وزارة البيئة: حرق "قش الأرز" تراجع بنسبة 40% هذا العام نقابة الفلاحين: المزارع يبيع الطن ب300 جنيه مطلوب تدوير المخلفات الزراعية واستخدامها فى صناعة الأسمدة والعلف فوزى هيكل للعام الرابع عشر على التوالى وبالتحديد خلال شهرى أكتوبر ونوفمبر من كل عام تداهم السحابة السوداء سماء القاهرة والمدن القريبة منها، ويلاحظها المارة وسائقو السيارات ليلا، دخان خانق ورؤية ضعيفة، تضر كثيرا مرضى الصدر، والأطفال وكبار السن، بل تسبب خسائر كبيرة لقطاع السياحة والأنشطة المرتبطة به. وزارة البيئة تقول إن الظاهرة تراجعت هذا العام بنسبة 40 بسبب زيادة وعى الفلاح بمخاطر حرق قش الأرز الذى يعتبر السبب الرئيسى لهذه الظاهرة، ونقابة الفلاحين طرحت بيع القش بدلا من حرقه لتبقى السحابة السوداء والفاعل معلوم ولا يطارده أحد. ظاهرة ليلية فى البداية،تقول الدكتورة كوثر حفنى -رئيس الإدارة المركزية للأزمات والكوارث بوزارة البيئة- إن نوبات تلوث الهواء الحادة لفتت الانتباه عام 1999 وتكرر حدوثها سنويا فى فصل الخريف على فترات متقطعة وهذه النوبات تحدث نتيجة تراكم أحمال ملوثات الهواء الناتجة عن الأنشطة البشرية فوق إقليمالقاهرة الكبرى وبعض مناطق الدلتا. وتضيف "د. حنفى" أن حدوث هذه الظاهرة يرجع لعدة أسباب منها الانبعاثات الناتجة عن الأنشطة البشرية المتمثلة فى الانبعاثات الملوثة للهواءكذلكالعوامل المناخية المميزة لفصل الخريف المتمثلة فى طول فترات الليل مع سكون الرياح وظهور الانعكاس الحرارى الذى يساعد على تراكم الملوثات فى الهواء خاصة أثناء الليل والصباح الباكر. قالت إن هناك أربعة مصادر رئيسية لتلوث الهواء، على حد قولها، تتمثل فى حرق المخلفات الزراعية وعوادم المركبات والمصادر الصناعية وحرق المخلفات البلدية الصلبة ويساهم كل مصدر بنسبة معينة. حيث يتم التركيز فى قياس تلوث الهواء على تركيزات الجسيمات العالقة فى الهواء وتسمى بالأتربة الصدرية العالقة فى الجو وتؤثر المخلفات الزراعية خلال فترة الخريف بنسبة 42% من السحابة وعوادم السيارات والمصادر الصناعية بنسبة 23% لكل منها، أما المخلفات الصلبة فتمثل 12% فقط فى الخريف وعلى مدار العام تمثل نسبة 36%. مواجهة المشكلة وعن التدابير والخطط التى تنتهجها الوزارة للقضاء على هذه الظاهرة تؤكد د. كوثر حفنى أنه تم تنفيذ بروتوكول مع بعض الشركات لتدوير هذه المخلفات الزراعية وتحويلها إلى سماد عضوى لدى المزارع الصغير بواقع 100 ألف طن وذلك يتطلب متابعة أعمال هذه الشركات المتعاقدة لإنتاج سماد عضوى وأعلاف بواقع 450 ألف طن، كذلك الحد من عوادم السيارات عن طريق تكثيف حملات فحص عوادم المركبات وأتوبيسات النقل العام والجماعى بالتعاون مع شرطة البيئة والإدارة العامة للمرور. نتائج مطمئنة وتضيف أن الوزارة تعمل بالتنسيق مع مصانع الأسمنت وصناعات الأسمدة على مستوى الجمهورية حيث يوجد بالقاهرة الكبرى 4 شركات أسمنت بعدد 35 مدخنة وشركتان للأسمدة بعدد 5 مداخن، ويتم متابعة تركيزاتها من خلال غرفة العمليات المركزية بالوزارة؛ حيث سجلت عمليات الرصد خلال سبتمبر من هذا العام 8 مداخن متجاوزة فقط من أصل 40 مدخنة بإجمالى 53 ساعة تجاوز وهو ما يعادل 13 طن انبعاث حرارى. وهذه النتائج تعتبر منخفضة جدا ومطمئنة حيث تمثل نسبة التحسن فى إجمالى أحمال التلوث 73,6.