ما ان أصدر مجلس الوزراء قراره بتفويض وزارة الداخلية بفض الاعتصامات اندفع البلتاجى على منصة رابعة بالمطالبة بتشكيل مجلس حرب فى شمال سيناء وأعلن قادة الإخوان انتهاء سلمية تظاهراتهم!!!!! ومع محاولة اقتحام مدينة الانتاج الإعلامى واستخدام العنف مع قوات الأمن وكالعادة اتبعت الجماعة نفس طريقة الغدر المعهودة منهم فى اختيار أكثر الأوقات أمناً واطمئناناً وهو وقت الاستعداد لللإفطار فى هذه الشهر الكريم الذى أوشك على نهايته، وبالطبع لا يمكن إلا أن تسال الدماء فقد أصيب مجند شرطة بواسطة طلق نارى من سلاح آلى. والآن وبعد ما حدث ومازال منتظر حدوثه هل هناك مجال للحديث عن حقوق الإنسان فى وقت تهدر فيه سيادة وكرامة وحقوق الأوطان؟ ما أن أصدر مجلس الوزراء قرارا بانهاء الأوضاع التى تهدد الأمن القومى المصرى والمتثمل فى الاعتصامين الأساسين المتواجدين فى رابعة والنهضة كأن بركانا من التصريحات ثار فى أرجاء العالم وجميعها تنادى باحترام حقوق الإنسان ليبدو الوضع كما لو أن الحكومة المصرية والقائمين على أمور الوطن إنما يتعطشون للدماء، فى حين أن نفس تلك الدول شهدت أعمال شغب واعتصامات وقامت بفضها باستخدم آليات مختلفة منها ما يمكن القول عنه أنه كان استخدام مفرط للعنف كما قيل عما حدث فى مصر رغم أن هنا كانت المواجهات بين أفراد مسلحين وقوات الأمن أو الشعب، فى حين لما نسمع ايا من تلك المناشدات بعدم استخدام القوة المفرطة فى مواجهة أعمال الشغب فى لندن عام 2011 والتى اجتاحت لندن وروعت المواطنين واحرقت منشآت ووقتها قال ديفيد كاميرون إذا كان الأمن القومى لبريطانيا على المحك فلتذهب حقوق الإنسان إلى الجحيم. وفى اليونان ايضا عام 2011 شهدت مظاهرات قاسية جدا تعدى فيها المواطنون على الشرطة وفى المقابل واجهت الدولة ذات السيادة تلك الاعمال التى تهدد امن وسلم دولة اليونان وواجهتها بالقوة وليس بالطريق السلمية لانها اعمال عنف في الاساس. وبالطبع فى اعتي ديمقراطية فى العالم فى امريكا شهد اعتصام احتلوا وول ستريت عملية فض ايضا من قبل الشرطة الامريكية واستخدمت فيها القوة ايضا فى مقابل ما يمكن ان يطلق عليه بالفعل اعتصاما سلميا بدون ما نراه فى اعتصامى رابعة والنهضة من اسلحة. بل وشهدت تركيا منذ ايام اعتصامات ومظاهرات فى ميدان تقسيم وغيرها من مناطق تركيا وتم استخدام قنابل الغاز ورشاشات المياه ايضا بل وانتهجت الشرطة اساليب التعدى والضرب على المواطنين وايضاً فى مقابل معتصمين لم يحملوا اسلحة نارية او يصدروا الاطفال والنساء فى المشهد بل ولم يستخدموا ممتلكات الدولة ومنشاتها كما حدث فى مصر. واغلب الامثلة التى ذكرتها حدثت فى دول وقعت على المواثيق التى تسمح بحرية الاعتصام والتى سنوردها سواء كانت معاهدات دولية او اقليمية فى السطور التالية والتى سيلاحظ فيها أن كلها تنطبق على الوضع فى مصر. فهناك العهد الدولى لحقوق الإنسان المدنية والسياسية الصادر عام 1966 والذى تنص فيه الفقرة الثانية من المادة 19 على حرية الفرد فى التعبير بكل الاشكال الكتابية او التصويرية ولكنها قيدتها ايضا في الفقرة الثالثة باحترام حقوق الآخرين وحماية الأمن القومى أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة، وبالتأكيد ان كلا الاعتصامين فى رابعة والنهضة يخترقان هذه القيود بدليل المعاناة المستمرة لسكان تلك المناطق والتجاوزات التى تحدث باستمرار. وتؤكد المادة 21 على أن الحق فى التجمع السلمى مكفول ومضمون ولكن يمكن تقييده طبقاً للقانون إذا دعت الضرورة لصيانة الأمن القومى أو السلامة العامة او النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم، وهو ايضاً ما ينطبق على الوضع فى كلا الاعتصامين وبالتالى على المعتصمين أنفسهم فض هذا الاعتصام غير السلمى أو القانونى وإذا لم يحدث يكون للشرطة الحق فى فض هذا الاعتصام باستخدام الآليات التدريجية المتبعة. ولا يجب لأحد أيا كان أن يتمسك بحقوق الإنسان وينكر حق الأوطان فى البقاء والسيادة. كما أقر الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الذى تبنته الجمية العامة للأمم المتحدة عام 1948 فى الفقرة الثانية من مادته التاسعة والعشرين على أن على الفرد أن يخضع فى ممارسة حقوقه وحرياته للقيود التى يقرها القانون وذلك