التحليل البلاغي: كلمات من معجم الليبرالية يري عماد عبد اللطيف أستاذ البلاغة السياسية بكلية الآداب جامعة القاهرة أن عبد المنعم أبوالفتوح المرشح لرئاسة الجمهورية، لديه درجة عالية من القدرة علي الإقناع، موضحاً أنه لا يعتمد في الإقناع علي النصوص الدينية رغم خلفيته الإخوانية. يلاحظ عماد أن أبو الفتوح يتميز بصوت هادئ ونبرة واثقة وقدرة شديدة علي الإقناع، كما يعتبر حواره شديد الفاعلية مفوها، وحواراته دائما ما تتسم بالسخونة من زاوية المعارضة للنظام، ولكنها هادئة من زاوية الصراحة المفرطة التي يتمتع بها. يتميز أبو الفتوح عن كثير من منافسيه بعدم اعتماد شعبية حواراته التليفزيونية علي المشادات، فهو يعطي المحاور مساحة واسعة للحديث، ولديه قدرة عالية علي الإنصات فترة كبيرة. يري عماد في المرشح الرئاسي حنكة سياسية كبيرة، وصراحة تصل في بعض الأحيان لمنتهاها، ولكنها في نفس الوقت صراحة هادئة في ظل خطاب إقناعي مميز، وأكد أن خطابه تحاوري نقاشي، لا يميل إلى فرض الفكرة بوسائل الاستبداد اللفظي مثل تشويه المعارضين أو المخالفين، وإقصائهم، وادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة. أسلوب أبو الفتوح سلاح ذو حدين في رأي عماد، فهو هادئ ورصين، يجذب المتعلمين الذين يقدرون من يخاطب عقولهم، لكنه قد لايحقق له شعبية كبيرة بين بعض فئات الجماهير الأقل تعلمًا ووعيًا، والتي لا تتأثر بالحجاج العقلاني المنطقي، بقدر ما تحركها البلاغة الصاخبة التي تدغدغ المشاعر وتثير الانفعالات. ومن خلال رصد تعليقات أبي الفتوح عن المنافسين، يري عماد أنه يحرص على الحفاظ على ماء وجه منافسيه حتى إن كان اختلافه معه جذريًا، ولعل هذا وراء علاقاته الطيبة مع غيره من السياسيين المنافسين، أو من يخالفونه في الرأي. أحد العلامات المميز لخطاب أبوالفتوح هي استخدامه لمفردات إشارات اليد، فهو ودائما ما يلتزم بحركة واحدة في الحوار، ويركز بشكل كبير علي التواصل البصري مع المحاور، كما يلاحظ عماد، ويضيف إن المرشح المستقل لديه القدرة علي خلق حميمية ومد جسور الصلة بينه وبين الجمهور. لايصنف عماد أبو الفتوح كخطيب، بقدر ماهو متحدث لبق يجيد الحديث بهدوء، دون استخدام للعبارات الرنانة أو طرق الابتزاز العاطفي. "معظم المفردات التي يستخدمها أبوالفتوح تأتي من معجم ليبرالي"، كما يؤكد عماد، فهو لا ينتقص من المعارضين ولا يقصيهم، ويعطيهم الحق في الانتقاد. التحليل النفسي: وجه يفصح عن كل الأسرار وجهه مثل "الصفحة البيضاء"، معبر عن الانفعالات والمشاعر بشكل مفرط، هكذا تصف الدكتورة منال زكريا أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة القاهرة عبد المنعم أبو الفتوح المرشح لرئاسة الجمهورية. تقول منال إن الوضوح في انفعالات أبو الفتوح يظهر عند التحدث عن الانتماء لأسرته، فوجهه يظهر عليه الأريحية والاسترخاء، أما في الحديث عن جماعة الأخوان فيظهر إحساسه بافتقاد الجماعة، والاستغراب مما آلت إليه العلاقة بينهما. تؤكد منال عدم