحزاب السياسية، بل تركه مجالاً مباحاً للمنافسة بين هؤلاء المرشحين وغيرهم من أعضاء الأحزاب السياسية فميز القانون بذلك بين فئتين من المواطنين إذ خص المرشحين بالقوائم الحزبية بعدد من المقاعد النيابية تصل فى جملتها على مستوى الجمهورية إلى ما يقرب من تسعة أعشار المقاعد النيابية فى مجلس الشعب، بينما هبط بعدد المقاعد المتاحة للمرشحين المستقلين غير المنتمين لأحزاب سياسية –يفرض فوزهم بها – إلى عشر إجمالى المقاعد النيابية بزيادة طفيفة، بل أن توزيع المقاعد النيابية على النحو الذى تضمنه القانون وهو ما ينفتح به أيضاً لأعضاء الأحزاب السياسية فرص الفوز بجميع مقاعد مجلس الشعب بينما لا تتجاوز فرص الفوز للمستقلين بأية حال العشر تقريباً من عدد المقاعد النيابية الأمر الذى ينطوى على تمييز الفئة من المرشحين على فئة أخرى تمييزاً قائماً على الصفة الحزبية أو عدمها دون مقتض من طبيعة حق الترشيح أو متطلبات ممارسته مما يتعارض مع الصفة التمثيلية للمجالس النيابية ويخالف صراحة نص المادة 40 من الدستور التى حظرت التمييز بين المواطنين فى الحريات والحقوق العامة كما يتعارض أيضاً مع مبدأ تكافؤ الفرص الذى يقتضى أن تكون فرص الفوز فى الانتخابات متساوية بين جميع المرشحين بصرف النظر عن انتماءاتهم الحزبية وفضلاً عن ذلك فإن القانون حين حدد عدد المقاعد النيابية المخصصة لكل دائرة من الدوائر الانتخابية وغاير فى عدد المقاعد من دائرة إلى أخرى، أقام هذا التحديد العددى للمقاعد المخصصة لكل دائرة كقاعدة عامة على أساس عدد المواطنين بها حسبما أفصحت عن ذلك المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 114 لسنة 1983 بتعديل قانون مجلس الشعب فيما عدا المحافظات التى استثناها المشرع من هذه القاعدة للاعتبارات التى أشارت إليها المذكرة الإيضاحية لهذا القانون، فإنه أيا كان وجه الرأى فى هذا الاستثناء وبافتراض صحة الالتزام بتلك القاعدة فى المحافظات الأخرى، فإن القانون إذ حدد للمرشح الفردى مقعداً واحداً فى كل دائرة من الدوائر الانتخابية على ما بينها من تفاوت فى عدد المواطنين بها وخص مرشحى القوائم الحزبية بباقى المقاعد النيابية المخصصة للدائرة، فإنه يكون بذلك قد جعل التفاوت فى عدد المواطنين هو الأساس فى تحديد عدد المقاعد المخصصة لمرشحى القوائم الحزبية دون أن يكون لذلك أى أثر بالنسبة للمرشحين طبقاً لنظام الانتخاب الفردى الذى يتنافس فيه المستقلون مع غيرهم من أعضاء الأحزاب السياسية على مقعد واحد حدده المشرع بطريقة تحكمية فى كل دائرة انتخابية أيا كان عدد المواطنين بها مخالفاً بذلك – وعلى غير أسس موضوعية – القاعدة العامة التى اتبعها فى تحديد عدد المقاعد النيابية فى كل دائرة انتخابية بما يتناسب مع عدد السكان فيها، الأمر الذى يتضمن بدوره إخلالاً بمبدأ المساواة فى معاملة الفئتين من المرشحين، وبالإضافة إلى ذلك فإن القانون عندما جعل المقعد الوحيد المخصص لنظام الانتخاب الفردى فى دائرة انتخابية مجالاً للمنافسة بين المرشحين من أعضاء الأحزاب السياسية والمرشحين غير المنتمين لهذه الأحزاب، فإنه يكون بذلك قد أتاح لكل من مرشحى الأحزاب السياسية إحدى فرصتين للفوز بالعضوية: إحداهما بوسيلة الترشيح بالقوائم الحزبية، والثانية عن طريق الترشيح للمقعد الفردي، بينما جاءت الفرصة الوحيدة المتاحة للمرشحين المستقلين قاصرة يتنافس معهم فيها المرشحون من أعضاء الأحزاب السياسية ، مما ينطوى على التمييز بين الفئتين فى الفرص المتاحة للفوز بالعضوية، ويتعارض بالتالى مع مبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليه فى الدستور، وذلك كله دون أن يكون التمييز في معاملة الفئتين من المرشحين وفى الفرص المتاحة للفوز بالعضوية فى جميع الوجوه المتقدمة مبرراً بقاعدة موضوعية ترتد فى أساسها إلى طبيعة حق الترشيح وما تقتضيه ممارسته من متطلبات والتى يتحقق ومن خلالها التكافؤ فى الفرص والمساواة