شكاوى الكهرباء.. الحكومة تتعامل مع أكثر من 9 آلاف بلاغ    وزارة العمل تعلن عن 3408 وظائف شاغرة ب16 محافظة (التفاصيل)    الأقباط يؤدون صلوات الجمعة العظيمة بدير القديس الأنبا متاؤس الفاخوري بجبل أصفون في إسنا    يسع 1000 مُصلِ.. افتتاح المسجد الكبير بالشيخ زويد اليوم    المطران شامي يترأس خدمة الآلام الخلاصية ورتبة الصلب وقراءة الأناجيل الاثنى عشر بالإسكندرية    زيادة جديدة ب عيار 21 الآن.. ارتفاع سعر الذهب اليوم الجمعة 3-5-2024 في مصر    أسعار الأسماك اليوم الجمعة 3-5-2024 في الدقهلية    توريد 46173 طن قمح لصوامع وشون القليوبية    «نُوَفّي».. يتصدر منصات المنتدى الاقتصادي العالمي    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 3-5-2024 بالبنوك    محافظ أسيوط يعلن استعداد المحافظة لبدء تطبيق قانون التصالح في مخالفات المباني الجديدة    وزيرة الهجرة تستقبل السفير اليوناني لدى مصر لبحث تعزيز سبل التعاون    خصم 90% من «تكافل وكرامة» في هذه الحالات بالقانون الجديد.. تفاصيل    الشرطة الفرنسية تقتحم جامعة يعتصم بها طلاب مؤيدين لفلسطين    نائب وزير الخارجية السعودي يشارك بالاجتماع التحضيري لمؤتمر القمة الإسلامي    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    البنتاجون: نراقب الروس الموجودين في قاعدة يتواجد فيها الجيش الأمريكي في النيجر    أيمن سلامة ل«الشاهد»: مرافعة مصر أمام العدل الدولية دحضت كافة الأكاذيب الإسرائيلية    عضو المجلس التنفيذي للاتحاد الدولي للصحفيين: صحفيو فلسطين يتعرضون لحرب إبادة    "صدمة للشناوي".. عرض سعودي لضم مصطفى شوبير من الأهلي    اتحاد الكرة : فيتوريا سيحصل على الشرط الجزائي.. وعامر حسين مظلوم    برشلونة يستهدف التعاقد مع الجوهرة الإفريقية    صحف إيطاليا تبرز قتل ذئاب روما على يد ليفركوزن    على طريقة فالفيردي.. ريال مدريد يتحرك لضم موهبة جديدة من أمريكا الجنوبية    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    ضبط 101 مخالفة تموينية في حملة على المخابز ببني سويف    مصرع موظفين في تصادم سيارة ملاكي ودراجة بخارية بسوهاج    انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا وإصابة 6 أشخاص    وزارة الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق    عثر عليها في كهف.. علماء بريطانيون يعيدون بناء وجه امرأة «نياندرتال» عمرها 75 ألف عام    أبرز تصريحات فريدة سيف النصر.."نور الشريف تنبأ لي بمستقبل كبير"    رئيس «المعماريين المصريين»: ندعم الأشقاء الفلسطينيين في إعمارهم غزة    فاعليات ثقافية وفنية في قصور الثقافة بشمال سيناء    قصور الثقافة: إقبال كبير على فيلم السرب في سينما الشعب.. ونشكر «المتحدة»    «اللهم احفظنا من عذاب القبر وحلول الفقر وتقلُّب الدهر».. دعاء يوم الجمعة لطلب الرزق وفك الكرب    «أمانة العامل والصانع وإتقانهما».. تعرف على نص خطبة الجمعة اليوم    استشاري يكشف علامات ضعف عضلة القلب وأسبابه    عبد المنصف: "نجاح خالد بيبو جزء منه بسبب مباراة ال6-1"    عمرها 10 أشهر.. الإعدام يواجه المتح.رش بجانيت السودانية في مدينة نصر    السنوار يعارض منح إسرائيل الحق في منع المعتقلين الفلسطنيين من العيش بالضفة    حماس تثمن قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرائيل    وزير التنمية المحلية يهنئ محافظ الإسماعيلية بعيد القيامة المجيد    حكم تلوين البيض وتناول وجبات شم النسيم.. الأزهر العالمي للفتوى يوضح    "مانشيت" يعرض تقريرا من داخل معرض أبوظبى الدولى للكتاب اليوم    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    خلافات سابقة.. ممرضة وميكانيكي يتخلصان من عامل بالمقطم    محظورات امتحانات نهاية العام لطلاب الأول والثاني الثانوي    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    هل مسموح للأطفال تناول الرنجة والفسيخ؟ استشاري تغذية علاجية تجيب    حكم لبس النقاب للمرأة المحرمة.. دار الإفتاء تجيب    حكم وصف الدواء للناس من غير الأطباء.. دار الإفتاء تحذر    تشكيل الهلال المتوقع أمام التعاون| ميتروفيتش يقود الهجوم    إشادة حزبية وبرلمانية بتأسيس اتحاد القبائل العربية.. سياسيون : خطوة لتوحيدهم خلف الرئيس.. وسيساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في سيناء    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد المرات.. اعرف التصرف الشرعي    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    «تحويشة عمري».. زوج عروس كفر الشيخ ضحية انقلاب سيارة الزفاف في ترعة ينعيها بكلمات مؤثرة (صورة)    دراسة أمريكية: بعض المواد الكيميائية يمكن أن تؤدي لزيادة انتشار البدانة    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالصور.. مصراوي على ضفاف ''فينيسيا'' المعجونة بمياه الصرف
نشر في مصراوي يوم 25 - 11 - 2014

يُحكى أنه قبل مائتي عام كان الأجانب المُحملين ببضائع التموين عبر البحر المتوسط يوقفون مراكبهم بالقرب من المنطقة كي ''يمكثوا'' فيها للاستمتاع بروعتها، فاتخذ الناس اسم ''مكس'' على ''قرية الصيادين'' من هذا المنطلق، لكن الأيام لم تبق على وتيرة واحدة، فلم يعد هناك أجانب، ولم تعد الروعة طبيعة المنطقة، فيما بات السكان الأصليون يفكرون في الرحيل عنه، بعد أن سبقتهم الأسماك وكل كائن حي بالهجران، بعدما طالته يد الخراب والحياة المعجونة بمياه الصرف.
