عادت من جديد أجواء الثورة تزين ميدان التحرير فى مليونية العدالة التى دعت إليها الحركات الثورية للمطالبة بإعادة محاكمة القرن وعزل الفريق شفيق وتشكيل مجلس رئاسى، الهتافات الحماسية تملأ أرجاء الميدان، المسيرات تخرج من مسجد مصطفى محمود ومسجد الاستقامة وشارع رمسيس تهتف بشعارات الثورة الأولى «عيش - حرية - عدالة اجتماعية»، وفور وصولهم للميدان تستقبلهم أعلام حركة 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين، وروابط الألتراس، وينضم إليهم شباب جماعة الإخوان المسلمين والقوى السياسية فى مشهد يشير إلى أن الشرعية عادت للميدان مرة أخرى. الجميع ينصت للمناضل كمال أبوعيطة، عضو مجلس الشعب الذى اعتلى المنصة الموجودة من ناحية كوبرى قصر النيل، وهو يذكرهم بمطلب الثورة الأساسى «حد أدنى وأقصى للأجور»، ويتحدث عن العدالة الاجتماعية، ويهتف مع المتظاهرين هتاف الثورة الأولى، «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»، فيردوا وراءه والحماسة تخرج من الحناجر والطبول، بعدها ينادى بضرورة تطبيق قانون العزل السياسى، وإلغاء المادة 28. ولم ينس أبوعيطة ذكرى الشهيد خالد سعيد، فينظر فى وجوه الآلاف من حوله ويهتف، «اسمعى يا أم الشهيد.. كلنا خالد سعيد»، ثم يطالب بالقصاص من قتلة الشهداء، ويهتف معه المتظاهرون «القصاص القصاص.. دول قتلونا بالرصاص»، «ابكى ابكى يا بهيه.. قتلوا أخوكى فى الفجرية»، فترتسم على وجوه من حوله علامات الغضب ويرفعون صورا للشهداء، وأعلاما بأسمائهم، تستقبلك مجموعة من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين عند حديقة المجمع، ثم الآلاف من أعضاء ألتراس وايت نايتس، الذين لفتوا الأنظار بالعروض المستمرة التى قدموها طوال الليلة، حيث ظلوا قرابة 4 ساعات يرددون أغانيهم المناهضة للشرطة، ومنها أغنيتهم الشهيرة «مش ناسيين التحرير» فى أداء جماعى ومنظم، وأجواء حميمية، تختلط مع حناجرهم الطبول ليرتفع الهتاف فى منطقة المجمع بأكملها، بعدها يهتفون بشعارات ضد الفريق أحمد شفيق، رافعين أحذيتهم، إشارة إلى موقعة الحذاء الشهيرة، التى تعرض لها الفريق أثناء تصويته بإحدى اللجان فى الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، وبعد فترة من العروض المستمرة بشكل جماعى، التى أجبرت الموجودين على النظر إليهم باهتمام، يصعد أحد أعضاء المجموعة على كتف زميله، يشير ويهتف «آه ياشرطة عسكرية.. انتوا كلاب زى الداخلية»، «يسقط يسقط حكم العسكر»، وينادى على الألتراس: «إنت يا ألتراس ف إيه بتفكر»، فيردد وراءه الجميع «يسقط يسقط حكم العسكر». وتختتم المجموعة عرضها بأغنية شمس الحرية من ألبومهم الجديد، فيبدأ جميع الموجودين فى القفز لأعلى والأكتاف تلامس الأكتاف، ينظرون إلى بعضهم فى فرحة وثقة، ويكملون «اقتل واسجن إيه الجديد.. ابنى سجونك عليها.. مهد الثورة فى العقول.. انسى بظلمك تمحيها.. تضرب ف غاز.. تضرب رصاص.. جيلنا من الموت.. مبقاش بيخاف خلاص». واستمر عرض النصب التذكارى، الذى أقيم بين الكعكة الحجرية وحديقة المجمع على الأرض، وضم نفس اللافتات التى استخدمت فى العديد من الأحداث السابقة، وصورة كبيرة لشهيد محمد محمود «شهاب» أحد أعضاء ألتراس وايت نايتس مدونا عليها «سنأتى بحقك وأنت عند ربك»، ولافته أخرى كتب عليها «دولة الباطل ساعة.. ودولة الحق إلى قيام الساعة»، وأخرى «شهيد تحت الطلب»، وصورا لشهداء 25 يناير، ومحمد محمود، وصورة لمينا دانيال، وبعض الأقنعة المضادة للغاز المسيل للدموع، بالإضافة إلى قبور رمزية كتب عليها أسماء الشهداء وصورهم. وعلى مقربة من مدخل طلعت حرب وجدت سيدة عجوز ممسكة بميكروفون وورقة صغيرة كتب عليها شعارات، مطالبة بعزل شفيق وإعادة جبهة الميدان، فى مشهد لافت يتجمع حوله الحاضرون، والسيدة تهتف بعفوية شديدة «ياللا يا مصرى زى زمان.. إيد واحدة فى الميدان..ياشفيق يا جبان.. يا عميل الأمريكان»، وخارج الميدان، كانت عشرات المسيرات التى تخرج بين فترات متباعدة، تسير فى شوارع باب اللوق، وطلعت حرب، وصبرى أبوعلم، رافتين اللافتات والأعلام، التى تطالب بإعادة المحاكمة، وتعيين مجلس رئاسى مدنى، وبعد منتصف الليل بقليل، شهد الميدان تراجع أعداد المواطنين تدريجيا، عقب انتهاء فعاليات المليونية، وقام عدد من المتظاهرين بميدان التحرير بتفكيك إحدى المنصات التى شاركت فى المليونية، ومع شروق شمس اليوم الجديد بدأ عدد من المتظاهرين فى تجميع بعضهم، وتقسيم مهام تنظيف الميدان. وبينما كان يدخل بعض المعتصمين إلى خيامهم للاستراحة من اليوم الشاق، والوقاية من حرارة الشمس، التى أتت مع الصباح كان بعض المعتصمين يخرجون من خيامهم ليتناولوا الإفطار وهم يشدون فى فرحة «صباح الخير.. على الورد اللى فتح.. فى جناين مصر.. صباح العندليب يشدى.. بألحان السبوع يا مصر.. صباح الدايه واللفة.. ورش الملح فى الزفة.. صباح يطلع بأعلامنا.. من القلعة.. لباب النصر».