قدرة المرشح الرئاسي علي إخفاء ما يدور بداخلة، مؤكدة أنه سهل التعبير عن كل ما يدور بأعماقه. تصف منال المرشح الرئاسي بأنه "غير مدرب نفسياً علي العمل السياسي، ولايملك توازنا خلال خطابه السياسي بين ما يظهره ويخفيه"، مشيرة إلي أن العمل السياسي يتطلب عدم إظهار كل ما بداخله. تشير منال إلي أن حركات أيدي أبو الفتوح تعبر عن صراحته المفرطة، والتي لا يستطيع التعبير عنها من خلال الكلمات فقط، وهذه تظهر في حركة اليدين المنبسطة، وتلاحظ منال أن أبو الفتوح يستخدم الإشارة بالسبابة كثيرا، وهي إشارة قد تعني "الإنذار والتحذير وقد تعبر أيضاً عن الدفاع"، ولكن في حالته فهي تعبر في الأغلب عن الدفاع وليس الإنذا، رغم ذلك، تري منال في هذه الحركة خطأ من أبو الفتوح لأن الحركة قد تعطي انطباعا سلبيا لدي المشاهدين. تضيف منال أن أبو الفتوح يكثير أيضا من وضع اليد خلف الرأس، وهي إشارة للعودة للماضي ومحاولة التذكر أو الاستعانة بخبرة سابقة، وأشارت إلي أن أبو الفتوح يحتاج إلي مزيد من التدريب النفسي حتي يخفي بعض مشاعر التوتر التي تظهر عليه أثناء الحوارات التليفزيونية. تحليل المضمون: البحث عن أرضية مشتركة لايرغب المرشح الرئاسي عبد المنعم أبو الفتوح في أن يغضب أحد، لذلك فهو دائما مايمسك العصا من المنتصف، كما يقول محمود خليل، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة. يري خليل أن أبو الفتوح "مراوغ" في مواقفه في محاولة للتوافق والوسطية، فهو لايذم الإخوان حتي لايخسر كتلة تصويتية كبيرة، ولايمدحهم أيضا، يحاول أن يقدم نفسه بمرشح كل القوي السياسية. الدليل الثاني علي مراوغة أبو الفتوح، في رأي خليل، هو أسلوب حديثه عن الاقتصاد. "يذكر أرقاما كثيرة تضلل المتلقي، الذي لا يمكنه أن يحصر كل هذه الأرقام أو يتأكد منها. ويحاول إكساب الخطاب مصداقية مزعومة، لكن ذلك لا يتحقق في ظل كون الرقم تجريدي والواقع تجسيدي"، فالمرشّح الرئاسي يذكر مثلاً توفير حد أدنى للأجور، لكنّه لا يذكر الآلية التي من خلالها سيتم إتاحة ذلك الحد، خاصة أنه يغض الطرف على أن ديون مصر تم تقديرها ب150 مليار جنيه. يري خليل تشابها بين أسلوب أبو الفتوح عن الحديث عن الاقتصاد و أسلوب " كبيرهم الذي علمهم السحر من قبل"، يقصد الرئيس المخلوع مبارك، الذي كان يسرد أرقاما عن قفزات هائلة في معدلات النمو، وتوفير فرص عمل، وحد أدنى للأجور، لكنّها أرقام في إطار تمييع الحقيقة والبعد عنها. يلاحظ خليل تكرار أبو الفتوح أثناء حديثه لكلمة "الحرية"، وهي كلمة من ضمن الكلمات المركزية التي يحسبها المهتمين بعلم الكلام كمؤشر شديد الأهمية على مضمون الحوار، لكن خليل يفرق بين المذكور والمسكوت عنه في حوار أبو الفتوح، فكلمة الحرية يتفرع منها معاني مثل حرية الإبداع، حرية المرأة، حرية إطلاق الأحزاب، حرية الصحف. يري خليل أن الحاضر في نصوص أبو الفتوح هو الحديث العام الفضفاض عن الحرية، أما الغائب عن النص هو التفصيلات التي " يخشى الكلام عنها، حتى لا يفتضح أمره".