الحملة الإعلانية للفريق أحمد شفيق كانت سببا مباشرا لصعوده فى انتخابات الرئاسة، بينما كان خطاب حمدين صباحى الشخصى هو الأفضل ليدفعه إلى المثلث الذهبى فى المنافسة بعدما اعتبر كثيرون أن حظوظه ضعيفة، هذه هى قراءة الدكتور هشام عطية، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، لحملتى المرشحين اللذين حققا أكبر المفاجآت فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، بينما رأى الدكتور عماد عبداللطيف، مدرس البلاغة وتحليل الخطاب بجامعة القاهرة، أن شفيق خاطب بنجاح الخائفين من المشروع الإسلامى، فيما نجح صباحى فى الوصول للبسطاء. وفى تحليله لخطاب المرشحين الفائزين بأعلى الأصوات بعد الدكتور محمد مرسى، مرشح حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان المسلمين، أوضح الدكتور عطية أن جزءا من شخصية المرشح وتفاعله الانتخابى هو خطابه للجمهور العام، لكن لو تحدثنا عن المرشحين الأكثر حظوظا، كشفيق وصباحى، نستطيع القول إن الأمر لم يتوقف فقط على الخطاب ولكن امتد للظهور المباشر والحملة الإعلانية. بالنسبة لأحمد شفيق، قال عطية: إن ظهوره كان يسبب له خسائر أكبر من المكاسب، فكان يظهر منفعلا ومتناقضا فى تصريحاته إلى حد التضارب، فعلى سبيل المثال قال إنه سيسمح للمتظاهرين بالاعتصام فى ميدان التحرير، وفى تصريح آخر نفى ذلك، وقال إنه سيطبق القانون. ويرى أن الذى عالج خطاب شفيق وسلبياته وظهوره الانفعالى حملته الإعلانية التى وصفها بالاحترافية، وقال «حملة شفيق هى الأكثر تميزا والأكثر توظيفا للجمهور ثم الأكثر فى أنها أخذت كل عوامل الهجوم على شفيق فى الإعلام وقامت بالرد عليها، كما تميزت بأنها حملة دعائية كثيفة فى أوقات ذروة المشاهدة، ومتعددة الأشكال والنماذج». ويرى أستاذ الصحافة أن خطاب حمدين كان متماسكا والأكثر جذبا للشباب والفقراء المتعلمين، فاستطاع أن يصل إلى الكتل المتعلمة، مشيراً إلى أنه حصل على أصوات تلك الكتل خصما من رصيد الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح المرشح المستقل. وقال عطية: «كل التوجهات قبل بدء الانتخابات بنحو أسبوعين كانت تقول إن حظوظ حمدين صباحى محدودة، لكنه استطاع أن يبلور خطابه بالتركيز على العدالة الاجتماعية، ومداعبة إحباط الشريحة الأكبر التى تعانى من فساد النظام السابق». واتفق الدكتور عماد عبداللطيف مع الرأى السابق، وأكد أن الخطاب العام لشفيق حاول تقديم نفسه بوصفه «مخلصا»، واستخدم لغة أكثر حدة وشدة لطمأنة مخاوف القلقين من المشروع الإسلامى، واصفا خطاب شفيق بأنه شرطى وامتداد لخطاب النظام السابق وإعادة إنتاج حرفى مع الفارق فى أن النظام السابق لم يكن يخلق تواصلا مباشرا بحكم انعزال مؤسسة الرئاسة عن المجتمع، فلم يظهر مبارك إلا فى خطب المناسبات، لكن شفيق استخدم لغة عامية وظهر بهيئة غير رسمية. وقال: إن خطاب حمدين صباحى ركز على الاحتياجات الضرورية للمصرى خاصة المأكل والمشرب والكرامة والأمن، وهذا سر التأثير بقسمه الدائم ألا يبيت فى مصر جائع ولا مُهان. وأشار إلى تمكن حمدين من التواصل الحميم مع الجمهور بسبب ابتساماته التى يوزعها فى منتصف كلامه واقتباسه عبارات شعبية من الحياة اليومية للمصريين والإشارة إلى الفئات الأقل تهميشا حتى وصل الأمر إلى خطاب شديد العاطفية للمهمشين. وأضاف أستاذ البلاغة أن خطاب حمدين حفل باستخدام غير متكلف لعبارات تضفى سمة التدين على الشخصية، وهذه مسألة شديدة الأهمية فى مواجهة الإسلاميين.