حصلت "الوطن"، على النص الكامل للكلمة التي ألقاها الدكتور نادر رياض رئيس مجلس الأعمال المصري الألماني، خلال الجلسة الافتتاحية بالمؤتمر الاقتصادي، المنعقد على هامش زيارة الرئيس السيسي، ولقاءه بالمستشارة أنجيلا ميركل في برلين، والذي حضره ما يقرب من 120 رجل صناعة وأعمال مصريين بالالتقاء مع حوالي 180 رجل صناعة وأعمال ألمان. وتضمنت الكلمة مايلي: المستشارة أنجيلا ميركل.. الرئيس عبدالفتاح السيسي.. أعضاء حكومة ألمانيا الاتحادية، نواب وممثلي البوندستاج مجلس النواب الألماني. رجال الأعمال الألمان وممثلي القطاع الاقتصادي.. يسعدني ويشرفني أن أوجه اليوم لكم كلمة تحية وترحيب، ليس فقط بصفتي رئيساً لمجلس الأعمال المصري الألماني، المنصب الذي أسند إلي منذ أيام قليلة، ولكن أيضًا وقبل أي شيء بصفتي مواطنًا مصريًا أنتمي لتلك الدولة العظيمة ذات الحضارة الممتدة عبر التاريخ، والتي تربطها بألمانيا صداقة قديمة وراسخة، حيث قضيت أفضل سنوات شبابي المبكر في ألمانيا التي كانت لها أفضال كثيرة على منها التعليم مما أنشأ علاقة وجدانية قوية تجاه ألمانيا الدولة والشعب. ومن دواعي الفخر والسعادة، أن الرئيس الألماني منحني عام 2003 وسام الاستحقاق الألماني من الطبقة الأولى. إن هويتنا المصرية المتوارثة والمتصلة عبر التاريخ، تعتبر القاسم المشترك الذي يجتمع حوله كل المصريين دون ثمة تفرقة في روح من التسامح وحب الآخر والانفتاح على العالم، وبدا واضحًا للمصريين أن مصر ذات القيم التي توارثناها عن أجدادنا منذ آلاف السنين، والتي ظلت المكون الرئيسي للانتماء والوحدة المصرية بين الشعب على اختلاف طوائفه تواجه لأول مرة ما يهدد وجودها بعد أن كانت أولى الحضارات، التي ظهرت وتطورت قبل غيرها من البلدان والشعوب، حيث قامت الأمة المصرية القديمة على مبادئ عريقة وراسخة مثل الإيمان بأن هناك حياة بعد الموت ومحاكمة لكل إنسان على أساس أفعاله إن خيرًا وإن شرًا على الأرض وهي معتقدات صارت بعد ذلك قاسمًا مشتركًا لمبادئ الأديان السماوية فيما بعد. ومع أن حضارة مصر وقيمها الأخلاقية انفتحت على ثقافات وحضارات أخرى إلا أنها بقيت تعيش فينا إلى يومنا هذا بتلك القيم الثابتة والراسخة. يعتبر هذا هو الرباط الذي يميز التاريخ المصري منذ فجر التاريخ موحدًا المصريين حوله، ما يفسر حرصنا على تواصل الهوية للشخصية المصرية متصلة بدون انقطاع. "مصر عادت مصرية من جديد"، هذه العبارة عبر بها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله والذي كان يتمتع بشعبية كبيرة في العالم العربي واصفاً الثورة المصرية. أما نحن أعضاء مجلس الأعمال المصري الألماني، فإننا نسير على نفس الدرب ونستمر في إيماننا بمبادئ القيم الديمقراطية والحرص على المبادئ، التي حكمت وتحكم حياتنا سبيلًا لتجديد وطننا مصر المستقبل ودعم ركائزه من قيم ديمقراطية تعلى حقوق الإنسان وتساوى الفرص بين المواطنين، ديمقراطية العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجميع، ديمقراطية التوزيع العادل للثروة وفرص العمل، ديمقراطية تمكين المرأة والشباب. ونتطلع قريبًا لمجلس برلماني يمثل فئات الشعب تمثيلًا حقيقيًا، ونلتزم شأننًا شأن جميع القوى الوطنية بدعم وتعميق البناء الاقتصادي لصالح جميع فئات الشعب. وقد كان مثارًا للإعجاب مدى تجاوب الشعب للنداء الذي وجهته مصر المحررة لمواطنيها للإسهام في تمويل المشروع القومي الضخم لازدواج جانب من المجرى الملاحي لقناة السويس