قال الدكتور سيف الدين عبدالفتاح أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي وصل لحالة من الهذيان لدرجة أنه يتكلم عن الزمن بلا تقدير حقيقي، وبلا اعتبار لوقائعه ومعطياته، خاصة بعد تصريحاته للمصريين بأنه عليهم أن ينتظروا خمسة وعشرين عاما حتى تعم الديمقراطية، ليسوغ استبداده وطغيانه، بطشه وقمعه، إنه بذلك ينتهك ليل نهار كل ما يتعلق بحقوق الإنسان ومتطلباتها، فضلا عن تحقيق التنمية عام 2063 ليتهرب من كل الحقوق والمساءلة. وأضاف عبدالفتاح -في مقاله اليوم الثلاثاء بصحيفة "العربي الجديد"- أن من مؤشرات غيبوبة السيسي الزمنية تلك المشاريع التي أسماها بالقومية، ولم تكن إلا تعبيرا عن حالة فنكوشية يبيع فيها الوهم من مشروعات لا يمكن أن تنجز على طريقته هو فقط، موضحًا إنه يحاول أن يأمر مساعديه وكأنه في ثكنة عسكرية فتقول الدراسات إن مشروعا يمكن أن يستغرق عددا من السنوات، بينما يقول المنقلب: "أنا معنديش غير كدة، المشروع ده يجب أن ينجز في سنة أو سنتين"، ويعتبر ذلك من جملة حزمه واستعجاله في إنجاز متوهم، فتبدو كل تلك المشاريع في النهاية فاقدة التخطيط ودراسة الجدوى وغير قابلة للتنفيذ.
وأوضح أن السيسي استكمل غيبويته وتحدث عن مشروعات تتطلب سنين، ويعلن المرة تلو المرة أنه سينجزها في غضون عام، مثل شبكة الطرق وطريق بري بين مصر وأثيوبيا ويمر بالسودان، سينجزه أيضا في العام ذاته، وتمر الأيام، ولا نجد أثرا لتلك المشروعات إلا أوهام يبيعها المنقلب لا تخلو من كذب صراح يقوم به المنقلب، فلا يزال يكذب ويتحرى الكذب في إنجازات موعودة، وهي في الحقيقة غير حقيقية وغير موجودة، كما أن قضاءه العسكري يمارس أكبر مهزلة عرفها التاريخ، حينما تحكم محكمة عسكرية على طفل لم يبلغ بعد أربع سنوات بالسجن المؤبد، وحينما وجهت له لائحة الاتهام التي حملت تحريضا وقتلا وحرقا لأبنية، وكل هذه الأمور التي يتهم بها، فقد كان يبلغ من العمر آنذاك عاما ونصف، وفي إطار غيبوبة الزمن التي تحركه وتحرك أجهزته، بحيث لا يدرك هؤلاء أن طفلا صغيرا لا يتعدى عمره بعض السنوات، ولا تكون هذه الجرائم في حسبانه أوفي طاقته، فقط هم يروعون الناس ويلفقون القضايا مادام كل الناس في قبضتهم يفعلون بهم ما شاءوا، ولسان حالهم يؤكد أن هؤلاء البشر عقارا يورث وعبيدا يقمع هكذا لا يقيم هؤلاء لطفل صغير.
وأشار إلى أذرعته الإعلامية لتروج فشل الرئيس مرسي في الإنجاز، واستخرجت له من المقاييس، "واستحدثت "مرسي ميتر" لتعبر عن ضرورة محاسبته بعد أيام من توليته، وتتحدث عن تقصيره الواضح والبين، بينما هذا المنقلب الغادر يطلب الإمهال مرة بعد مرة لسنتين، وكأن الأيام لا تتحرك تمر سنة، فمع ذلك تجمد الزمن في فكره وعقله، فيطالب بمزيد من الوقت، وتنبري له جوقته مرة بعد مرة من أنه لا يستطيع أن ينجز كل شيء، أو أن أثر هذه الإنجازات لا يمكن أن يحدث في عام أو عامين، وكانوا في وقت سابق يحاسبون الرئيس مرسي على اللحظة والأيام، على الشهور لا الأعوام".
واختتم مقاله قائلا: "هكذا تسيطر عليه غيبوبة الزمن، تارة يمده عند اقتضاء الحقوق، وتارة أخرى يختزله عند فائض كلامه عن مشروعاته الفنكوشية. وفي إطار سياسته الأمنية، فإنه يجعل كل المجتمع في حال اتهام وفي سجن كبير يتهم من شاء، ويلفق لمن أراد حتى الطفل الصغير والأعمى الضرير، منظومة التلفيق تلك خرجت عن إطار المعقول والمقبول، لتعبر عن حالة من الهوس الأمني الذي لا يستنكف أن يلفق تلفيقاته من غير أي قدر من المعقولية أو التقدير، ولكنه أضعف من ذلك بكثير، فهو كالفأر المذعور الذي جعل من غيبوبة الزمن إحدى أدوات تغطية فشله، ولكنها لم تكن في النهاية إلا أحد مصادر فضيحته وفضحه".