غيرت 30 يونيو على الأرض مواقع وأفكاراً، وضعت بعضاً ورفعت شعباً، وكان أهم ما أسفرت عنه: * أن الشعب يمارس السياسة بالوعى وبالتجربة التى تحتمل الخطأ والصواب على قدر المعلومات المتاحة لديه، فاختار الإخوان ليجربهم على قدر معلوماته عنهم، وعندما تكشف له أكثر عند ممارستهم الحكم فإنه أعاد النظر، وهذا عكس المثقفين، ونحل السياسة من النخبة التى تعرف حقيقتهم من قبل حكمهم. * التغيير السريع الذى أجراه الشعب على نظام مرسى يؤكد اعترافه بالخطأ، ومثاله الواضح تلك السيدة التى ضربت نفسها بالحذاء أمام الكاميرات ندماً على اختياره، ويعنى أن شعبنا حر ومسئول وعلى استعداد لتحمل نتائج عمله، فقد كان يعلم أن الإخوان لن يسلموا دون قتال. كما اتضحت هذه المسئولية فى قلة المظاهرات والمطالب الفئوية، وفى الالتزام التام بالحظر، وفى الاستعداد للموت والتصدى للجماعة الإرهابية. * أثبتت السرعة التى تمت بها 30 يونيو بعد يناير قدرة الشعب على استيعاب نوايا الإخوان نتيجة خبرته بحكامه، وقدرته على تغيير موقفه عملياً حسب المبادئ التى ثار من أجلها، وطبقاً لمصلحة البلاد التى تطابق مصلحته. * قلّ كثيراً الإحساس الشعبى بالغضب والعصبية والاستفزاز الملاحظ قبل 30 يونيو، الذى كان سببه -فضلاً عن فشل إدارة الإخوان- هو شعور الجماهير أنها خدعت بالوعود، وبخواء وزيف وضحالة الفكر والعمل الذى قدموه للناس فى الدين والدنيا. * أن شعبنا، فضلاً عن رفضه اليمين المتطرف، ورغم ظروف الفوضى وانعدام الأمن، فإنه لم يستول -ولا جماعة سياسية أو اجتماعية أو طبقية منه- على مزرعة أو مصنع عام أو خاص، ولا حتى على تلك الشركات التى حكم ببطلان بيعها أو خصخصتها، مما يدل على التزامه السلم والقانون، والحالات الحادثة المشابهة حالات فردية وبلطجية. * أثبتت سرعة 30 يونيو بعد 25 يناير أن رغبة شعبنا لتحقيق مبادئ يناير والقضاء على الاستبداد والفساد، أقوى وأكثر إلحاحاً من رغبته فى استعادة الأمن والقضاء على التوتر والفوضى، إذ كان يعلم العنف والفوضى التاليين ليونيو ورغم ذلك سار إليه. * كان العامل المشترك فى الثورتين هم قوى الشعب كله عدا الإخوان وأبنائهم من الجماعات الدينية الذين يقبلون باستبداد دينى، وعدا أبناء مبارك الذين يقبلون باستبداد أبيهم، ويدعو بعضهم الآن إلى استبداد دينى، وهذا القبول بالاستبداد من هذين الطرفين يؤدى حتماً إلى فساد مثل منح المناصب والامتيازات لأهل الثقة أو للأقربين الأولى بالمعروف. * عبرت حاجة شعبنا لقائد إلى ضرورة وجود أحزاب جامعة تملأ الشارع بفكرها وعملها، ولها قدرة على التأثير الفعال والنفاذ، فالبلاد التى لديها مثل تلك الأحزاب القوية لا تفكر شعوبها فى انتظار مُخلِّص لن يُخلِّص (بتشديد وكسر اللام). * عجز اليسار عن أن يحصل على نمو استثنائى لقواه فى ظل هذا الغضب العارم ضد الظلم الاجتماعى والفقر والتغول الرأسمالى. * تأكدت نفعية السلفيين، وخافت الجماعة الإسلامية عذابات الماضى وعدم جدوى الإرهاب، فانسحبت، وهو الدرس الذى يلزم تلقينه للإخوان ليسلموا.