أثار مشروع التعديلات الخاصة لقانون مباشرة الحقوق السياسية والذي يجري إعداده حاليا ردود فعل واسعة بين أوساط القانونيين والسياسيين خاصة فيما يتعلق بقانون مباشرة الحقوق السياسية وشكل الانتخابات البرلمانية المقبلة. والتي ستكون بالقائمة النسبية للأحزاب والفردية للمستقلين حيث تباينت الآراء ما بين مؤيد ومعارض جاء ذلك في الوقت الذي أكد فيه البعض أن النظام الفردي لايعبر عن الاتجاهات السياسية للناخبين ولايقوم علي أساس البرامج الانتخابية للمرشحين بينما رأي البعض الآخر أن نظام القائمة النسبية يتطلب حياة سياسية حرة يتمتع فيها الجميع بكل الحقوق والحريات السياسية وعلي رأسها حق تكوين الأحزاب دون أي عوائق مؤكدين أن الانتخابات القادمة سوق تأتي بكوارث لأنها لن تمكن الغالبية العظمي من الشعب المصري من الحصول علي نصيبها العادل في مقاعد البرلمان. في البداية يقول المستشار حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق أنه من المفترض أن الانتخابات بالنظام الفردي تتم بناء علي إختيار الناخب للمرشح الذي يعرفه وله علاقة قبلية أو عائلية به لذا فإن هذا الاختيار يتم علي أساس اعتبار شخصي ونتيجة لذلك فإن هذا النوع من الانتخابات لايعبر عن الاتجاهات السياسية للناخبين ولايقوم علي أساس البرامج الانتخابية لكل من المرشحين. ويوضح أن الانتخابات بالقائمة النسبية غير المشروطة تختلف عن الانتخاب بالنظام الفردي حيث تقوم بإعداد قوائم المرشحين في هذا النظام علي أساس البرامج الخاصة بكل حزب من هذه الأحزاب وبالتالي فإن أفصلية برامج الأحزاب المختلفة هي الأساس في اختيار المرشحين.. وهي برامج تتعلق بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والحرية السياسية والشفافية بالاضافة الي أن هذا النظام يقوم بإعطاء دفعة للأحزاب لكي تزيد من قاعدتها السياسية ويساعد علي انضمام آلاف المواطنين أملأ في حصولهم علي الترشيح في قوائم كل منها في الانتخابات البرلمانية أو المحلية. ويري الجمل أن مصر في حاجة إلي نظام القائمة النسبية من الناحية السياسية لتقوية الأحزاب وتحقيق المنافسة بين البرامج والأهداف والمباديء التي تقوم عليها وبالتالي فإنها تساعد علي تقوية القاعدة الشعبية لهذه الأحزاب التي سوف يؤدي التنافس الشرعي والسياسي بينها طبقا لبرامجها المختلفة الي تقوية حزبين أو ثلاثة من هذه الأحزاب بما يوفر لهم القدرة علي التنافس للحصول علي أغلبية مؤثرة من مقاعد مجلسي الشعب والشوري بالاضافة إلي نظام الازدواج في طريقة الانتخابات بالجمع بين الفردي والقوائم النسبيه سوف يؤدي إلي إزالة الاعتراض الدستوري الذي صدرت به أحكام من المحكمة الدستورية العليا بعدم الاقتصار علي نظام القوائم النسبية لأنه يقوم بحرمان الأفراد غير المنتمين أو المنضمين للأحزاب من حقهم الطبيعي في ممارسة الانتخابات بحرية علي الأساس الفردي. ويتساءل المستشار محمد ماهر أبوالعينين نائب رئيس مجلس الدولة: كيف يتم الجمع بين النظامين خاصة في ظل وجود نسبة العمال والفلاحين وكوتة المرأة؟! ويري ان نظام الانتخاب الفردي هو الأفضل خشية ان يتم تكرار ماحدث في الاستفتاء من استقطاب حاد بين الاسلاميين وغيرهم علي نحو يصور العملية الانتخابية علي أنها ستجري بين الأحزاب الإسلامية وغير الإسلامية وبالتالي سوف يؤدي إلي حدوث استقطاب حاد مثلما حدث في التعديلات الدستورية ونفاجأ بوجود شخصيات مستقلة ولها وزنها وقيمتها لكنها في الوقت نفسه لا تستطيع التمثيل في البرلمان نظرا لظهور حالة الاستقطاب بوضوح في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية حيث تم تصوير الأمر علي أنه استفتاء بين النظام الإسلامي ونظم أخري غير إسلامية ومع أن هذا الأمر غير صحيح الا أن نتيجة الاستفتاء عبرت بصورة واضحة عن ترجيح الجوانب الدينية. ويقول إنه يخشي تكرار الأمر في حالة الانتخابات بنظام القائمة النسبية خاصة وأن الأحزاب الجديدة ليس لديها الوقت الكافي للتغلغل في الشارع المصري بصورة مكثفة وبالتالي ستكون النتيجة انشاء برلمان من جبهة واحدة فقط لكن في حالة الانتخابات الفردية فهي ستسمح لكثير من المستقلين الذين يتمتعون بشعبية وفكر جيد مثل الدكتور جمال زهران وحمدين الصباحي وغيرهما من المستقلين الممثلين في برلمان2005 بالتمثيل والنجاح في دوائرهم وسيكون البرلمان ممثلا لحد كبير لجميع أطياف الشعب المصري. ويري الدكتور ثروت عبدالعال عميد كلية الحقوق جامعة جنوبالوادي ان النظام الانتخابي لابد أن يتوافق مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية السائدة في البلاد لكن المشرع يحاول الأخذ بالنظام الانتخابي الذي يراه