في مشهداً جديد من مشاهد إهمال الدولة لثروتها الطبيعية واختفاء دور وزارة البيئة بمراقبة إلتزام الشركات الصناعية بمعايير التخلص من المخلفات الصناعية، حفاظاً على سلامة الإنسان والبيئة معاً، يعاني صيادون منطقة المكس بغرب الإسكندرية من تأكل الثروة السمكية داخل مياه البحر منذ أكثر من 10 سنوات، نتيجة قيام شركات البترول بصرف مخلفاتها الصناعية داخل مياه البحر، مما أدى إلى تلوث الأسماك، وهروبه عن بحيرة المكس.
حيث كانت تشتهر منطقة المكس بالإسكندرية بتزاحم مراكب الصيد داخل مياه البحر، لإصطياد كافة أنواع الأسماك الفاخرة، وبيعها إلى كبار التجار، الذين يقومون بدورهم بتوزيعها إلى المطاعم الشهيرة داخل المحافظة وخارجها، إلا أن قرار اللواء خالد محي الدين رئيس حي العجمي السابق بالسماح لشركات البترول بصرف مخلفاتها البترولية داخل مياه المكس، بالإضافة إلى صرف مياه المجاري، قد أدى إلى موت الأسماك داخل البحيرة، وهروبها إلى داخل حيز المياه الأقليمية، مما أدى إلى توقف حركة الصيد النشطة داخل مياه المكس.
وتعد منطقة المكس بالإسكندرية نسخة كربونية من مدينة "فينسيا" بإيطاليا، حيث تنتشر منازل الصيادين حول بحيرة "المكس" مع انتشار قوارب الصيد أمامها، حيث أن جميع قاطني منطقة المكس من الصيادين الذين ورثوا مهنة الصيد من أجدادهم، لتتحول منطقة المكس إلى عالم متكامل يضم جميع الصيادين داخل المحافظة والحرفيين.
ويقول الستيني فرج آنة أحد كبار الصيادين في منطقة المكس لبوابة "الفجر"، "السمك بيموت يومياً داخل مياه بحر المكس بسبب المواد الفسفووية والبترولية، وتوقفت حركة الصيد، وعند قيام الصيادين بالدخول إلى عمق البحار للاصطياد، تقوم القوات البحرية بضبطهم لتجاوزهم حدود المياه المسموحة لهم، فالصيادون أصبحوا فقراء،ليسوا معهم أموال لكي يلبوا احتياجات أسرهم".
ويضيف، "الأسماك المصطادة من بحيرة الميكس التي يقوم الصيادون باصطيادها صباحاً جميعها ملوثة، وتباع للأهالي وبها مواد مسممة، وتأتي لهم بأمراض، وفي نفس الوقت الصياد يريد أن يعمل، وليس لديه حل أخر لكي يأكل أسرته"
مذكراً ، "العام الماضي كان هناك طفل يلعب أمام بحيرة المكس، دخل في فمه مياه البحر الملوثة بالمواد البترولية، مات على الفور، نتيجة المواد المسممة، غير أن جميع الصيادين مصابين بأمراض الحساسية في الصدر نتيجة رائحة المواد البترولية".
وأكد أنه قد قام بتقديم العديد من الشكاوي إلى رؤساء الأحياء ومحافظة الإسكندرية لمنع صرف المواد البترولية في مياه البحر، وتحويلها إلى منطقة الكيلو 21 المخصصة لها
قائلاً "رئيس حي العجمي السابق قد قام بتحويل مواسير تلك المواد إلى مياه المكس، وعلى الرغم من علم وزارة البيئة بتلك الانتهاكات في حق الثروة السمكية والصيادين، إلا أننا لم نجد مفتشين من وزارة البيئة للتفتيش على الوضع البيئي داخل المياه، فهم موافقين على تلك الانتهاكات".
وأشار إلى انه هناك ما يقرب من 30 ألف صياد بأسرهم داخل منطقة المكس يعيشون على مهنة الصيد المتوارثة من الأجداد، بالإضافة إلى الحرفيين في صناعة أدوات الصيد "الريشة- البوصة- الشبك- الجرانة"، وقد إضطر عدد منهم إلى الإتجار بالمواد المخدرة واتخاذ مسالك غير قانونية، بعد أن فقدوا مهنة الصيد.
وفي ذات السياق أكد أحد الصيادين أثناء قيامه بعملية غزل"الشبكة" أن الصيادين يعانون من سوء الأحوال المعيشية بعد أن كانوا يكسبون أموال كثيرة من وراء مهنة الصيد في بحيرة المكس، وأن الصيادين في المحافظات المجاورة قد كانوا يأتون للصيد خصيصاً داخل مياه المكس، وانه هناك عائلات من شيوخ الصيادين في المكس"أنس- البرنس- علام- الشابوري-حسن إبراهيم" وأن جميع الصيادين لديهم المراكب الخاصة بهم، ومتخذين من مساكنهم ميناء لتلك السفن، إلا أنه منذ عشر سنوات اختفت تلك مظاهر الرخاء، وقد تلوث السمك داخل المياه، فضلاً عن ان لون المياه قد تغير وقد أصبح أسوداً.
وأشار إلى ان هناك الصيادين يقومون يومياً بشحن المركب بنزين يكلفهم نحو"150-200" جنيه والإبحار حتى مياه الساحل الشمالي، لاصطياد الأسماك وبيعها للتجار، على الرغم أن العائد لا يغطي تكلفة الإبحار، وهناك صيادين يعتمدون على صيد المواد الخردة داخل مياه البحر من مخلفات المواد البترولية، لبيعها للتجار، والاستفادة من سعرها.
وقد رصدت عدسة بوابة "الفجر" إختفاء إبحار مراكب الصيد داخل مياه منطقة المكس، بعد أن كانت مكتظة قديماً بعملية الصيد، وتعكر لون المياه بفعل المواد البترولية.
ومن جانبه إستغاث أحد الصيادين يدعا "صدام فرج" بمحافظ الإسكندرية اللواء طارق مهدي لإتخاذ إجراءات حاسمة أمام تلك الانتهاكات التي تحدث للثروة السمكية والصيادين، مؤكداً أن هناك الكثير من شباب الصيادين يريد أن يتزوج ويحسن احواله المالية، إلا أن الصيادين يعانون من سوء الوضع البيئي والمعيشي.