أمام القانون. لما كان ذلك وكانت المادة الخامسة مكرراً من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 188 لسنة 1986 بما نصت عليه من أن " يكون لكل دائرة عضو واحد يتم انتخابه عن طريق الانتخاب الفردي، ويكون انتخاب باقى الأعضاء الممثلين للدائرة عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية" تعتبر قاطعة فى الدلالة على ما قصد إليه المشرع من تحديده مقعداً واحداً – لنظام الانتخاب الفردى فى كل دائرة انتخابية – يجرى التنافس عليه بين المرشحين من أعضاء الأحزاب السياسية والمرشحين غير المنتمين لهذه الأحزاب، وتخصيصه عدة مقاعد فى الدائرة خالصة لمرشحى القوائم الحزبية، ومن ثم فإن هذه المادة تكون بذاتها قد تضمنت فى صريح نصها إخلالاً بحق المواطنين غير المنتمين لأحزاب سياسية فى الترشيح على قدم المساواة وعلى أساس من تكافؤ الفرص مع باقى المرشحين من أعضاء الأحزاب السياسية إخلالاً أدى إلى التمييز بين الفئتين من المرشحين فى المعاملة القانونية وفى الفرص المتاحة للفوز بالعضوية تمييزاً قائماً على أساس اختلاف الآراء السياسية مما يشكل مخالفة للمواد 8، 40، 62 من الدستور ويستوجب القضاء بعدم دستوريها فيما تضمنته من النص على أن "يكون لكل دائرة عضو واحد يتم انتخابه عن طريق الانتخاب الفردى ويكون انتخاب باقى الأعضاء الممثلين للدائرة عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية".وحيث إنه لا محاجة فى القول بأن للمواطن المستقل الحرية فى الانضمام إلى أحد الأحزاب السياسية ليباشر من خلاله حقوقه السياسية ومنها الحق فى الترشيح لعضوية مجلس الشعب على قدم المساواة مع غيره من أعضاء الأحزاب السياسية، إذ أن ذلك مردود بما ينطوى عليه من إخلال بالحرية فى الانضمام إلى الأحزاب السياسية أو عدم الانضمام إليها، وهى حرية كفل الدستور أصلها ومردود أيضاً بأن للمواطن أراؤه وأفكاره التى تنبع من قرارة نفسه ويطمئن إليها وجدانه وأن حمله على الانضمام لأى من الأحزاب السياسية مع ما يلتزم به الحزب من برامج وسياسات وأساليب يسعى بها لتحقيق مبادئه وأهدافه، ما قد يتعارض مع حريته فى الرأي، وهى من الحريات الأساسية التى تحتمها طبيعة النظم الديمقراطية الحرة والتى حرصت على توكيدها الدساتير المصرية المتعاقبة وقررها الدستور القائم فى المادة 47 منه. لما كان ذلك وكان القضاء بعدم دستورية نص المادة الخامسة مكرراً من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 188 لسنة 1986 يترتب عليه انعدام هذا النص وإبطال العمل به فيما قرره من أن "يكون لكل دائرة (انتخابية) عضو واحد يتم انتخابه عن طريق الانتخاب الفردى ويكون انتخاب باقى الأعضاء الممثلين للدائرة عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية"، ومن ثم يكون النعى على نص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون المشار إليه قد أضحى غير مجد وبالتالى غير مقبول، إذ لم يعد له مجال فى التطبيق بعد أن ألغى نفاذ النص على كيفية توزيع المقاعد النيابية فى كل دائرة انتخابية بين نظام الانتخاب الفردى ونظام الانتخاب بالقوائم الحزبية على النحو الذى تضمنته المادة الخامسة مكرراً سالفة الذكر تبعاً لتقرير بطلان هذا النص وانعدام أثره. وحيث إنه عما أشار إليه المدعى من أن بطلان تكوين مجلس الشعب لقيامه على انتخابات مخالفة للدستور يترتب عليه عدم دستورية كل ما أقره المجلس من قوانين وقرارات مما يهدد البلاد بانهيار دستورى كامل، فإن على المحكمة – بحكم رسالتها التى حملت أمانتها بصفتها الهيئة القضائية العليا التى أنشأها الدستور حارسة لأحكامه ونصبها قوامة على صونه وحمايته، وباعتبارها الجهة التى ناط بها القانون دون غيرها سلطة الفصل القضائى فى كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها – أن تقول كلمتها فى هذا الموضوع تجلية لوجه الحق فيه. وحيث إن الأصل فى الأحكام القضائية أنها كاشفة وليست منشئة، إذ هى لا تستحدث جديداً ولا تنشئ مراكز أو أوضاعاً لم تكن موجودة من قبل،
