احتل الحديث عن مرض السرطان الصدارة بين مواطنى الوادى الجديد، وتكاد لا تجد جلسة بين الأقارب والمعارف فى المحافظة الحدودية الهادئة إلا وتسمع فيها كلمة "المرض الوحش" –بكسر الواو- وهو اللقب الذى يطلقه الأهالى البسطاء على مرض السرطان تحاشيا لذكر اسمه العلمى، مع ذكر جملة "الله أكبر" خوفا من الإصابة به فور نطقه، أو تعظيما لخطره بعد الزيادة الملحوظة فى أعداد المصابين بالمرض، واختلاف الأعمار التى يطالها. "الحرية والعدالة" رصدت المشكلة واستمعت لآراء المواطنين والمتخصصين والمهتمين بالأمر. بداية يقول محمد عمر -مدرس ثانوى، 38 سنة- تعرض الكثير ممن أعرفهم للإصابة بمرض السرطان، أحدهم جارى، واثنان آخران زملاء فى العمل ونريد من الأطباء والمسئولين والمتخصصين أن يجيبوا: لماذا تكثر فى الوادى الجديد حالات الإصابة بمرض السرطان؟ ويفجر محمد زمزمى -عضو منظمة حقوق الإنسان- مفاجأة بالإشارة إلى وجود نسبة إشعاع فى تربة ومياه مركزى الداخلة وبلاط، وهو ما يتداوله الكثير من المواطنين حول دفن نفايات ومواد مشعة بالصحراء الغربية أيام المخلوع، مما أثر فى صحة السكان وأدى إلى انتشار مرض السرطان، ويتعجب من عدم اهتمام الهيئات المختصة بقياس نسبة الإشعاع، لتأكيد أو نفى ما يثار حول الأمر قبل فوات الأوان. من جانبه، أكد الدكتور محمد سيد -مدير إدارة مستشفيات الوادى الجديد- أنه لا توجد إحصائيات عن مرضى السرطان بالوادى من أى جهة، والإحصائيات المتاحة تقديرية وغير دقيقة، وبصفة عامة فالمرض بالفعل فى زيادة مستمرة، وهناك 400 حالة تتلقى علاج بمستشفى الخارجة، وأعداد كبيرة تعالج بمستشفيات أسيوط والقاهرة والزقازيق، وقياسا على عدد السكان القليل فأنا أعتقد أن من بين كل 180 مواطنا هناك مصاب بالمرض، والأسباب قد تكون عامة من المبيدات المسرطنة والأغذية الفاسدة التى غطت مصر خلال العهد البائد، أو لأسباب خاصة بالوادى مثل بحيرة الصرف الصحى الموجودة بمراكز الخارجة والداخلة وباريس التى تتجاوز كل منها مساحة 50 كم وتتربى عليها أسماك وماعز وأبقار، حيث تقدر أعدادها بين 3 إلى 5 آلاف رأس ماشية ببركة الصرف بالخارجة فقط، وتباع لحومها وألبانها بالأطنان وتوزع على التجار بالأسواق دون علم المواطنين، ويجب التعامل مع تلك البرك بطريقة علمية للقضاء على أحد المسببات. من جانبها، تقدمت جمعية واحة الخير لعلاج مرضى السرطان بالمحافظة ببلاغ ضد اللواء طارق المهدى -محافظ الوادى الجديد- ومدير الصحة وعدد من رؤساء المصالح الحكومية بالمحافظة؛ لاتهامهم بالتقصير والتسبب فى انتشار المرض بين أبناء المحافظة، يقول محمد يوسف محسب -أمين صندوق ومؤسس الجمعية-: نحن نتعامل ميدانيا مع المرضى وهو فى ازدياد مستمر منذ 1995 وكان نادرا قبل هذا التاريخ، وهو توقيت متزامن مع إنشاء بحيرات الصرف فى الخارجة والداخلة، والمرض فى اعتقادنا نتيجة نشاط هرمونى انتقل من المواشى وألبانها والأسماك التى تتربى على مياه الصرف إلى المواطنين، والحالة الاقتصادية للمواطنين فى الوادى بشكل عام بسيطة والعلاج يحتاج لمبالغ ضخمة، لافتا إلى أن الجمعية تتولى الصرف على وحدة الأورام بمستشفى الخارجة العام بالكامل دون تكليف الدولة جنيها واحدا، وكان المرض فى البداية يصيب القولون أو الثدى، أصبح فى كل أجزاء الجسم وتطور بين أعمار الأطفال والشيوخ، ويضيف محسب: لدينا القدرة لإنشاء وحدة الكشف المبكر ومركز متخصص لعلاج الأورام، ونحتاج لتخصيص قطعة أرض بمساحة 400 م فقط، لكن الأجهزة التنفيذية بالمحافظة ترفض، فى الوقت الذى تخصص قطعة أرض لمنطقة الكشافة. من جهة أخرى، تقدم نواب مجلس الشورى بالوادى الجديد بطلبات إحاطة إلى المجلس للوقوف على أسباب تفشى المرض بالمحافظة، مطالبين بكشف المشكلة وأخطارها على أبناء الوادى بعد تفشى المرض فى المحافظة بصورة كبيرة واتهام الصرف الصحى ومواسير المياه المتهالكة بالمدينة بالتسبب فى انتشار المرض دون تدخل من الجهات الحكومية. وأكد النائب على حامد -عضو مجلس الشورى- أن نسبة مرضى السرطان فى ازدياد بشكل مرعب، والأمر غير طبيعى، وتعددت الأقاويل عن أسبابه وهو ما يضعنا أمام مسئولياتنا للبحث ووضع الأمر أمام لجنة الصحة بالمجلس والمراكز البحثية ووزارة الصحة للوقوف على الأسباب بكل دقة ومن ثم معالجتها، ونهيب بكل المتخصصين التعاون لوضع حلول سريعة وحاسمة.