رائحة الموت تزكم الأنوف، الأحزان تغلف الأجواء، والسواد يرسم خريطة نوفمبر الذى أبى أن يرحل إلا بخسارة جديدة، انتزع «معبودة الجماهير» التى لم يستطِع جسدها المنهك المقاومة أكثر من ذلك، لترتفع الأيادى بالدعاء الممزوج بالدموع وعبارات الرحمة، بقدر الضحكات التى رسمتها على وجوه المشاهدين فى «الزوجة رقم 13»، «مراتى مدير عام»، بقدر الدموع التى انتزعتها منهم فى «المرأة المجهولة» و«لا تسألنى من أنا»، بقدر المقاومة التى أشعلتها فى نفوسهم فى «شىء من الخوف»، بقدر الحب الذى زرعته فى واديهم ب«وحياة عينيك» و«إن راح منك يا عين»، والروح الوطنية التى أصبحت أيقونتها ب«يا حبيتى يا مصر». لم ترحل «شادية»، رحل جسدها فقط ولكن بقيت روحها وفنها وإبداعها.. خلال هذا الملف تحاول «الوطن»، إلقاء الضوء على أبرز النقاط فى الحياة الفنية ل«معبودة الجماهير»، التى تركتها بإرادتها منذ ما يقرب من 30 عاماً. دموع نجوم الفن تسبق ذكرياتهم بعد رحيل «معبودة الجماهير» على الرغم من تدهور حالتها الصحية فى الفترة الأخيرة، وتوقع الكثيرين خبر رحيلها، إلا أن الصدمة سيطرت على الوسط الفنى عقب إعلان الخبر، حيث عبَّر الزعيم عادل إمام عن حزنه الشديد لرحيل الفنانة الكبيرة شادية، وقال ل«الوطن»: «حزين جداً على رحيل قامة فنية عظيمة مثل الفنانة شادية ولكن هذا أمر الله»، واكتفى بقوله متأثراً «إنها شادية.. إنها شادية». عادل إمام: قامة فنية عظيمة.. وسهير البابلى: لا أصدق خبر الرحيل.. وإلهام شاهين: أجلت تصوير «لا تسألنى من أنا» بسبب امتحاناتى ودخلت الفنانة سهير البابلى فى نوبة بكاء قائلة: «عقلى لم يستوعب خبر وفاتها حتى الآن، كنت أطمئن على صحتها باستمرار وأتابع حالتها الصحية فهى رفيقة نجاحى وأختى وحبيبتى.. ربنا يرحمها برحمته الواسعة ويجعل مثواها الجنة ويلهم أسرتها ومحبيها الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون»، وقالت الناقدة ماجدة واصف، رئيس مهرجان القاهرة السينمائى، إنها ستدرس خلال الساعات المقبلة تفاصيل ما سيتم تقديمه عن النجمة الكبيرة شادية فى حفل ختام الدورة الحالية مع القائمين على تنفيذ الحفل، وأضافت ماجدة ل«الوطن»: «بكل تأكيد ستكون شادية حاضرة فى الختام مثلما كانت معنا طوال الدورة التى حملت اسمها وشهدت توجيه تحية لها مع كل فعالية أقيمت فى المهرجان، وأنا عن نفسى أؤمن بأن الفنانين لا يرحلون بل يظلون خالدين بأعمالهم إلى الأبد، وشادية تحديداً ستظل ساكنة وحاضرة فى وجدان كل من أحبها»، وقال المطرب أحمد سعد ل«الوطن»: «حزنت جداً على رحيل الفنانة شادية، وأعزى نفسى قبل أن أعزى أى شخص، شادية فنانة عظيمة لها مدرسة خاصة تأثرت بها كتيراً فى تعلمى للغناء، عملت مع أعظم الملحنين والشعراء وعندما كبرت استطاعت أن تحافظ على نفسها وتصنع لنفسها تاريخاً، ولا أستطيع أن أقول غير الله يرحمها، وربنا يحسّن خاتمتنا مثلها»، وقالت المطربة غادة رجب: «كانت عشقى الأول وهى جزء من كياننا، عملت فأخلصت فأمتعتنا بطلتها التى تسعد القلب، واعتزلت وكانت أصدق من اعتزل، ولم تنجرف وراء أى إغراءات، حزينة جداً على فراقها لكنها فى قلوبنا»، وقال الفنان هانى شاكر، نقيب الموسيقيين ل«الوطن»: «الفن المصرى والعربى فقد صوتاً من أهم الأصوات، وأدعو الله لها بالرحمة وأن يصبر أهلها وكل عشاقها بكافة أرجاء الوطن العربى». يسرا: الأكثر التزاماً أثناء التصوير.. ونجوى فؤاد: كتلة من الحنان المتدفق الذى لا ينضب واستعاد بعض الفنانين الذين عملوا معها ذكرياتهم الفنية والإنسانية مع «معبودة