% فى عام 2011 مقارنة بعام 2012 حيث سجلت نسبة التحسن فى إجمالى أحمال التلوث 62.% فى النصف الأول من شهر أكتوبر الجارى مقارنة بعام 2011 وهذا يؤكد أن الوضع فى تحسن مستمر. غرفة العمليات وعن مدى الاستعداد للتعامل مع هذه الظاهرة يؤكد الدكتور عطوة حسين وكيل وزارة البيئة أن جهاز شئون البيئة لديه غرفة عمليات مجهزةيعمل بها عدد من الخبراء والمتخصصين فى الأرصاد الجوية وإدارة الأزمات والكوارث البيئية، كما ترتبط تلك الغرفة بعدد من مراكز العمليات الفرعية الأخرى الموجودة بالأفرع الإقليمية للوزارة بالقاهرة ومحافظات الدلتا. وأضاف أن الغرفة مزودة بتكنولوجيا متخصصة لإدارة تلوث الهواء ورصد أنواع السحب المائية والعواصف الترابية ومتابعة الحصاد والحرق المكشوف وسحب الدخان للحد من تكون السحابة السوداء باستخدام شبكة الرصد البيئى لنوعية الهواء وتحليل تركيزات ملوثات الهواء من خلال 46 محطة موزعة على محافظات القاهرة الكبرى والدلتا بالإضافة إلى استخدام الشبكة القومية لرصد وتحليل انبعاثات وملوثات مداخن الأنشطة الصناعية مثل الأسمنت والأسمدة. كلمة السر "قش الأرز" يؤكد حسين أن قش الأرز برىء من السحابة السوداء فى السنوات الأخيرة حيث تقوم الوزارة بتنفيذ برامج للاستفادة الاقتصادية منه تتلخص فى التعاقد مع الشركات الوطنية المتخصصة لتدوير 540 ألف طن من مخلفات قش الأرز وتحويلها إلى سماد عضوى مع رعاية برنامج "المزارع الصغير" بالتنسيق بين وزارات البيئة والشباب والزراعة لتدوير 100 ألف طن قش لسماد عضوى وأعلاف بالإضافة إلى إمكانيةاستخدام القش كوقود فى مصانع الأسمنت بما يعادل نحو 200 ألف طن. ويضيف حسين أن هناك اتجاها لدى المزارعين لاستخدامه بعد تدويره كسماد عضوى وأعلاف، ناهيك عن زيادة نشاط التجارة فيه؛ حيث أصبح سلعة ذات قيمة سوقية بعدما تراوح سعر الطن المكبوس من 200 إلى 300 جنيه وربما يزيد من المصدر مباشرة نتيجة لارتفاع أسعار الأعلاف التقليدية وكذا وجود أزمة فى المنتجات البترولية واستخدامه كوقود للمصانع مما جعل هناك رواجا فى سوق بيعه وأيضا دخول بعض التجار ورجال الأعمال وكذلك المزارعون أنفسهم فى منظومة تجميع قش الأرز والاتجار فيه. وأضاف أن عدد الحرائق هذا العام بلغ نحو 2168 حريقا فى مساحة لا تتجاوز 2000 فدان أى بنسبة تقل عن 1% من المساحة الإجمالية من المساحات التى تم حصادها، ويشير ذلك إلى أن قش الأرز أصبح سلعة ذات قيمة اقتصادية عالية وهذا مؤشر جيد مقارنة بالسنوات الماضية. هيئات النظافة بالمحافظات يؤكد المهندس يحيى عبد الله مدير عام إدارة المخلفات بوزارة البيئة أنه تم رفع ما يزيد عن 432 ألف متر من التراكمات بإقليمالقاهرة الكبرى ومحافظات الدلتا كما تم الدفع بمعدات للسيطرة على الحرق المكشوف والاشتعال الذاتى بالمقالب العمومية ب(الروبيكى– السلام– شق الثعبان بالقاهرة، شبرا منت بالجيزة) فى استجابة فورية للشكاوى والبلاغات؛ حيث تم التعامل مع 286 حالة بالتنسيق والتعاون المشترك مع الأجهزة المختصة بدعم المحافظات بمعدات جديدة لرفع كفاءة هيئات وإدارات النظافة بالمحافظات وكذلك فرق التفتيش اليومية للتعامل