بمجرد سماعنا لكوكب الشرق "يا ليلة العيد آنستينا" تأخذنا الذاكرة للوراء بعيداً حيث ذكريات الأعياد في زمن البراءة والطفولة. الجميع كان ينتظر الثياب الجديدة ويترقب العيدية منذ ساعات الصباح الأولي ثم صلاة العيد مع التهليل والتكبير والتحميد.. إنها فرحة العيد التي لا تعادلها فرحة ولا توازيها بهجة. إن العيد في شرعنا الحنيف إنما يعني الفرح في أسمي معانيه. الفرح بأن وفق الله عباده الصائمين علي اتمام الفريضة. الفرح بإدخال السرور علي فقير أو يتيم أو صلة رحم كانت مقطوعة منذ زمن. لأن من أروع معاني العيد إلي جانب الفرحة والبهجة قيمة التكافل الاجتماعي والجود والبر والعطاء. والمودة في القربي. والبشاشة والفرح في وجه كل من تلقاه مهنئاً ومباركاً وأنت مبتسم سعيد. التكافل ببذل الصدقات والهدايا والتوسعة علي الأهل والأبناء والجيران وصلة الرحم وزيارة البعيد منهم والقريب ونبذ الخلافات. وتصفية القلوب من الضغائن والكراهية والأحقاد. والتكافل بالعفو عن المسيء والتسامح والبدء بالصلح. ففي الحديث: "وخيرهما من يبدأ بالسلام" التكافل بزيارة المريض وكذلك أصحاب العاهات وذوي الاحتياجات الخاصة وادخال السرور عليهم وكذلك أسر الشهداء وذويهم حتي يعم الفرح والسرور علي الجميع. وفي العيد تتجلي معاني وحدة الأمة وتماسكها حيث يصلي الجميع العيد في يوم واحد. والكل يهتف هتافاً واحداً مع التكبير والتهليل والتحميد مثلما حدث في عيد الأضحي حيث المكان الواحد والزمان الواحد والهتاف الواحد "لبيك اللهم لبيك" إنها الأعياد في أروع معانيها. إن العيد مظهر وجوهر. فرحة وعبادة. ومن فلسفة العيد الزينة والنظافة والتطيب والجمال ولبس الجديد واللهو المباح. فالله جميل يحب الجمال. يقول عمر بهاء الدين الأميري رحمه الله: خلقت الجمال لنا فتنة/ وقلت لنا يا عبادي اتقون/ وأنت جميل تحب الجمال/ فكيف عبادك لا يعشقون؟ فيس بوك.. وتعليقات القرَّاء د.حسام أحمد فهمي أستاذ هندسة الحاسبات بجامعة عين شمس twitter:@albahary سأبدأ بنموذجين تمهيدا للموضوع نشر بإحدي الصحف الالكترونية خبر عن تحرش عميد كلية اقليمية بعضوة هيئة تدريس. فصرخت حتي تجمع خلق الله. هذا هو الخبر. فما هو تعليق القراء؟ كانت التعليقات ستة. اثنان منها تهكما علي الموضوع. وإثنان أتيا خارج الموضوع تماما وكانا عن ضرورة التخلص من الاساتذة المتفرغين لاتاحة الفرصة للشباب. واثنان ردا عليهما ما دخل الاساتذة المتفرغين بحكاية التحرش وبالخبر؟ وأي فرص أخذوها من الشباب وهم أصلا مبعدون ولا يشغلون مناصب إدارية؟! تعليقان فيهما حقد مرضي كريه يظهر نفسه في أي فرصة ولو كانت عن موضوع كروي أو اقتصادي أو طبيخ. النموذج الثاني هو صديق لي يتندر علي أداء ابنه في الامتحانات. فهو دائما يطمئن منه علي ما أدي. ويكون رد الابن ¢لبلب يا بابا لبلب¢. وإذا به راسب جدا!! هذا هو فعلا حال معلقي المواقع الالكترونية والمتلطعين علي فيس بوك. يتصورون في أنفسهم الذكاء والألمعية والموسوعية. في كل شيء. في الدين يتكلمون فيفتون ويفسرون أو يسفهون الديانات الأخري. في السياسة والاقتصاد تحليلاتهم منهمرة. لا يعترفون أبدا بالتخصص. لبلب لبلب. هذا غير الأخبار الكاذبة والفبركة والتأويل والمؤامرات الكونية والسباب بكل الأقارب والمعارف. في أحيان ليست بالقليلة. غدت تعليقات القراء في المواقع الالكترونية مع التلطع علي فيس بوك متنفسا لكل تعبان نفسيا وموجوع اجتماعيا ومشتاق وظيفيا لم تعد تلك المواقع مكانا آمناً للنقاش وتبادل الرأي ومصدرا للمعلومة الصحيحة. فكم أظهرت ما نفوس عديدة من حقد وكره وكذب وتناحر. معرفة البشر علي حقيقتهم من ضمن ما يمكن الخروج به من فيس بوك ومن تعليقات القراء. فمن اختبأ خلف الأخلاق والتعقل انكشفت علي تلك المواقع سوءات ما بداخله. دون أن نغفل عن عقلاء فيس بوك والمعلقين المنطقيين المنصفين. هناك كثير من الحقائق تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي كاشفة ما لم يظهره الاعلام كاملا مثل التعدي المشين بكل الهمجية والتعصب علي سيدة قبطية في قرية المنيا علي خلفية شائعات عن علاقة بين ابنها الشاب مسيحي وفتاة مسلمة. غاب القانون واختفت الداخلية. لكن المواقع الالكترونية استيقظت. ولا عيب عليها إذا بالغت ردا علي ما صمتت عنه الدولة وعجزت. واحسنت فعلا لما تباعدت عن النغمة الكريهة المخادعة المراوغة التي وصفت هذا الفعل الهمجي بأنه فردي وليس طائفياً. فيس بوك من علامات عصر المعلومات. إنه محرك الحكومات والمجتمعات. لكنه لم يعد وغيره دوما للتواصل الاجتماعي. إنما فيه ايضا الفرقة والحقد والتحريض وقلة الأدب. مع الاسف. من الضروري التمييز بين الصالح والطالح من تلك المواقع. دون المساس بحرية الرأي البريئة. ولو كان فيها طول لسان ومبالغات.