القاهرة - السيولة أو الاموال الطازجة كما يفضل بعض خبراء السوق تسميتها هي كلمة السر في البورصة وهي عامل الجذب الذي يرى بعض الخبراء أن السوق المصرية افتقدته في 2010 وأنه لابد من جذب مزيد من الاستثمارات المحلية والاجنبية في 2011. ومن أبرز الدلائل على ضعف السيولة في السوق المصرية هذا العام خروج أغلب جلسات البورصة المصرية بقيم تداولات في حدود نصف مليار جنيه (86.3 مليون دولار) بينما كان المتوسط في الاعوام الماضية أكثر من مليار جنيه يوميا. ورغم أن المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية اي.جي.اكس 30 ارتفع نحو 13 بالمئة خلال العام الحالي الا أن متعاملين في السوق يقولون أن حجم السيولة وليس ارتفاع المؤشرات هو الذي يكشف عن قوة البورصات. يقول وائل عنبة العضو المنتدب لشركة الاوائل لادارة المحافظ المالية السيولة هي مقياس قوة البورصات لدى المستثمرين الاجانب وليس ارتفاع مؤشرات السوق. وأعرب عنبة عن تفاؤله بأداء البورصة في العام الجديد وقدرتها على جذب الاموال الطازجة. وقال لرويترز السوق المصرية قادرة على جذب سيولة جديدة في 2011 وخاصة من المتعاملين العرب وصناديق الاستثمارات الخاصة بهم بعد ارتفاع سعر البترول في الاونة الاخيرة. ويحقق النفط مكاسب قوية مقتربا من 90 دولارا للبرميل مع ضعف العملة الامريكية وصعود أسواق الاسهم العالمية في ظل امال بانتعاش النمو الاقتصادي. ونوه عنبة الى أن السوق المصرية نجحت بالفعل في جذب نحو 12 مليار جنيه من المتعاملين الاجانب منذ مايو 2009 وحتى الان. وقال لابد الان من الترويج للشركات المصرية بدول جديدة مثل دول جنوب شرق اسيا والدول العربية بعدما اتجهت تعاملاتهم للبيع بالبورصة المصرية في الفترة الماضية. وأظهرت بيانات البورصة المصرية عن أول عشرة أشهر من عام 2010 ارتفاع صافي شراء الاجانب بالبورصة المصرية 64 في المئة حيث بلغ صافي مشترياتهم 6.4 مليار جنيه مقابل 3.9 مليار جنيه عن الفترة المقابلة من العام الماضي. وقال خالد سري صيام رئيس البورصة المصرية في تصريحات له خلال مؤتمر اليورومني الذي عقد في سبتمبر بنية البورصة المصرية على المستوى التنظيمي والتكنولوجي وحوكمة الشركات وتعدد المؤشرات تجعلها مؤهلة بشكل كبير لاجتذاب المزيد من الاستثمارات الاجنبية سواء في شكل طروحات جديدة أو استثمار مباشر. وقال عنبة لابد من تعديل اليات التداول لدينا لتكون التسوية بعد يوم واحد فقط وليس يومين حتى يكون هناك معدل دوران أعلى للاموال. وذكر أن الطروحات الاولية بالسوق لم تستطع جذب أموال طازجة حتى الان لان سعرها لم يكن أقل من تقييمها. وأطلقت مجموعة عامر جروب في نوفمبر طرحا أوليا بالبورصة المصرية لجمع 1.15 مليار جنيه مصري فيما طرحت شركة جهينة نحو 30 في المئة من أسهمها بالبورصة المصرية في يونيو الماضي وجمعت نحو مليار جنيه مصري. لكن محسن عادل العضو المنتدب لشركة بايونيرز لادارة صناديق الاستثمار لا يرى نقصا في السيولة في السوق المصرية. ويقول لا نعاني من نقص للسيولة بمصر فهناك سيولة فائضة وغير موظفة في كافة أنحاء الاقتصاد المصري .