مع أية حالات للحرق المكشوف على الطرق الرئيسية وداخل الكتل السكنية بالاستعانة بأجهزة الحماية المدنية. تجربة جديدة أما المهندس كرم السيد عبد المقصود البلتاجى -مدير قطاع كفر الشيخ بإحدى شركات تدوير المخلفات الزراعية- فأكد أن الهدف الأساسى من إنشاء الشركة هو التخلص من المخلفات الزراعية التى يصعب على الفلاح التخلص منها فيقوم بإحراقها، مسببا كارثة بيئية خطيرة على صحة الإنسان وجميع الأحياء البشرية على حد سواء وهى الظاهرة المعروفة إعلاميا ب"السحابة السوداء". ويضيف البلتاجى أن الشركة تخضع لإشراف وزارتى الزراعة والبيئة التى تعطيها 82 جنيها على كل طن تجمعه، وأما المتابعة فتتم من خلال وزارة الزراعة التى تراقب الحقول الزراعية وتحرر محاضر للمخالفين الذين يقومون بحرق قش الأرز وأحطاب الذرة والقطن وتسلمها لوزارة البيئة التى تتولى تكليف الشركة بجمع هذه الأحطاب من المزارع فتقوم الشركة بجمع كل المخلفات الزراعية التى يصعب على الفلاح التخلص منها. وأوضح أنه يتم أعطاء الفلاح 45 جنيها مقابل كل طن مخلفات زراعية تجمعه الشركة أو إعطاؤه نصف طن أعلاف من إنتاج الشركة مقابل 3 أطنان من قش الأرز الذى تستخدمه الشركة مع باقى الأحطاب الأخرى والمخلفات الزراعية المتنوعة من خلال 23 موقعا بكل محافظة يحتوى على معدات لنقل المخلفات الزراعية وإعادة تدويرها وإنتاج أعلاف للحيوانات أو سماد عضوى. السحابة السوداء تتراجع بنسة 40% يضيف البلتاجى –أن مصانع الأسمنت تقبل الآن على استخدام قش الأرز والمخلفات الزراعية الأخرى كحطب القطن وتقليم أشجار الموالح كوقود بديل للسولار والمازوت يعتبر موفرا جدا للطاقة وتخلص أمن من المخلفات الزراعية وخاصة قش الأرز الذى زاد الإقبال عليه بعد تعدد أغراض استخدامه حتى تراوحت أسعاره ما بين 200 – 300 جنيه للطن مما تسبب فى تقلص أخطار السحابة السوداء إلى 40% هذا العام مقارنة بعام 2008. تراكم المخلفات يقول الدكتور محمد ابراهيم ورد -وكيل نقابة الزراعيين- إن مشكلة تراكم المخلفات الحقلية تعد من أهم المشاكل التى ظهرت فى الآونة الأخيرة، وطريقة التخلص منها بالحرق تعرض البيئة للتلوث مع فقد القيمة الاقتصادية الناتجة عن إهمال تدوير هذه المخلفات حيث تتراوح كمية مخلفات المحاصيل الحقلية فى بعض التقديرات بين 18 – 25 مليون طن يحرق منها بين 30 – 50% ويرجع السبب فى حرق مخلفات المحاصيل الحقلية إلى عدة عوامل منها الرغبة فى سرعة إخلاء الأرض لزراعة المحاصيل التالية فى المواعيد المناسبة وبهدف التخلص من الآفات الكامنة فى بقايا المحاصيل والتى تؤثر على الزراعات التالية لهذه العروة مع صعوبة نقل المخلفات وتداولها وتخزينها خارج الحقل وكذلك عدم وجود صناعات تحويلية بصورة ملائمة تساعد على الاستفادة من هذه المخلفات. تدوير قش الأرز من جهته، يؤكد عبد الرحمن شكرى -نقيب الفلاحين- أن السحابة السوداء ضعيفة هذا العام بعد معرفة الفلاح بالطرق الصحيحة للتخلص الآمن من المخلفات الزراعية خاصة قش الأرز ولكن بفضل التوعية المستمرة على مدار السنوات السابقة للفلاح فى كيفية الاستفادة من المخلفات الزراعية حقيقية الآن بعد اتجاه الكثير من الشركات إلى الاستثمار فى هذا المجال بإعادة تدوير قش الأرز.