التحليل البلاغي: محاور برتبة صحفي "حديثة المنمق وحضوره قوي بشدة" هكذا بدأ د.عماد عبد اللطيف أستاذ البلاغة السياسية الحديث عن حمدين صباحي المرشح لرئاسة الجمهورية، مؤكداً أن له خبرات طويلة في الحوار مع الجماهير والعمل السياسي، ولديه القدرة العالية للتفاعل والإقناع لشرائح واسعة من الجماهير. يرى عماد أن المرشح الرئاسي حمدين صباحي يتمتع بإمكانات خطيب، علاوة على الأداء الصوتي المتقن والأداء المنبثق عن الإشارات الحركية، وميله لأن يخطب في الجمهور هو واقف وهو متأثر في خطابه السياسي بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وهذا يظهر بقوة في خطابه الحركي. وأشار إلى اعتماد حمدين صباحي في خطابه السياسي علي الإشارات غير اللغوية والإشارات البصرية، بجانب الاستخدام الجيد للفصحى في مواضعها وعدم الاعتماد علي العامية المبتذلة . المرشح الرئاسي ناصري التوجه يحاول دائما استخدام مفردات ومصطلحات فعالة مع المواطنين العاديين بلغة بسيطة تبتعد أيضا عن الابتذال، وهذا في ظل وقت يعتبر في الخطاب السياسي يوجه للمثقفين والمتعلمين، يضيف عماد "كلام حمدين شديد السلاسة ولغة شديدة البساطة وشديدة الإقناع" . "الوضوح والمباشرة والصراحة المفرطة التي ينتقدها البعض تعد أهم السمات المميزة لخطاب حمدين صباحي"، كما يقول عماد، فحمدين كان معارضاً للنظام السابق وكان أحد التيارات السياسية، وواضحا في معارضته، وهذا يظهر بشكل كبير خلال خطابه اتجاه الرئيس المخلوع. يشير عماد إلي تمتع حمدين الصباحي أيضًا برصيد كبير من المصداقية، فقد كان أحد أبرز المعارضين السياسيين طوال حكم الرئيس المخلوع، ومواقفه التي كان يدافع فيها عن حقوق المصريين ضمنت لخطابه قبولا واسعًا على اتساع القطر المصري. تتميز لغة حمدين بالتعبير المباشر عن الأفكار ولديه ميل للمصارحة وتوضيح الأمور بشكل قوي، ولا تعبر لغته عن أي مراوغات أو مماطلات فهو صريح لأقصي مدي حسب قوله استاذ البلاغة. أوضح عماد أن حمدين يميل لبعض التعبيرات الدينية لجذب قطاع عريض وشريحة كبيرة من المصريين المؤيدين للإسلاميين، والذين ظهرت قوتهم خلال انتخابات الشعب، ولكن علي الرغم من ذلك في وسائل إقناعة وحججه لا يميل لاستخدام الوسائل الدينية أو النصوص. تاريخ حمدين في العمل الصحفي أضاف إلي مهاراته كخطيب ومحاور جيد في رأي عماد، فهو يتسم بقدرة عالية علي الإنصات والمناورة والتفاعل مع المحاور، كما يتسم بذكاء شديد في النقاط التي يتناولها خلال اللقاءات". أكد عماد علي تمتع خطاب الصباحي بقدرة على التواصل مع شرائح مختلفة من الجماهير المصرية، فعلى الرغم من أنه ينتمي إلى النخبة الفكرية، فإن لديه خبرة شديدة العمق والشمول بمشكلات المجتمع المصري وظروفه، ويرجع ذلك إلى خبرته الطويلة في النضال مع العمال والفلاحين للحصول على حقوقهم منذ عهد أنور السادات، وعادة ما يستخدم معجمًا بسيطًا، وطرقًا سهلة في التواصل مع جماهيره. التحليل النفسي: "لا يستخدم حمدين فقط الألفاظ لتوصيل أفكاره بل أيضا يستخدم إشارات يديه للتأكيد على المعنى"، كما يلاحظ الدكتور أحمد عبد الله مدرس الطب النفسي في جامعة الزقازيق، يقول عن صباحي إنه مفعم بالمشاعر والعواطف، وحين تتكاثر عليه المشاعر يعجز عن التعبير ويصمت قليلا ليرتب أفكاره ثم يعبر بصوت عال كله حماس ليحفز كل من حوله وأولهم نفسه". عواطف صباحي سلاح ذو حدين في رأي المحلل النفسي، فالإدارة تحتاج إلي الفكر العملي المتزن، وشخصية حمدين الميالة للانفعال والعصبية والاكتئاب قد تؤثر علي قدرته في الإدارة. رغم ذلك، يرى أحمد أن حمدين قادر علي الاعتماد علي مساعدين ونواب شعب حازمين يسدون نقصه الإداري، ويلاحظ أحمد أن تركيبة شخصية حمدين متأثرة بتاريخه كزعيم سياسى طلابى قديم مناضل عنيد وإن لم يجرب من قبل ذلك تولي أي منصب تنفيذى. هذا التاريخ جعل لحمدين مهارات خطابية وقيادية وثورية وقدرة علي تحدي الصعاب، ولكنه لا يتمتع بمهارات تنفيذية موازية. يرتدى حمدين البذلة فى أغلب الأحيان ويتحدث بلباقة وبالفصحي البسيطة عن حقوق الشهداء والثورة، ويمزج ذلك بحديث مطعم بالإشارات الدينية والقومية العروبية مما يثير إعجاب البسطاء ومحبي عبد الناصر. تحليل مضمون: تراث ناصري للاستهلاك المحلي يظهر حمدين صبّاحي في أي لقاء بأنّه رجل "طيّب"، ويحاول أن يؤكد هذا الشعور لدى الناس عبر ضحكه الدائم، كما يؤكد أستاذ الصحافة بكلية الإعلام، محمود خليل. يري محمود أن حمدين يريد أن يكرر تجربة جمال عبد الناصر بطريقة عصرية عبر ترديد كلمات مثل:"الشعب هو القائد"، ولا يوضّح كيف سيكون الشعب قائداً، وما هي الخطوات التي سيقوم بها من أجل تطبيق هذا المبدأ. وفي معرض تقمصه لدور عبد الناصر، فإنه يناقض نفسه في الحديث، فيصف عبد الناصر بأنه "رئيس مُلهم"، فكيف يستقيم الشعب القائد من رئيس ملهم، يأتيه الوحي من السماء، وترديد مثل هذه الكلمات في الحورات يتم تداولها من أجل الاستهلاك المحلّي. يري خليل ان حمدين ينجح في كسب رضا الفقراء والبسطاء من خلال حديثه المليء بالتعاطف حين يذكر دماء الشهداء الذين لم يتم استجلاب حقّهم بعد، أو حين يتكلّم عن المؤامرات التي يحيكها الفلول من أجل إسقاط الدولة.