العيد في الإسلام يعني الفرح في أسمي معانيه, الفرح في الطاعة والقرب من الله والفوز برضاه, وكف بكاء اليتيم وكفالته وإدخال السرور عليه . وإغناء الفقير والمسكين والمحتاج عن سؤال الناس, والفرح بنهضة الأمة وتوحدها لمواجهة ما يحاك لها من أعدائها, والفرح بفضل الله, علي عباده مصداقا لقوله تعالي:( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون)( يونس:58). وحول فلسفة الأعياد في الإسلام وحكمة مشروعيتها, يقول الدكتور أحمد علي سليمان, المدير التنفيذي لرابطة الجامعات الإسلامية, ومدرس الفلسفة الإسلامية بكلية التربية بجامعة عين شمس, أن فلسفة العيد تتجلي في العبادة وإحيائه بالصلاة والدعاء والتضرع, وتلاوة القرآن الكريم والتكبير والتهليل والتحميد وكثرة الذكر والشكر لله رب العالمين في الطرقات وفي المساجد والبيوت وخاصة أيام التشريق لما ورد في ذلك من فضل, ويعد ذلك إظهارا لشعار العيد وقوة المسلمين وترابطهم. وتبدو فلسفة العيد في الوحدة التي تتجلي في صلاة جميع المسلمين العيد في يوم واحد, وتتحقق في الحج, حيث الوقوف علي صعيد واحد, وفي وقت واحد, وفي لباس واحد, ويتضرعون إلي إله واحد, لا فرق بين غني ولا فقير, ولا خفير ولا وزير, ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوي والعمل الصالح, فالكل أمام الله سواء, الكل يهتف هتافا واحدا صادقا, نابعا من أعماق القلوب والوجدان, لا نفاق فيه ولا رياء:( لبيك اللهم لبيك, لبيك لا شريك لك لبيك, إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك). وفي هذا الموقف وتلك التلبية تتجلي دروس الوحدة الإسلامية التي يجب أن تكون نواة ومنطلقا ومرتكزا لوحدة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تجمع في بوتقتها جميع المسلمين في العالم, حيث الإله الواحد, والرسول الواحد, والدين الواحد, والكتاب الواحد, والتاريخ المشترك, والحضارة الواحدة التي أضاءت جنبات الدنيا كلها يوم أن تمسكنا بديننا, وهي الوحدة التي يجب أن تكون هدفا وغاية سامية نبذل في سبيلها الغالي والثمين, لكي نحجز لأمتنا مكانا لائقا في وسط الأمم في خضم التكتلات والتحالفات الدولية. ومن فلسفة العيد أيضا, الزينة والنظافة والتطيب والتجمل لله: فالله جميل يحب الجمال, وقد حثنا الله سبحانه وتعالي أن نأخذ زينتنا عند كل مسجد, قال تعالي:( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)( الأعراف:31) وإذا كان الله قد أمرنا بالزينة والتجمل في كل وقت لا سيما عند الذهاب للمساجد, فإنها تتعاظم في أيام العيد, بأن نلبس أحسن ما لدينا من الثياب كما كان يفعل النبي, صلي الله عليه وسلم, كما أن الله تعالي يحب إذا أنعم علي عبد نعمة أن يري أثرها عليه, لأنها من مظاهر شكر النعمة, شريطة التواضع والبعد عن الكبر والخيلاء, كما أن تجمل المسلمين, الذين يمثلون خمس سكان العالم, لخالقهم وتطيبهم له في هذا اليوم, ليفصح عن كمال الحب والطاعة لله في أسمي معانيها, وإبداء نعم الله عليهم.. ومن فلسفة العيد أيضا الرحمة والإحسان وتتجلي في طريقة ذبح الأضحية ومعاملتها برفق ورحمة, كما علمنا رسولنا, صلي الله عليه وسلم, وإذا كنا مأمورين بالرحمة والإحسان إلي الأضحية, فمن باب اولي أن نكون رحماء ببعضنا البعض وبأنفسنا, بل يجب علينا أن نكون رحماء ورفقاء بكافة مفردات الكون, من إنسان, وحيوان, ونبات, وحتي الجماد, وأن نتمثل هذه الأخلاق في جميع أيامنا وأحوالنا, ونغرسها في نفوس أبنائنا وفي كل من حولنا حتي نحرج من العيد بدروس نتمثلها في كل أيامنا, بحيث تكون صلاحا لنا في ديننا ودنيانا. تكافل اجتماعي ومن فلسفة العيد ومعانيه, التكافل الاجتماعي والسخاء والمودة في القربي والبشاشة والفرح في وجه من نلقاه من المسلمين وذلك ببذل الصدقات والهدايا, والتوسعة علي الأهل والأولاد والجيران, وصلة الرحم, وبث الوئام, والبدء بالصلح, ونبذ الخلافات, وتنقية القلوب من الضغائن والأحقاد, والعفو عن المسيء, وإفشاء السلام علي من نعرف ومن لا نعرف, وإطعام الطعام, يقول النبي( صلي الله عليه وسلم): يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام. كما يجب علينا عيادة المريض, وزيارة الضعفاء وأصحاب العاهات, وذوي الاحتياجات الخاصة وتفقد حوائجهم, وتحصيل البركة بزيارتهم ودعائهم, وإدخال السرور عليهم, وإدخال البهجة علي الأطفال بوسائل الترفيه المباحة شرعا, حتي يعم الفرح والسرور, ويجب علينا أن نقلع عن العادات السيئة, كالإسراف والتبذير والضوضاء التي تنبعث من الألعاب النارية.. وغيرها. وفي النهاية يجب ألا ننسي أسر الشهداء وذويهم, وإخواننا في فلسطين والعراق وغيرهما من أرض الإسلام بالدعاء لهم ومد يد العون لهم بكل ما نستطيع ونملك.