تعود بعض الناس علي مخالفة الحقيقة والإخبار بالكذب وربما صدقهم الآخرون بحسن نية. وحين تسألهم عن ذلك يقولون "كذبة بيضاء" وهذا إثم من أعظم الآثام. فالكذب كذب وهو ممقوت والصدق صدق وهو محمود.وفي الحديث: "كفي بالمرء إثماً ان يحدث أخاه كاذباً وهوله مصدق". ما أجمل الهدي النبوي إذ يقول المصطفي صلي الله عليه وسلم: "إن الصدق يهدي الي البر وإن البر يهدي إلي الجنة وان الرجل ليصدق حتي يكتب عند الله صديقا وإن الكذب يهدي إلي الفجور وإن الفجور يهدي إلي النار وإن الرجل ليكذب حتي يكتب عند الله كذاباً" وقد أجمع بعض أهل العلم علي ان الكذب يباح في ثلاثة مواضع وهي: وقت الحرب لمراوغة الأعداء. وفي الاصلاح بين المتخاصمين. وبين الرجل وزوجته لتستمر العلاقة الأسرية في وئام. ففي الحديث: "العاقلة منهن كالخريش من الإبل" أي الناقة المندفعة السريعة. وقد سئل النبي صلي الله عليه وسلم: أيكون المؤمن جباناً؟ قال: نعم. أيكون المؤمن بخيلاً؟ قال: نعم. أيكون المؤمن كذاباً؟ قال: لا. حتي في الأدب حين قال بعض المؤرخين: "إن أعذب الشعر أكذبه" رد عليهم الشاعر المعتدل بقوله: يا من زعمت بأن الشعر أعذبه.. وفي اللفظ أكذبه أزريت بالأدب.. وقال آخر: ما الشعر الاشعور/ تجيش فيه العواطف/ وخيره ما تراه/ عن الحقيقة كاشفا. أي "الصدق وليس الكذب". إن الكذب آفة تضر بالأفراد والمجتمعات بل تدمرها إذ يترتب عليها نتائج كارثية وإهمال وفساد وضياع للحقوق والواجبات وظلم بلا جرم يقول عبدالله بن المقفع: إن الكذاب لا يكون أخاً صادقاً لأن الكذب الذي يجري علي لسانه إنما هو من فضول كذب قلبه. وإنما سمي الصديق من الصدق وفي الحكمة: صديقك من صدقك لا من صدّقك "بتشديد الدال" وختاماً يقول أحد الصالحين: الصدق ينجيك وإن خفته. والكذب يرديك وإن أمنته.