ولكنها تحتاج الى محفزات بحيث تستطيع اجتذابها للتوظيف داخل البورصة المصرية. وأضاف عادل من أبرز محفزات السيولة المطلوبة اختيار شركات حكومية كبري في قطاعات جذابة للطرح في البورصة وجذب رؤوس أموال البنوك والمؤسسات المالية في الدولة للدخول بجزء من استثماراتها في البورصة. ونوه الى أنه يمكن تعديل قانون صناديق التأمين الخاصة للسماح باستثمار جزء من أموالها بالبورصة وتسهيل عمليات انشاء صناديق الاستثمار وتفعيل نظام صناديق المؤشرات. وأوضح عادل أن صناديق التأمين الخاصة تؤسسها بعض الشركات من أجل موظفيها تملك مليارات الجنيهات ومن شأن اجتذاب جزء من هذه الاموال أن يمنح السوق سيولة هائلة. وتابع يمكننا أيضا تكثيف عمليات الربط مع أسواق مالية عالمية مع تشديد الضوابط أكثر بالنسبة لعمليات قيد أسهم الشركات المصرية في صورة شهادات ايداع دولية في بورصات عالمية لزيادة اجتذاب السيولة للتعامل على هذه الاسهم محليا. وقال عادل لرويترز هذه العوامل قد تمثل تحفيزا للسيولة على الدخول من جديد في سوق المال المصرية خاصة وأن عوامل الاستقرار السياسي التي أفرزتها الانتخابات التشريعية الاخيرة تعتبر عنصر دعم مؤسسي هاما بالنسبة لسوق المال المصرية. وأسفرت الانتخابات التشريعية الاخيرة عن هيمنة الحزب الوطني الحاكم بمصر على غالبية مقاعد مجلسي الشعب والشورى في خطوة يراها كثيرون تمهيدا لتوريث السلطة بمصر الى جمال نجل الرئيس مبارك. وانتقال السلطة الى جمال (46 عاما) قد يسعد رجال الاعمال الذين ينسبون له الفضل في التقدم نحو تحرير السوق من خلال اصلاحات بدأتها مصر في 2004 وساعدتها على اجتياز الازمة المالية العالمية وجعلتها أثيرة لدى مديري صناديق الاستثمار. ويرى نادر ابراهيم العضو المنتدب لشركة مشرق كابيتال لتكوين وادارة المحافظ المالية أن السوق المصرية قادرة بالفعل على جذب سيولة جديدة في 2011 "لكن لابد أولا أن يكون لنا وزير استثمار حتى يكون قادرا على الترويج للشركات المصرية بالخارج. وقد قبل الرئيس حسنى مبارك في 25 سبتمبر الاستقالة التى تقدم بها محمود محيي الدين وزير الاستثمار من منصبه وذلك لتعيينه مديرا بالبنك الدولى بواشنطن وحل مكانه مؤقتا رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة. وقال ابراهيم نحتاج لحزم اقتصادية جديدة لتشجيع وتسهيل مناخ الاستثمار بمصر. وتحظى مصر باهتمام متزايد من مستثمري الاسواق الصاعدة نظرا لما تتمتع به من نمو قوي يقترب من ستة في المئة سنويا رغم التوقعات القاتمة للاقتصاد العالمي. وقال وزير المالية المصري يوسف بطرس غالي هذا الاسبوع انه يتوقع نمو الاقتصاد سبعة بالمئة العام المقبل وبين ثمانية و8.5 بالمئة في 2012 ارتفاعا من 5.1 بالمئة في العام المنتهي في 30 يونيو. ونوه ابراهيم من مشرق كابيتال الى أن السوق تحتاج لطروحات أولية "بنكهة دولية" وليست محلية مثل طروحات 2010 التي أخذت سيولة من السوق ولم تضف له. وتمنى حسام أبو شملة رئيس قسم البحوث بشركة العروبة للسمسرة في الاوراق المالية أن يستطيع السوق جذب سيولة جديدة في 2011 وان كان ذلك يتوقف على حالة الاقتصاد العالمي بصفة عامة. وقال لكي نجذب سيولة جديدة لابد من التركيز على عمل ترويج جيد ومكثف للشركات المصرية المقيدة بالسوق في الخارج والداخل. وعند عمل أي طروحات جديدة لابد أن تأتي 60 في المئة من قيمة الاكتتاب من مؤسسات أجنبية حتى نستطيع جذب أموال طازجة من الخارج.