وتطويرها كإقليم اقتصادي. كان الأمر أشبه بالمعجزة ، ففي أسبوع واحد تم الإسهام بما يزيد عن 62 مليار جنيه مصري كان السواد الأعظم من جيوب مواطنين بسطاء لا يملكون موارد مالية كبيرة ويعيشون في ظروف متواضعة، لكنهم كانوا الأسبق في الإيمان بغد أفضل يرغبون في المشاركة الايجابية فيه. وبذا دارت ملحمة جديدة من العمل الوطني تنفيذًا لمشروعات صناعية وزراعية وخدمية ومد لخطوط السكك الحديدية واستصلاح مناطق صحراوية تضم المستشفيات ومراكز التعليم على كافة الأصعدة. إن الشعب استرد الثقة في المستقبل، فمصر قادرة على التعامل مع مشكلات اليوم والغد بالتعاون مع الدول والشعوب الصديقة والتي تعد ألمانيا في مقدمتها بلا أدنى شك. ويحظى الشعب الألماني باحترام كبير لانجازه العظيم بعد أن خرج من حرب عالمية مدمرة وتعرض لظروف غاية في الصعوبة كالاحتلال والتقسيم وفقدان الكثير من الأراضي، إلا أنه تمكن رغمًا عن ذلك من استرداد عناصر قوته وأصبح الاقتصاد الألماني اليوم أكبر قوة اقتصادية في الاتحاد الأوروبي. ومجلس الأعمال المصري الألماني سيبقى عاملًا مساعدًا فعالًا لتنمية وتعظيم الروابط الاقتصادية والتجارية بين مصر وألمانيا وبين المصريين والألمان. بعد أيام قليلة سنعود إلى بلادنا مصر، بلاد الفراعنة، بلاد الأقباط، بلاد الإسلام الوسطي المعتدل، بلاد رمسيس الثاني، أحمس، أخناتون، توت عنخ آمون، بلاد نفرتارى وكليوباترا، بلاد الأهرام وأيضًا قناة السويس، بلاد الفرص الواعدة والمتنامية. كما نرحب بالشعب الألماني على الدوام في مصر الصديقة ليس فقط بصفتهم سياحاً بل أيضاً بصفتهم مستثمرين وشركاء لنا في النجاح على حد السواء. وبقولي هذا فإنني أعبر عن سعادتي في المزيد من التعاون المثمر والبناء متمنياً لمؤتمرنا هذا النجاح والتوفيق. كما عقد مؤتمر صحفي حضرته وسائل الإعلام الألمانية، صرح فيه الدكتور مهندس نادر رياض رئيس مجلس الأعمال المصري الألماني بأن مصر هي بلد الفرص الواعدة وأن الاستثمار في مصر في ضوء المشروعات الألمانية العاملة في مصر هي الأكثر ربحية والأكثر نمواً بالمقارنة بالاستثمارات الألمانية في أوروبا نظراً لحجم الطلب المبنى على التركيبة السكانية لمصر الذي قوامه 90 مليون مستهلك يقع ما يزيد عن 60% منه في شريحة ما دون سن الأربعين.كما أن هذا الاحتياج السلعي يمثل كافة المجموعات السلعية. هذا بالإضافة إلى أن البنية الصناعية التحتية في مصر قوية ومتكاملة والتي تتمثل في ما يزيد عن 54 منطقة صناعية موزعة على كافة المحافظات. وأشار الدكتور نادر رياض إلى أن اتفاق التعاون في مجال الطاقة مع شركة سيمنز الألمانية الذي يبلغ نحو 12 مليار يورو لن يكون الوحيد وإنما سيتبعه اتفاقات أخري في مختلف المجالات. وأضاف لقد لاقى ما أعلنته مصر صدى واسعاً من التطوير الكبير لترسانة الإسكندرية لبناء السفن وذلك لاستعادة إمكانياتها لتصل لقدرة بناء سفن تصل حمولتها إلى 60 ألف طن وذلك بالتعاون مع الصين. والجدير بالذكر أن الصين وكوريا تقعان في المرتبة الأولى والثانية من القدرة التنافسية العالمية في بناء السفن والتي تتفوق اقتصادياً على معظم الدول الأوروبية العريقة في هذا المجال مما نقل مركز الثقل في بناء السفن ليصبح خارج أوروبا ويستقر في الشرق الأوسط لسنوات طويلة قادمة. تجدر الإشارة، إلى أن ترسانة الإسكندرية كانت من الصروح الرئيسية في ثورة التصنيع التي بدأها الرئيس جمال عبد الناصر في الستينات وانكمش نشاطها إلى أدنى مستوى.