نحو استراتيجية قومية لمكافحة السرطان في مصر د. حسين خالد تعميم مراكز الأورام في جميع محافظات مصر بناء علي توجيهات السيد رئيس الجمهورية هو مطلب قومي ينادي به المعهد القومي للأورام منذ فترة طويلة نظرا لما نلمسه من معاناة المرضي في السفر للعلاج خارج محافظاتهم بالاضافة إلي معاناتهم الشديدة من ذلك المرض اللعين. علما بأنه توجد ثلاث محافظات يجب ان تكون لها الاولوية وهي محافظات بني سويف والفيوم وقنا ثم باقي المحافظات الاخري التي تفتقد لوجود هذه الخدمة مثل مرسي مطروح وشمال وجنوب سيناء والسويس والغردقة. وبالاضافة الي الحاجة الشديدة لزيادة مراكز علاج الأورام فإنه يجب أن تكون هناك استراتيجية واضحة لمكافحة الأورام في مصر تتكامل في خلالها كل هذه المراكز في تقديم الخدمة المميزة لمريض السرطان التي ننشدها جميعا. فالسرطان مشكلة صحية عالمية وكذلك قومية في مصر, حيث يعد ثاني أسباب الوفيات بعد أمراض القلب, فبينما تسبب أمراض القلب نسبة وفيات في العالم31% يأتي السرطان في المركز الثاني ويسبب23.8% من أسباب الوفاة. ولقد وصل عدد حالات السرطان في العالم كله عام1985 الي7.6 مليون حالة, قفز هذا الرقم الي10.3 مليون حالة عام2000 ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم الي16 مليون حالة عام2020 وذلك حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية. في مصر لايوجد تسجيل لحالات السرطان علي المستوي القومي حتي الآن وحسب احصائيات منظمة الصحة العالمية فإن عدد حالات الجديد تقدر ب100.000 حالة كل عام غير عدد مرضي الأورام المتراكمين من السنوات السابقة. ولقد تمكن العلماء من تحديد عدد من الأسباب التي تؤدي الي الاصابة بمرض السرطان وهي بصفة عامة تشمل: الازدياد المطرد في عدد السكان ومتوسط عمر الانسان, حيث إنه من المعروف أن نسب الاصابة في كبار السن أكبر من صغار السن. والأمراض المعدية ومن أشهر الأمثلة هي علاقة مرض البلهارسيا بسرطان المثانة البولية, مرض الالتهاب الكبدي الوبائي بي وسي وسرطان الكبد, بالاضافة إلي التدخين وتلوث البيئة والعادات السلوكية السيئة في التغذية وقلة الرياضة البدنية ويتبع هذا أيضا تلوث الخضراوات والفواكه والمياه بمختلف المواد الكيماوية والغذائية المحفوظة. ويتمثل الوضع الحالي لمكافحة السرطان بمصر في المعهد القومي للأورام جامعة القاهرة وهو أكبر مركز لعلاج الأورام في مصر وإفريقيا والشرق الأوسط. ومراكز علاج الأورام التابعة لوزارة الصحة وعددها ثمانية موزعة علي أنحاء الجمهورية في دمياط, طنطا, دمنهور, مدينة السلام, معهد ناصر, المنيا, سوهاج, وأسوان ويعالج المرضي أساسا من ميزانية العلاج علي نفقة الدولة وكذلك التأمين الصحي ويقوم بإدارتها والعمل بها كوادر بشرية أغلبها من العاملين بالمعهد القومي للأورام. بالإضافة إلي أقسام علاج الأورام كجزء من كليات الطب بالجامعات المصرية( نحو15 قسما لعلاج الأورام). والقطاع الخاص بما فيه من مستشفيات خاصة, هيئات حكومية وأهلية. وبالنسبة لأوجه القصور الحالية في مجال مكافحة الأورام في مصر فيمكن حصرها في عدم وجود تسجيل قومي للسرطان في مصر لتحديد حجم المشكلة بدقة. وعدم وجود استراتيجية واضحة لمكافحة الأورام علي المستوي القومي وذلك للأسباب الاتية: قصور في مجال الوقاية والاكتشاف المبكر للأورام بشقيه الاعلامي والعلمي مع أهمية الوقاية والاكتشاف المبكر في ارتفاع نسب الشفاء وخفض تكلفة العلاج حيث إن القضاء علي التدخين والبلهارسيا وفيروس سي سيؤدي الي خفض الاصابة بالسرطان بنسبة40%. . قصور في تعميم بروتوكولات موحدة لتشخيص وعلاج الأورام علي مستوي الجمهورية. عدم وضوح آليه تدريب كوادر الأطباء الشبان في مجال الأورام ورفع المستوي المهني لديهم وكذلك توحيد الشهادات الأكاديمية المطلوبة لسلك الوظيفة الخاص بهم. عدم وجود نظام للمتابعة ومراقبة الجودة. . قصور في البحوث العلمية الخاصة بمواجهة المشكلات ذات الصبغة القومية وذلك لعدم وجود خطة بحثية واضحة المعالم. نقص وعشوائية الميزانيات الخاصة بعلاج المرضي حيث تتعدد مصادر التمويل من علاج علي نفقة الدولة مع ما به من قصور حقيقي في تغطية تكلفة المرضي, التأمين الصحي, التبرعات, وادي ذلك إلي عدم وضوح الفواصل والاشتراطات الواجبة لتحديد مصدر الصرف مما أدي بالتبعية إلي وجود عجز واضح في التمويل المطلوب. عدم وجود قواعد محددة وواضحة في مجال توفير الأدوية الخاصة من خلال عمل مناقصة موحدة علي مستوي الجمهورية تتعامل بشفافية كاملة نقص واضح في تفعيل دور الجمعيات الأهلية الخاصة بالأورام والمنتشرة في مصر ومنها علي سبيل المثال ماهو موجود في طنطا, المنصورة, فاقوس, وصعيد مصر. عدم وجود قواعد محددة لكيفية التخاطب مع الرأي العام وعمل رسائل إعلامية واضحة لجمع ماهو ممكن من دعم وتبرعات المواطنين للمساهمة في دعم هذا المجال الحيوي المهم وزيادة المخصصات المالية من خلال التبرعات والهبات وذلك من خلال حملة تبرعات دائمة ومقنعة علي مستوي الجمهورية. قصور شديد في مجال الاتصال بالجهات والهيئات الدولية والداعمة في مجال الأورام علي مستوي الجمهورية, والجدير بالذكر أن المعهد القومي للأورام هو المكان الحكومي الوحيد حاليا الذي له علاقات ممتازة وعلي مستوي مهني عال بكثير من هذه الهيئات والمنظمات الدولية. ومن هنا تأتي ضرورة إنشاء مجلس قومي للسرطان في مصر يتولي وضع, تنفيذ, ومتابعة الأهداف العامة لمكافحة الأورام المتمثلة في التشخيص والعلاج( من خلال بروتوكولات قومية موحدة), وتنظيم دور الوقاية والاكتشاف المبكر وتعليم, وتدريب الأطباء مع إعطائهم الشهادات الاكاديمية اللازمة للتخصص بجانب البحث العلمي للمشكلات ذات الصبغة القومية وتسجيل قومي للسرطان في مصر. عن صحيفة الاهرام المصرية 6/11/2007