متلائما مع هذه الظروف, فنظام القوائم النسبية يعتمد علي درجة الوعي السياسي القائمة في البلاد ومدي نجاح التجربة الحزبية لأن الناخب يقوم بالمفاضلة بين البرامج وليس بين الاشخاص المرشحين. ويضيف ان الانتخاب الفردي يعتمد علي الاختيار الشخصي لكل مرشح كما أن لهذا النظام مزاياه وعيوبه فهو يعتمد علي القبلية والعصبية بالإضافة إلي أنه يسهل التأثير علي إرادة الناخبين. ويري ان المزاوجة بين النظامين هي الأمثل في الفترة الحالية والتي سوف تشهد تدفقا في الأحزاب السياسية بالإضافة إلي وجود عدد كبير منها علي الساحة السياسية. الدكتور عبد المنعم المشاط استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة يري أن الجمع بين النظام الفردي والقائمة النسبية مطلب طالما طالبت به القوي السياسية خاصة وان الحزب الوطني كان يرفض رفضا باتا التحول إلي نظام القائمة النسبية نظرا لسهولة وامكانية التزوير واستخدام عناصر البلطجة في النظام الفردي بالإضافة إلي أنه يضعف الأحزاب المعارضة لكن في نظام القائمة النسبية فإن التصويت يكون للحزب وبرنامجه وبالتالي يؤدي إلي تقوية الأحزاب والحد من احتمالات استخدام المال والبلطجة. ويقول إن الجمع بين النظامين أفضل لأننا نمر بمرحلة انتقالية بالإضافة إلي مساعدة الأحزاب علي إثبات وجودها وبالتالي فإنه يمكن استخدام نظام القوائم النسبية بصورة أكبر وفي هذه الحالة يسهل التحول إلي النظام البرلماني الذي يحد من احتمالات ظهور فرعون جديد في مصر. أما الدكتور عبدالرءوف هاشم استاذ القانون الدستوري بجامعة الزقازيق فيري أن الانتخابات بالقائمة النسبية لا تصلح إلا في وجود نظام حزبي وبالتالي يترتب علي ذلك ان المواطنين المستقلين لا يستطيعون التقدم في الانتخابات البرلمانية في حالة رغبتهم في الترشح وهذا يعتبر إخلالا بمبدأ المساواة المنصوص عليه في جميع الدساتير وبصفة خاصة الإعلان الدستوري. ويقول إنه كان يجب الأخذ بالنظام الانتخابي المختلط الذي يجمع بين القائمة النسبية والفردي لان النظام الفردي هوالذي سيقوم باعطاء الفرصة للمستقلين للترشح في الانتخابات. ويقول الدكتور ثروت بدوي استاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة ان نظام القائمة النسبية يتطلب حياة سياسية حرة يتمتع فيها الجميع بكل الحقوق والحريات السياسية وعلي رأسها حق تكوين الأحزاب السياسية دون أي عوائق ولكن النظام الفردي أدي إلي استحالة نجاح أي مرشح لا يدعمه الحزب الحاكم نظرا لاتساع الدائرة الانتخابية وعدم تحقيق اختيار حقيقي لمندوبي المرشحين في القري والنجوع خاصة وأن قانون مباشرة الحقوق السياسية الحالي يستلزم أن يكون مندوب المرشح من أهل الحارة وهي حيلة لجأ إليها النظام السابق لجعل الانتخابات تحت الهيمنة الحالية لرجال الحزب الوطني المنتشرين في القري والنجوع. ويري أن الجمع بين النظامين في قانون الانتخابات الجديد يؤدي إلي اتساع الدائرة الانتخابية علي المرشحين المستقلين الذين يستحيل علي كل منهم اختيار مندوبين عنه في لجان الانتخابات المختلفة ويري انه لا يجب الأخذ بنظام القائمة النسبية الا بعد اطلاق حرية تكوين الاحزاب السياسية دون عوائق مثل اعلان اسماءه آلاف عضو في جريدتين يوميتين وما يتطلبه ذلك من نفقات وما فرضه قانون الأحزاب المعدل من قيود علي تكوين الأحزاب السياسية ثم إعطاء الفرصة للأحزاب الجديدة لكي يتعرف علي برامجها وأشخاص المنضمين إليها الأمر الذي سوف يؤدي إلي هيمنة فلول وبقايا الحزب الوطني المنحل وآخرين خاصة من لهم تنظيمات تمكنهم من خوض الانتخابات ويبقي أكثر من98% من أفراد الشعب بعيدين عن تلك الانتخابات. ويؤكد أن الانتخابات القادمة سوف تأتي بكوارث لأنها لن تمكن الغالبية الساحقة من الشعب المصري من الحصول علي نصيبها العادل في مقاعد البرلمان بالاضافة إلي أن إجراء انتخابات بنظام القائمة سوف يميز الأحزاب القديمة التي لا تتمتع بأي قواعد شعبية وتقوم بحرمان95% من الشعب المصري سواء مستقلين أو من تمكنوا من الانضمام إلي حزب من الأحزاب الجديدة القادمة وبالتالي لا يكون أمامهم إلا مقاعد المستقلين التي كانت حكرا علي أعضاء الحزب الحاكم والبائد. ويؤكد أن قانون مباشرة الحقوق السياسية سوف يكون محلا للطعن بعدم الدستورية نظرا لمخالفته لمبدأ المساواة بين المواطنين بالاضافة إلي تمييزه للمنضمين إلي أحزاب ما قبل25 يناير وأحزاب في طريقها للتكوين وفقا لأحكام قانون الأحزاب الجديد الأمر الذي سوف يؤدي إلي إحداث تمييز آخر بين المنضمين لأحزاب قديمة كان معروفا عنها أنها مجرد أحزاب صورية لاضفاء صورة من الديمقراطية الزائفة علي النظام السياسي البائد.