أقنعته كثيراً بحبها للحم الخراف: «باموت فيه يا أحمد».. فإذا به ينفرها ويلوح بوجهه بعيداً: «بلا قرف، دى لحمة سمينة وكلها دهن، ومفيهاش فايدة، وآخرها تربى كروش وتتخن عقول».. أخذت الموضوع على أعصابها وكأنه سبها، أظهرت حزنها بعد الكلمات الصادمة فى حق معشوقها، فهى من مدمنى الفتة والشوربة والمشوى والضأن، لكنها لم تهتم، حاولت إقناعه بمميزات الخروف واستخداماته، عل محاولتها أن تفلح فى مصالحته عليه وإقناعه بالشراء، وصاغتها فى مجموعة من البنود ليعيد النظر فى موقفه: 1- لو متضايق من حد ممكن الخروف ينطحهولك من غير ما يفهم هو عملك إيه. 2- لو أكل من إيدك مرة يسمع كلامك طول الوقت. 3- ممكن يأكل البرسيم والذرة، وممكن من عند أى مقلب زبالة. توقفت فجأة عن سرد المميزات والعيوب بعدما لاحظت على زوجها تغيراً مفاجئاً، أخذت فى الضحك وهى تنظر إليه فسألها محتداً: بتضحكى على إيه إن شاء الله؟ نظرت إليه نظرة يعلمها جيداً، تنم عن خبث ودهاء، وقالت بميوعة: هههههه.. ولّا بلاش أحسن تزعل. اشتد غيظه وهو ينظر إليها: وانا إيه اللى هيزعلنى؟ بقولك إيه مش عايز قلة أدب، انطقى بدل ما أخرسك للأبد. فهزت كتفيها بميوعة أشد: إنت متأكد إنك مش هتزعل. فرد وقد احمرت أنفه وبرزت أذناه للأمام: شكلك انتى اللى هتزعلى لو ما قولتيش حالاً بتضحكى على إيه. فأخذت وضع الاستعداد وهى تقول وبصوت مسموع قبل أن تطلق لساقيها العنان وتهرب من أمامه: يا حبيبى أصلى اكتشفت إنك صورة طبق الأصل من الخروف، شبهه الخالق الناطق، ولو بصيت للمراية وقعدت مع نفسك قعدة صراحة هتتأكد. قالتها وهى تغلق باب حجرتها عليها بالمفتاح، تضحك بصوت عالٍ، بينما هو يدب على باب الغرفة: افتحى أحسن لك.. افتحى أوريكى الخروف بيعمل إيه.. افتحى أنا مش هعملك حاجة، أنا بس هعملك أدب الخرفان. ظلت على حالها هذا يومين، لا تخرج من غرفتها إلا فى غيابه، وهو يحاول تضليلها بإقناعها أنه خرج لكنها تكشف كل محاولاته، إلى أن غافلها مرة بإغلاق أنوار الشقة، وحين خرجت من غرفتها لاستكشاف الأمر وقعت فى مصيدته. فوجئت بيد تمسكها بقوة وحبل يلتف حول قدميها ويرفعها لأعلى، صرخت وقبل أن تكمل صرختها كتم فمها بإيشارب سبق أن أهداه إليها فى عيد زواجهما الأول، ذهب ليفتح النور لتكتشف أن زوجها نجح فى الإيقاع بها، وليس أمامها سوى إبداء الندم على ما فعلته فى حق الغنم. ربطها بعناية فى الكرسى، ووقف ينظر إليها بشماتة: «ربنا يسامحك بقالى يومين مش بنام، وكل شوية أبص فى المراية واقول الولية اتجننت، بتقول عليا خروف، والله كنت هطلقك فيها، بس قبل ما اخد القرار قلت أشوف انتى بتتكلمى جد ولّا هزار، وبعدها أقرر. حاولت الاعتدال فى جلستها لكنها فشلت، قالت متأففة: جد طبعاً، هو ده موضوع نهزر فيه؟ زاده ردها انفعالا وحدة، صرخ فى وجهها: بقى كده، جد جد يعنى، ماشى، أنا همشى ورا الجد بتاعك لآخر الخط.. آدى المراية أهه، ممكن تقوليلى أنا شبه الخروف فى إيه. ضحكت ضحكة عالية، وهى تشترط: طب اوعدنى إنك مش هتزعل من كلامى، ولا هيغير فى معاملتك ليا، واحلف بحياة حبنا.. ولّا أقولك احلف بحياة أمك عشان لو خلفت وعدك أخلص منها بالمرة. فرد وهو يجذبها من شعرها: وكمان بتدعى على أمى، لأ انتى إما فجرتى أو اتجننتى، وعلى العموم إديتك الأمان، انطقى بقى. أزاحت شعرها وساوته وهى تنظر مباشرة فى عينيه وتقول: «أولا إنت شبه الخروف فى حاجات كتير، كفاية إنك أكتر بنى آدم بحبه والخروف أكتر حيوان بحبه. رد عليها: بطلى نصب، يغور الحب المتغمس فى قلة الأدب دى.. هاه اللى بعده. قالت: بصراحة إنت زى الخرفان، بتاكل من أى حتة، مهما عودتك على الأكل النضيف بتاعى ألاقيك بترمرم فى كل حتة، مرة مع أصحابك ومرة فى الشغل، زى الخروف يمشى يشمشم على الزبالة فى كل مقلب. قاطعها: يخرب بيت تشبيهاتك اللى تقرف. قالت: وياريتها على الأكل وبس.. ماشى ورا أصحابك من غير ما تفكر، يقولوا شمال تمشى، يقولوا يمين تمشى، مش ناقص غير إنهم يهشوك بالعصاية، أنا بقيت حاسة إنك متجوز أصحابك مش متجوزنى أنا. خفت حدة ضيقه وهو يرد: كلامك ده يا حبيبتى مش هيخليكى متجوزة أصلاً، الطلاق فى انتظارك يا روحى. تظاهرت بأنها لم تسمعه، وواصلت: عمرك ما فكرت بتكتب إيه على الفيس بوك، دايما بتنقل من أصحابك وتكتب ولا كأنك بتفكر، لدرجة إنى بدأت أشك فى ده. فرد مقهقها بنبرة خاصة فهمتها مباشرة: لأ متقلقيش من حيث التفكير بدأت أفكر دلوقتى، أنا هعمل معاكى إيه. ابتسمت ابتسامة ثقة بعد أن فكها من رباطها، اختفت عنه لحظات وعادت فى أبهى صورها مرتدية فستاناً أخضر طالما أعجبه، وحينما لاحظت الإعجاب فى عينيه ضحكت وقالت: «مش بقولك خروف».