لم يكن ''إبراهيم'' قد جاوز عامه العاشر حينها، لكنه يتذكر التفاصيل باللفتة، خلعه لملابسه في يسر، صيحات الصبية، لون المياه النضر، النبات الذي ينمو على الضفة في تزايد، تحيات الصيادين للأطفال دون تفريق بين ابن ورفيق، لحظة ملامسة يده للبحر، وقتها كان السمك يتقافز على جسده ليداعبه ''دلوقتي مفيش كائن حي بيهوب ناحية المكس'' يقولها الرجل الأربعيني في غضبة وهو يسترسل تلك التغييرات التي طرأت على ''الجنة'' التي ترعرع في كنفها ''شركات البترول والكيماويات خلت المكان خزنة لسمومها ومحدش بيقولهم تلت التلاتة كام''.
نحو 15 ألف صياد تتراص منازلهم على طول 2 كيلو متر في شكل منمق على ضفتي ترعة الخندق الواصلة من مصب ترعة المحمودية العذبة ومياه البحر المتوسط، في مشهد أشبه بلوحة فنية متقنة تستقر المراكب بلونها الأزرق ويُمعن الصيادون في حياكة شباكها في تؤدة، بينما تبدو المنازل محتكة بالمياه دون فواصل.. هكذا تظهر ''المكس'' في الصور والأعمال الفنية، وتشبيهها ب''فينسيا'' الإيطالية والنسق المعماري المميز، لكن الوضع لم يكن كذلك على أرض الواقع.
من أعلى كوبري ترعة الخندق تظهر المنطقة بشكل تفصيلي، مياه غلب على لونها السواد، ومواسير صرف على كل شكل ولون، وبكل الأحجام، صمت لا يليق بمكان يوصف بالسياحي، منازل ضربتها قوى الصرف الصحي والصناعي في مقتل، صيادين عجائز بأبدان معتلة، ووجوه شباب باهتة تشابه ألوان زوارقها التي خفت عنها الزهوة.
على مقهى الصيادين، مكان تجمع أهالي الحي، كان الحديث لا يخلو من بؤس، يذكر أحدهم الأيام الخوالي، ويتحسر أخر على الحال ''الواقف''، بينما راح ''أبو كريم'' ينفث دخان الشيشة بشكل رتيب وهو يقول ''البحر كان فيه خير لا يعد ولا يحصى بس دلوقتي بح.. بعد ما هلت علينا شركات الزفت''.
لكل منزل بابين، الأول على البحر والأخر على طريق ممهد، فيما تمر أسفله مواسير صرف ضخمة، ريم أبيض علق برواسب الضفة بديلا عن الحشائش، ولون أصفر غامق خرج من ماسورة تحمل عبء شركات الكيماويات والبترول والغزل والنسيج من مواد صناعية حارقة، تصب سمومها في مياه المكس، علاوة على صرف مزارع الشعير والأرز داخل المكان ذاته.
''السمك كان بينط في المراكب بس بعد المياه ما اسودت بقينا نمشي بالساعات عشان نسترزق'' يكمل بها'' أبو كريم'' قبل أن ينعي رفاق المهنة الذين تركوا الصيد بعدما ملوا قلة الرزق، فيما قاطعه ''أيمن حسن''، غطاس، لوصف ما جرى له من آلام جسدية وطفوح جلدية جراء التلوث الذي لحق بالمكان.
في حكايات الجد لأطفاله، كان ''إبراهيم'' يجلس القرفصاء أم والد والدته، ليسمع عنه كيف كان الأطباء يصرفون هواء المكس للمرضى على ''الروشتة'' للاستشفاء، بينما بات مروره على ترعة الخندق مسببا لوجع نفسي يذكره بأطفاله؛ الذين حكم عليهم الزمان أن يسكنوا على ضفاف البحر دون أن يجرؤا على ملامسته، ويستمعوا لحكايات تعج بالأساطير، فيما يظهر الواقع مليئا بالأمراض وقلة الحيلة والهواء المنكس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.