بل هى تكشف عن حكم الدستور أو القانون فى المنازعات المطروحة على القضاء وترده إلى مفهومه الصحيح الذى يلازمه منذ صدوره الأمر الذى يستتبع أن يكون للحكم بعدم الدستورية أثر رجعى كنتيجة حتمية لطبيعته الكاشفة، بياناً لوجه الصواب فى دستورية النص التشريعى المطعون عليه منذ صدوره، وما إذا كان هذا النص قد جاء موافقاً للدستور وفى حدوده المقررة شكلاً وموضوعاً، فتتأكد للنص شرعيته الدستورية ويستمر نفاذه، أم أنه صدر متعارضا مع الدستور فينسلخ عنه وصفه وتنعدم قيمته بأثر ينسحب إلى يوم صدوره، وفضلاً عن ذلك فإن المشرع حين أجاز فى قانون المحكمة الدستورية العليا إثارة المسألة الدستورية أثناء نظر إحدى الدعاوى أمام أى من جهات القضاء، أما من تلقاء نفسها أو بطريق الدفع من أحد الخصوم، وأوجب على الجهة القضائية – عند- الشك فى عدم الدستورية – وقف الدعوى أو تأجيلها إنتظاراً لحكم المحكمة الدستورية العليا بالفصل فى المسألة المثارة، إنما كان يبغى بذلك تحقيق فائدة للخصم فى المنازعات الموضوعية التى أثير فيها الدفع الدستورى فيما لو قضى بعدم الدستورية وهى منازعات تدور كلها حول علاقات وأوضاع سابقة بالضرورة على الحكم بعدم الدستورية، فإذا لم يكن لهذا الحكم أثر رجعي، لأصبح لزاماً على قاضى الموضوع – الذى أرجأ تطبيق القانون حين ساوره الشك فى عدم دستوريته – أن يطبق ذات القانون بعد القضاء بعدم دستوريته مما يأباه المنطق القانونى السليم ويتنافى مع الغرض المرتجى من الدفع بعدم الدستورية ولا يحقق لمبدى الدفع أية فائدة عملية، مما يجعل الحق فى التقاضى – وهو من الحقوق العامة التى كفلها الدستور فى المادة 68 منه للناس كافة – بالنسبة للمسألة الدستورية غير مجد ومجرداً من مضمونه، الأمر الذى ينبغى تنزيه المشرع عن قصد التردى فيه، وبالإضافة إلى ذلك فإن النص فى المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا على عدم جواز تطبيق النص المقضى بعدم دستوريته من اليوم التالى لنشر الحكم بعدم الدستورية، وهو خطاب تشريعى موجه لجميع سلطات الدولة وللكافة للعمل بمقتضاه، ولما كان قاضى الموضوع هو من بين المخاطبين بهذا النص التشريعى فإنه يكون متعيناً عليه عملاً بهذا النص ألا ينزل حكم القانون المقضى بعدم دستوريته على المنازعات المطروحة عليه من قبل، وذلك يؤكد قصد المشرع فى تقرير الأثر الرجعى للحكم بعدم الدستورية ويؤيد انسحابه على ما سبقه من علاقات وأوضاع نشأت فى ظل القانون الذى قضى بعدم دستوريته، وقد أعملت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا هذه الرجعية على إطلاقها بالنسبة للنصوص الجنائية إلى حد إسقاط حجية الأمر المقضى لتعلقها بالإدانة فى أمور تمس الحريات الشخصية، فنصت على أنه " فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي، تعتبر الأحكام التى صدرت بالإدانة إستناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن ...."، أما فى المسائل الأخرى- غير الجنائية- فيسرى عليها كذلك الأثر الرجعى للحكم بعدم الدستورية على ما سلف بيانه، ما لم يكن للعلاقات والأوضاع السابقة عليه أساس قانونى آخر ترتكن إليه ويحد من إطلاقه الرجعية عليها، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا فى تعليقها على نص المادة 49 منه، حيث جاء بها أن القانون " تناول أثر الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة، فنص على عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم، وهو نص ورد في بعض القوانين المقارنة واستقر الفقه والقضاء على أن مؤداه هو عدم تطبيق النص ليس فى المستقبل فحسب وإنما بالنسبة إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص، على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعى الحقوق والمراكز التى تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة