تشابكت أصابعى مع أصابعه نطبق على لحظات السعادة بين كفينا ... ضحكتنا تعلو كلما داعبت الرمله الساخنة أقدامنا... الأمواج تندفع متلاطمه ثم تنسحب قى هدوء عائدة لأحضان عشيقها مرة أخرى زرقة السماء أضفت على ماء البحر لونا يسحر العيون لوحة لمبدع لم يقلده آخر...فى استرخاء أمن جلست بجواره نغسل همومنا بشهيق عميق من نسمات الهواء العليلة التى تنعش الروح فى رقه ... عينى لا تمل الغوص فى عينيه يده مع الروح تلتف حول عنقى ... نرحل بالنظر بعيدا فنرى طيور النوورس وهى توثق صداقتها بالبحر ... كل ما أفسد على حريتى هو ذلك الجار المفروض علينا بنظراته المختلسه كان فى العقد السادس من العمر أتى الخريف على رأسه فحولها لصحراء جرداء كلما فغر فاه ظهرت أسنانه المعدوده فى المقدمه بصفرتها المشابهه لضحكته اما مؤخرة فمه فكانت تشبه الكهف المظلم كلما تلاقت نظراتى مع نظراته انتابتنى رعشة خفيه واشمئزاز من ملامح وجهه الغير مألوفه ... حاولت كثيرا أن أنصرف عنه لكنه أبدا لم ينصرف عنى واستمرت نظراته المستفزه تتسلل إلى خلسة أثناء ذهابه وإيابه أمامنا ... سالنى زوجى عن سر القلق الذى اعتلى وجهى فابتسمت وأنا انطلق معه عندما جذبنى نحو الشاطئ ... غيورة أنا عليه من الأمواج التى راحت تغازله وترتمى بين أحضانه وهو يقاوم ثورتها بحب ورغبه فى الإنتصار عليها ... يسبقنى للأمام فتأمرنى دقات قلبى متلهفه أن اعيده لجوارى وينطق لسانى متوسلا عودته ... سباح ماهر هو ولكنى خفت على لون بشرته الناصع من ملوحة الماء مع حرارة الشمس التى اضفت على وجهه حمرة زادته جمالا ... تركت البحر عائدة إلى الشاطئ حتى أرغمه على اتباعى وأجدنى فى كل مرة اتجه بنظراتى نحو ذلك العجوز دون قصد منى فاراة يلتهمنى بنظراته جلس زوجى إلى جوارى مرة أخرى وراح كل منا يطالع الأخر كثيرا عندما بدأت الشمس فى جمع خيوطها تأهبا للرحيل ... مر العجوز أمامنا وهو يرفع عينيه نحوى فرميته بنظرة غاضبه لوى على إثرها قسمات وجهه وهو يتجه ناحيه البحر ويتعمق بداخله ... حمدت الله ورحت أجمع اشياءنا الصغيرة ... نظارتى ... حقيبة يدى وساعة يده واستدرت لأعطيه قميصه وسرواله فوجدته يندفع نحو الماء وهو يسابق الريح وعاد لى صوته من بعيد غريق ...غريق جمد منى البصر ولم أتمكن من السيطرة على جسدى فتهاويت على المقعد وأنا أرى جسدا يظهر امامى تارة وتارة أخرى يختفى بين الأمواج ... أملأ ثنايا الماء والهواء صراخا أقدام الناس من حولى تسمرت أذانهم صماء لا تسمع استغاثتى ... بخطوات متثاقله اتجهت نحو الشاطئ فرأيته من بعيد يسبح عائدا نهمرت دموعى فهدأت ثورتى قليلا وأنا افتح ذراعيا لأستقبله بعد طول فراق ... كان يغير مساره بعيدا عنى أمعن النظر فأراه يحمل الغريق على ذراعيه يقترب ادقق فى ملامحه فى الظلام النيران كالمهل تغلى بداخلى دونما يشعر بها غيرى الصراخ بح معه صوتى عندما تركه أمامى وتوارى ... كل شئ فيه تغير الوجه شاحب ... ملامحه ساكنه ذراعيه فى استسلام بجوار جسد فقد المقاومه هززته بعنف ليفيق ولكن بلا حياة حملوه من أمامى وتركوا روحه تسرى بدمى الفراق علة بلا دواء أصابتنى وفيضان حبه لا يوقفه فراق .. فى طريقى للعودة كان كل شئ يتحرك فى مساره الطبيعى ملابسه ظلت باحضانى استنشق رائحته منها فالوذ بظل الحرمان من حرارة الحزن والقهر هل ساظل احتمل فناء الروح منى فى كل لحظة غروب؟ لست أدرى.