سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الفلاحون يحرقون القطن قبل «الجنى» بسبب تلاعب التجار وصمت الحكومة نقيب فلاحى الغربية: حرق المحصول أهون على المزارعين من بيعه بهذا السعر.. و«كنا زرعناها فجل وجرجير.. القطن هيدخلنا السجن»
«الدهب الأبيض تحول إلى محصول خسارة وخراب بيوت».. هكذا وصف المزارعون معاناتهم من زراعة محصول القطن، مؤكدين أن حصاد هذا العام أكثر سوءاً من حصاد العام الماضى بسبب انخفاض سعره، بعد أن رفعت الدولة يدها عن هذا المحصول الاستراتيجى وتركت الفلاح عرضة للتلاعب من قبل التجار، ما خلق حالة من الاستياء تجاه استمرار صمت الحكومة التى لم تحدد سعر المحصول. وأشار مزارعون إلى أن الفلاح يعتمد على موسم حصاد القطن لتسديد ديونه لبنك التنمية والائتمان الزراعى، وسداد فواتير السماد والبذور للجمعيات الزراعية، مشيرين إلى أن التجار أقروا سعر القنطار ب950 جنيهاً، ما خلق حالة من الإحباط والسخط ودفع العديد من المزارعين إلى حرق المحصول قبل جنْيِه بسبب زيادة تكلفة جنى المحصول عن سعره. فى البداية قال مسعد صابر، مزارع بمركز قطور، ملقب بشيخ الفلاحين، إن الأزمة ليست وليدة اللحظة لافتاً إلى أن الحكومات المتعاقبة عملت على تدمير زراعة القطن المصرى، حيث تجاهلت الفلاح ولم تدعمه وتقدم له ما يساعده ويمكنه من زراعة محصول ذى إنتاجية كبيرة، إلى جانب أنها رفعت يدها عن شراء القطن من الفلاحين، ما كبّدهم خسائر كبيرة. وتابع «صابر»: «كنا نضع آمالاً كبيرة على حكومة المهندس إبراهيم محلب لتعويض خسائرنا السابقة، لكن فوجئنا بأنها تسير على نهج الحكومات السابقة، بعد تخليها عن تحديد أسعار القطن مما جعل الفلاح عرضة لنهب التجار الذين حددوا 900 جنيه فقط للقنطار وهو ما يسبب خسارة للفلاح». صمت «شيخ الفلاحين»، صاحب ال67 عاماً، ثم جلس على قطعة من الحجارة أمام أرضه، محركاً رأسه يميناً تارة وشمالاً تارة أخرى، تعبيراً عن خيبة أمله فى زرعته التى ألحقت به خسارة فادحة، وبعد نفس عميق يشير بأحد أصابع يديه إلى محصوله قائلاً: «تعلمت الفلاحة وأنا ابن سبع سنوات على يد والدى وكان يصحبنى أنا وأشقائى معه للأرض فى الصباح نعمل بكل حب وجهد ونعود فى المساء، كان وقتها جمال عبدالناصر بيحب الفلاح ومهتم بمشاكله، وقتها كان القطن اسمه الدهب الأبيض». وأكد أن الفلاح دائماً كان يرفض سفر أولاده ويجعلهم بجواره للعمل فى الأرض، لأنه كان يجنى الكثير من أى محصول يزرعه خاصة القطن حيث كان وقت حصاده يعتبر «عيد الفلاح» لاعتماده عليه فى زواج أبنائه، لكن فى الوقت الحالى تحول العيد لخسارة وخراب بيوت، موضحاً: «بنتعب ونشقى طول الزرعة وفى النهاية مابتجيبش تكلفتها فتتراكم علينا الديون ونكون مهددين بالسجن من قبل تجار الأسمدة والمبيدات فى حالة عدم السداد». واتهم يوسف والى، وزير الزراعة الأسبق، بالتسبب فى انهيار زراعة القطن فى مصر بعد أن قام بتصدير بذرة القطن المصرى واستيراد بذرة أخرى بدلاً منها عملت على تقليل معدل إنتاج الفدان، الذى كان يتراوح بين 12 و14 قنطاراً، أما فى الوقت الحالى فلا يتعدى 7 قناطير، لافتاً إلى أن الزراعة شهدت فى عهده حالة من التدهور الكبير وصلت لدرجة إيمان الفلاحين بعبارة «والى سرطن الأرض». وعن تكاليف زراعة القطن حتى حصاده أشار السيد صابر، مزارع من قرية ميت الشيخ مركز قطور، إلى أن فترة زراعة القطن داخل الأرض تستغرق نحو 7 شهور، تبدأ بوضع البذرة فى شهر مارس حتى فترة جنى المحصول (الجمع) فى شهرى سبتمبر وأكتوبر، لافتاً إلى أن الفدان خلال هذا الفترة تتعدى تكلفته 9 آلاف جنيه وعائده لا يتعدى 6300 جنيه، وفى النهاية يكون نصيب الفلاح الخسارة وخراب البيوت وتراكم الديوان، فمحصول القطن هذا العام أصاب الفلاحين بالاكتئاب. وقال مسعد عمارة، مزارع بمركز المحلة: «استجبنا لطلب وزارة الزراعة بالتوسع فى زراعة القطن، وقمنا بزراعة 4 أفدنة هذا العام، وعند فترة الجمع تخلت عنا، حيث رفعت يدها عن تسويق المحصول أو تسلّمه مما دفعنا لتخزينه بمنازلنا، حيث إن السعر المعروض من قبل التجار 900 جنيه للقنطار وهو لا يحقق أى ربحية للفلاح حيث إن معدل إنتاج الفدان لا يتعدى 7 قناطير فى حين تتعدى تكلفته 9 آلاف جنيه، مما يمثل ضربة قاصمة لنا». وفى الغربية أكد حسن الحصرى، نقيب الفلاحين بالمحافظة، أن الفلاح تعرض لضربة موجعة، هذا العام فى محصول القطن وتعرض لخسائر كبيرة وذلك بسبب تجاهل الحكومة تسعير المحصول، ما جعل الفلاحين عرضة لنهب التجار وقيامهم بشراء القنطار ب900 جنيه، وهو ما أثار غضبهم واستياءهم. وأشار إلى أن حرق المحصول أهون عليهم من بيعه بهذا السعر. وطالب الحكومة بالتدخل وشراء القطن عن طريق المجمعات كما كان يحدث من قبل لإنقاذ الفلاح من هذه الخسارة وإنقاذ القطن من الانقراض بعد أن قرر عدد من الفلاحين عدم زراعته مرة ثانية، وعلى الحكومة تفعيل صندوق توازن الأسعار وعليها أن تقوم بشراء المحاصيل ال4 الرئيسية (القمح- الفول- الأرز- القطن) من الفلاح مباشرة. فايز جويدة، «مزارع»، أكد ل«الوطن»، قيامه بحرق محصول القطن بعد إعلان سعره من قبل التجار الذين فرضوا هذا السعر بعد تخلى الحكومة عن الفلاح، مشيراً إلى أن تكلفة زراعة الفدان وجنى محصوله أعلى من سعره المقرر حالياً، لافتاً إلى حجم الخسائر التى طالت الفلاح البسيط، وتابع: «ننتظر موسم القطن فى كل عام لسداد ديون البنوك والجمعيات الزراعية، وتراوح سعره فى العام الماضى بين 1700 و1800 جنيه، ولكن سعره هذا العام تسبب فى صدمة كبرى للفلاحين، الذين لم يجدوا وسيلة إلا حرقه وحرث الأرض لزراعة محصول آخر، بسبب زيادة تكلفة الأيدى العاملة التى تعمل فى جنى القطن، لافتاً إلى أن سعر هذا العام قرره التجار ما بين 900 و950 جنيهاً. وتدخل عمر أبومطير «مزارع»، قائلاً: «كل من زرع أرضه بالقطن هذا العام مهدد بدخول السجن»، وأرجع السبب إلى الديون المتراكمة على الفلاح لدى بنك التنمية والجمعيات الزراعية، لافتاً إلى أن التجار حددوا سعر القنطار ب950 جنيهاً، وهو ما دفع الفلاحين إلى تخزينه بمنازلهم، مؤكداً أن هذا أفضل بكثير من بيعه بهذا السعر، مشيراً إلى أن الحكومة أفسحت المجال للتجار للتلاعب بالفلاح البسيط، ولم تحسم الموقف حتى الآن بشأن محصول القطن، الذى كبد الفلاحين عناء وخسائر فادحة هذا الموسم، محذراً من ثورة جديدة يقوم بها الفلاح للضغط على الدولة لوضعه فى قائمة اهتماماتها. وأشار على عبدالعاطى محمود، مزارع، إلى أن قنطار القطن يجمعه 10 أفراد من العاملين، بيومية 60 جنيهاً للفرد بواقع 600 جنيه للقنطار الواحد، بالإضافة إلى تكلفة البذرة والأدوية والسماد وعناء الزراعة، مشيراً إلى أن تكلفة القنطار الواحد على الفلاح تتعدى 1500 جنيه بعد جمعه، وهو أقل بكثير من السعر الذى فرضه التجار على الفلاح، مشيراً إلى أن معظم الفلاحين مستأجرون للأرض وليسوا ملاكاً، وهو ما يزيد العبء على كاهلهم ويضاعف حجم الكارثة، لافتاً إلى أن إيجار الفدان الواحد يتعدى 4 آلاف جنيه، متابعاً: كل ما يقوم الفلاح بشرائه زاد أضعاف ثمنه إلا إنتاج الفلاح، يبخسه التجار والمسئولون بالدولة، كما لو أن الفلاح المصرى أصبح فى بؤرة الاضطهاد. فيما أعلن بهاء العطار، نقيب الفلاحين بالبحيرة، أن النقابة العامة تسعى للتواصل مع المسئولين لوضع حل لأزمة القطن، مشيراً إلى أن هناك العديد من الاجتماعات عُقدت لمناقشة أسباب الأزمة، واستلام مذكرات من الفلاحين بخصوص هذا الشأن، لافتاً إلى أن انخفاض مؤشرات سعر القطن يهدد بكارثة قد تلحق بالمزارعين بجميع محافظات مصر وليس البحيرة فقط، مطالباً بالتدخل الفورى والسريع من قبل الجهات المسئولة لحل الأزمة.