في الذكري الثانية لثورة 25 يناير.. رصد الدكتور سمير رضوان وزير المالية الأسبق والخبير الاقتصادي الكبير، الوضع الاقتصادي المصري عقب مرور عامين على الثورة، مشيرًا إلى عدد من الازمات والحلول التي تتعلق بمستقبل الاقتصاد المصري. ونشرت وكالة بلومبيرج تحليلًا لوزير المالية الأسبق لرؤيته الحالية والمستقبلية للاقتصاد في مصر.. يقول الدكتور سمير رضوان، أنه ربما من المبكر أن نحكم على نجاح او فشل ثورة 25 يناير.. ولكن الواضح حتى الآن ان الشباب الذين قادوا هذه الثورة يشعرون بالخيانة، بينما الحكومة التي يسيطر عليها الاسلاميين تركز على تعزيز سلطاتها في الوقت الذي كان عليها أن تسعي لإعادة تأهيل الاقتصاد. فقد تركزت عبقرية الثورة في شعارها..(عيش وحرية وعدالة اجتماعية)، كانت هذه الكلمات هي المحرك الاساسي للخروج في ثورة غير متوقعة، والآن يعود الاستياء الموجود بالشارع إلى الاقتصاد المتردي. وأضاف رضوان: يواجه الاقتصاد المصري عدة تحديات، مشاكل فنية تتعلق بالركود، واستمرار لتراجع معدلات النمو، وعجز موازنة يتسع، وتراجع متواصل للاحتياطي النقدي الاجنبي، وعجز في ميزان المدفوعات، وعملة محلية تتنفس بصعوبة تحت الضغوط الكثيرة، كل هذا بينما أغلب المصريين يئنون تحت خط الفقر. تخفيض ائتماني وتابع: كل هذا الفشل انعكس على التصنيف الائتماني المصري على المدي الطويل، والذي أصدرته وكالة ستاندرد اند بورز، والتي أشارت إلى ''أزمات سياسية عميقة تؤثر على قدرة مصر على دعم الاقتصاد والوضع المالي بشكل عام''. كما تواجه مصر تساؤلات بشان قدرتها على الوفاء بمعدل نمو ديونها، خاصة مع التوسع الدولة في إصدار سندات وأذون خزانة بمعدل فائدة مرتفع، وهو ما لا تملك الدولة موارد تؤهلها للوفاء بها، وهو ما يفتح الباب لطرح أسئلة حول كيف يمكن لمصر أن تتصدي لهذه التحديات الاقتصادية، تساؤل تسعي الحكومة والمعارضة جاهدة لإيجاد حل بشأنه. ويري الوزير السابق أنه في ظل الوضع الحالي.. يبدو أن وحدها معجزة قادرة على إنقاذ الاقتصاد المصري والمجتمع كله من المستقبل الكئيب الذي نواجه الآن.. المعجزات تحدث ولكنها بحاجة إلى رؤية وإرادة سياسية. ويضيف: والرؤية يجب أن تكون واقعية كذلك، فحديث حزب الحرية والعدالة وجماعة الاخوان المسلمين حول برنامج ل ''النهضة'' سيتم تنفيذه عقب الانتخابات الرئاسية في مايو الماضي، تحول إلى مادة خصبة للكارتون والبرامج الكوميدية، فالرؤية الجادة يجب أن تكون واقعية وليست على الورق فحسب، تستهدف معدل النمو والتوظيف والفقر، وبدون العودة لتسجيل مستوي نمو أكثر من 7%، فلن تتراجع معدلات البطالة والفقر، وستظل الأزمة مستمرة. لقد ارتفع الناتج القومي الإجمالي بأقل من 2% خلال 2012، وهو نفس معدل الارتفاع السكاني خلال نفس الفترة، إذن ودون تفاصيل لا تهم رجل الشارع العادي، فإن الاقتصاد في مرحلة ركود.. لا وجود لنمو ولا لوظائف جديدة، في الوقت الذي أظهر الاحصائيات الرسمية أن معدل البطالة بلغ نح و13%في 2012، ما يعادل 3.6 مليون شخص بدون عمل، وهي النسبة التي ترتفع إلى 25% في المرحلة العمرية من 15 عام إلى 29، وهو ما يكشف عن قنبلة اقتصادية اجتماعية. وتابع: تراجع معدلات النمو وارتفاع البطالة يفسران كذلك انفجار الاقتصاد غير الرسمي، والذي يعمل فيه نحو ثلث العاملين في مصر، أي 8 مليون شخص تقريبًا، كما يشيران إلى ارتفاع معدل الفقر في مصر من 20% خلال عام 2010، إلى نحو 25% الآن، مع احتمالية وقوع 22% من المصريين في براثن الفقر خلال مرحلة الصدمة الاقتصادية الحالية وفي حال حدوث ارتفع معدلات التضخم بشكل مفاجئ، وفقًا للدراسة أجراها البنك الدولي. الحل هل هناك حل؟.. لابد أن يكون هناك حل.. لأن مصر لن تستطيع أن تتحمل أي تأخير لتعافي الاقتصاد، وسيكون الثمن الاقتصادي والاجتماعي لا حد لهما. الخطوة الاولي يجب أن تنفذ على المدي القصير أي خلال 2013، انعاش معدل النمو يتطلب سد العجز المالي الناتج عن عجز الموازنة وميزان المدفوعات، كما يجب الوصول بمعدل الاستثمار إلى 30 أو 40% كماه و الحال في عدد من دول شرق وجنوب شرق آسيا، بدلًا من المعدل الحالي البالغ نحو 17% فحسب. وبناء علي ما سبق تظهر الحاجة الملحة لقرض صندوق النقد الدولي البالغ 4.8 مليار دولار، والتي قامت الحكومة الشهر الماضي بتأجيل التفاوض بشأنه، ليس لأن القرض سيوفر حل نقدي واضح لعجز الموازنة، ولكنه سيتمثل نوع من شهادة الثقة للمستثمرين بشأن قدرة الحكومة على التعامل مع الوضع المالي والديون. إدارة الدين المصري الذي تجاوز ال 85% من الدخل القومي المصري، تتطلب انضباط واضح يتعلق بالمشكلة المزمنة الخاصة بالإعانات والمساعدات، حيث أن تتحصل مجموعة ما على النسبة الأكبر من هذه الاموال. الآن.. وبينما تسود نظرة سوداوية تجاه الوضع السياسي الذي تسيطر عليه حالة استقطاب واضحة بين الاسلاميين والعلمانيون، لقد تعرضت مصداقية جماعة الاخوان المسلمين للتآكل بسبب الإدراك واسع الانتشار لدي الكثيرين بأنها تسعي للحصول على أكبر قدر من السلطة، وهو ما جعل معظم المصريين يعتقون بأن البلاد تتجه لنظام الحزب الواحد مرة أخري ولكن هذه المرة الهيمنة للإسلاميين. وينهي الدكتور سمير رضوان تحليله قائلا: '' الحل من كل هذا يكمن في نظرة شاملة للوضع السياسي.. بعبارة أخري: '' حل المشكلة الاقتصادية لمصر في السياسة''.