منذ أن رزقنا الله بحفيد جميل، وزوجتي تصر أنها أصغر جدة في العالم، فهي لم تكمل الستين، لذلك هي لا تعتبر نفسها جدة، ورغم سعادتها بالحفيد، وترحيبها الشديد، ورعايتها لزوجة ابننا الوحيد لكنها للأسف ينتابها بعض مشاعر حزينة إذ تشعر أنها أصبحت امرأة عجوز، وأن لقب الجدة أضاف إلى عمرها سنوات كثيرة. اعترف أن زوجتي ما زالت تمتلك قلب طفل، ولديها أحساس بالبراءة والطفولة غير عادي، لكن للسن أحكام أيضا، هي لا تعترف بتلك الأحكام والقيود، ومازالت منطلقة، تمارس الرياضة، وتضحك وتنتشي عندما تشاهد فيلما جيدا، أو تقرأ مقالا جيدا. زوجتي تبدو أصغر من عمرها ب10 سنوات، لا أحد يصدق أنها في الخامسة والخمسين، لكن ولادة الحفيد جعلها تعيد حساباتها مرة أخرى، فهي الآن جدة، والجدة يجب أن تكون جادة جدا، ووقورة جدا. كلما كبر حفيدنا أجدها تميل إليه لتلعب معه، فالجميع يستغرب حيويتها، بينما أنا أخشى عليها من اكتئاب مفاجئ بسبب السعادة المبالغ فيها، فأنا أعرف زوجتي جيدا. تحدثت معها كثيرا، ولأننا أصدقاء، قلت لها: ما زلتِ تلك الفتاة التي خطفت قلبي، وأنا ما زلت بالجامعة، قالت: لقد كبرنا وعجزنا، قلت: مازال قلبك شابا لديكِ ابتسامة رائعة. لم تهتم زوجتي بتعليقات الآخرين على تعاملها مع الحياة ببساطة، لأنها محبة للحياة، وبدأت تتأقلم مع تقدم العمر، واعترفت أنها جدة أخيرا، بل كانت تشارك حفيدنا جميع أنشطته التي يحبها، كان يكبر معنا مثل أبيه.