تقادم، أما إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي فإن جميع الأحكام التى صدرت بالإدانة استنادا إلى ذلك النص تعتبر كأن لم تكن ولو كانت أحكاماً باتة" وهو ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة بحكمها الصادر في الدعوى الدستورية رقم 16 لسنة 3 قضائية بتاريخ 5 يونيه سنة 1982 وحكمها الصادر فى الدعوى الدستورية رقم 48 لسنة 3 قضائية بتاريخ 11 يونيه سنة 1983. لما كان ذلك، وكانت انتخابات مجلس الشعب قد أجريت بناء على نص تشريعى ثبت عدم دستوريته بالحكم الذي انتهت إليه المحكمة فى الدعوى الماثلة، فإن مؤدى هذا الحكم ولازمه أن تكوين المجلس المذكور يكون باطلاً منذ انتخابه، إلا أن هذا البطلان لا يؤدى البتة إلى ما ذهب إليه المدعى من وقوع انهيار دستوري ولا يستتبع إسقاط ما أقره المجلس من قوانين وقرارات وما اتخذه من إجراءات خلال الفترة السابقة وحتى تاريخ نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية، بل تظل تلك القوانين والقرارات والإجراءات قائمة على أصلها من الصحة، ومن ثم تبقى صحيحة ونافذة، وذلك ما لم يتقرر إلغاؤها أو تعديلها من الجهة المختصة دستورياً أو يقضى بعدم دستورية نصوصها التشريعية بحكم من المحكمة الدستورية العليا إن كان لذلك ثمة وجه آخر غير ما بني عليه هذا الحكم.
"لهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الخامسة مكرراً من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 188 لسنة 1986 فيما تضمنته من النص على أن يكون لكل دائرة عضو واحد يتم انتخابه عن طريق الانتخاب الفردي ويكون انتخاب باقي الأعضاء الممثلين للدائرة عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية.
المساواة القانونية : تعني المساواة في تكافؤ الفرص دون الإمكانيات الفعلية والمادية ولقد برزت فكرة المساواة في البداية مع الثورة الفرنسية كرد فعل للوضع السائد فيها ، من تفاوت واضح وصارخ بين طبقات الشعب ، ولذلك حاولت الثورة الفرنسية ، في قضائها على هذا الوضع ، أن تجعل له سندأ من القانون ، ومن ثم نجد أن المساواة التي عرفت منذ ذلك الحين ، تدور حول أن يكون جميع أفراد المجتمع إزاء القانون في مركز وأحد ، دون تفرقه أو استثناء ، سواء اكان هذا القانون يقرر منفعة أو يفرض التزاماً دون النظر إلى قدرة كل شخص في إمكانية التمتع بهذا القانون أو تحمله لما يفرضه من التزامات.
وقد أرجع بعض الفقهاء فكرة المساواة القانونية إلى فكرة العقد الاجتماعي الذي ينادي بأن الأفراد متساوون في كل شىء ، وأن شروطه كانت واحدة بالنسبة للجميع.
وتتميز هذه المساواة بأن لها طابعاً قانونياً وسليباً أيضاً ، فيكفي أن تمتنع الدولة عن وضع أي تفرقه قانونية بين المواطنين لكي يصبحوا متساوين.
وللمساواة القانونية المعاصرة مفهومان :
المفهوم المادي : وهو الذي يتعادل فيه الأفراد في ثرواتهم وجميع ظروفهم الواقعية ومعاملتهم معاملة واحدة .
المفهوم المعنوي : وهو تعادل الأفراد في الحقوق الواجبات السياسية فيكونان سواء أمام القانون والوظائف العامة دون تفريق بينهم في النسب أو الطبقة أو الثروة وغيرها ولايختلفون إلا وفق الكفاية والاستحقاق.
أما المساواة الفعلية : فهي تلك التي تساوى بين الأفراد الموجودين في مراكز قانونية متساوية ولاتسوي بين الأفراد الموجودين في مراكز قانونية مختلفة ، أي يجب أن تجعل المساواة هنا اعتباراً لواقع حياة أفراد المجتمع المختلفة .
ويرى بعض الفقهاء أن تحقيق المساواة الفعلية يعد هدماً لمبدأ المساواة أمام القانون وحجتهم في هذا أن المساواة القانونية تتنافى مع إمكان تقرير امتيازات لبعض الأفراد دون البعض الآخر ، والحقيقة أن عدم إمكانية المساواة الفعلية عند الأفراد أدى إلى ظهور فكرة العدالة الاجتماعية ويعتبر كارل ماركس أكثر من دعا إلى المساواة الفعلية ، وذلك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.