الجماهير»، حيث كشفت الفنانة يسرا كواليس فيلم «لا تسألنى من أنا» الذى جمعها مع شادية قبل سنوات طويلة، إذ قالت: «كانت أول الحضور لموقع التصوير، حيث كانت تصل قبل الموعد المحدد بساعتين، وتتحضر لمشاهدها سواء على مستوى الماكياج وتصفيف الشعر ومراجعة المشهد المراد تصويره»، وروت يسرا موقفاً طريفاً فى كواليس الفيلم قائلة: كان معنا مصور فوتوغرافيا يدعى «صابر»، وهو شخص خفيف الظل ومتمرس فى مهنته، ولكن فى يوم قارس البرودة كنا نصور داخل إحدى الفيلات، وعانيت أنا وشادية من برودة الجو آنذاك، ولكننا اندهشنا من عدم معاناة صابر من تلك الأجواء، وحينما سألناه عن السبب قال ضاحكاً: «صحتى زى الفل»، ولكن اكتشفنا أنه يرتدى ملابس ثقيلة تحت ملابسه، ومن هنا قررنا عمل مقلب فيه، وتابعت: خططت للمقلب مع شادية، واتفقت معها أن تبدى غضبها من صوره وتصفعه بالقلم، وبالفعل نفذت شادية ما اتفقنا عليه وسط حالة من الدهشة انتابت صابر، وحينما جاءنى ليعرض صوره قمت بصفعه أيضاً، ولكنه اكتشف المقلب مع ضحكات شادية حينها. ووصفت الفنانة إلهام شاهين، شادية بالعظيمة التى لن تتكرر، بحسب قولها، مضيفة: «أذكر واقعة جمعتنى بها أثناء تصوير فيلم «لا تسألنى من أنا»، وكنت حينها ممثلة صاعدة، ولكنى كنت مرتبطة بأداء 3 امتحانات أثناء فترة التصوير، ولم أكن أجرؤ حينها على مفاتحة المخرج أشرف فهمى فى أمر كذلك، فانزويت جانباً داخل مكان التصوير، وحينما رأتنى شادية وعلمت بأمر الامتحانات، طلبت من المخرج تأجيل موعد التصوير للرابعة عصراً، بدعوى أنها مرتبطة بميعاد وقت التصوير المحدد صباحاً، حيث لم تبلغه أنها طلبت التأجيل لأجلى، وأضافت: كنت فى غاية السعادة وقتها، ونجحت فى تلك الامتحانات، ولا يمكن أن أنسى لها هذا الموقف ما حييت. وقالت الفنانة نجوى فؤاد إنها تعاونت مع شادية فى أفلام عدة، أبرزها فيلم «ذات الوجهين» للمخرج حسام الدين مصطفى، وحينها لمست دعماً كبيراً منها، بحسب قولها، مضيفة أنها علمتها حركتين للرقص تماشياً مع طبيعة دورها، وتابعت: جمعتنى معها علاقة قوية ووطيدة، ولكنها انقطعت بعد أدائها فريضة الحج، حيث توارت عن الأنظار ولم أعد أعلم شيئاً عنها، بعدما قامت بتغيير كل أرقام هواتفها، ولكنها تظل من أفضل الشخصيات التى تعاملت معها على مدار سنوات عمرى، لأنها كتلة من الحنان المتدفق الذى لا ينضب. وقال الفنان أحمد بدير إن شادية لم تكن فنانة لامعة فحسب، بل كانت إنسانة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، مدللاً على كلامه بقوله: «أذكر وقت تعاونى معها فى مسرحية «ريا وسكينة» أنها كانت تخصص رواتب للعمال من أجرها الخاص، وكانت توزعها عليهم بنفسها داخل أظرف مغلقة». وأضاف: استمتعت بالعمل معها فى تلك المسرحية، التى كانت تجذب الجمهور لوجود شادية فيها، فهى فنانة كبيرة أثرت الحياة الفنية بالعديد من الأعمال المميزة. وقالت الفنانة شهيرة إنها كانت تربطها علاقة صداقة وطيدة بالفنانة شادية، إذ وصفتها بالإنسانة الرقيقة الجميلة التى تحب الخير للجميع، وتسعى لمد يد العون للمحتاجين، كما أنها كانت شخصية متفائلة بطبعها، ولديها ثقة أن مصر ستصبح أفضل وأفضل، وأضافت: لا أنسى وقت تكريم المركز الكاثوليكى لها، حيث حدثتنى هاتفياً وقتها قائلة: «ممكن تروحى تستلمى التكريم مكانى؟ فأجبت: «ده أنا ليّا الشرف»، فردت قائلة: «الشرف ليّا أنا»، ما يعكس جمالها ورقتها، وحينما طلبت منها كلمة لإلقائها بالنيابة عنها، طالبتنى بالتحدث مكانها لأنها تثق فىّ، وأعتبر يوم التكريم من الأيام المميزة فى حياتى.