شهدت مدينة دشنا وقراها شماليقنا، خلال الأسابيع القليلة الماضية، اشتعال حرائق بعدة أفدنة زراعية، لاسيما في حقول محاصيل القصب، بعدة قرى مختلفة مثل السمطا، وفاو غرب، وفاو بحري، ومزرعة بالقرب من مصنع سكر دشنا، الأمر الذي خلف تساؤلات عديدة عقب كل حريق، خصوصًا في ظل عدم وجود متهم أو مرتكب حقيقي لهذه الجرائم، التي تسببت في حرق حوالي 200 فدان من محصول القصب خلال الشهر الماضي، بحسب مزارعين. الفاعل مجهول يقول عاطف برعي، مزارع، إن الحرائق التي تحدث في محاصيل القصب تؤثر بشكل سلبي على وزنه، مشيرًا إلى أنهم عند اقتراب موعد القصب لا يقومون بريه حتى تكون الأرض أكثر صلابة وتستطيع تحمل مقطورة الجرار الزراعي "الكرتة" التي تتجاوز حمولتها ال 10 أطنان من عيدان القصب. ويوضح برعي أنه عند اندلاع حريق في المحصول قرابة حصاده، لا تلتهم النيران الأوراق فقط بل تتعدى إلى العيدان، وإلى أن يتم إعطاء الإذن للمزارع بحصاد القصب تكون العيدان قد فقدت جزء كبير من وزنها. ويشير علاء محمود، مزارع، إلى أن الحرائق لا تؤثر على وزن المحصول فقط، وإنما يطبق خصم مالي على الطن يقدره مصنع السكر، ما يتسبب في خسائر كبيرة للمزارع، مطالبًا مصنع سكر دشنا بتعويض المزارع الذي تلتهم النيران محصوله بدلًا من تطبيق خصومات عليه. غير مقصودة ويشير حامد عبد اللطيف، مزارع، إلى أنه على الرغم من أن معظم الحرائق تحدث في وقت بدء موسم الحصاد إلا أنها تكون غير مقصودة في بعض الأحيان، موضحًا أن الحرائق تتزامن مع شهر اللقاح، وهو شهر أمشير، الذي يكون محملا بالرياح التي تساعد على انتشار الحريق ليمتد لمساحة أكبر. ويرفض محمد أحمد أبوالوفا، نقيب المزارعين بقنا، الاتهامات التي توجه للمزارعين، مشيرًا إلى أن الحرائق التي تحدث في هذا التوقيت تحديدًا، بسبب أمور غالبًا ما تكون خارجة عن إرادة المزارع، خاصة وأن الحرائق تتسبب في خسائر باهظة لهم وتؤثر على إنتاجية المحصول بشكل مباشر خاصة في الحرائق الشديدة. ويضيف أبوالوفا أنهم يسمحون للمزارع بإشعال النيران في محصوله في حالة واحدة، وهي بعدما يشرف موسم تسليم القصب على الانتهاء، وتحديدًا خلال شهر مايو، بسبب نقص العمالة وعدم توافرها، وهذا أمر يكلفه خسائر، من تلف الخلفات التي تتأثر بالحرائق، كما يخف وزن القصب الذي يمكث في الأرض لمدة قد تطول إلى 15 يوما لحين الانتهاء من التحقيقات. اتهامات ويلفت محروس محمد، مزارع، إلى أن أغلب الحرائق التي تحدث لمحصول القصب تكون مفتعلة من قبل المزارعين، متسائلًا إن كان الأمر غير ذلك فلماذا تحدث الحرائق في موعد بدء موسم الحصاد بالتحديد؟ ويضيف مزارع، فضل عدم ذكر اسمه، أن هناك أسباب تدفع المزارع لحرق محصوله، منها: نقص العمالة، وارتفاع أجورها في الوقت نفسه، موضحًا أن يومية العامل بلغت 50 جنيهًا وفي بعض القرى تعدت إلى أكثر من ذلك، وأن أغلب ما يقوم به العامل في حصاد القصب هو تنظيف الأوراق، وبالتالي يستطيع المزارع توفير مبالغ كبيرة يدفعها للعمال، عن طريق إشعال النيران بالمحصول، وهو ما يمكن أن ينجزه عدد قليل من العمال. ويقول محمود صابر، مزارع، إن عملية حصاد المحصول لا تتم بشكل عشوائي وإنما بناء على خطة موضوعة من مصنع السكر بدشنا، حيث تقسم الأراضي طبقا للخطة إلى أحواض "مجموعة من الأفدنة". ظلم ويشير محمد صبري، مزارع، إلى أن هناك أحواض تأخذ الإذن في بداية الموسم، وأخرى في نهايته، ما يجعل الكثير من المزارعين يشعرون بالظلم، حيث يقل عدد العمالة في نهاية الموسم ولا يستطيع المزارع حصاد محصوله ما يضطره إلى حرقه، ما يدفع المصنع لإعطائه إذن الكسر حتى لا يتأثر المحصول بالنيران. ويقول ماهر خليفة، مزارع، إنه بحسبة بسيطة يمكن من خلالها معرفة الأسباب التي تدفع بعض المزارعين إلى حرق المحصول، موضحًا أن فدان القصب يتطلب وجود 36 عاملًا، وإذا كانت يومية العامل الواحد 50 جنيهًا، فتكون تكلفة الفدان حوالي 1800 جنيه عمالة "تنظيف وكسر" في حين أن فدان القصب المحروق يوفر 50% عمالة، حيث يحتاج إلى 18 عاملًا فقط لكسر المحصول، بتوفير 900 جنيه للفدان الواحد. مصنع السكر من جانبه، يرفض حمدي سليمان، مدير مصانع السكر بدشنا، الحكم على الحرائق التي تنشب بمحاصيل القصب، سواء كانت مقصودة أو مفتعلة، مضيفًا أنه ليس هناك ما يبرر بأن يقوم المزارع بإشعال الحرائق بحقوله التي أنفق عليها آلاف الجنيهات. ويوضح سليمان ل "ولاد البلد" أن هناك لجنة من مصنع السكر تقوم بإجراء التحاليل على القصب المحروق، ويتم تحرير محضر عن الواقعة، كما يتم حساب سعر طن القصب المحروق بناء على نتيجة التحاليل التي تجري بعد 48 ساعة من الحريق، وعليه يتقرر حساب سعر طن القصب المحروق.