على مر العصور الإسلامية كان للفن ظهوره المميز، ابتدأ منذ انطلاق الفتوحات الإسلامية فى شتى البلدان، ولم تكن مصر بعيدة عن المشهد الفنى، فمع بداية الفتح الإسلامى على يد عمرو بن العاص، صاحبه ظهور الفن الإسلامى، الذى ربما تأثر بحضارات سابقة، لكنه تمكّن من وضع هويته المستقلة التى أثمرت الكثير من أشكال الفنون العريقة، وتجلت فى عظمة آثاره الباقية حتى الآن، والطرز المتبعة بين أجيال حملت أسرار المهن والحرف اليدوية التى ارتبطت بالفنون الإسلامية على عاتقها. فى البداية تحدّث الدكتور جمال عبدالرحيم، أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية، عن نشأة الفن الإسلامى، فالمقصود به هو الفن الذى ظهر مع بداية العصور الإسلامية، لذلك وُجد اختلاف على تسميته ما بين الفن المحمدى، أى أنه يُنسب إلى رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم)، أو الفن العربى ويُنسب إلى العرب، لكن اتُفق بعد ذلك على أنه الفن الإسلامى، أى أنه الفن الذى يتبع عصور الدولة الإسلامية التى حكمت العالم الإسلامى، بداية من عصر رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) مروراً بعصر الخلفاء الراشدين ثم الأموى والعباسى والطولونى والمملوكى والعثمانى، ختاماً بعصر أسرة محمد على. وأكد «عبدالرحيم»، فى حديثه ل«الوطن»، أن ظهور الفن الإسلامى فى مصر اعتمد على ثلاث حضارات سابقة، إذ استنبط من الفن القبطى والفن الإيرانى والفن البيزنطى ما يناسبه من العناصر الزخرفية المتنوعة، سواء النباتية والهندسية، وتميز بابتعاده نهائياً عن تصوير الكائنات الحية مثل الطيور والحيوانات، والتى ظهرت فيما بعد فى المخطوطات والتحف فقط. وذكر أستاذ الآثار أن الفنون الإسلامية بحر واسع، إذ وُجد الفن فى شتى مجالات الحياة، وينقسم إلى أنواع مختلفة ما بين فن العمارة وفن المخطوطات والمسكوكات والنسيج والتصوير وغيرها من أنواع لا تُعد ولا تُحصى، لكنها تميزت ما بين عصر وآخر. وضرب «عبدالرحيم» مثلاً بالزخارف الكتابية المنقوشة، سواء فى العمارة أو التحف، إذ إنها متميزة من عصر لآخر، ففى العصر الأموى ستجد الخط الكوفى البسيط دون نقط أو زخرفة، أما فى العصر العباسى فيُعرف الخط بالكوفى المورق، أما إذ رُسم الخط الكوفى على أرضية مليئة بالزهور فيُعرف بالخط الكوفى المزهى فوجد ذلك فى العصر الفاطمى، وإذ استُبدل الخط الكوفى بالخط النسخ يرجع ذلك للعصر الأيوبى والمملوكى، أما فى العصر الفاطمى فتميز الخط بالزخرفة النباتية الثلاثية. وأوضح أستاذ الآثار أن أكثر فترة ازدهر خلالها الفن الإسلامى فى مصر كانت إبان العصر المملوكى، حيث كانت مصر هى مقر الحكم الذى بدأ فى 648 هجرياً حتى 923 هجرياً، مؤكداً عظمة المعالم الإسلامية الباقية حتى الآن مثل مجموعة ابن قلاوون ومسجد السلطان حسن وغيرهما من المعالم التى تجلت فيها عظمة الفن الإسلامى، وأيضاً ظهور الأحياء المتخصصة بالحرف اليدوية مثل حى النحاسين وحى الصاغة وغيرهما. «هالة»: مصر أشبه بمتحف مفتوح للفن الإسلامي وأوضحت الدكتورة هالة الجزايرى، أستاذة الآثار الإسلامية بكلية الآداب جامعة حلوان، أن الفن الإسلامى ظهر منذ أيام رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) لكنه ارتبط فى ذلك الوقت بالفتوحات الإسلامية، لكن مع بداية العصر الأموى بدأ الفن الإسلامى يرتبط بالعمران والبناء والتوسعات فى العمارة. وأوضحت «الجزايرى»، خلال حديثها ل«الوطن»، أن الفن الإسلامى ظهر مع بداية الفتح الإسلامى على يد عمرو بن العاص، لكنه تجلى بأنواعه المختلفة بداية من العصر الطولونى، مؤكدة أن الفن الإسلامى يشمل أنواعاً لا عدد لها ولكل منه أشكال وتصميمات مميزة. واستطردت أستاذة الآثار الإسلامية أن الفنون التطبيقية من الأنواع المميزة فى الفن الإسلامى، والتى ستجدها كتحف فنية أو تدخل فى فن العمارة، مثل الخزف والصدف والمعادن والنحاس وغيرها. واختتمت «الجزايرى» حديثها عن تميُّز الصناع المصريين بهذه الفنون، إذ وصفت مصر بالمتحف المفتوح للفن الإسلامى، فهى البلد الذى اجتمع فيه ما لا يوجد فى غيره، لذلك عُرف عن الصناع المصريين الإتقان الشديد والتميز فى الحرف اليدوية المستمر حتى الآن.