فقط بضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها لتحقيق المصلحة العامة والحفاظ على النظام العام فى المجتمع ليست هذه المعاهده فقط هى التى تناولت حق الدولة فى حماية الامن القومى من خطر التعبير بل هناك عدد من الاتفاقيات الإقليمية خاصة بمناطق بعينها فهناك الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب المجاز فى نيروبى 1981 والذى نص فى مادته الرابعة على أنه لا يجوز انتهاك حرمة الإنسان. ومن حقه احترام حياته وسلامة شخصه البدنية والمعنوية. ولا يجوز حرمانه من هذا الحق تعسفا وهذا بالطبع ما يعانيه سكان رابعة والنهضة بشكل يومى منذ اكثر من شهر ليسوا هم فحسب بل كل من يسعى للوصول للمناطق المحيطة بالاعتصامين. وفى نفس الميثاق نصت المادة 11 على حق كل إنسان أن يجتمع بحرية مع آخرين ولا يحد ممارسة هذا الحق إلا شرط واحد ألا وهو القيود الضرورية التي تحددها القوانين واللوائح خاصة ما تعلق منها بمصلحة الأمن القومي وسلامة وصحة وأخلاق الآخرين أو حقوق الأشخاص وحرياتهم. وهناك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التى وقعت فى روما عام 1950 ولتى نصت مادتيها العاشرة والحادية عشرة على حق كل إنسان في حرية التعبير وحرية اعتناق الآراء وحرية التجمع السلمى وذلك دون إخلال بحق الدولة في طلب الترخيص بنشاط مؤسسات الإذاعة والتلفزيون والسينما ولكنه ايضاً ربط هذه الحريات بالواجبات والمسئوليات اللازمة للحفاظ على الدولة لذلك نصت هذه الماده على اخضاع هذه الحريات لشروط، وقيود، وعقوبات محددة في القانون حسبما تقتضيه الضرورة في مجتمع ديمقراطي، لصالح الأمن القومي، وسلامة الأراضي، وأمن الجماهير وحفظ النظام ومنع الجريمة، وحماية الصحة والآداب، واحترام حقوق الآخرين وحرياتهم، ومنع إفشاء الأسرار. وهذا بالطبع موجه لكل من ينادون بالحريات الإعلامية المطلقة ويطالبون باصدار الصحف والمحطات الإذاعية بالإخطار فقط وبدون رقابة، لابد لهؤلاء الانتباه لحقوق الوطن وحرمته وأمنه القومى والحفاظ على أسراره. كما أقر الاعلان الامريكى لحقوق الانسان وواجباته والصادر عام 1948 أن لكل شخص الحق في التجمع سلمياً مع الآخرين في اجتماع عام رسمي، أو تجمع غير رسمي بشأن المسائل ذات الاهتمام العام أياً كان طبيعتها وذلك فى المادة 21 منه ولكنه ايضا لم يتركها على اطلاقها ففى جانب الواجبات اكد الاعلان فى المادة 35 على أن من واجب كل شخص التعاون مع الدولة والمجتمع فيما يتعلق بالسلام الاجتماعي والصالح العام كما صدرت الاتفاقية الامريكية لحقوق الانسان فى سان خوسيه 1969 ونصت فى مادتها ال 15 على حق الاجتماع السلمي، بدون سلاح. ولا يجوز فرض قيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك المفروضة طبقاً للقانون والتي تشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لمصلحة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، أو لحماية الصحة العامة أو الأخلاق العامة أو حقوق الآخرين أو حرياتهم. وبالطبع تتعهد جميع هذه الدول فى أول مادة من تلك الاتفاقيات باتخاذ الإجراءات التشريعية وغيرها من أجل تطبيق بنود حقوق الإنسان المنصوص عليها بما فيها المقيدة للحريات. أى أن الاتفاقيات الدولية لم تجعل من حقوق الإنسان مبرراً لارتكاب المخالفات التى تضر بالأمن القومى للأوطان ولكنها نظمتها. كما أنه وبعد إعلان منصة رابعة بالأمس على لسان البلتاجى إعلان تشكيل حرب يناقض المادة 20 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية والتى تحظر أى دعاية للحرب بقوة القانون فى فقرتها الأولى كما تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف. للاوطان حقوق وامن يجب الحفاظ عليهما فالمواطنين المتقدمين ببلاغلات ضد هؤلاء اثبت عدم وجود سلم أوأمن فى الوطن وهذا التجمع انتفت عنه السلمية بوجود اسلحة مع العتصمين وإصرارهم على الاحتكاك بقوات الأمن والاعتداء على المنشآت العامة والخاصة. ومحاولات اقتحام الإنتاج الإعلامى والطريقة التى اتبعت فى تنفيذه من انتظام خط متصل من السيارات الملاكى التى تنقل الإفراد فى عملية منتظمة يثبت أن الدولة أمام عمليات إرهابية منظمة يجب الوقوف أمامها بكل قوة وعد النظر لأية اعتبارات قد تجر مصر إلى هاوية السقوط.